أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - المحاكمة














المزيد.....

المحاكمة


محمد المهدي السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
ليس أصعب على المرء من لحظات ترقب الإعلان عن وصول القاضي إلى قاعة المحكمة , حين كنت أحضر الجلسات عن اختيار, إشباعا لفضول التعرف على ما يجري فيها , لم تنجح في التسرب إلى نفسي رهبة من طلعة وجه القاضي , وهو يظهر مصاحبا بالإعلان عن وصوله , بعبارات لا تشعرك إلا بالتقزز , بسبب شبهها بالإعلان عن وصول السلاطين بهو الاستقبالات الرسمية , في البداية أحببت تدوين ملاحظاتي كتابة للرجوع إليها في بناء النص السردي الذي أريد, لكن جهلي بقانون القاعة الداخلي , سمح للشرطي بقامته النحيفة , أن يتدخل لتنبيهي بالمنع , لن أنكر أنه دفعني إلى معاودة شحذ ذاكرتي , كي تحتمل تذكر بعض التفاصيل الملفتة للانتباه , فمع تقدم العمر , يبدو أنني صرت أنسى أو أتناسى ما يمكن أن يحدث انفجارا في الرأس, و مات أكثر الكوارث اليومية في هذا الوقت الحار , بجانبي جلست امرأة في مقتبل العمر , لا يفصل بين وسطينا حتى الهواء , انتبهت إلى الاحتكاك, لكن صوت الحاجب كان أقوى من الهواء , فلم أنشغل بالدفء المحتمل, نظرت إلي , انتابتني توجس إدراكها لما في نفسي , بادرتها بالحديث : - تأخر القاضي اليوم .
أمس تأخر أكثر , وابتسمت بحركة شفتين يابستين , لعلها أدركت أني لم أكن من حضور أمس .
- كنت آتي مرة في الأسبوع , لكني الآن جئت تحت الطلب , ولم ترد علي , كان القاضي قد استوى على كرسيه الأشبه بالعرش في بلاط الملك .
لم أهتم لطقوس الابتداء , فقد حفظتها عن ظهر قلب , لكني وجدتني أحملق في اللوحة الكبيرة خلف القاضي , كأني أراها لأول مرة , الحروف مذهبة يكاد بريقها يخطف الأبصار , البرواز المستطيل ممتد الجنبات في شكل ثعبان لا رأس له ولا ذيل :
" و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "
يتملكني نفس الإحساس بتفاهة الإطار , هذه المرة , لفت نظري غبار توزع الزوايا , بل أرى تشابك العناكب المتناسلة ملتصقة هامدة :
أحمد بن محمد القاعسراسي .
استجاب الرجل متقطع الصوت وهو يتقدم إلى منصة القاضي :
- نْعماس *
ثم لم أعد أسمع شيئا مما دار بينهما , فجأة تراجع الرجل متجها إلى مكانه السابق .
- فاطنة بنت قدور الشرقاوي .
تحركت رغم أنها لم تكن معنية بالنداء , فلامس ردفها جنبي موقظا ما كمن في لاشعوري , لم أهتم لخروج سيدة عجوز من الصف الثالث أمامي , كنت ألقي نظرة على وجه المرأة بجانبي , تغطي جمالها البدوي صفرة فاقعة , فكرت في نفسي , لعلي مثلها لوني أصفر , فقد جئت لحضور هذه الجلسة عن اضطرار , سأقدم شهادتي حول حادثة الاشتباك بين رب المعمل و مندوب العمال أثاء الحوار النقابي الذي أعقب إضراب العاشر من أبريل الفائت , لكنها لم تنتبه إليَّ , كانت عيناها مسمرتين على النداء .
لا أدري كم استغرق وقوف العجوز أمام سيادته , لكني دريت بعد تدخل المحامي المهدل بالسواد , أنها جاءت لتأكيد شكواها من تخلي ابنها عنها , أسكنها مع الجيران بعد تجدد نزاعاتها مع زوجته , لكنه قطع عنها المصروف الشهري , بعد ثلاث دفعات غير منتظمة , لم يبد على المحامي تحمس يذكر في دفاعه عن العجوز .
تمنيت أن أكون المنادى عليه الآن , اختناق غير مسبوق , اضطراب غير عادي .
- علال بن الحاج أمزيان
تحركت تماما كما تحركت المرأة حين نودي على العجوز , لم يكن النداء عليَّ , ورغم الاحتكاك من جديد , لم أشعر بأي شيء .
- رفعت الجلسة , واصطحبت السيد القاضي تهليلة الحاجب مؤذنة بالانسحاب .

**************

* نْعماس : في الدارجة المغربية اختزال التركيب : نعم أسيدي .




#محمد_المهدي_السقال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسألة الأمازيغة /من الأصل إلى القضية
- العراف
- ملحق حول :ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية ...
- - أفول الليل -يوميات من سنوات الرصاص
- حكاية وزير مرتعب
- لعنة - بن لادن
- العرافة
- فراغ من زجاج
- الإضراب
- المسألة الأمازيغية العد العكسي
- حكايتي مع السيد المفتش
- رقصة الكلاب
- قراءة في عنوان مقالة* ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتو ...
- مشروع تركيب إيقاعي من الطويل والبسيط
- رائحة المرأة و الشيطان
- العار
- عبث اللحاق
- من مزامير داوود الأولى في بغداد


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - المحاكمة