أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - خلف الصمت














المزيد.....

خلف الصمت


محمد المهدي السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1886 - 2007 / 4 / 15 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

متثاقلا يخترق المساء فضاء الغرفة الموحشة ، ينسحب آخر بصيص من الضوء المنعكس على الجدار ،
فأراني أتعقب انسلاله من عيني مستعجلا ترْكي وحيداً في متاهة الليل ،
أبدأ في عدِّ ما تبقَّى للحظة قلبي من الجنب الأيمن إلى الأيسر ، كم أكابد انتظار العملية المضنية ،
أجاهد عصر الألم في صمت ، بينما تواصل " أمينة " حملي من الأسفل لاكتمال نصف الدائرة ، المحطة الوسطى استلقاءُُ على الظهر ، قبل أن تحشر يديها من تحتي ثانية ، كي يستقيم تحول وجهي إلى الجدار ،
تدثرني ، ثم تودعني بكلمة تصبح على خير، وهي تعلم أني أمضي الليل إلا أقله ، صاحيا أكتم أنينا لا يفضحه إلا إغفاء يذهب بوعيي إلى حين ،
تتركني لهواجس عزلتي متفردا مع أنيني المحاصر بالرهبة في البوح ، فريسة شك في استمرار احتمالها آهاتي المتقطعة بين مثلث هذه الزاوية الباردة ، ألقيت نظرة عجلى على الساعة الحائطية ،
- بدأ النهار يقصر .
لم أشعر بوجودها واقفة بالباب ،
تبيَّنْت أنها ساهمت في انحسار الضوء المتبقِّي ،
أجبتُها بالإثبات ، لاتجاه حركة رأسي إشارة معلومة لديها ، تكتفي بالردّ عليها بالصمت كعادتها في الأيام الأخيرة ،
- ساعة الدواء .
ونظرت إلى ما تبعثر من علب فوق المائدة ، لم تعد " أمينة " تجد عناءً في اعتماد الترتيب الموصوف منذ شهرين ،
أتابعها وهي تصفف تنظيم التناول ، فأشعر بتلصصها على ابتسامتي المتعبة ، لم أعد أقرأ في عينيها ذلك الارتياح الأول ، أحاول أن أقدر حجم مقاساتها معي ، بعد ظهور هذه البثور بأنحاء جسمي ،
ألح الطبيب على تقليبي في الفراش كل خمس ساعات .
- و إلاَّ ، فإن المتبقي من كساء للعظم الهش ، سرعان ما سيأخذ في التعفن .
تسلل بصيص من ضوء ينجر من خلف ظلها المتهادي ، كسر الصمت الملفوف في غلالة الغروب رنين جرس المنبه بالقرب من جنبي الأيسر ، هذه المرة بكرت أيضا في اللحاق بي ، وسوس لي الشيطان أنها تستعجل التخلص من محنة المرهم الذي تبقى رائحته عالقة بيديها لساعات ،
- كيف الحال اليوم ؟
و تتحرك بداخلي رغبة الشكوى لها من مرارة الإحساس بالانهزام، لكنني أستدرك ميلي إلى جعلها أبعد عن هذا السديم الذي أسبح فيه بغير جناحين ،
يكفيها ما هي فيه من عنت مع تشنج الأطفال ، لم تعد الإمكانيات كافية لتلبية المطالب المتزايدة ، ولولا ما قالت إنها تستقدمه من بيت أهلها ، لكان الحال توقف ، صرت عبئا آخر ، غير أنها ظلت تمني نفسها بالآتي ،
بعد وصولي بأيام ، حدثتني بما يروج في الحي ، يشاع أن ضحايا سنوات الرصاص ، سيتوصلون قريبا بتعويضات ملية مهمة عن أضرار الاعتقالات التعسفية ، سقطت عشر سنوات كالجمر في بركة آسنة ، و ماذا يعوض العمر الذي ضاع بين أيدي الجلادين الأموات منهم و الأحياء ؟
تعرف أنني أتهيب من لحظة القلب إلى جنبي الأيمن ، تراود الفراغ بين جسدي واللحاف ، لا أحس ، ثم يبدأ الشعور بالألم مع أول لمس لأسفل الظهر ،
- أمامك خمس ساعات للراحة .
تنسحب بتوأدة ، فيسري بأعماقي وقع خطوها والوجه للجدار ، هل غمغمت بشيء ؟
كثيرة هي الأشياء التي يمكن أن تحدث نفسها بها ، من جرَّب مواجهة الجدار عاجزا عن أدنى حركة ، يعرف أن بياضه يستحيل في عينيه إلى هوة عميقة سوداء .

*******
محمد المهدي السقال
المغرب



#محمد_المهدي_السقال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات عاشق من زمن الرصاص
- المحاكمة
- المسألة الأمازيغة /من الأصل إلى القضية
- العراف
- ملحق حول :ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية ...
- - أفول الليل -يوميات من سنوات الرصاص
- حكاية وزير مرتعب
- لعنة - بن لادن
- العرافة
- فراغ من زجاج
- الإضراب
- المسألة الأمازيغية العد العكسي
- حكايتي مع السيد المفتش
- رقصة الكلاب
- قراءة في عنوان مقالة* ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتو ...
- مشروع تركيب إيقاعي من الطويل والبسيط
- رائحة المرأة و الشيطان
- العار
- عبث اللحاق
- من مزامير داوود الأولى في بغداد


المزيد.....




- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...
- قطر تطلق النسخة الدولية الأولى لـ-موسم الندوات- في باريس بال ...
- الممثل توني شلهوب يقدّم إكرامية بنسبة 340? إلى عربة طعام.. ش ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - خلف الصمت