أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - جيل الفضائيات














المزيد.....

جيل الفضائيات


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 1915 - 2007 / 5 / 14 - 11:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان أول مكسب جماهيري يحصل عليه العراقيون بعد سقوط النظام مباشرة هو أنهم هرعوا الى نصب الصحون فوق سطوح منازلهم، وصاروا الوحيدين في المنطقة الذين يمكنهم مشاهدة الفضائيات من دون تشفير أو رقيب. وأقبلوا عليها إقبال الجائع الملهوف والمتعب المحروم.
ما كانوا يتصورون أن " شاشة " الفضائيات ستسطوا على أدوار الآباء والأمهات وتتحول الى أب ثان وأم ثانية ومعلم جديد لجيل مولود وأجيال ستولد.
وكنا – نحن السيكولوجيين – قد حذرنا قبل ربع قرن من أن برامج العنف في التلفزيون، لاسيما برنامج " صور من المعركة "، تقدح غريزة العدوان وتذكي شراسته، وها هو قد أتى علينا بـ" أبهى " صوره !. وليت الكارثة وقفت عند هذا الحد. فقد هرع أصحاب الثروة إلى إنشاء محطات فضائية، وصاروا يتسابقون الى حشوها بأغان تسمى عاطفية، وبرامج تسمى فنية. و(الحق) معهم، فمن ذا الذي يشاهد في هذا الزمن الذي تتهيأ فيه الثقافة للانتحار، قناة مخصصة للشعر أو الموسيقى أو المسرح أو الفيزياء والرياضيات، التي بتقدمها (أعني الرياضيات) غزا الاتحاد السوفيتي الفضاء قبل أمريكا، ودخل السوفيتي غاغارين التاريخ بوصفه أول رائد في العالم . وبسبب هذه الصدمة أعادت أمريكا النظر في نظامها التربوي!، وها هي اليوم أول من يرسل سفينة ترتطم بنجاح في أول مذنب بالكون.
وصار اللهاث وراء مشاهدة هذه الشاشات هو الشغل الشاغل لمراهقين وشباب مأزومين جنسيا" ونفسيا". وفلت من أيدينا - نحن الآباء والأمهات والمربين - جيل كامل صارت القنوات الفضائية هي أباه وأمه ومعلّمه. هجمت عليه وأخذته من أيدينا ثقافة الصورة الساحرة، وحركة الأجساد الطرية الشهوانية، والخلاعة التي كان آباؤنا يمارسونها مع زوجاتهم استحياء" في الظلام !، فيما تمارس أمامهم بالألوان والأفعال المغرية، حتى صارت الفاحشة مباحة. فماذا نستطيع نحن الآباء والمربين أن نفعل أمام ساحر وماكر مغر يداعب الرغبات المتقدة والمحرومة جنسيا" والمضطهدة نفسيا"؟!. ساحر يتقن لعبته ببراعة شهوانية، والشهوة هي أقوى الغرائز عند الأطفال والمراهقين والشباب، يمارس إذكاءها بل تحريضها، فيما نحن نمارس ترويضها لديهم ليكونوا مهذبين متحضرين مثقفين ومبدعين. جيل سيكون بلا مثقفين بلا مبدعين. ألا ترون معي أن نسبة المبدعين في العالم، لا سيما في الشعر والرواية والمسرح، كانت أعلى في زمن ما قبل الفضائيات ؟!.
والكارثة الخفية،خلف فجائعنا المعلنة، أن معاول الإطاحة بالثقافة والأخلاق، ستكتسح مساحة الممنوعات بمدّ أقوى من المدّ البحري (تسونامي) الذي غير جغرافية الأرض. وسيغير بالتأكيد تضاريس نفوس جيل بكامله، في عراق كان متوقعا له أن يكون بعد الحدث العظيم نمرا آسيويا يتقدم حتى على كوريا الجنوبية وماليزيا...فصار " مختبرا " للطبيعة البشرية، تختبر فيه الآن تجربة :" كيف يكون حال مجتمع حدوده الأرضية مفتوحة للإرهاب وحدوده الفضائية مفتوحة للفضيحة ؟". وقد يفاجأ العراقيون علماء الاجتماع والنفس والسياسة بنتيجة لا تخطر على بال، بعد أن أثبتوا للعالم نظرية جديدة هي : " أن الإنسان يمكن أن يتصرف بعقلانية في عالم مجنون بشكل غير عقلاني !".




#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغلقي عينيك وفكّري في إنجلترا
- السيكولوجيون العرب وتحديات العصر
- الحزن المرضي ... والشخصية العراقية
- 10% فقط. ..نزيهون في العالم
- مرض الكراهية
- مصيبتنا ..فيروسات ثقافية!
- كردي ما اعرف ... عه ره بي نازانم !
- حصة العراقي بالنفط ... والدستور
- العراقي وسيكولوجية الرمز
- الشخصية العراقية تخطّئ علم النفس!
- العراقيون...وسيكولوجية الحاجة إلى دكتاتور!
- يا أعداء أمريكا ... اتحدوا لتدمير بغداد !
- تعدد مرجعيات الإرشاد لدى العربي بين العلم والخرافة
- الحقيقة ...عند الحاج غيلان !
- العراقي : هل صار مكروها عالميا ؟!
- هاملت شكسبير تحليل لشخصيته وتردده
- العراقي ... و الخوف
- كلب بافلوف !
- نظرية الوردي ...لم تعد صالحة
- مظفر النواب


المزيد.....




- حلفاء ترامب الخليجيون يسابقون الزمن لتجنب الحرب الشاملة في إ ...
- ماذا سيحدث لو قصفت أمريكا مواقع نووية في إيران؟ مسؤول إيراني ...
- غروسي: أضرار كبيرة في منشآت نطنز وأصفهان.. وتحذير من استهداف ...
- أزمة مزدوجة في غزة: العطش يوازي الجوع والموت يحاصر الباحثين ...
- سياسة برلين شرق الأوسطية على نار الصراع بين إيران وإسرائيل
- -الموت أحلى من العسل-.. متظاهرة إيرانية في طهران توجه رسالة ...
- ماذا حدث بين سفيري إسرائيل وإيران بمجلس الأمن؟
- مقتل 70 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على قطاع غزة، واشتباكات في ...
- بين الغضب واللامبالاة: كيف تنظر الشعوب العربية إلى إيران في ...
- قصف صاروخي إيراني يشعل حرائق ويتسبب بأضرار في بئر السبع


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - جيل الفضائيات