أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - العراف














المزيد.....

العراف


محمد المهدي السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1821 - 2007 / 2 / 9 - 12:22
المحور: الادب والفن
    


قـصـة قـصـيـرة
انشغل سعادة الوزير برؤية الشمس آخذة في الأفول خلف الواجهة الزجاجية , فلم ينتبه إلى السطر ما قبل قبل الأخير في كلمته العصماء , مع ذلك , انهالت التصفيقات من الزوايا بنظام إيقاعي بديع , سمع أباه يتحدث بسخرية , عن لقاءات المسؤولين مع الشعب في مواسم الاجتماعات تحت قباب قصور البلديات , تُكْترى الأكف كما تُكترى الوجوه, وتبقى دار لقمان على حالها , عين السيد الوزير على طائر يصارع من أجل تثبيت قدميه , وأخرى على السطرين المغفلين , بقيت في نفسه عبارات مدبجة بإحكام , تتعرض بالأرقام لما تحقق في عهده على رأس وزارة الصيد البري, تردد كاتبه الخاص و أمين سره اللغوي كثيرا , قبل أن يجد التعبيرات المناسبة لما قصد إبلاغه بالزور والبهتان , كأن السماء كانت مفتوحة , فاستجابت لرفضه الضمني كتابة ذلك السطر ,
وغاب سعادة الوزير مفكرا فيما ضاع منه , لم تنبهه سوى إيماءة رئيس الديوان , للوقوف بالتحية أمام الجمع , اضطر للاتكاء على يمينه حذر الظهور بحقيقة عجزه , بينما زادت الأيدي في مقارعة بعضها في وجه سعادة الوزير , كانت يداه تحاولان إسناد قامته المتعبة لحافة المكتب العريض , وبينما هو كذلك , إذا برجل يسعى نحوه متسللا بين الصفوف , توقف أمامه ,
و قبل أن يباغثه الحرس الإداري , لفظ من فمه بصقة لزجة , أرست على خده الأيسر , ثم أخذت في التحلل أخدودا إلى ضفاف الأنف المعقوف ,
ارتمى عليه حارسان بلباسهما المدني الأنيق , سُمِع تمزُّق لم تُعرف جهته, حمَلا الرجل لا تلامس أرجلُه الأرض , و همَّا بالاختفاء به عن العيون , لولا تدخل سعادة الوزير ,
حكى لي من حضر , أن سعادته استدرك الحارسين , بعد التمكن من التخلص بالكاد من لزوجة القذيفة ,
عم صمت رهيب لم يعرف الناس له مثيلا ,
كل العيون تسمرت حول شبح السيد الوزير , في انتظار ما سيقوله, ما سيفعله,
قلت لصاحبي : لا تقل لي بأنه صفح عن الرجل على طريقة البابا ,
نعم ,
أُنزل الرجل إلى الأرض بإشارة منه , استقدمه إليه , تردد الرجل وحالة الهلع مازالت متمكنة منه , وكَزه أحد الحارسين أو هما معا, لأن الدفعة أوقعته بين يدي الوزير , تراجع بالكاد قليلا :
لا يلمسه أحد , أنا عفوت عنه ,
عادت التصفيقات مدوية من نفس الأركان , وعاد الناس إلى مقاعدهم بعدما كانوا على وشك الخروج ,
قلت لصاحبي :
لست عرَّافاً , لكني أستطيع تصور الباقي , فقد حدث لغيره من السادة الوزراء ما يندى له الجبين , حين كان يستعد لانتخابات المواسم الفارطة,
هل تقصد أنه تعرض للبصق على وجهه ؟
لا , كان الأمر أهون , تعرض سيادته للقذف بالطماطم الهارية في طريقه إلى " سوق البقر" *, أصيبت ملابسه الأنيقة بوابل منها , دون اختراقها جسده , لكنه ظل ثابتا يصطنع ابتسامة عريضة , فيما بعد , قال لحواريه : حتى الأنبياء تعرضوا لإيذاء العوام من الهوام .
وحتى لا يسألني أكثر عن تتمة حكاية السيد الوزير و ما وقع له من البهدلة في بلاد البوغاز , استدركته بالسؤال "
هل دشن الوزير قبل خطبته مشروعا في الهواء الطلق ؟
نعم ,
هل كانت ساحة القرية مرتعا للأكل والشراب , داخلها مهزوز و خارجها مكنوز؟
نعم ,
وهل كانت كلمة سعادة الوزير محصورة في مناسبة قرب الانتخابات ؟
نعم ,
ولم يتمالك صاحبي نفسه , لينتظر ما أوحت لي به الحادثة ,
كيف عرفت كل ذلك ؟
و أستطيع أيضا التنبؤ بما سيصير ,
سيعود السيد الوزير إلى القرية مترشحا عن جماعة " بني خوين ",
وسيفوز بمقعدين لبر الأمان , قبل تسليم مفاتيح الوزارة لمن يليه ,
وهكذا دواليك ,
أطرق صاحبي مسندا جبهته على رؤوس الأصابع المضطربة , وقال سائلا:
هل عرفت صاحبنا الوزير ؟
أجبته سائلا بدون أدنى تردد :
وهل يخفى القمر ؟
قال :
لا حول ولا قوة إلا بالله , في القرن الواحد والعشرين ؟

محمد المهدي السقال

* " سوق البقر " ساحة عامة في المدينة .



#محمد_المهدي_السقال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحق حول :ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتورية عدوانية ...
- - أفول الليل -يوميات من سنوات الرصاص
- حكاية وزير مرتعب
- لعنة - بن لادن
- العرافة
- فراغ من زجاج
- الإضراب
- المسألة الأمازيغية العد العكسي
- حكايتي مع السيد المفتش
- رقصة الكلاب
- قراءة في عنوان مقالة* ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتو ...
- مشروع تركيب إيقاعي من الطويل والبسيط
- رائحة المرأة و الشيطان
- العار
- عبث اللحاق
- من مزامير داوود الأولى في بغداد


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - العراف