أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلمان بارودو - ثقافة الاعتراف والحوار مع الآخر














المزيد.....

ثقافة الاعتراف والحوار مع الآخر


سلمان بارودو

الحوار المتمدن-العدد: 1863 - 2007 / 3 / 23 - 11:17
المحور: المجتمع المدني
    


إن الثقافة في أي مجتمع وبلد هي ثقافة إنسانية تكونت عبر أجيال وتهم الجميع بدون استثناء، فليست هناك ثقافة تخص هذا المجتمع أو ذاك، وليست هناك ثقافة دخيلة أو ثقافة مستوردة كما يتصور البعض، إنما الثقافات تتواصل في حركتها فيما بينها مؤثرة ومتأثرة، حاملة إنجازات وبصمات هذه الثقافة أو تلك، وتتفاعل الثقافات وتتضافر في صراعها ضد عناصر التخلف، فإن المثقف الواعي الذي يحاور مجتمعه يجب أن يدرك أن ما يعتبر صحيحا بالنسبة له ليس مهما أن يكون صحيحا لقطاعات كبيرة من المجتمع، لأن حرية التعبير واحترام الرأي الآخر والحوار هي من سمات أساسية للمثقف الملتزم بقضايا مجتمعه.
هنا، لا بد من التأكيد، إن ثقافة الحوار هي نتاج الحراك الاجتماعي والسياسي للتحولات التي تحدث في أي منطقة في العالم ونحن جزء من هذا العالم، فالعقول الواعية هي التي تحث على التغيير الإيجابي، وعدم الوقوف في أمكنتها، لذلك يجب أن يكون هناك معالجة فعلية وواقعية لكافة قضايا المجتمع، عندها نستطيع أن نقول أن ثقافة الحوار تبدأ في حديث الإنسان مع ذاته، ومن ينغلق من الداخل يفشل في التعاطي فكرياً مع غيره لأنه جاهل بمكونات نفسه وعن كسر طوق العزلة الانفرادية التي تحدو به من التخوف، والحوار معه لا يتحقق دون أن تتسع الأنا لتهيئ في داخلها مكاناً أرحب للآخر، لذلك نستطيع أن نقول بأن الثقافة هي الوعي المتطور للفكر الإنساني وهي الإنجاز الرائع لهذا الوعي.
والواقع إن الإنسان, وبحكم طبعه الاجتماعي, بحاجة إلى جماعة ينتمي إليها, والوطن يعتبر شكلا متقدما في تعبير الإنسان عن هذه الحاجة وبالتالي يذهب جزء كبير من جهد الإنسان لممارسة وجوده في هذه المنظومة الاجتماعية في إطار ما يصطلح عليه بالمواطنة. ومن المواطنة تأتي ضرورة الاهتمام بذلك الآخر. فإذا كانت الوطنية هي ذلك الشعور بالانتماء الذي يشد الفرد إلى مجتمعه ووطنه فإن المطلوب هو تعزيز هذا الشعور عند كل أفراد المجتمع وذلك من خلال عدم تهميش الآخرين بحجة الاختلاف في الرأي والاجتهاد وغيرها من الأمور الخلافية.
إننا عندما نستطيع أن نؤسس ثقافة تهتم بالآخر فإننا بذلك نقلص من السلبية التي تتسم بها بعض شرائح المجتمع في التفاعل مع قضايا المجتمع والتحديات التي يواجهها, بل إن هذه السلبية قد تتطور عند البعض لتأخذ صورة أفعال معطلة لحركة المجتمع إن لم تصل إلى حالة الإضرار بمكونات المجتمع وتخريب منجزاته. وفي هذا المجال يؤكد أهل الاختصاص في مجال السلوك الإنساني أن الحوار هو من أنجع السبل لإزالة سوء الفهم بين الأطراف, وأن حالة الاحتقان الناتجة من سوء الفهم هي التي تجعل النفوس مستعدة لإسقاط الآخر وربما حتى التفكير في إزاحته ونفيه، وعندما يتعاظم الشعور بالرغبة في نفي الآخر يصبح الجميع من الداخل والخارج أهدافا مشروعة للذين لا يرون إلا أنفسهم وأن الآخر هو حالة طارئة في حياتهم. وسيجد الذين يؤمنون بالحوار صعوبة في تحمل دعوات المترددين والمشككين بأهمية الحوار وستكون هناك معاناة لهم بفعل ما يقوم به البعض من استغراق في الأشكال والتفاصيل غير المجدية، ولكن تبقى تجربة الحوار وما سيجنيه الناس بالحوار من إيجابيات كثيرة بفضل تكامل قواه الخيرة والمخلصة تستحق منا الصبر والعمل الدؤوب.
لا بد من إعطاء أهمية كافية للحوار كون الحوار يقوم على المساواة وإيمان أطراف الحوار بهذه المساواة يقتضي قبول الاختلاف وإيلاء أهمية للآخر واقتسام المعرفة بوصفها رابطاً جماعياً وأداة تعارف وتقارب وتضامن ويوفر التقدم التقني على مستوى تطور تكنولوجيات الاتصال، والإعلام اليوم فرصا كبيرة وناجعة للحصول على المعلومات دون اعتبار للحواجز المادية بل أن ما يوفره التكنولوجيا اليوم من فرص للوصول إلى المعلومة ونشرها وصل حد إلغاء الحواجز التي كانت موجودة أو المصطنعة، وأن الحوار يمكن أن يلعب دوراً حيوياً وهاماً في خفض مثيرات العنف وإلغاء الآخر المختلف، والإقلال من احتمالات لجوء الأشخاص إلى العنف كوسيلة للتعبير عن أنفسهم أو كطريقة لحل مشكلاتهم أو التخلص من إحباطاتهم ورغم أننا على كل المستويات وفي كل المناسبات ( تقريباً ) نتحدث عن أهمية الحوار ليس فقط كوقاية من العنف وعلاج له وإنما لتحسين نوعية وجودنا الفردي والاجتماعي والإنساني، رغم كل هذا، فإن لدينا مشكلات عميقة وعديدة تتعلق بهذه الناحية، إما بسبب انسداد قنوات الحوار ( كلها أو بعضها )، أو بسبب شيوع أنماط غير صحيحة للحوار بيننا، وكلا السببين يؤديان إلى تعطيل عملية التواصل الصحيحة مع ما يتبع ذلك من مشكلات في العلاقات يكون إدارة الظهر لحل القضايا أو العنف أحد إفرازاتها.
لذلك، على المثقف أن يؤسس لثقافة ترى أن الآخر هو جزء من وجوده وأن الالتقاء به والحوار معه هو الأصل في هذه الحياة، ثقافة تنطلق بنا من المشتركات وعندها يكون الاختلاف في الرأي والرؤية والطريقة كلها دروباً للتكامل كأفراد ومجتمعات.
وفي هذا الواقع المزري، يجب على المثقف الملتزم والواعي لدوره أن يكون صادقاً مع نفسه، حاملا" عدداً من القيم الأساسية، مستعداً للتضحية، واعياً لدوره التاريخي، وهذا يعنى واعياً للتضحيات ومن هنا، يستوجب عليه أن يحمل هموم مجتمعه، ويلتزم بضميره وبالتحديات التي تواجهه، لأن المثقف هو ذلك الإنسان الذي يعي ذاته وذات مجتمعه، من خلال الصلة بواقع هذا المجتمع وما ورثه من القضايا الفكرية والسياسية والحضارية والإنسانية .



#سلمان_بارودو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا هذا الجدار بين المثقف والسياسي!!!؟
- الحوار هدف مطلوب كغاية وكوسيلة...
- العلاقة الجدلية بين المجتمع المدني والدولة
- محاضرة حول تاريخ الشعوب في المنطقة للدكتور-فاروق عباس-
- الشباب قدرة التغيير
- نحو بناء حركة فاعلة ومتماسكة
- المثقف والعلاقة الجدلية بين الفكر والواقع
- الكاتب إبراهيم اليوسف يزج بنفسه في أتون الحداثة!!!؟
- بن لادن يستحق الشكر!!!؟
- الحركة الكوردية ومحاولات التأطير...!
- الوحدة النضالية وضروراتها...
- من أجل خلق مناخ ديمقراطي ...وحراك سياسي مجتمعي...
- !!المثقف في ظل الأنظمة الاستبدادية...؟
- اغتيال الشيخ معشوق الخزنوي اغتيال للفكر والسياسة معاً ...!؟
- الإصلاح السياسي مسؤولية مَن ؟
- لنعمل من أجل التسامح واحترام الآخر
- الآخر في قول سربست نبي
- الحوار أساس التفاهم والتواصل


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلمان بارودو - ثقافة الاعتراف والحوار مع الآخر