أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - إبراهيم الجبين - ماذا لو كان تيسير علوني إسرائيلياً ؟















المزيد.....

ماذا لو كان تيسير علوني إسرائيلياً ؟


إبراهيم الجبين

الحوار المتمدن-العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 10:19
المحور: الصحافة والاعلام
    


ألا يخجل السوريون من تلك النظرة البليغة التي تشعّ من عيني تيسير علوني وهو يقتاد هنا وهناك، داخلاً خارجاً مبنى المحكمة الإسبانية ؟
من تيسير علوني ؟! هل هو أحد الغجر الذين يعبرون الحدود حاملين الخردة والآلات الموسيقية القديمة وأدوات تصليح الأسنان؟ هل هو مواطن بنغالي ؟ هل هو من إسرائيل؟!
وكيف يمكن لهم أن يحتملوا كل ذلك الألم الذي يشعر به الغريب تيسير وهو يفكر بأن بلاده لا علاقة لها بما يحصل معه؟
في أسبوع واحد تنفجر أجزاء من جسد الإعلامية اللبنانية مي شدياق ويتم احتجاز ما تبقى من الجسد المنهك للإعلامي السوري تيسر علوني ،الذي ولد في العام 1955 في سوريا وانتسب إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين المحظور في هذا البلد. وفي سنة 1983 غادر إلي إسبانيا لإعداد دكتوراه في العلوم الاقتصادية في غرناطة حيث تزوج هناك.
وكان قد زاول في المدينة الأندلسية نشاطاً تجارياً ما ، ثم عمل ست سنوات لصالح وكالة الأنباء الإسبانية (ايفي) قبل أن ينتقل للعمل في قناة الجزيرة،ويحصل على ترخيص افتتاح مكتب للقناة في كابول .
لماذا يحصل كل ذلك مع الصحفيين في الشرق؟ ولماذا يسكت العالم على كل هذا الأداء الفاحش في التعامل معهم ؟ وهل مواطنون من درجات دنيا ، كي يُستخف بهم إلى هذه الدرجة ؟
والذين يأتون إلى هذه الأرض حاملين معهم براميل الديموقراطية، ويؤسسون لأفضل دساتير الشرق الأوسط في بقعة ما ، كما يقولون، ويريدون التخلص من أسوأ أشكال الديكتاتوريات على سطح الأرض، هؤلاء لن يستوقفهم أن يقرر القضاء الإسباني أن لا علاقة مباشرة لتيسير علوني مع القاعدة ولا مع طالبان ، ولكنه سيحاكمه بتهمة المزيد من الاقتراب من الحقيقة، والمزيد من البحث عنها.
لا يهم كيف يتعامل القضاء في إسبانيا مع ملف معقد ومحرج من هذا النوع ،ولن يفيد أن يتعاطف كوفي أنان مع مي شدياق ولا ينبس بكلمة بحق تيسر علوني ، ولا يهم ما هو أكثر من ذلك، المهم حقاً هو أن الباحثين عن الحقيقة في الشرق لا أوطان لهم لتحميهم، ولا حكومات وراءهم لتدافع عن وجودهم . وليس لهم سوى المشردين ـ وغير المعترف بهم ـ أمثالهم كي يدافعوا عنهم .
لا يوجد استثمار مفيد لقضية تيسير علوني ، لأنه يقف وسط الحقيقة العارية، سواء شاركناه في رؤيتها أم اختلفنا معه حولها ، حقيقة المشرقيين الذين مازالوا في تيههم بلا مرجعيات ، وبلا وزارات إعلام ترعى تحركهم.
في سوريا لم يتحرك أحد لنصرة ذلك المواطن الذي مازال موجوداً في قيود السجل المدني في مدينة دير الزور في شمال شرق سوريا، في وقت كهذا ، وليس في غيره ، يمكنكم أن تعرفوا حجم وحقيقة الأنظمة التي تحكم بلدانكم يا تيسير ، في وقت كهذا ، تزول الالتباسات التي ينسجونها ، والتضليلات التي يقيمون عليها سلطانهم المتهاوي.
أكرر تساؤلي الافتراضي ، ماذا لو كان تيسير علوني يحمل الجنسية الإسرائيلية ؟...هل كانت حكومته ستتركه وحيداً ومستوحشاً هكذا، خلف قضبان كثيرة ؟!
وللحظة أفكّر ، ماذا تعني الجنسية السورية ؟! وكيف يقال فلان يتمتع بجنسية البلد الفلاني ؟! ترى كم يتمتع تيسير علوني بتلك الجنسية .. وكم يستمتع ؟ متعة لا حدود لها !!هذه الجنسية التي تحولت في العقود الأخيرة إلى عقوبة متنقلة ترافق صاحبها أينما حل ، وإلى صليب يحمله السوريون على أكتافهم شاءوا أم أبوا ، لأنك سوري فأنت مطالب بالصمت ..لأنك سوري فأنت ملاحق بسبب ودون سبب ، لأنك سوري فأنت ستبقى خارج السياق إلا إذا قدّمت قرابين خاصة لسكان الأعالي ، لأنك سوري فأنت في القفص الزجاجي الذي يحيط بك داخل البلاد والذي يتحول متى ما أرادوا إلى حديد وجحر، لأنك سوري فأنت خطر وقد تسبب المشاكل للسلطة، وقد يتطلب الأمر حجبك عن الآخرين كي لا تعديهم.
وإذا لم تكن سورياً كفاية ، فهم يذكرونك بذلك بالمزيد من الضرائب والطوابع والاستحقاقات، والموافقات، ويطلبون حضورك، إلى مراكزهم كي يقوموا بتحديث الدراسات والمعلومات عنك، وهم لا يحدّثون في البلاد سوى دراساتهم وتحقيقاتهم عن السوريين.
إن الموسيقى الحزينة التي تعرضها الجزيرة عندما تعرض صورة تيسير ، لا تختصر فقط نداءاً طويلاً لكل السوريين كي يقفوا إلى جانب تيسير، في وحشته الوطنية ، ولكنها تقول لهم بأن ما يحدث لا يمكن أن يستمر ، ولا يمكن القبول بكل ذلك التجاهل ،
منذ سنوات قليلة ، طلب إلي أحد الأصدقاء وهو من مؤسسي الجزيرة ، التدخل لصالح إنقاذ مواطن سوري من أن يلتهمه أحد أسماك القرش في سوريا، الرجل هو وكيل إحدى شركات السيارات الكبرى في العالم، وهو وكيل معتمد منذ نصف قرن ، والشركة الألمانية لا ترغب باستبداله بذاك القرش ، ولكن الأخير يصر على الحلول محل الرجل، حتى أنه أوقف له شحنة سيارات كانت ذاهبة لصالح القصر الجمهوري السوري .
كان رئيس سوريا بشار الأسد يستعد لزيارة ألمانيا ، وقد اتفقت دير شبيغل مع المستشار الألماني شرويدر على مناقشة المشكلة مع الضيف السوري . ولكن لم يشأ صاحبنا إحراج رئيسه الشاب في قضية قد لا يتمكن من حلها ولا من مناقشتها بسهولة من دولة مثل ألمانيا وقد لا يجد ما يقوله لدير شبيغل ولا لشرويدر ، وهكذا كان ، تحمل الوكيل الحصري والقانوني خسائر تجاوزت عشرات ملايين الدولارات من أجل اعتبارات يعتقد أنها مهمة، وطلب مني أيضاً عدم إثارة الموضوع في الصحافة بانتظار أن يقول القضاء السوري كلمته في تلك الاستباحة المفضوحة، قررت المحكمة السورية أن وكيل الشركة سيستمر وكيلاً مادامت الشركة الأم ما تزال تريده ، ولكن أحد الوزراء السوريين وقتها وقّع ـ ظلماًُ وتجاهلاً واستهتاراً ـ على قرار المحكمة بأنه باطل !!!!
الآن ..من يهمس في أذن رئيس سوريا، إذا تركنا جانباً مؤسساته الرسمية ، كي يتدخل لصالح مواطنه تيسير علوني الذي يحمل مثله تلك الجنسية الحائرة ؟والقضاء الإسباني لحسن الحظ أو سوئه ـ لا أعرف ـ قد أعطاكم مفتاح اللعبة والتدخل بها ، حين قال بأن تيسير لا علاقة له بالقاعدة ، فلن يكون محرجاً الآن التدخل لأجل إطلاق سراحه، ولن تأخذ أميركا على خاطرها بعد أن يتم الاستناد إلى حجة القضاء الإسباني.
أليس هذا الموقف امتحاناً حقيقياً لمفهوم المواطنة في سوريا التي تتحدث عن التحديث والتطوير وإعادة البناء ؟ نريد أن نعرف كيف يفهمون المواطنة الآن ، وكيف يتصورونها ، وما الذي يترتب عليهم إزاءها .وإذا كانت أنظمتنا تتعامل مع مواطنيها هكذا ، بكل ذلك الاستخفاف ، فلماذا تحاول أن تقنعنا بأنها تفاوض القوى العالمية على مصالح شعوبنا؟! أية مصالح أكبر من الإنسان ؟!
أريد أن أذكّر من جديد ..تيسير علوني مواطن سوري ، وليس من بنغلادش ولا من سيريلانكا ولا من ألبانيا ولا من ...إسرائيل .



#إبراهيم_الجبين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يوجد (جدل) في دمشق؟
- زكريا تامر لم يشتر بيتاً في دمشق لأنه لم يعثر عليها
- البحث عن بني أمية في سوريا الأسد
- أن تكون من أقليات سوريا 2005
- أخلاق العبيد في سوريا الحديثة
- من السوري إبراهيم الجبين إلى السوري بشار الأسد
- لن يكون هناك هيئة لاجتثاث البعث في سوريا ..فاطمئنوا


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - إبراهيم الجبين - ماذا لو كان تيسير علوني إسرائيلياً ؟