أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسام محمود فهمي - من الفتاوي إلي الأحلام














المزيد.....

من الفتاوي إلي الأحلام


حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 1900 - 2007 / 4 / 29 - 03:13
المحور: المجتمع المدني
    


فتاويٍ بلا انقطاعٍ، في الصحفِ والفضائياتِ والجلساتِ، أياً كانت، في كلِ الموضوعاتِ، من أي لسانٍ، تُحرِمُ وتمنعُ أكثرَ مما تُحلِلُ وتُبيحُ. مضي زمنٌ كانت فيه الفتاوي من متخصصين، اختلفوا وتعارضوا علي الرغم من تعمُقِهم، اليومَ تُضخُ الفتاوي بلا علمٍ ولا تبحرٍ، بالرغبةِ في الظهورِ وكسبِ المالِ، في زمنٍ عمَت فيه البطالةُ والهزيمةُ والاندحارُ، ثقافياً وسياسياً واجتماعياً. ما أسهلَ أن تكون في جِلسةٍ فيهبُ نكرةٌ منتفضاً لكلمةٍ عفويةٍ، "حرامٌ"، لقد سمعتها في الفضائياتِ وقرأتَها علي الإنترنت، هكذا بمنتهي البساطةِ!! الكلُ يتقمصُ شخصيةَ المفتي، لإثباتِ الذاتِ، أيسرُ وسيلةٍ، تُغني عن مجهودِ اكتسابِ الثقافةِ والإطلاعِ.
سيولُ الفتاوي ظاهرةٌ مرضيةٌ في مجتمعاتٍ فيها التواكلُ هو القاعدةُ، صناعُ الفتاوي يُعملونها في أمةٍ كَسُلَت عن التفكيرِ، أنابَتهم عنها في استخدامِ عقولِهم، استخدموها بالفعلِ، لكن فيما يُعطلُ ويُدمرُ ويُتلفُ. فتاوي تناولَت الجلوسَ والوقوفَ والقيامَ والقعودَ والنومَ والأكلَ والمشيَ والحديثَ والسكوتَ والضحكَ والبكاءَ ودخولَ دوراتِ المياهِ والخروجَ منها، لم تترك شيئاً، جعلت الحياةَ سيراً علي حبالٍ ممدودةٍ أعلي براكينٍ من نارٍ. ما كان مُتعارفاً عليه لعشراتِ السنينِ أصبحَ حراماً، فجأةً، وكأن السابقين غَفِلوا وما فَهِموا.
المفتون علي كلِ لونٍ، شيوخاً وشباباً، رجالاً ونساءً، تتفاوتُ أساليبُهم ما بين التشنجِ والصراخِ إلي الهدوءِ والابتسامِ، منهم من يستخدمُ لغةَ الأيادي المُشوِحةِ الضاربةِ بعنفٍ، ومنهم من يُفضلُ لغةَ الحواجبِ اللعوبِ والشفاهِ المَمطوطةِ. أما الأزياءُ فتتراوحُ بين التقليدي والحديثِ، دونَ المساسِ بجودةِ القماشِ والساعةِ والنظارةِ والمِسبحةِ.
لما كَبُرَ سوقُ الفتاوي وتشبعَِ، مهنةُ من لا مهنةَ له، بدأت البطالةُ تضرِبُ بعض المفتين، أخذت شمسُهم في الأفولِ، التمسحُ في الدينِ يتسعُ، وجدوها، إنها الأحلامُ، لتُفَسرَ وتُؤولَ، جلبوا لها الأسانيدَ، ساقوا الأدلةَ، مرةً أخري انفتحَت لهم أبوابُ الصحفِ والفضائياتِ وجلساتِ المشاهيرِ، روادُهم كثيرون، هدَهم تَعبُ الحياةِ، عجَزَت عقولُهم، في الأحلامِ ومفسريها هروبُهم من الواقعِ، فيها ما يُغنيهم عن عناءِ التفكيرِ والتدبُرِ.
وضعٌ بلا شبيهٍ في عالمِ اليومِ، عقولٌ أُلقيت في المخازنِ، البغبغةُ والانقيادُ أيسرُ من تحملِ المسئوليةِ، الدخولُ في جبِ فتاوي بلا دليلٍ، الاختباءُ في كهوفِ أحلامٍ صنعَتها حياةُ كئيبةٌ، الاحتماءُ بالسحرةِ والمُشعوذينِ والمنجمين، كلُها أعراضٌ مرضيةٌ لمجتمعاتٍ فقدَت أسسَ استمرارِها علي قيدِ الوجودِ، خابَت في المنافسةِ بفعلِها، تعلقَت بأهدابِ اللاعقلِ واللاوعي واللايقظةِ ،،



#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيسمحون؟
- الدائرةُ الضيقةُ
- المصريون والدستور والاستفتاء
- ميليشياتُ الأزهرِ ستتكررُ وتتكررُ
- حبسوه وأطلقوهم ...
- هالة سرحان .. اِرموها بحجرٍ كبيرٍ
- مصرُ مستباحةٌ؟!
- لنتذكر .. في يوم الشرطة
- ثقافةُ استحالةِ الحوارِ
- الفقرُ قلةُ قيمةِ.. للدولِ كما هو للبشرِ
- أعضاء هيئات التدريس بالجامعات .. شماعة وحائط مائل
- في الجامعات..التحايل بالدستور وعلي القوانين
- وأين كانت الأجهزة الأمنية؟!
- شراء اللاعب ولا تربيته
- الانحباسُ داخلَ الذاتِ
- وزيرٌ في تقاطعِ صراعاتٍ
- ثورة سلمية في أمريكا
- اللحم المكشوف والعقل الملفوف
- إلي متي؟ إلي أين؟
- أمريكا لا تغير ما بشعوبٍ ...


المزيد.....




- حماس تدعو السلطة الوطنية الفلسطينية للإفراج الفوري عن كافة ا ...
- مصدر بالخارجية الألمانية: برلين ستوقف تمويل منظمات إنقاذ الم ...
- تلقت الضربة فأوقفت الرغبة
- حكومة الشرق الليبي تطالب بعثة الأمم المتحدة للدعم بمغادرة ال ...
- اعتقال جواسيس لكيان الاحتلال بمحافظتي أصفهان وفارس
- داعش في التشيك؟ اعتقال 5 مراهقين يشتبه أن التنظيم جندهم عبر ...
- قضية وليد عبود.. حرية التعبير في مواجهة الترهيب الرقمي
- بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: منطق الحرب قد فشل
- -الأغذية العالمي-: أدخلنا مساعدات أقل من حاجة غزة ليوم واحد ...
- الاحتلال يصدر 600 أمر اعتقال إداري في أسبوعين


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسام محمود فهمي - من الفتاوي إلي الأحلام