أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - أصوات جديدة لمطحنة قديمة














المزيد.....

أصوات جديدة لمطحنة قديمة


بولس ادم

الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 10:43
المحور: الادب والفن
    


افواه فاغرة تطلق صرخات تصم الآذان، يفهم منها كلمات..يارب يا مار.. اصوات هلوسة كورال، اناس محاصرين داخل قاعة ضخمة تحت القصف!..امراة في
الطرف الآخر ، وكما تحمي الدجاجة فراخها بجناحيها،تلف المراة طفليها وتشدهما الى صدرها، اسماء قديسين ..بكاء رقصة الأسنان..عرق يتصبب من على الجدران! وزوايا الحدقات تترقب شروخ عميقة تتسع في السقف..يختلط الدخان والغبار وتزداد العتمة..
اجساد تحتمي باجساد اخرى تلتصق وتترك الأظافر اثارها في جص الجدران! اخاديد السقف المرتج تنفث دخان ارجواني يقتنص الأنوف وتلتف الأيادي حول الرؤوس..
يقف يوحنا بقامته الفارعة مسمرا ناظريه في السقف ! تنهمر دموع عينيه، بينما تتصاعد ضوضاء القاصفات الطائرة وفرقعات القنابل وصفارات الأنذار..شعر يوحنا للحظة خاطفة بان مهد خشبي كالذي يستخدم في القرى الجبلية تجرفه حدبة الشلال المتساقط بقوة! ..يهوي جزء من السقف..يتصاعد صوت ملكو مغني ( راوي) القروي...
تتقدم نحو القاعة ( كروان) بغال ودواب،تدخل اليها محملة باكياس جوت سوداء مليئة بالحنطة! تساق من قبل عازفي (روك´اند روووول) بملابس جلدية سوداء واحذية ثقيلة لجنود يتقدمهم قارع طبل،دم..دم..دم!!
ثم يتغير الصوت قويا ومدويا، طق..طق..طق..صوت مطحنة قروية !..يلمح يوحنا جده ( مندو) ..
- يوحنا ؟ يايوحناااااااا،اين انت؟ هيا اتبعني ،لقد فات اوان الطحن! فلنسرع نحو قرية (كواني) فرحى المطحنة دائرة و ...ومن يتاخر اول النهار هو حمار اخر النهار !..يوحنا..يا يووووو....
تقطع قافلة الحنطة جسد القاعة..في طريقها الى المطحنة..طق ..طق..طق..
اي سقف يلجا تحته يوحنا الآن ومواشير الحرب تلاشي الوانها طيف الشمس في عينيه؟
يتناهى الى مسامعه صوت مقام بغدادي حزين تؤديه المطربة الأميركية (تينا تورنر) التي تقف بعري ذراعيها
وهي تربت على كتفه لكانها تنفض غبار الحرب !..يخفي الضباب كل شئ ..وتنقل ريح القاعة رائحة رز يحترق!
يستمر دوي المطحنة،طق ..طق..تعوي الثعالب وتنظر ذئاب نحو القمر..والجد يطحن حنطته..ثم يتغير صوت المطحنة فجأة الى تك..تك..تك! يفتح يوحنا عينيه ذاهلا يواجه سقف الغرفة الصامت..يخرس الساعة المنضدية .. يرفع رأسه بتثاقل دوائره الحلزونية عن الوسادة المغرقة بضجيج الكابوس..يضعه..رانك ..رينك..رانننننن..قرع ناقوس الكاتدرائية وجها لوجه امام الحقيقة الأكيدة ..حقيقة انه في الفراش داخل غرفة النوم في شقة الغربة!
سال نفسه..هل كل شئ على مايرام ؟! نظر الى السقف نحو مصدر دربكة منتظمة جديدة..ولكن هذه المرة
لم تكن سوى سرير عسل الحب في الطابق اعلى !
شعر يوحنا في هذه اللحظة بانه قد نام الف سنة وان ايام السنين مثل خيوط العنكبوت تشده الى سريره وبدأ بروية في مداعبة خصلات امرأة وهمية! بأنامل راعشة.. وقعت عيناه الدامعتين على مزهرية فارغة محشورة في زاوية الغرفة امامه..أعجبته فكرة شراء زهور هذا الصباح!..فكرة سعادة غامضة تطرد من الغرفة..سقوف،اسياد، سجانين ، مخبرين، جنرالات،عاهرات،مقاهي،حانات، مجرمون على كرسي الرئاسة وقديسون بعد التقاعد!، طائرات ومدافع، امطار ودخاخين، مغنين ،مجانين،مدن وقحة وقرى موحشة !
يوحنا المستلقي على بطنه ضاغطا بوجهه في بلل الوسادة ، يبدو انه بحاجة الى الفراش لفترة اطول هذا الصباح، على الأقل ليتأمل ذكرى قديمة جدا ، حيث كانت جدته تطبخ على نار الحطب في البستان، يوم قال لها وهو طفل قبل اربعين عاما..

- اشم رائحة رز يحترق !



#بولس_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزلة ممثل
- هيثم بردى .. الخواء يفضي الى اخر اكثر كثافة
- مهزلة ابدية !
- عودة الفلاح الى قلب التفاحة
- العراق تحت لعنة الألفيات
- مهزلة ابدية ..
- نحات ارهابي
- الدعوة الى تشكيل حزب الكتروني !!
- انزع عن نفسي ماكان للأفعى ، جلد الحرب
- حجر الأساس
- تصالح في المجتمع العراقي ، هل يصلح زيد ماافسده عمر ؟!
- ليلى كوركيس .. قيثارة في عين الشمس
- امراة تبيع سكر
- ثوب ثقيل وطويل .. يغطي الأرض لحظة خطوها - 8 اذار -
- عشرة قصص قصيرة جدا
- مسرحية شعرية من فصل واحد..حوار على مقياس ريختر
- قصص قصيرة جدا
- نساء بلا انوثة
- الجوقة
- النائم بعين واحدة


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - أصوات جديدة لمطحنة قديمة