أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - العرافة














المزيد.....

العرافة


محمد المهدي السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 10:39
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
انتبهتْ " مليكة " إلى عودة طائر" الجاوش",
لم يُحلِّق بين أركان الغرفة قبل الانسحاب كعادته من غير استئذان ,
حطَّ فوق أعلى رفوف المكتبة , من غير أن يستقر به المقام , يقفز متحركاً في كل الاتجاهات ,
همدتْ تحاول قطع أنفاسها , متمنيةً لو أنه يمكث أطول ,
انتفض , حدق في وجهها كأنه يرغب في السؤال عن شيء ضاع منه ,
بذلتُ جهدا خارقاً في محاولة التظاهر بالسكون , علَّهُ يطمئن إليَّ ,
ثم اختفى في رمشة عين , تاركاً خلفه منحنى ظلي ثابتاً جهة اليسار , و صوت رفرفة جناحيه ينحل إلى ما يشبه الهواء البارد في يوم قائظ ,
للريش رائحة يذكرها أنفي من بقايا معاشرة الطيور الحبيسة في الأقفاص ,
تمتعض حاسة الشم , لكننا نُصرُّ على الاحتفاظ بها سجينة أمام عيوننا , أول مرة سمعت عن شيء اسمه الحرية , كان من خلال فرجتنا الطفولية على دوخة ذلك العصفور الحبيس خلف القضبان ,
بعد خمس سنوات , سيحدثنا معلم العربية عن الرفق بالحيوان , وكأنه كان معنا , سيمثل بالطائر في القفص , كم شعرتُ بالذنب , مات العصفور بعد يومين , رغم اهتمامنا بأكله وشربه ,
قامت " مليكة " في اتجاه موطئ قدميه بين الأسماء المغبرة , " طبقات الشعراء " ,
ترك عليها أثراً من برازه نقطاً سوداء , مازالت طرية ,
أدنى محاولة لتخليص " ابن قتيبة " مما أصابه , لن تزيد إلا الطين بلة , ما أسوأ حظَّه , طبقات أخرى بجانبه , كانت أحوج لمثل هذا الخروج النديِّ ,
تركت الكتاب كما تركه الطائر ,
وعادت لاستئناف كتابة القصة المشؤومة ,
ما زالت تتأبى على الانتهاء , تعبتْ من معاودة بنائها , لتبدو أكثر واقعية ,
تقف عند رد فعل الشخصية المحورية , فلا تسعفها العبارات الأقل حدة ,
مضى عليها أسبوع , وهي تفكر في لغة موحية تحتمل رمزيتها أكثر من تأويل ,
حين يتعلق الأمر بالكتابة عن حكاية من حكايا السلطة في هذه البلاد الغريبة بحكامها , تجد نفسها محاصرة بتخوف لا إرادي من الوقوع في شرك الصياد ,
تتحرج من التصريح كما تتحرج من التلميح ,
بالرغم من علمها ببلادة حجاب الحاكم , لم تفلح في التخلص من توجس الإيقاع بها , وهي تحيل على لا مبالاة الحاكم المنشغل عن الأمة بما في بطن بعله المصون ,
و إذا لم يكن ذكرا ؟
إنه ذكر يا سيدي .
انتزعها الحاجب من فراشها للمثول بين يديه , في عز الليل , تاركة خلفها زوجاً لم يحرك ساكناً , بل كان يستعجل اصطحابها للرسول ,
بحكم شهرتها كعرَّافة تحققت بعض نبوءاتها , خمَّنتْ سبب الاستقدام , وأصابتْ هذه المرة أيضا , سوف تُسأل عن الراقد في بطن زوجة الحاكم , وسوف تجيب بلا أدنى تردد أن المولود ذكر ,
و إذا لم يكن ذكرا ؟
إنه ذكر يا سيدي .
لكنها قبل الانصراف محملة بأعطية الألف دينار المعهودة , اصطدمت بوجهها في المرآة ,
رأته كالحاً رغم الأنوار المشعة في القصر , حدثتها نفسها بالعودة إلى الحاكم , لتعلن بين يديه عن رؤية غير الذي صرحت به ,
أرى يا سيدي أنها ستضع أنثى ,
بلعتْ ريقها تتلقَّفُها الأيدي نحو مخرج دهليز يفضي إلى ساحة فسيحة , ومنها إلى البيت عبر ممرَّاتٍ لم تستبن إلى الآن مُنعرجاتها ,
تبًّا لهذه الحكاية اللعينة ,
ألقتْ " مليكة " بالمسودة في سلَّة المهملات ,
تطلعت إلى النافذة ,
هل سيهل الطائر ثانية ؟
تمنت عودته ليبصق في وجهها هذه المرة .



#محمد_المهدي_السقال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فراغ من زجاج
- الإضراب
- المسألة الأمازيغية العد العكسي
- حكايتي مع السيد المفتش
- رقصة الكلاب
- قراءة في عنوان مقالة* ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتو ...
- مشروع تركيب إيقاعي من الطويل والبسيط
- رائحة المرأة و الشيطان
- العار
- عبث اللحاق
- من مزامير داوود الأولى في بغداد


المزيد.....




- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...
- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - العرافة