أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان بارودو - المثقف والعلاقة الجدلية بين الفكر والواقع














المزيد.....

المثقف والعلاقة الجدلية بين الفكر والواقع


سلمان بارودو

الحوار المتمدن-العدد: 1354 - 2005 / 10 / 21 - 02:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن قوة الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية لا تكمن في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الغائبة فعلاً، والتي يمكن أن يقبلها الجمهور، أو أن يرفضها، وإنما في أكاذيبها، الأيديولوجية وإنجازاتها المزيفة، التي تقدمها لتبرير وجودها على رأس السلطة القمعية، وهي أكاذيب، تقوم دائماً على شعارات وطنية وقومية أو دينية عامة خادعة، مثل النضال ضد الإمبريالية والدعوة إلى الوحدة العربية، إلى غير ذلك من الشعارات الجذابة.
لكن إن حياة الدكتاتوريات العسكرية والإقطاعية أو العشائرية، أو المذهبية، مرتبطة في حقيقة الأمر بقضية على غاية من الأهمية : وهي أن تبدو أنها ملتزمة حقاً بهذه الشعارات، لأنها من دون ذلك، لن تجد ما تقوله في دعاياتها الثقافية، حتى إذا كانت هي نفسها العائق الرئيس أمام تحقيق الشعارات التي ترفعها.
ولذلك فإن هذه الأنظمة لا يمكن أن تنظر إلى العمل الفكري، إلا من الزاوية التي يبرر فيها وجودها، ويدافع عن أكاذيبها الإيديولوجية.
وكانت هذه المعاناة سبباً أساسياً في إلهاء الناس عن الاهتمام بقضاياهم المصيرية، كما أثرت تأثيراً سلبياً، وأدت إلى نوع من الاغتراب والابتعاد عن استحقاقات المرحلة الراهنة ومتطلباتها الآنية والمستقبلية.
وإن التطورات والتغييرات التي تجري في المنطقة والعالم بأسره اليوم وانتشار مفاهيم النظام العالمي الجديد والعولمة، ودخول البشرية إرهاصات هذا النظام منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين، أخذت عملية جديدة من الإنتاج الثقافي في التدفق. ولم تمض سنوات قليلة إلا وكان المثقف في معظم أرجاء المعمورة يجد نفسه أمام مرحلة استحقاقات جديدة ومتطلبات جمة.
مما لاشك فيه إن من تلك الاستحقاقات والواجبات التي تقع على عاتق المفكرين والمثقفين نزع العباءة الدينية والقومية عن الحكام الجائرين، والحكم عليهم من خلال البرامج الاجتماعية والثقافية والسياسية وموقفهم من احترام لحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، قبل كل شيء، وتعريتهم وإظهارهم على حقيقتهم، وكذلك إبعاد الجهلة وأيتام الثقافة عنهم، كون المثقفين والمبدعين هم الضمير الواعي المعبر عن الحالة الشعبية، ومهمتهم بالتالي، هي تقديم إيضاحات جديدة كل يوم على صعيد العلم والفكر والمعرفة، وطرح ما هو لازم لواقعهم ومجتمعهم، للوصول إلى تفاهم وطني راسخ وتعزيز التفاعل بين تيارات الرأي وقوى الحركة الديمقراطية المتعددة، وتحرير الوعي العام والفردي معاً من خطر الإلغاء والشطب وإقصاء الآخر المختلف.
إن الفكر المبدع والمحصن والمنتج لا ينمو إلا في الوسط الاجتماعي الطبيعي الملائم الذي تتوافر فيه حرية التعبير، وينعتق من الكبت والقمع بمختلف أنواعه.
كما ويجب على المبدعين والمثقفين الاهتمام بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان وتشخيصهم لعوائق الانتقال إلى الديمقراطية، مع التأكيد على عدد من الآليات الكفيلة بتسهيل هذا الانتقال، وأهمها آلية الوفاق والحوار الوطني المؤسسي بين كافة مكونات المجتمع، وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني، وحرية انتقال الأفراد والأفكار، واعتماد مبدأ الحوار والقبول بوجود رأي آخر، كما يجب التأكيد على أهمية تعزيز استقلال القضاء، وضرورة الاهتمام بالانتخابات وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وإزالة العقبات التي تحول دون ممارسة المرأة أو أية شرائح اجتماعية أخرى لحقوقها السياسية والثقافية والفكرية، أي أن المشكلة الحقيقية في النضال من أجل الديمقراطية ليست مختلفة كثيراً عن مشكلة النضال لأي هدف أو غاية أخرى، وهي مشكلة الافتقار إلى الحضور الجماهيري في ساحة السياسة عموماً، أعني ساحة الفعل السياسي وليست ساحة الفهم أو الوعي.
ورغم هذا وذاك نلاحظ أن هناك تصميماً واضحاً لدى معظم المهتمين والمثقفين والناشطين في الاستمرار بالتعبير الحر بالوسائل المتاحة والممكنة مهما كانت الضريبة، لكننا في المقابل نجد أيضاً إصراراً من الأنظمة الحاكمة التي لا تعترف بالآخر المختلف على زيادة الانتهاكات أو القمع لمنع من انتشار هذه الظاهرة، وخوفاً من خروجها عن السيطرة .
لكن لا يمكن للمفكر أو غيره من المبدعين أن يقف وحيداً ليواجه الوحش الذي يفترس ضحاياه، بل ما أريد التأكيد عليه أيضاً، من خلال هذه الرؤية، هو التأكيد على تلك العلاقة الجدلية بين الفكر والواقع.
فأي تطور في أحد الطرفين على حساب الطرف الآخر، سيؤدي حتماً إلى إحداث خلل في توازن الطرفين معاً.
وهذا الخلل، هو في حقيقة الأمر، من صلب عملية التطور التاريخي، خاصة إذا حدث هذا الخلل بصورة طبيعية، أي جاء نتيجة لتطور الوجود المادي أولاً. أما إذا كان هناك تطور في الفكر على حساب الوجود المادي، فسيحدث بالضرورة تشوه في عملية التطور، سيبقى هنا غريباً غير منسجم مع حركة الواقع.



#سلمان_بارودو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب إبراهيم اليوسف يزج بنفسه في أتون الحداثة!!!؟
- بن لادن يستحق الشكر!!!؟
- الحركة الكوردية ومحاولات التأطير...!
- الوحدة النضالية وضروراتها...
- من أجل خلق مناخ ديمقراطي ...وحراك سياسي مجتمعي...
- !!المثقف في ظل الأنظمة الاستبدادية...؟
- اغتيال الشيخ معشوق الخزنوي اغتيال للفكر والسياسة معاً ...!؟
- الإصلاح السياسي مسؤولية مَن ؟
- لنعمل من أجل التسامح واحترام الآخر
- الآخر في قول سربست نبي
- الحوار أساس التفاهم والتواصل


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان بارودو - المثقف والعلاقة الجدلية بين الفكر والواقع