أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم الجبين - أنا ....على باب مكتبة غولدا مائير ؟















المزيد.....

أنا ....على باب مكتبة غولدا مائير ؟


إبراهيم الجبين

الحوار المتمدن-العدد: 1873 - 2007 / 4 / 2 - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استعملت هذه التيمة من قبل.. في مقال عن امرأة أيضاً، ولكنها لم تكن كسيّدة هذه الصفحات، كتبتُ: (أنا في حلب على سرير أغاثا كريستي)في جريدة النهار اللبنانية، وكان، وقتها، بحثاً سريعاً في يوميّات المرأة العبقرية التي صنعت عالماً إجرامياً افتراضياً،نشر وقتها في جريدة عربية، ولكن أغاثا كريستي رفضت وجود ذلك العالم المعتم على الأرض، وأحست بالشرق وعرفت أنه مكان للإبداع وليس للقتل، كتبتْ بعد ذلك، روايتها الشهيرة(جريمة في قطار الشرق) في غرفة في الطابق العلوي من فندق بارون في حلب.


كما أنه ليس سؤالاً هذا الذي قرأتموه، وإن كان يتضمن إجابته...



و لكنه يعلن عن حادثة من جهة، وعن موقف من جهة أخرى.
في الوقت الذي كنا نعدّ أنفسنا ثلاثة رجال وامرأة من سوريا، لاستكمال رحلتنا الكثيفة في أرجاء خمس ولايات على الأرض الأميركية، كان علينا أن نستيقظ في إحدى الصباحات، ليخبرنا المرافقون أن البرنامج يقضي اليوم بزيارة إلى جامعة مدينة ميلواكي Milwaukee في ويسكانسون، وكذلك ينبغي أن نعرّج على مكتبة الجامعة التي يطلقون عليها الكلمات التالية: (مكتبة غولدامائير)!!!!!
يا لتأثير الكلمات.... مكتبة غولدامائير؟ ماذا تحتوي مكتبة كهذه؟ وأي نوع من الكتب يمكن أن يعثر عليه المرء في رفوفها وأروقتها؟
وكيف ستكون عواصف ذهني، حين أعبر العتبة التي تفصل العالم عن (مكتبة) غولدامائير؟...غولدامائير؟!!
كانت رحلتنا الخاطفة والتي وعدنا المشرفون عليها ألا يكون لها أي طابع سياسي، تقوم بنقلنا بسرعة من مكان إلى آخر، ومن مطار إلى مطار عبر آلاف الأميال من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الوسط إلى الغرب وهكذا ....بدءاً بواشنطن العاصمة ومروراً بسياتل على ضفاف المحيط الباسيفيكي وبحيرة ميتشغان ثم أتلانتا ونيويورك ...رحلة مهمة للغاية ...ولم يكن أقل ما فيها زيارة تلك المكتبة المـــ شكلة !
ترجمت الوزيرة الدكتورة بثينة شعبان مرة كلاماً لآلن هارت من مقدّمة كتابه «الصهيونية العدو الحقيقي لليهود»، نقلاً عن مقابلة له متلفزة مع رئيسة وزراء إسرائيل، على تلفزيون الـ bbc برنامج (بانوراما) :
(توقفتُ في نقطة ما و قلت لها: رئيسة الوزراء، أريد أن أتأكد أنني أفهم ما تقولين، أنت تقولين أنه إذا تعرضت إسرائيل لخطر الهزيمة على أرض المعركة سوف تكون مستعدة أن تأخذ المنطقة وحتى العالم برمته معها؟.. و دون أن تتوقف لحظة، وبصوت جاد، يمكن أن يمتع أو يستفز الرؤساء الأمريكيين، حسب الحاجة،أجابت غولدا: نعم، هذا بالضبط ما أقوله).
غولدا مائير (رئيسة وزراء إسرائيل 1969-1973) إحدى النساء اللواتي ساهمن مساهمة قوية في قيام دولة إسرائيل، قال عنها بن غوريون أول رئيس للوزراء، عندما عادت من أمريكا محملة بخمسمئة مليون دولار بعد حملة تبرعات واسعة : سيُقال عند كتابة التاريخ: إن امرأة يهودية أحضرت المال، وهي التي صنعت الدولة، وقال عنها ثانية : إنها الرجل الوحيد في الدولة.
كانت غولدا مائير من صناع التزييف التاريخي لاغتصاب الأرض وطرد سكانها..كتبت تقول: (كان الروّاد الأوائل من حركة العمل الصهيوني هم المؤمنون الوحيدون الذين يستطيعون تحويل تلك المستنقعات أو السبخات ـ ولا ندري كيف رأت أرض فلسطين مجرد مستنقعات وسبخات!! ـ إلى أرض مروية صالحة للزراعة، فقد كانوا على استعداد دائم للتضحية والعمل مهما كان الثمن مادياً أو معنوياً..)!.
قالت غولدا مائير:
( لقد شعرتُ أن الرد الوحيد على قتل اليهود في أوكرانيا هو أرض فلسطين، يجب أن يكون لليهود أرض خاصة بهم، وعليّ أن أساعد في تحقيق هذا، لا بالخطب والتبرعات ، بل الحياة والعمل هناك معهم في أرض فلسطين و كانت مسألة العمل في حركة العمل الصهيوني تجبرني للإخلاص لها ونسيان همومي كلها، وأعتقد أن هذا الوضع لم يتغير طيلة مجـرى حياتي في الستة عقود التالية).

وقد رأت الكابوس الإسرائيلي، كما لم يره أحد: (عندما أتذكر وضع السوليل بونيه ـ منظمة يهودية ـ منذ زمن ـ أي منذ 1927م ـ في مكتبها الصغير في القدس يوم كانت لا تستطيع دفع أجور العمال، ثم أفكر في وضعها الحالي، والخمسين ألف موظف وموظفة، وبمدخولها الذي وصل إلى 5 ملايين شيكل، عندها أحتقر أي شخص يقول أو يُنكر على الصهيونيـة تفاؤلها)!!! .
وقد أعطت دروساً رهيبة لأتباعها في كيفية تطبيق الوهم وتحويله إلى واقع: ( أدركت أنه لا يكفي لشعب ضعيف أن يثور لكي ينـال عـدلاً مطالبه، أما مبدأ ( نكون أو لا نكون) فعلى كل أمة أن تعمل به وبالتالي تقرر مصيرها بطرقها الخاصة، وعلى اليهود ألا يعتمدوا على أحد من أجل تقرير مصيرهم .لم يُقدّم لنا الاستقلال على طبق من فضة، بل حصلنا عليه بعد سنين من النـزاع والمعارك، ويجب أن نـدرك بأنفسنا ومن أخطائنـا الثمن الغالي للتصميم والعزيـمة ).
ولكن ورغم أنها كانت تطلب منهم عدم الاعتماد على أحد إلا أنها أصرّت على اعتبار أن ما يقدّمه العالم الغربي لإسرائيل لا يعني أنه يحوّله إلى ( أحد!!) :
(الدولة الإسرائيلية لن تدوم بالتصفيق ولا بالدموع ولا بالخطابات أو التصريحات!، إنما يجب توفر عنصر الوقت لبنائها، قلت في عشرات المقابلات: لن نستطيع الاستمرار دون مساعدتكم، فيجب أن تشاركونا بمسؤولياتكم في تحمل الصعاب والمشاكل والمشقات والأفراح، صمموا على المساعدة وأعطوني قراركم، لقد أجابوا بقلوبهم وأرواحهم بأنهم سيضحون بكل شيء في سبيل إنقاذ الوطن) !!.



تلك كانت كلما ت غولدامائير... التي أعطت بتوجيهاتها وقراراتها أوامر عدة لقتل الأبرياء هنا وهناك، واحتلت الأرض، وقضمت أجزاء من جسد الثقافة العربية أقلها كان خسارة غسان كنفاني... غولدا مائير هي من قالت(الفلسطيني الطيب هو الفلسطيني الميت)!!..
في مطلع السبعينات جاءت تعليمات مائير التي حددت لرئيس جهاز الموساد قائمة كان على رأسها الكاتب الشهيد غسان كنفاني الذي شغل آنذاك الناطق الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهي القائمة ذاتها التي ورد فيها اسم بسام أبو شريف حيث تعرض لمحاولة اغتيال عبر طرد ناسف انفجر فيه وترك آثارا خطيرة لا زالت في يديه ووجهه.
في الثامن من يوليو 1972 قامت مجموعة من عملاء الموساد تحت جنح الظلام بزرع عبوات متفجرة في سيارة غسان كنفاني المتوقفة في كراج منزله في منطقة مار نقولا في بيروت الشرقية بطبيعة الحال لم تكن هنالك حراسات أمنية لان غسان كنفاني كان أديبا وصحافيا وفنانا. ولم يكن قائدا عسكريا أو أمنيا وكان يعيش مع عائلته المكونة من زوجته آني وابنه فايز وابنته ليلى في شقة تملكها أخته. في صباح 8 يوليو 1972 اصطحب غسان كنفاني ابنة أخته (لميس) التي كانت قد أنهت الثانوية، كي تتوجه للتسجيل في الجامعة الأميركية.
وهبط كنفاني الدرج، من شقته نحو مدخل البناية، وتوجه نحو سيارته الاوستين البيضاء وهو يمازح لميس التي كانت مدللته، وكان قد كتب لها قصص الأطفال.
فتح غسان باب السيارة وأسرعت لميس لتجلس في المقعد الأمامي إلى جانبه وما أن أدار محرك السيارة حتى انفجرت، وهز الانفجار المنطقة بأسرها.
قتلت غولدامائير غسان كنفاني الأديب والكاتب( تذكروا أننا نتكلم عن مكتبة غولدامائير!!) والمبدع وهو في السادسة والثلاثين من العمر.
وقتلت معه لميس، وتطاير الجسدان في كل الاتجاهات وتعلقت أطرافهما بأغصان أشجار الزيتون المنتشرة حول الحقول المحيطة بالمنزل.
العبوات المتفجرة كانت أسلحة غولدامائير في وجه الكلمة والأدب والرواية، واستمرت الأجهزة الإسرائيلية في مسلسلها الإرهابي، الذي وللمفارقة شاهدت فيلماً عن مرحلة من مراحله، في غرفتي بالفندق الأميركي.. وهو أيضاً من إخراج أكثر المخرجين الأميركيين اليهود حماساً ستيفن سبيلبيرغ..(ميونيخ) ..حتى سبيلبيرغ لم يتردّد في إظهار غولدا مائير في أكثر من مشهد في الفيلم، وهي تسلّم الموساد، قائمتها الشهيرة التي ضمت أسماء كتاب ومثقفين فلسطينيين وعرب.. تمت تصفيتهم جميعاً .. ومن لم يمت، لم يفته حظه من التشويه والإعاقة.
ما الذي يمكن لي أن أجده في مكتبة غولدا مائير بعد كل هذا ؟!
قلت للمرافقين إنني لن أزور المكتبة، وكذلك قال الشباب السوريون الذين كانوا معنا، سألني المرافقون: هل ترفض لأنك تخاف من حكومتك؟! قلت : لا ..ليس لأنني أخاف من حكومتي.... بل لأنني لا أحترم غولدا مائير... ولأنها تمثل كافة أشكال العنف الذي يسبب لي الغثيان... لم يقتنعوا، بل استدعوا مدير المكتبة، وهو رجل طويل.. بلحية بيضاء تغطي صدره.. ودار الحوار التالي الذي سيبدأ به هو:
ـ السلام عليكم ورحمة الله !!!
ـ وعليكم السلام....هل أنت عربي ؟!
ـ نعم أنا عربي ومسلم أيضاً.. ومن ليبيا..
ـ عربي ومسلم ومن ليبيا ومدير لمكتبة غولدامائير؟!!!!
ـ ليس الذنب ذنبي ...هذه المكتبة لا تخصّ غولدامائير... بل هي ملحقة بالجامعة.. ولكن مدير الجامعة، وطمعاً في تبرعات اليهود، أطلق عليها هذا الاسم، كما أن غولدا مائير درست لسنتين هنا في جامعة ميلواكي، وشقيقها رجل أعمال شهير في المدينة..
ـ آآآ...وهل استمتع المدير بتبرعات اليهود؟
ـ لا أبداً... ما حصل هو أن اليهود لم يكترثوا... والعرب والمسلمون اتخذوا موقفاً من المكتبة.. ولذلك فهم يترددون كثيراً قبل زيارتها... الحق على المسؤولين والأثرياء العرب الذين لم يبادروا إلى التبرع لمكتبات ومنشآت ثقافية كي تُسمّى بأسمائهم... والآن هل تدخل؟!


ـ لا لن أدخل...لم يتغير شيء..ما زالت المكتبة تحمل اسم غولدامائير... المرأة..الإرهابية.



#إبراهيم_الجبين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسعون دقيقة في نيويورك عن ميشيل كيلو وتيسير علوني
- لا بد أن يعرف الجميع الآن وعلى وجه السرعة ..ما المسموح والمم ...
- بعد أن تربّعت على عرش الثقافة عقوداً ... سورية : الأسماء الك ...
- الصفحات الثقافية في الصحافة الرسمية ...المزيد من الاستخفاف ب ...
- هل سيتعلم النظام في سوريا فن الإملاء؟
- دم فلسطيني أبيض في شعر رائد وحش: محاولة جريئة لتصحيح الغلط
- خمس وسبعون على ولادة الآنسة مار?ل
- ماذا لو كان تيسير علوني إسرائيلياً ؟
- لماذا لا يوجد (جدل) في دمشق؟
- زكريا تامر لم يشتر بيتاً في دمشق لأنه لم يعثر عليها
- البحث عن بني أمية في سوريا الأسد
- أن تكون من أقليات سوريا 2005
- أخلاق العبيد في سوريا الحديثة
- من السوري إبراهيم الجبين إلى السوري بشار الأسد
- لن يكون هناك هيئة لاجتثاث البعث في سوريا ..فاطمئنوا


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم الجبين - أنا ....على باب مكتبة غولدا مائير ؟