أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معقل زهور عدي - أسوأ من استبداد














المزيد.....

أسوأ من استبداد


معقل زهور عدي

الحوار المتمدن-العدد: 1873 - 2007 / 4 / 2 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك طرفة في بلاد الشام تقول ان ثلاثة مساجين أيام العثمانيين اجتمعوا في سجن وطوال الوقت كان اثنان منهم يشكوان الظلم الذي لحق بهم وقسوة السجن بينما كان الثالث يلوذ بالصمت ، وفي الليل يسمعه رفيقاه وهو يتمتم اللهم أعوذ بك من الأعظم ، وقبل ان يضيق صدر رفاقه به جاء السجان ليطلب أحد المساجين الثلاثة الذي حكم عليه بالسجن المؤبد في زنزانة منفردة فصاح رفيقه ألما وحزنا بينما همس الآخر في سره اللهم اعوذ بك من الأعظم ، وفي اليوم التالي جاء السجان ليعلم السجين الثالث ليستعد للموت شنقا فتقبل الحكم قائلا اللهم أعوذ بك من الأعظم فصاح به رفيقه وهل بعد الاعدام مصيبة يارجل ، وفي اليوم التالي جاء السجان ليقول ان القاضي قد عدل الحكم للموت بالخازوق هنا نظر السجين المحكوم لزميله وقال هل عرفت أني على حق هذا هو الأعظم .
حين بدأت الولايات المتحدة الحرب على العراق عام 2003 انقسم المثقفون داخل سورية فئتين ، رأت الأولى في سقوط بغداد سقوطا للاستبداد وفجرا للديمقراطية ، واعتبرت الاحتلال أهون الشرين ، كان المشهد الذي خطف بصرها مشهد سقوط تمثال صدام لا مشهد جنازير الدبابات الأمريكية فوق شوارع بغداد ، لم تستفزها بذلات المارينز بقدر ما أراحها اختفاء صدام والتبشير بعهد ديمقراطي جديد .
قيل بلغة الفيزياء ( انتقلنا من تحت الصفر للصفر ) ، اليوم بعد أربعة سنوات يفترض أنه توضح ان الترمومتر قد قرىء بالمقلوب ، لقد انتقلنا ( بلغة الجغرافية ) نحو الهاوية ، دفعنا حتى عام 2006 مئات الألوف من القتلى (قدرت دراسة نشرت نتائجها بتاريخ 11/10/06 في مجلة /لانست/ الطبية البريطانية المعروفة برصانتها العلمية حصيلة القتلى العراقيين منذ الغزو قبل نحو ثلاثة أعوام ونصف العام بحوالي 655 ألف قتيل ) ، ودمرت أجزاء واسعة من الفلوجة ( استنادا إلى تقارير القوات الأمريكية فان نصف البيوت في الفلوجة و يقدر عددها 39,000 منزل قد تعرضت إلى اضرار و استنادا الى تقارير من شبكة ان بي سي (NBC) الأخبارية فان 9000 منزل قد دمر و قامت القوات الأمريكية بالتعويض على خمسين فقط من الطلبات المقدمة بالتعويض عن الأضرار.) ، وكشف النقاب عن أعمال تعذيب لاتقل سوءا عن أي نظام استبدادي ( فضائح سجن أبوغريب ) ، وتم تهجير عدد يزيد عن ثلاثة ملايين عراقي ، وهناك مئات الألوف من العراقيين المهجرين من بيوتهم يعيشون في مخيمات داخل العراق ، واتخذ الصراع الطائفي أبعادا غير مسبوقة في تاريخ العراق ، وصنف الحكم في العراق باعتباره من أسوأ الحكومات الفاسدة في العالم ، لقد تحول العراق الى أشلاء تتنازعها الضباع .
لماذا نتذكر ذلك اليوم ؟
لأنه لم أسمع من أحد أنه أخطأ في قراءة مشهد الاحتلال حين اعتبر سقوط تمثال صدام أهم من سقوط بغداد تحت الاحتلال ، لم أسمع من أحد نقدا أو مراجعة أو ندما ، ذلك يشير الى أكثر من المكابرة ، هناك مؤثرات العقل الايديولوجي الذي يرفض تأمل الواقع ويستعيض عنه بتأمل ذاته ، وهناك النزعة النخبوية التي لا تستطيع النزول من برجها العاجي ، وهناك ميراث قديم من افتقاد الوعي النقدي.
أيضا نتذكر ذلك اليوم على أمل تجاوز الحفرة التي وقع فيها تيار اليسار الليبرالي حين استخف بما يعنيه الاحتلال بل ذهب البعض الى الاعتراض على تسميته احتلالا ، ووضعت في هذا السياق نظرية تقاطع المصلحة في الديمقراطية مع السياسة الأمريكية ، وتم تبرير فظائع الاحتلال او غض الطرف عنها ، و(تثمين) العملية السياسية ( الديمقراطية ) الجارية في العراق برعاية بريمر ونغروبونتي وزاده ، والتنكر للمقاومة العراقية ، ووصفها بالارهاب ، كيف يمكن ان ننسى كل ذلك بسهولة لمجرد ان أصحاب ذلك الخط يخفضون أصواتهم اليوم ، ويحاولون التهرب من أفكارهم التي رفعوا لوائها حين كانت الحملة الأمريكية في أوجها .
على النقيض مما يفكر البعض فقد أعطت الحملة الأمريكية على العراق مشروعية للاستبداد كان يفتقدها ، وحين كانت النخب الثقافية السورية تخرج باستنتاجاتها أن الحملة الأمريكية تشكل فرصة سانحة للتغيير الديمقراطي ، كان الشعب في سورية يخرج باستنتاج معاكس ان خطر الاحتلال والتدخل الأمريكي أكبر من خطر الاستبداد ، وبعد أربعة سنوات تبين أن حس الشعب العفوي أصدق من وعي المثقفين ، وثمن ( الديمقراطية الأمريكية) للعراق كان فادحا للحد الذي لايوافق على دفعه عاقل ، وحتى بعد دفع ذلك الثمن لم يقبض الشعب العراقي سوى ديمقراطية – طائفية – مافيوية حتى اليوم .

منذ احتلال بغداد عام 2003 مرت مياه كثيرة ، والحملة العسكرية الأمريكية توشك على الاندحار، ليس بسبب انقسام المجتمع العراقي والحرب الأهلية كما يحب البعض أن يصور الأمور ، ولكن بسبب المقاومة العراقية الباسلة ، ومع اندحار الحملة العسكرية الأمريكية وما يحمله ذلك الاندحار من نتائج عظيمة الأثر على العراق والأمة العربية والعالم ، تستعيد الأمة شيئا فشيئا ثقتها بذاتها ، ويصبح ضروريا وملحا استعادة طرح المسألة الديمقراطية ، ليس على أرضية الاستفادة من فرصة الحملة العسكرية الأمريكية ولكن على أرضية الاستفادة من هزيمتها ، هكذا يعاد تأسيس المسألة الديمقراطية بالترابط مع معركة التحرر ومناهضة الهيمنة ، وتندمج في بوتقة واحدة مهام التحرر وبناء الديمقراطية .



#معقل_زهور_عدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية والخروج من النفق
- في عشق المدن
- ازمة العلاقة بين الرجل والمرأة في الاسطورة التاريخية - الجزء ...
- رحيل مناضلة - نجود اليوسف الكلاّس
- الأبعاد الاستراتيجية للحرب القادمة
- ليبرالية العولمة
- زمن الفجور السياسي
- آفاق الصراع السياسي في لبنان
- مأزق أصدقاء أمريكا في المنطقة
- انبعاث الأدوار الاقليمية في المنطقة العربية
- أثرالفشل الأمريكي في العراق في توازن القوى في الشرق الأوسط
- مقاومة بدون ديمقراطية هل ذلك ممكن ؟
- من سينجز المهمة الليبرالية ؟
- من الليبرالية الى الطائفية
- الدولة - المقاومة - الحريات
- هل حقا لايعرف البابا ماذا فعل؟
- المعارضة السورية والمسألة الوطنية
- هل غيرت حرب لبنان في استراتيجية الحرب؟
- دروس النصر
- الحرب في لبنان والمعارضة السورية


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معقل زهور عدي - أسوأ من استبداد