ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 1877 - 2007 / 4 / 6 - 02:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من دون سابق إنذار أعلنت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي زيارة دمشق, التي سبق أن صنفها رجالات البيت الأبيض , وفقاً لتقسيمهم خريطة الشرق الأوسط بالدولة المتشددة والمقوضة لجهود دعم الاستقرار سواء في العراق أو لبنان.
بمجرد سماع خبر الزيارة , ابتهجت دمشق كثيراً وغضبت واشنطن أكثر , فبالأمس استقبلت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الإنسانية ايلين سوربري , كما دعيت لحضور مؤتمر بغداد الأمني في الشهر الماضي وبحضور أميركا نفسها إلى جانب إيران, إذاً ماذا تريد دمشق من كل هذا ؟.
تريد أن تقول للعالم أجمع وحسب ما جاء في تعليقات إعلامها الرسمي , أنّها عصية على العزل , ومن حاول عزلها فقد عزل نفسه , وأنها ضد سياسة العزل لأي دولة في المنطقة.
لزيارة بيلوسي هدفين إحداهما معلن والآخر خفي , فأمّا المعلن فهو يتركز على ما يمكن أن تبديه سورية من رغبة جادة للمساعدة في ضبط الفلتان الأمني بالعراق والتقليل منه , تمهيداً لسحب القوات الأميركية في العام المقبل , حسب تصورات الكونغرس الديمقراطي , وكذلك لمناقشة موضوع تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة باغتيال الحريري , في محاولة مسبوقة لمعرفة ردات الفعل السورية تجاهها , وإعطاء تطمينات بعدم تسييسها , وتبديد مخاوف جميع الأطراف الضالعة وغير الضالعة في جريمة الاغتيال.
هذا بالنسبة للمعلن منها بينما الخفي , فهو ينقلنا من ما نحن فيه الآن أي الشرق الأوسط , ليعيدنا إلى نقطة البداية ونقصد البيت الأبيض والصراع المحموم على إدارة دفته بين جناحي الجمهوريين والديمقراطيين .
من هنا فإن الزيارة لا تخرج عن كونها تحدي حقيقي لإدارة بوش في مناطق لا ترغب في التعامل معها بالوقت الحالي كسورية , ومهما أبدت بيلوسي من حراك دبلوماسي نشط , فإنها تعلم جيداً أنّ مفاتيح صناعة السياسة الخارجية في يد شخص واحد , هو الرئيس الأميركي ولفافة من المحافظين الجدد .
وثمة هدف آخر شديد التأثير على ماضي الجمهوريين المنغص للديمقراطيين , ويهدف لاسترداد الأثمان الباهظة التي دفعها الديمقراطيون على يد أندادهم سابقاً في الكونغرس , الذين أطاحوا بزعيمين ديمقراطيين هما جيمي كارتر على خلفية قضية بنما , وبيل كلينتون وراء فضيحة مونيكا لوينسكي .
لا يمكن القول أن كسباً قد تحقق لدمشق من جراء زيارة بيلوسي المفاجئة , فالساعات الطوال التي قطعتها بيلوسي في رحلتها ليس حباً لدمشق ولا لالتقاط الصور التذكارية فيها , إنما هي بداية أولى لعرقلة وصول أندادها صوب البيت الأبيض مجدداً بعد عشرين شهراً من الآن , وتصحيح ما يمكن تصحيحه من صورة بلدها المعتمة في عيون الشرق الأوسط .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟