تشريع قانون النفط تشريه لصك العبودية

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1850 - 2007 / 3 / 10 - 13:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

وضعت الامبريالية الامريكية عشرات الخطط والمشاريع لاعداد الظروف الملائمة للهيمنة على ثرواتنا النفطية، الاداة الرئيسية لتركيع شعبنا واحكام استعباده ، منذ ثورة 14/تموز حتى يومنا هذا ، واخضعت شعبنا لمختلف اشكال الاختبارات وجربت كل ادوات التضليل والتعجيز ، وصاغت مختلف الشعارات : :النفط مقابل الغذاء، الذي لم يوقف الحصار الاقتصادي ولا قوافل الموت في ظل النظام الدكتاتوري والنفط مقابل السلام الذي لم يوقف الحرب لتركيع شعبنا بعد اربع سنوات ، واخيرا النفط مقابل الامن، الامن الذي خططت له ليدعم كل ادوات اضطراب الامن وادوات قمع لكل تحرك جماهيري وادوات تضليل لتشويه وعي الجماهير، بما سيوفره لقوات الاحتلال من امكانيات اقتصادية وسياسية وايديولوجية . ويحكم عبودية شعبنا بالفقر والجهل والمرض.
واستعدادا لتشريع هذا القانون، صعدت كل وسائل الاخلال بالامن من خلال خطتها الامنية ، وفرضت بحجتها، زيادة عدد قواتها مرتين متحدية معارضة الشعب الامريكي والراي العام العالمي المطالب بانسحابها ، مبررة ذلك بعدم رفض الحكومة العراقية ودون أي احتجاج او اعتراض من اية قوة سياسية . وفي ظل الخطة الامنية صعدت افضع اشكال العنف والهدم والابادة ، واعطائه طابعا طائفيا لاثارة الحرب الاهلية . وفي ظل الخطة الامنية عممت انتشارقواتها في جميع الشوارع والمحلات واستمرار تمشيطها للبيوت . واخيرا اقامة قواعد دائمة لها في مناطق تختارها مثل مدينة الثورة والاعظمية. فضلا عن استقدام قوات كردية الى بغداد بهدف اثارة الخلافات الاثنية الى جانب الطائفية.
ولاشغال الرأي العام العراقي والعالمي ، في اول يوم لافتتاح البرلمان قررت بدء المؤتمر الدولي. ان هذا المؤتمر بكل مكوناته وبرامجه المتضاربة وكل الامال المعقودة عليه التي لخصها الرئيس بوش وخبراؤه العسكرين والمدنين : انه مؤتمر اختبار لنوايا سوريا وايران للمساهمة في تحقيق الامن في العراق!! وافاض وزير خارجية العراق ووكيله في امكانية مساهمته في تحقيق الامن والتنمية في العراق!! هذه الاحلام التي تحت لوائها تمت جميع الكوارث التي يتحملها شعبنا، ان هذا المؤتمر سوف لايختلف عن جميع المؤتمرات السابقة واللاحقة التي تعقد في ظل الاحتلال.
وفي هذه الايام يسهم مجلس النواب والشيوخ الامريكي ، في اشغال الرأي العام الامريكي والعالمي بمختلف التصريحات المتضاربه، ويثير قلق ادواته السياسية في العراق . ويعززها بوش ومستشاروه المدنيين والعسكرين ، بتهديد حكومة المالكي ، بعد ان انهت مهمتها بالموافقة على القانون وتقديمه للبرلمان. وطرح مختلف المشاريع وفي مقدمتها مشروع علاوي ، خليفة صدام ، وجزار الفلوجة والنجف، لتنفيذ العملية السياسية الثانية ، بعد انتهاء مهمة العملية السياسية الاولى التي استمرت اربع سنوات، ولم يبقى من مهامها الا مهمة تشريع الهيمنة على النفط.
ولا يمكن تقدير مهام ومدة التي يتطلبها تنفيذ العملية السياسية الثانية . وحسب تصريحات المستشارين العسكرين والسياسيين الامريكان . سيجري حل البرلمان الحالي وفرض الاحكام العرفية لمدة سنتين للاعداد لانتخابات جديدة.
وتمر كل هذه الخطط والمشاريع دون ان تعرض أي قوة سياسية حتى الان خطة وطنية لمواجهة هذا الخضم من الخطط والمشاريع لتشريع صك عبودبة شعبنا وادامة سعير الجحيم الذي يعيشه. ان التبرير المفضوح في تجنيب شعبنا المزيد من الضحايا لايمكن تمريره اليوم وحرب الابادة الشاملة لم توفر احدا بدون أي نضال اومقاومة . ان تشريع هذا القانون، بدون مقاومة سيديم حرب الابادة هذه فضلا عما يلحق شعبنا ولاسيما قواه السياسية العار ويشوه امجاده التاريخية.
اين الفعاليات الجماهيرية التي هزمت ادوات الامبريالية من قوى حكومات رجعية ومعاهدات واتفاقيات استرقاقية ، بما فيها اتفاقيات النفط ، وفرضت تطهير وطننا من اخر جندي بريطاني بعد ثورة 14/تموز. اين الدور الطليعي لعمالنا ، ودورهم المقرر في كل انتفاضات شعبنا وانجازات ثورة 14/تموز. كم كان مبهجا مبادرة اتحاد نقابات عمال النفط في البصرة في التصدي لهذا القانون ولكنهم ركزوا على مواجهة تنفيذه ، بحرق الارض التي تطأها اقدام الشركات الاحتكارية الاجنبية، وكان من المؤمل اعداد برنامج للحيلولة دون تشريعه ايضا. وبإمكانهم اليوم، بتوافدهم على بغداد وتظافرهم مع جميع عمال العراق والجماهير، محاصرة البرلمان والحيلولة دون تشريع القانون . وفي معارك كهذه سبق ان خاضها شعبنا استطاع كسب الكثير من القوى العراقية المترددة والمرعوبة ، بل وحتى من القوى العراقية التي استطاع الاحتلال بمختلف وسائله من تسخيرها ضد الشعب لقمع نضالاته . ففي انتفاضة كانون 1948 ارتدت قوات الشرطة امام زحف الجماهير، الامر الذي دفع الحكومة لمواجهة انتفاضة عام 1952 بانزال الجيش الذي رفض بدوره الاوامر باطلاق النار على الجماهير، الامر الذي عزز الثقة بين الجماهير والجيش . وكانت هذه الثقة الدعامة القوية لثورة 14/ تموز. ومن المؤمل ان يبادر اليوم الكثير من اعضاء البرلمان وهم امام خيار تاريخي وتقرير مصيرهم اما بالاصطفاف مع قوى الشعب برفض تشريع القانون اوقبوله باي شكل كان، مع قبول الاصطفاف مع عبيد الاحتلال، يلاحقهم العار وعقاب الشعب والتاريخ.
ان الشعب العراقي وكل فرد فيه وكل منظمة اجتماعية او حزب سياسي ، اليوم وليس غدا، امام مسؤولية تاريخية لانقاذ شعبنا ومصير اجيالنا من العبودية فضلا عن انقاذه من عار عدم مقاومة صك عبوديته ، وتشويه تاريخه المجيد ودوره الطليعي المعاصر في مقارعة اعتى اعداء البشرية وكل ادواتها ، الامبريالية الامريكية ، قطب العولمة الراسمالية .

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات