أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق الحاج - من دلف الى مزراب..!!














المزيد.....

من دلف الى مزراب..!!


توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1899 - 2007 / 4 / 28 - 05:43
المحور: كتابات ساخرة
    


"يا مهون مرت أبوي ألأوله "..قالها العجوز وهو ينفخ نفس الهيشة التي سطلتنا برائحة كالفساء في السيارة المكتظة والمغلقة بسبب برد شباط..

كانت العبارة بمثابة عود ثقاب ألقي فوق أعصابنا المهيأة للانفجار في أية لحظة وتنبئ عن ذلك بوضوح وجوهنا المتجهمة وشفاهنا المشدودة ونكاتنا التحتية الساخرة و الممنوعة والتي نهمس بها أحيانا همسا خوفا من العسس لأنها ربما تصيب رئيسا أو وزيرا أو عضو مجلس تشريعي..وبعدين هات خلصنا..!!

*

"ياااختيار.. ياوالدي.. الله يطول في عمرك ويعطيك الصحة..بالله تطفي هالسيجارة..!!"

قلتها وأنا أسد أنفي وشاركني في ذلك كل ركاب السيارة. الا أن الختيار لم يلق لنا بالا ولم يهتم ..كان يدخن بلذة غريبة وينفث السحابات البيضاء فوق رؤوسنا وكأنه يحتفل بعيد زواجه الأول..



*

تكهرب الجو.. وبدأ البعض منا يزمجر وتحمر عيناه وينظر الى الختيار شزرا..فرأيت أن من واجبي نزع فتيل الحرب فاخذت نفسا عميقا واستعنت بقدرات عمنا "عمر موسى "خاصة وأن السائق كان في عالم آخر..!!

ياساتر..

طرأت لي فكرة..فاقتربت من العجوز أكثر وحييته بأدب جم وقدمت نفسي له كصحفي في جريدة"...." مستغلا البدلة الشيك وربطة العنق المذهبة ومبديا رغبتي الشديدة في إجراء لقاء معه بحكم أنني لمست فيه حكمة ورزانة ورباطة جأش قلما توجد في حكامنا وولاة أمورنا..

رحب مدخن الهيشة المحترف ونظر إلى باعتداد كما نظر "رونالدينهو" لاعب برشلونة إلى لاعبي الأهلي الذي أجهز عليهم مع رفاقه السحرة في يوم الثلاثاء الحمراء ليبدو بطل القرن أشبه بقرن بازلاء وجعل كل عشاق الفانلة الحمراء وأنا منهم يبحلقون في السقف طوال ليلتهم كمدا .



سألته ..منذ متى تعفط....؟!!فأخبرني بأنه يدخن منذ أيام تركيا وعمره لا يتجاوز سبع سنوات فقد كان يلف السجائر ويشعلها وبعد نفس أو نفسين يقدمها لأبيه الضرير ولما استبدله أبوه بزوجته الجديدة كانت الهيشة قد امتلكت عليه فؤاده ولكنها بعيدة المنال فلم يجد من بديل واقعي إلا ورق الخروع الناشف ..!!

والرائحة الكريهة للهيشة ألا تحس بها..؟!!

لا..أنها أروع رائحة أشمها.. ففيها أحس بوجودي و تنتعش ذكرياتي و بها أتحمل هم الحياة وعقوق الأولاد وإهمال الأحفاد ولابد أن أبدأ بها صباحي واستزيد منها أذا ما فتحت الراديو وسمعت أخبارنا نص الكم من إذاعة لندن..!!

ولم لندن بالذات..؟!!

لان تجارب عمري الطويل جعلتني لا أصدق أي إذاعة عربية مع كل الاحترام ولهذا فالراديو خاصتي لا يعترف بها..

عال...طيب هل حاولت تغيير الهيشة بدخان آخر..؟!!

صدقني ياولدي..جربت أكثر من نوع من الدخان الفاخر لكنها جميعا لم تكيفني ولم تنسني همي المتواصل والمتجدد من جوع تركيا الى ظلم الانجليز الى خيانة الحكام الى سجن اليهود ..الى عصر الانفلات..!!

ياولدي.. الوطن ضاع منا "وإحنا بنتفرج عليه" وما يغيظ ان الحال وصلنا..لزمن مقلوب ..زمن الهامل والحرامي والمنافق والدجال..!!



*

بكى الحاج..والذي كنا نظنه قبل لحظات متبلد الإحساس .. واستأنف مرافعته والدموع تهطل من عينيه..

ياولدي..كان الاحتلال.. وكنا نقول ربنا يفرجها..!! وجاء الأهل والمناضلون ..وقلنا بتهون..!!

ولكننا وجدنا الوضع بمرور الوقت يزداد سوءا

نتأفف من حال الامس..وعندما نفتح صرة يومنا..نترحم عليه

خذ عندك..

* أخبار طخ..وموت علنا في وسط الشارع..!!

*حرق بيوت و تدمير محلات ووزير داخليتنا حردان..!!

*أسير محرر باع كليته لكي يشتري خبزا ..!!

*طالب مدرسة يضرب أستاذه أمام الطابور..!!

*عاطل عن العمل يدلل على أولاده وزوجته بالجملة في سوق الاربعاء..!!..

*المعلمون يريدون الستر ولو بربع راتب..!!

*المحافظ مع رئيس البلدية يتفقدان بركة المجاري ويطمئنان على فعالية روائحها ويدرسون استثمار مزارع الناموس على مدار العام..!!

*الكل منا خائف ويائس.. فقد اختلط الحابل بالنابل.



ليش..؟!!

وووين التصريحات وحفلات الافتتاح والتصفيقات والقبلات..!!

وووين حكومة الوحدة الوطنية..؟!!

وووين المجلس التشريعي..؟!!

بالله يابني الصحفي اسأل حكومة عباس وهنية على لساني :-

" ووووووووين الخلطة الامنية اللي دوشونا فيها طبعوها في 90 صفحة ولم نر منها خيرا ولو 9 دقايق.."؟!!



رأي الختيار الدهشة ترتسم على معالم وجهي..فعلق:

لعلك متصور أني أمي ..جاهل ..!!

أنا تعلمت الى الصف الرابع أيام الانجليز وبعرف الدنيا أكثر من أولاد جامعات اليوم

عمري تجاوز التسعين..وربك يعين..وأنا لسة عندي أمل في الله أن يحل عسيرها و أرجع على" يبنا.."!!

ياااالله..

على يبنا..!!..مرة واحدة يا حاج

لم أملك إلا أن أقف ويوقف معي كل من في السيارة لنصفق للختيار الأسطورة الذي رغم ما عانى ويعاني لازال يحلم ....

ضحكنا وضحك السائق دون أن يدري السبب فقد استيقظ لتوه..واكتشفنا أن رائحة الهيشة قد توارت قليلا لتحل مكانها رائحة البحر



#توفيق_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مائة يوم للحرب
- اللي مايشتري يتفرج..!!
- مقبرة الانجليز..!!
- حتى الفلافل..!!
- اسألوا أهل النشر..!!
- ستنا الشجرة..!!
- فتافيت أخبار بالشطة..
- صابرين
- هل الاماني ممكنة..؟!!
- انه زمن ال.. هوهو
- الأصل أم الشبيه
- ألف عيلة وعيلة..!!
- على ايش بتتقاتلوا..؟!!
- ياحيف علينا..
- اعتذاريون..واعتذاريات
- عيب ياعمة..
- قلبي على وطني..!!
- اعدام طائفيكي..!!
- صح النوم يا...
- ليش هيك..؟!!


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق الحاج - من دلف الى مزراب..!!