أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أسعد أسعد - نهرو طنطاوي يبدأ سياحة رُوحية في خُطي الاسكندر الاكبر ..... فهل سيعود لنا بالهيلينيّة الجديدة ... (أولا: إدراك الله)















المزيد.....

نهرو طنطاوي يبدأ سياحة رُوحية في خُطي الاسكندر الاكبر ..... فهل سيعود لنا بالهيلينيّة الجديدة ... (أولا: إدراك الله)


أسعد أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 1844 - 2007 / 3 / 4 - 06:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الاستاذ الشيخ نهرو الذي صارت له في قلبي محبة و مكانة خاصة فأنا أعشق كتاباته و آرائه و أبحاثه كثيرا و أختلف معه أكثر , و هو قد بدأ يأخذنا في رحلة من السياحة الدينية إلي الشرق الاقصي بداية من إيران الفارسية و الهند و الي أقصي بقاع الصين و اليابان شرقي آسيا يستكشف فيها ما جهلته البشرية من أنبياء و كتب و ديانات إكتشف الشيخ نهرو أنها من عند الله - بالرغم مما يظنه من عدم إرتباطها بالديانات الشرق أوسطية أي الاسلام و المسيحية و اليهودية.
و الشيخ نهرو في رحلته هذه يسير علي خُطي الاسكندر المقدوني الذي ترك الفلسفة اليونانية خلفه و راح يسعي نحو الشرق ليسبِرَ أغوار أسراره و دياناته و فلسفاته و يغنم منها ما يثري به حياة الفكر اليوناني التي كانت قد بدأت تسود علي حوض البحر المتوسط , فخرج بجيشه لا ليُخضِع و يضم بلادا الي سُلطة أثينا أو مكدونية- كما يظن البعض - بل خرج يبحث عن آلهة و معبودات و حضارات و ثقافات و نظرات الي الحياة تختلف عن أرسطو و أفلاطون و من سبقوهم , و لكي يُضيف الي دَيانا و مارس و أبوللو و كيوبيد و أفروديت و كبيرهم ثيوس ما سيغنَمه من فكر فارس و الهند و الصين و اليابان.
و نهرو لا يركب الخيل و يسوق العجلات الحربية بل سَلّح نفسه وجعل جيشه الذي سيغزو به الشرق الاقصي مجموعة من المراجع العربية و المترجمة لتأخذه هذه في سياحة دينية لعَلّه بما يكتشفه يُضيف الي عيسي و موسي و محمد أخوة جُدد يُثري بهم الفكر العربي و خاصة الاسلامي منه , و هو بهذا يُصر علي أن يتجاهل أزمة الفكر العربي المختلف عن الفكر اليوناني (وهذا هو السر في أزمة الفهم بين العقيدة المسيحية و العقيدة الاسلامية العربية) و أن الفكر العربي في غالبيته العاميه لا يعبأ بعيسي و موسي و محمد , الا بما يأتي به الدين من زينة في الحياة الدنيا و متعة في الاخرة , و لن يحصل ذلك الا بالدين العربي الذي صليبه السيف و ناموسه الفرس و تكبيره هو للغنائم و الاسلاب و السبايا و سُك علي دين عيسي و موسي و محمد و براهما و بوذا و زرادتش, و بدلا من أن يرتقي الفكر العربي و يسمو الي الله و الي حضرته و الي قضاء الابدية كلها معه إنحصر فكر العرب عن الله في كيف يهربون من عقابه و يتقون غضبه و يفلتون من نار جهنمه , ثم كيف يبتغون جنته و يفوزون بنعيمها و تمتعاتها و قصورها و سُك علي صحبة الله و ملائكته و أنبيائه.
و أنا أتابع كتابات الشيخ نهرو في مجالات كثيرة تطرّق اليها , وفي هذا المجال تابعته مرورا بمحاولات تعريفه للذات الالهيه الي نقده للاسلام الشيعي و إتهامه بالارثوذكسية و الاسلام السني و إتهامه بالكاثوليكية , و محاولات التعرف علي ما هو العقل ثم محاورات و مجادلات عن نفسيّة و أمريكيّة وفاء سلطان , إلا إن هذا الذي بدأ الشيخ نهرو يخوض فيه أخيرا قد أثار دهشتي ليس لان الموضوع غريب لكن لان الشيخ نهرو لم يستشر الكتاب المقدس الذي قال أنه يحتفظ بثلاث نسخ منه , لأنه لو إستشار الكتاب المقدس لكان قد حصل منه علي معلومات مدهشه عن الدين و علاقة الانسان بالذات الالهية سواء تحت قيادة الانبياء أو بعيدا عنهم , و من ثم فقد إستبعده من قائمة مراجعه التي سيعتمد عليها ربما لانه قد أفتي مسبّقا بتحريف كل الديانات (يقصد الاسلام و المسيحية و اليهودية) و هو بهذا لا يريد أن يدخل في جدل جانبي عن عدم تحريف المسيحية و سلامة عقائدها و صحة الكتاب المقدس و سلامة نصوصه الذي طالما أقر الشيخ نهرو في أكثرمن مجال و مناسبة أنه لا يعتقد بتحريفه.

و هنا وجدت نفسي مندفعا لكي ألحَق بصديقي العزيز في مغامرته الشيّقة هذه , لكني لن أصطحب معي الا الكتاب المقدس و القرآن الكريم لانه لابد لنا من الدخول الي الموضوع من زاوية النصوص الكتابية و أنا أرجو أن أتجنب المصطلحات اللاّهوتيه , و ساستعين ببعض الايات القرآنية حتي يسهُل للقارئ سواء من الخلفية المسيحية أو الاسلامية إدراك بعض ما سيغمُض عليه و ما قد يثير دَهشته من كتابات صديقي العزيز الشيخ نهرو , و سأترك له بقية المراجع و آراء الباحثين لعله يستنتج منها كيف عرف الانسان الله؟ و هل أرسل الله بوذا و كنفوشيوس و زرادتش لهداية شعوب الشرق الاقصي؟ و الاهم مِن هذا هو: هدايتهم الي ماذا؟
و في أمر الطبيعة الدينية لإدراك الله (أي إعتقاد الانسان فطريا بوجود كائن أعلي من البشر في الصّفات و القُدرات يشاركهم وجودهم و يتفاعل معهم بصورة أو بأخري) هذا الادراك الطبيعي هو غريزة في الانسان , فلقد تحدّث سليمان إبن داود عن الله و الخليقة و الانسان فقال "صنع الكلّ حَسنا في وقته و أيضا جعل الابديّة في قلبهم التي بلاها لا يُدرك الانسان العمل الذي يعمله الله من البداية الي النهاية"(جامعة 3: 11) فها هو سليمان يقول أن هناك في تركيب الانسان بالخليقة من الله شئ أو خاصية وضعها الله فيه ضمن طبيعته البشرية سماها سليمان الابدية , و ممكن أن نسميها بلغتنا العصرية جهازا أو طبيعة روحية بواسطتها يدرك الانسان بالطبيعة أو بالفطرة الله و أعماله حتي بدون أنبياء ولا كتاب , فالله الاله الخالق مُدرَك لجميع البشر من البداية الي النهاية لان معرفة الله و الاحساس بها جُزء من الضمير البشري , و لتفسير ذلك و سببه أو لماذا كان الانسان كذلك؟ و من أين جاء سليمان بهذا الكلام؟ فالاجابة في سفر التكوين في أول أصحاح و هو أصحاح الخليقة "و قال الله نعمل الانسان علي صورتنا كشبهنا . فيتسلطون علي سمك البحر و علي طير السماء و علي البهائم و علي كل الارض و علي جميع الدبابات التي تدب علي الارض. فخلق الله الانسان علي صورته. علي صورة الله خلقه. ذكرا و انثي خلقهم. و باركهم الله و قال لهم أثمروا و أكثروا و املاوا الارض و اخضعوها"(تكوين 1: 26 - 28) ثم عن تفصيل خليقة آدم يقول كاتب سفر التكوين "وجبل الرب الاله آدم ترابا من الارض . و نفخ في أنفه نسمة حياه. فصار آدم نفسا حية. و غرس الرب الاله جنة في عدن شرقا. و وضع هناك آدم الذي جبله.... و أخذ الرب الاله آدم و وضعه في جنة عدن ليعملها و يحفظها" (تكوين 2: 7 - 15) فهنا نري أن الانسان مخلوق علي صورة الله الذكر و الانثي كلاهما و أن الحياة التي فيه هي نفخة مباشرة من الله إختصّه بها الخالق دون بقية الخليقة , مما يوضّح إرتباط الانسان الطبيعي بالله ليس بالخليقة المادية فقط -أي بتكوينه و تشكيله من التراب لأن الله خالقه - بل بالروح الذي فيه من الله , و طبيعة الانسان في تكوينه كما يوضّح لنا الكاتب هي علي "صورة الله" و سبب وجود الانسان علي الارض هو علي عكس المفاهيم التي يحاول البعض زرعها في أدمغتنا أي أن يصلي و يصوم و يسبح آلاء الليل و أطراف النهار و يؤدي فروضا دينيه قياما و قعودا , فالامر ليس كذلك بل بكل وضوح يقول الكتاب عن الغرض من خليقة الانسان هو: أن يتسلّط الانسان علي كل الارض و يخضعها , و في الجنة أن يعملها و يحفظها فكانت الجنة بالنسبة لادم بمفهوم لُغَتنا العصرية كانت هي غرفة العمليات التي من خلالها يُدير آدم شئون الارض التي وكله الله عليها , و كان الله لآدم مصدرا لمعرفتة الأدبية بالخطأ و الصواب , أي ما هو الخير و ما هو الشر و هو الذي جعل من هذه الجنة مكانا للشركة و ملتقاه مع آدم و المدرسة التي يعلّمه فيها شئون الكون.
و بتتبع آيات القرآن نجد نفس الصورة , فعن خلق آدم يقول "الذي أحسن كل شئ خلقه و بدأ خلق الانسان من طين"(السجدة 7) و عن سبب خلقه يقول القرآن "و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة"(البقرة 30) و عن الصورة التي خلق عليها الانسان يقول "لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم"(التين 4) و أيضا "ثم سواه و نفخ فيه من روحه"(السجدة 9) و هي صورة تكاد تكون مطابقة لما جاء في الكتاب المقدس عن خلق الانسان و كيفيته و الشبه الذي خُلق عليه و السبب الذي من أجله خُلق.
لكن كلّنا يعلم مسلمين و مسيحيين أن الامر لم يدم هكذا طويلا, فالكتاب المقدس يخبرنا أن الله قد جعل في الجنة شجرتين واحدة سمّاها شجرة الحياة لكي يأكل منها الانسان و يحيا الي الابد و الاخري هي شجرة معرفة الخير و الشر. و قد أوصي الله الانسان الا يأكل منها و حذره قائلا "لانك يوم تأكل منها موتا تموت"(تكوين 2: 17) و هذه الشجرة قد أُعطيت للانسان لكي تظهر حرية إرادته , فإما أن يأكل منها ليكون هو الذي يقرر لنفسه ما هو الخير و ما هو الشر - أي يضع شرائعه لنفسه - أو أن لا يأكل منها و يعتمد علي شركته مع الله و يجعل الله هو مرجعيته في تقرير الخير و الشر , فيرتبط الانسان بإرادته الحرة مع الله و لا ينفصل بذاته عنه , و لأن الانسان في أول وجوده آمن بكلام الله فبقي زمانا في الجنة لا يأكل منها لكن لما قال له الشيطان لن تموت فصدّقه و آمن به آدم و حواء كلاهما , فأكلا منها بُناء علي إيمانهما الجديد الذي كذّب الله و صدّق الشيطان فالنتيجة أنه تم طردهما من الجنة حتي لا يستمرا في الاكل من شجرة الحياة فسري الموت في جسديهما و ماتا بعد أن بدءا في إنجاب النسل البشري ليعيش المأساة من بعدهما علي الارض من دون حق الدخول الي غرفة العمليات أي جنة عدن التي صارت ممنوعة عليهم , و نفهم فيما بعد أنه تم تدمير العالم المعروف آن ذاك بالطوفان بما فيه جنة عدن القديمة التي كان موقعها كما يقول بعض الباحثين قرب أرض العراق الحالية.
فالانسان الاول يعرف الله بالخليقة و قد نقل هذه المعرفة الي نسله بالشهادة عن تجاربه مع الاله الخالق التي كانت تجد لها مجال من المصداقية في ضمير الانسان المولود من النسل الادمي, و هكذا إنتقلت معرفة الله عَبر أجيال البشرية أولا بمعاملات الله المباشرة مع أشخاص مثل آدم أول إنسان ثم ولديه ثم أخنوخ سابع النسل البشري من آدم , و من قبله إبني آدم قايين و هابيل ثم نوح الأب الجديد للبشرية كلها , و بعد نوح إبتدا النسل البشري يتفرق في الارض كلها و كل واحد يحمل في ذاته خاصية الاحساس أو الايقان بالاله.
الا أنه قد ظهرت أعراض غريبة علي الانسان قال عنها الله "و رأي الرب إن شر الانسان قد كثر في الارض. و إن كل تصور افكار قلبه إنما هو شرير كل يوم"(تكوين 6:5) و هذه العبارة عن الانسان "تصوّر أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم" توضح جليا إن الانسان إبتدأ يبتعد عن الاعلان الالهي أو الصلة المباشرة بينه و بين الله التي كانت في ذلك الوقت بالوحي و إبتدأ يلجأ الي تصورات أفكار قلبه, و هذه كانت شريرة أي بعيدة كل البعد عن الحق الالهي لانها نابعة من ذاته و معرفته المنفصلة عن الله , فابتدأ الانسان يتصور الله بدلا من أن يسعي لمعرفته شخصيا و إبتدا الانسان يتصور مبادئ و ديانات و طقوس بعيدة كل البعد عن الحق و الواقع الالهي , و إبتدا الانسان يسيطر علي الارض و يدير شئونها حسب معرفته و ليس حسب المعرفة التي أرادها له الله فأفسد الارض و عاث فيها فسادا فكان الطوفان و إنتهي هذا الطور من حياة الانسان علي الارض.
إلا أن هذا الفكر المبتعد عن الله و المعتمد علي تصورات القلب لم يفارق أولاد نوح و ذريتهم من بعدهم , و يعرض لنا الكتاب المقدس سلسلة نسل نوح و قبائلهم و ذلك في الاصحاح العاشر من سفر التكوين الذي ينتهي بهذه العبارة "هؤلاء قبائل بني نوح حسب مواليدهم و من هؤلاء تفرقت الامم في الارض بعد الطوفان"(تكوين 10: 32) . ثم حدثت المأساة لأن الانسان قال "هلمّ نبني لأنفسنا مدينة و برجا رأسه بالسماء. و نصنع لأنفسنا إسما لئلا نتبدد علي وجه كل الارض"(تكوين 11: 4). و هذا الأمر يدل علي شيئين , أولا: إن البشر بدلا من أن يتوبوا- أي يرجعوا عن تصورات أفكارهم- و يقيموا علاقة جيدة مع الله و يسلكوا بحسب مشورته و حقيقة إعلانه لهم عن ذاته فإنهم قرروا أن يبقي الحال كما هو عليه و أن يهربوا من أي غضب يأتي عليهم , و ذلك الهرب بحسب تصوّرهم يكون ببناء هذا البرج العالي لكي يلجأوا اليه في حاله فيضان آخر , و هذا العمل معناه أن يمارس الانسان الشر و في نفس الوقت يهرب من عاقبته. و ثانيا: يدل بناء هذا البرج علي إنعدام الثقة في الله و الايمان بكلامه لأن الله بعد الطوفان وعد نوح و نسله أنه لن يرسل طوفان الماء مرّة أخري ليغرق كل الارض كما فعل "أقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد أيضا بمياه الطوفان. و لا يكون أيضا طوفان ليخرب الارض"(تكوين 9: 11). و هذا لم يصدقه أولاد نوح فكانت النتيجة "فبددهم الرب من هناك علي وجه كل الارض. فكفوا عن بنيان المدينة"(تكوين 11: 8).
و هكذا تفـرّعت كل قبائل البشر الي كل الارض فذهب البعض ليعيشوا علي ضفاف الانهار و البعض في سفوح الجبال و البعض في غابات و البعض في صحاري و البعض في مناطق حارة و البعض في مناطق باردة. و إبتدأ بناء المدن و إبتدأت الممالك الارضية التي كان يحلم بها الانسان لمجد نفسه و لِتَلَذُّذ و تنعّم ذاته دون أي إعتبار للعناية بالارض و المخلوقات الاخري كما هو مفترض فيه, الذي هو سبب خليقته و وجوده علي الارض فبدأ يمارس الشر الذي ظهر في أخويه الاولين قايين و هابيل , فقام و قتل و نهب و إغتصب و تصوّر لله أشكالا بل و تصور الالوهية بأنماط مختلفة , و هو كان بلا عُذر فكانت الابدية التي وضعها الله في قلبه تُخبره بأمور الله إلا أنه أصر علي إتّباع تصور أفكار قلبه, فالحرب لها اله و الشر له اله و الخير له اله و الحصاد له اله و الجمال له اله و التكاثر له اله و الحكمة لها اله و الصيد له اله و الحياة لها اله و الموت له اله ..... اله ... إله... إله ...
و السبب أن طبيعة إدراك الاله موجوده ضمن خصائص شخصية الانسان الذي فُطِر عليها إلا أنه قرر أن يتبع تصوّر أفكار قلبه لمعرفة هذا الاله بدلا من أن يتفاعل معه فيعلن له هذا الاله عن ذاته. و الله لم يترك الانسان هكذا فبولس الرسول يشرح هذا الامر فيقول"لأن غضب الله معلن من السماء علي جميع فجور الناس و اثمهم(ليس علي الانسان بل علي فجور الانسان) الذين يحجزون الحق بالاثم. اذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم. لأن أموره غير المنظورة تُري منذ خلق العالم مُدرَكة بالمصنوعات قُدرته السرمدية و لاهوته حتي أنهم بلا عذر. لأنهم لما عرفوا الله لم يمجّدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم و أظلم قلبهم الغبي. و بينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء. و أبدلوا مجد الله الذي لا يفني بشبه صورة الانسان الذي يفني و الطيور و الدواب و الزحافات. .... الذين إستبدلوا حق الله بالكذب و إتقوا و عبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك الي الابد آمين"(روميه 1: 18 -25).
و هكذا نستطيع أن نقول إن إدراك الانسان لوجود اللاهوت مُثَبت بالفطرة في القلب و الوجدان و الضمير البشري الانساني , فلا توجد حضارة لم تترك خلفها آثارا لهيكل أو معبد أو مذبح لعبادة إله أو آلهة, لكن الانسان يُصر علي أن يتبع تصوّرات أفكار قلبه عن اللاهوت ما هو؟ أو من هو؟ بدلا من أن يخضع للاعلان الالهي البادي في كل ماحوله عن الله الحقيقي الذي يُظهر نفسه للانسان في الخليقة بكل شواهدها من السماوات و المجرّات الكونية , الي طبيعة الارض و تكوينها و مخلوقاتها ,الي ذات الانسان و دقّة خليقته و حياته , الي المخلوقات المجهرية التي بدأ الانسان يراها أخيرا , و حتي التي يدرك وجودها ولا يستطيع أن يراها, كل الخليقة تتحدث عن ذلك المُبدع القدير و المهندس العظيم الذي أبدع هذا الكون و يديره بكل دقة و حكمة , و بدلا من أن يبحث الانسان عن الاله الخالق الذي هو وراء هذه الخليقة , بدأ الانسان بتصوراته يبحث عن خالق أو صورة له من بين هذه الخليقة, فعَبَد الانسان الخليقة دون خالقها, و لمّا تطورت الحضارة البشرية و بلغ الانسان من العلم الكوني شأوا عظيما كَفَر بالخالق و الخليقة و عَبَد ذاته و علمه , ثم كَفَر حتي بعلمه و إكتفي بعبادة ذاته و شهواته.
و هنا نستطيع أن نقول إن الانسان يدرك الله بثوابت و رواسي دبّرها الله له , أوّلها الفطرة الروحية التي خلقه عليها, و ثانيها الخليقة التي أوجده فيها , و ثالثها الاعلان المباشر من الله الي الانسان, و يقول الكتاب المقدس عن الله إنه لا يترك نفسه بلا شاهد (أعمال 14: 17).
فجميع قبائل الارض و شعوبها في مختلف عصورها و أزمنتها كُلّ إنسان فرد فيها يُدرك وجود الخالق الله أمّا من هو الله هذا فهذا ما سنتكلم عنه في المقالة القادمة.




#أسعد_أسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور و لعبة شد الحبل بين المسلمين و المسيحيين ..... لمّا ...
- هويدا طه .... قضية أمن دولة رقم 11 حصر أمن دوله عليا ..... إ ...
- الدستور المصري و قضية المادة الثانية ... اللّون الرمادي ماين ...
- هكذا أحب الله المسلمين ... فماذا يفعل المسيحيون المضطهدون .. ...
- كيفيّة الرد علي إضطهاد المسيحيين ... لأنه هكذا أحب الله المس ...
- الصراع الدائر بين بطّة وفاء سلطان و عنزة نهرو طنطاوي .... نف ...
- الوثيقة الاسلامية التي ينتظرها الاقباط المسيحيون
- لماذا يُصر العرب علي إنكار صليب المسيح و رفض إنجيله الصحيح ؟ ...
- الحوار المتمدن تهنئة و تمنيات
- الاسلام الصحيح المبني علي التوراة و انجيل عيسي المسيح
- التعامل مع الواقع .... فاروق حسني يجب أن يذهب
- رد علي تعقيب الاستاذ نهرو طنطاوي في مسألة تحريف المسيحية
- بين إجتهاد الشيخ عمرو خالد في التدريس و حقيقة القس سامح موري ...
- رد علي الدكتور أيمن الظواهري: الاسلام الصحيح لا يناقض المسيح ...
- رد علي الاستاذ الشيخ نهرو طنطاوي في مسألة من هو المسيح
- النصرانية و القبطية بين المسدس و الكتاب المقدس
- بحسب اللغة العربية و القرآن و المفهوم العربي .... المسلمون ل ...
- جمال مبارك أول رئيس للجمهورية المصرية الثانية
- الدستور المصري القادم بين الاسلام و الجزية و السيف
- لعبة التلات ورقات الامريكية ...السنيورة ... نصر الله ... أول ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أسعد أسعد - نهرو طنطاوي يبدأ سياحة رُوحية في خُطي الاسكندر الاكبر ..... فهل سيعود لنا بالهيلينيّة الجديدة ... (أولا: إدراك الله)