أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فضيلة يوسف - ضحايا الجدار














المزيد.....

ضحايا الجدار


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1843 - 2007 / 3 / 3 - 08:56
المحور: القضية الفلسطينية
    


جدعون ليفي - هآرتس
مترجم
عبر الشارع أحاط جدار سلكي ألأراض التابعة للمطار في عطروت ( قلنديا ) والمسمّى مطار القدس الدولي وعلى طول الجدار تمتد قناة وقع فيها الصبي تبعاً لشهود العيان وبقي ينزف حتى الموت من طلقة أصابت ساقه اليسرى. هل كان يلعب كرة القدم وجرى لاستعادة الكرة كما قال رفاقه أم حاول قطع جزء من السياج وأخذ المعدن لمساعدة عائلته كما قال جيش الدفاع الإسرائيلي ، ما هو الفرق لكن السؤال المرعب كيف سمح جندي لنفسه بإطلاق النار على الصبي من مسافة بعيدة ثم تركه ينزف على الأرض حتى الموت ؟ ماذا كان يدور في عقل هذا الجندي لحظات قبل وبعد حرمان هذا الصبي من نعمة الحياة .لم يعرّض هذا المراهق حياة أحد ما للخطر وحتى لو لمس الجدار هل لمس الجدار من المحرمات .ثلاث جدران تحيط بأرض المطار وفي الأحد الأخير لم نر أي ثقب في أي منها بعد ثلاثة أيام من الجريمة .
يقتل الأطفال في هذه المنطقة قلنديا والمناطق المجاورة لها مثل الذباب وفي السنوات القليلة الماضية قتل ثمانية منهم على طول جدار الموت : ياسر (11سنة) وأخوه سامر (15 سنة )أبناء سامي كسبة قتلوا في شباط 2002
عمر مطر ( 14 سنة) في نيسان 2003 ، أحمد ابو لطيفة (13 سنة ) في ايلول 2003 ، فارس عبد القادر ( 14 سنة ) في كانون أول 2003 واليوم طه الغاوي في شباط 2007.
طه صبي جميل من القدس ويحمل هوية زرقاء مثلنا لم يكمل السابعة عشر من عمره كان فتى خلوق يذهب للصلاة مع والده في الصباح والمساء .ظهر في ملصقات حماس دم طه النازف وفي ملصقات فتح صورة طه الجميلة وفي كلا الملصقين صورة المسجد الأقصى : مشهد نادر للوحدة الوطنية الفلسطينية في هذه الأيام.
في قاعة واسعة في مقهى البارادايس في كفر عقب التي يدفع سكانها الضرائب لبلدية القدس وبقيت على الطرف الآخر للجدار جلس الرجال للعزاء وقبل اسبوعين حضرنا نفس المشهد ونفس العزاء في عناتا حيث قتل حرس الحدود الطفلة عبير ( 11 عام ).
عمل محمود والد طه في بلدية القدس 11 عاماً كآذن لإحدى المدارس حتى تم إجباره على التقاعد المبكر قبل أشهر يبلغ عمره 48 سنة وله ستة أطفال ولتدبير معيشته يملك محمود كشكاً لبيع الحلويات على حاجز قلنديا وقد انتقل الى كفر عقب من البلدة القديمة في القدس قبل ثلاث سنوات .
ذهب محمود في ذلك الخميس الى مكتب التأمين الوطني في القدس لترتيب أمور إنهاء خدماته وكان صباحاً حراً لطه الذي لا يذهب للمدرسة يوم الخميس حيث اصبح الخميس عطلة رسمية من مدة قصيرة فقط ، كان طه في الصف العاشر في مدرسة مقابل المسجد الأقصى وكانت رحلته من كفر عقب إلى المدرسة تستغرق 40 دقيقة ذهاباً ومثلها إياباً عبر الحاجز في الظروف العادية .
اراد طه أن يعمل في الطباعة وكان ضعيفاً في اللغة الإنجليزية قبل أيام تحدّث والده معه قائلاً :إٌذا أردت أن تعمل في الطباعة فعليك إتقان اللغة الإنجليزية والعبرية وقد فكّر في دراسة العبرية في معهد خاص .
في آخر خميس له تناول طه فطوره مع العائلة ثم ذهب يلعب الكرة مع رفاقه في ملعب على الطرف الآخر من طريق رام الله ( كلمة طريق تقود إلى سوء فهم فهو مسلك مملوء بالحفر والمطبات وعلى جانبيه النفايات وتتحرك السيارات فيه ببطء ).
قال رفاق طه لوالده المكلوم دقائق بعد الحادث في بداية اللعب وقعت الكرة عبر الشارع وذهب طه لاستعادتها وسمعنا بضع طلقات قادمة من بناية غير مكتملة قرب الملعب لقد رأينا جنوداً على سطح البناية التي لا يوجد فيها جنود في العادة وانهم هربوا خائفين وقد شاهدوا طه يسقط في القناة ولا يعرف احد ماذا حدث بعد ذلك.
عندما وصل محمود واخوه كمال إلى مكان الحادث أخبرهم الناس المتجمعين أن طه نقل إلى مستشفى رام الله وقد ذهب كمال إلى المستشفى وبقي محمود مع العائلة لتهدئتها وهناك اخبروه أن طه توفي لحظة وصوله وقد شاهد كمال جثة ابن أخيه مصاباً بطلقة واحدة أعلى الركبة . والطلقة في الساق لا تسبب الموت الا إذا نتج عنها نزيف حاد قال رفاق طه لوالده ان الجنود وصلوا إلى المكان لرؤية ضحيتهم بعد ساعة كاملة وأخذوه إلى حاجز قلنديا حيث نقل في سيارة إسعاف فلسطينية إلى مستشفى رام الله ( رغم ان طه يعتبر اسرائيلي ).
اتصل كمال بمحمود والعائلة ليلحقوا به إلى مستشفى رام الله ودفن طه في مقبرة قرب شارع صلاح الدين في القدس الشرقية في نفس الليلة .
كنت دائماً أتأكد ان أولادي معي حافظت عليهم مثلما أحافظ على عيوني، إنهم هادئون طيبون لا يفتعلون المشاكل مع احد ويتعلّمون هكذا يتحدث الناس عن أولادي كان طه يذهب إلى النت كافيه أو إلى مسبح كازابلانكا في رام الله وغير ذلك يكون دائماً معي .
الناطق بلسان جيش الدفاع قال في نشرته الصباحية إن أربعة من الصبيان من مخيم قلنديا حاولوا قطع الأسلاك الشائكة في الجدار الأمني وان الجيش أطلق النار على الجزء الأسفل من جسم احدهم وأصابه في ساقه وبعد دقائق وصل الفريق الطبي الذي حاول علاج الصبي لكنه لم ينجح .
ما اهمية ان نعرف ماذا كان يفعل قرب الجدار صبي بعمره لا يشكل خطراً على الجنود إنه خجول هادئ وحتى لو حاول قطع الاسلاك لماذا يقطعها اصلاً قال والده.
ذهبنا مع محمود إلى الملعب القاتل إنه فارغ الآن رغم وجود عدد كبير من السكان حوله وقفنا على الطريق ونظرنا الى الجدار من بعد والى القناة حيث نزف طه حتى الموت وخلال ثوان خرجت دورية من حرس الحدود من منطقة المطار فتفرقنا في هلع.



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لونا العراق : اغتصبت ولم تظهر على الفضائيات
- العراق : عملية إعادة البناء بالتجربة والخطأ
- أشباح أبو غريب
- اليورانيوم المنضّب ( القاتل الخبيث يواصل القتل )
- النساء في الهند :أمّهات للبيع- امّهات للحظات
- غزة :حلقات الجحيم
- العراق : أطفال الحرب
- النساء في أفغانستان - لا توجد مساواة
- ألأطفال العراقيون ذوي الاحتياجات الخاصة يفتقدون الدعم
- اللاجئون العراقيون المنسيون
- إعادة بناء أفغانستان 2
- إعادة بناء أفغانستان 1
- هل كانت الحرب على العراق كارثة؟(2
- هل كانت الحرب على العراق كارثة؟
- في العراق رعاية صحية هاي - تك ناقص الرعاية الصحية 4
- في العراق رعاية صحية هاي – تك ناقص الرعاية الصحية (3)
- في العراق –رعاية صحية هاي –تك ناقص رعاية صحية
- يا يسار الشرق الأوسط صلّ على محمد وآل محمد - الى سالم جبران


المزيد.....




- كينيا: إعلان الحداد بعد وفاة قائد الجيش وتسعة من كبار الضباط ...
- حملة شعبية لدعم غزة في زليتن الليبية
- بولندا ترفض تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي -باتريوت-
- إصابة أبو جبل بقطع في الرباط الصليبي
- كيم يعاقب كوريا الجنوبية بأضواء الشوارع والنشيد الوطني
- جريمة قتل بطقوس غريبة تكررت في جميع أنحاء أوروبا لأكثر من 20 ...
- العراق يوقّع مذكرات تفاهم مع شركات أميركية في مجال الكهرباء ...
- اتفاق عراقي إماراتي على إدارة ميناء الفاو بشكل مشترك
- أيمك.. ممر الشرق الأوسط الجديد
- ابتعاد الناخبين الأميركيين عن التصويت.. لماذا؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فضيلة يوسف - ضحايا الجدار