شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8574 - 2026 / 1 / 1 - 00:54
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
-----------------------------------------------------------------------------------------
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 53 / أكتوبر 2025
https://www.4shared.com/s/f0cy-lRknfa
شادي الشماوي
الإقتصاد السياسيّ الماويّ و الطريق الثوريّ إلى الشيوعيّة – كتاب شنغاي [ 1975 ]
http://www.bannedthought.net/China/MaoEra/PoliticalEconomy/FundamentalsOfPoliticalEconomy-Shanghai-1974-English.pdf
نُشر بمقدّمة و كلمة ختاميّة لريموند لوتا – بانر براس ؛ نيويورك 1994
ريموند لوتا إقتصادي سياسي ماويّ كتب و حاضر كثيرا حول المسائل الإقتصاديّة و السياسيّة العالميّة و كذلك حول الثورة اشتراكيّة و تشتمل كتبه " إنهيار أمريكا " و " الإتّحاد السوفياتيّ : إشتراكيّ أم إمبرياليّ – إشتراكيّ ؟ " و " و خامسهم ماو ".
--------------------------------------------------------------------------------------------------
الكتاب كاملا بنسخة بى دى أف متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن
-----------------------------------------------
(This is not an official translation )
------------------------------------------------------------------------------------------------------
مقدّمة الكتاب 53 :
…
و المحتويات التفصيليّة لهذا الكتاب 53 ، فضلا عن هذه المقدّمة ، هي :
• ملاحظة الناشر
• مقدّمة لريموند لوتا
• إختصارات الأعمال المذكورة بصفة متكرّرة
1 : لندرس بعض الاقتصاد السياسي
2 : المجتمع الإشتراكي يدشّن عصرا جديدا في تاريخ الإنسانيّة
3 : النظام الإشتراكي للملكيّة هو أساس علاقات الإنتاج الإشتراكية
4 : إرساء علاقات تعاونيّة بين الناس وفق المبادئ الإشتراكيّة
5 : تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توفيرا / إقتصادا في النفقات
6 : الاقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط
7 : في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و الصناعة كعامل قيادي
8 : الإقتصاد في النفقات مبدأ هام في الإقتصاد الإشتراكيّ
9 : التبادل مظهر إقتصادي يربط الإنتاج بالإستهلاك
10 : المعالجة الصحيحة للعلاقات بين الدولة و المجموعات و الأفراد
11 : كيف يتمّ توزيع السلع الإستهلاكيّة الفرديّة في المجتمع الإشتراكي ؟
12 : التقدّم نحو الشيوعيّة
- كلمة ختاميّة لريموند لوتا
- قراءات مقترحة
- فهرست كلمات
محتويات الكتاب بشيء من التفصيل ( من إقتراح المترجم )
• ملاحظة الناشر
• مقدّمة لريموند لوتا
مقدّمة ريموند لوتا : الإقتصاد الماويّ و مستقبل الإشتراكيّة
- الماركسيّة و طبيعة الإشتراكيّة و بناؤها
- الإتّحاد السوفياتيّ : الإختراق و الحدود
- القفزة النظريّة الماويّة
- كتاب شنغاي : تاريخه و إرثه
• إختصارات الأعمال المذكورة بصفة متكرّرة
------------------------------------
الفصل الأوّل : لندرس بعض الإقتصاد السياسي
موضوع الإقتصاد السياسيّ
موضوع الإقتصاد السياسي هو علاقات الإنتاج
الإقتصاد السياسي هو الأساس النظريّ لصياغة الحزب لخطّه الأساسي
المزج بين النظريّة و الممارسة للتعلّم الجيّد للإقتصاد السياسي
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل الثاني : المجتمع الإشتراكي يدشّن عصرا جديدا في تاريخ الإنسانيّة
المجتمع الإشتراكي و دكتاتوريّة البروليتاريا
الثورة البروليتاريّة و دكتاتوريّة البروليتاريا شرطان لظهور علاقات الإنتاج الإشتراكيّة
لا يمكن لعلاقات الإنتاج الإشتراكيّة أن تظهر صلب المجتمع الرأسماليّ
جوهر " نظريّة قوى الإنتاج " هو معارضة الثورة البروليتاريّة و دكتاتوريّة البروليتاريا
المجتمع الإشتراكي مرحلة من الصراع بين الرأسماليّة المتداعية و الشيوعيّة الصاعدة
نظريّة التناقضات الأساسيّة في المجتمع الإشتراكي هي الأساس النظريّ لمواصلة الثورة في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا
التمسّك بالخطّ الأساسي للحزب لكامل المرحلة التاريخيّة الإشتراكيّة
يمثّل المجتمع الإشتراكي بداية صنع البشر للتاريخ عن وعي
القفزة الكبرى سموّ في تطوّر التاريخ الإنسانيّ
لنجعل البنية الفوقيّة تنهض تماما بالدور المبادر و لنستخدم عن وعي القوانين الموضوعيّة
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل الثالث : النظام الإشتراكيّ للملكيّة هو أساس علاقات الإنتاج الإشتراكيّة
النظام الإشتراكيّ لملكيّة الشعب بأسره و الملكيّة الجماعيّة / التعاونيّة للشغّالين
نظام الملكيّة الإشتراكيّة للشعب بأسره هو الأساس الإقتصاديّ لدكتاتوريّة البروليتاريا
يجب على البروليتاريا و الشغّالين أن يتحكّموا في وسائل الإنتاج
المصادرة و الشراء طرق لتركيز نظام ملكيّة الدولة الإشتراكيّ
نظام الملكيّة الإشتراكي للشعب بأسره يملك تفوّقا هائلا
لن يوجد تعزيز للإشتراكية دون مشركة الفلاحة
من الضروريّ تحويل الإقتصاد الفلاحيّ الصغير إلى إقتصاد فلاحيّ إشتراكيّ
التنظّم هو الطريق الضروريّ للتحويل الإشتراكي للإقتصاد الفلاحيّ الصغير
الكمونات الشعبيّة الريفيّة في الصين تطوّر هام في نظام الملكيّة الجماعيّة
عبر الصراع يتعزّز و يتطوّر نظام الملكيّة العامة الإشتراكيّة
الدرس الجدّي لإعادة تركيز الرأسماليّة في الإتّحاد السوفياتيّ
الصراع من أجل تعزيز الملكيّة العامة الإشتراكيّة و تطويرها
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل الرابع : إرساء علاقات تعاونيّة بين الناس وفق المبادئ الإشتراكيّة
موقع الناس و العلاقات المتبادلة بينهم في الإنتاج الإشتراكيّ
عرف موقع الناس في الإنتاج و العلاقات المتبادلة بينهم تغييرا جوهريّا
نظام الملكيّة العامة الإشتراكيّ شرط مسبّق لتركيز العلاقات الإشتراكيّة
تظلّ العلاقات الإشتراكيّة بين الناس تحمل الطابع الطبقيّ
الدور النشيط الضخم للعلاقات بين الناس
تعزيز العلاقات الإشتراكيّة و تطويرها في مسار الصراع
تطوير العلاقات بين الناس و التشجيع المتبادل بين الصناعة و الفلاحة
لنشجّع على " أسلوب لونغ - شيانغ " (*) و تطوّر علاقات التعاون الإشتراكيّة
الميثاق الممتاز الذى خطّته شركة أنشن للحديد و الفولاذ نموذج لمعالجة العلاقات المتبادلة بين المؤسّسات
التأثير الهائل للبنية الفوقيّة على تشكلّ العلاقات بين الناس
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
ملحق الفصل الرابع : أتباع الطريق الرأسماليّ هم البرجوازيّة داخل الحزب
الفصل الخامس : تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توفيرا / إقتصادا في النفقات
طبيعة الإنتاج الإشتراكيّ و هدفه و وسائل بلوغ هذا الهدف
غيّرت الملكيّة العامة الإشتراكيّة تغييرا جوهريّا طبيعة الإنتاج الاجتماعيّ
إنتاج العمل الإشتراكيّ في آن معا إنتاج إجتماعيّ و إنتاج سلعيّ
الإنتاج الإشتراكيّ وحدة بين سيرورة عمل و سيرورة خلق القيمة
يجسّد القانون الإقتصاديّ الجوهريّ للإشتراكيّة أكثر علاقات الإنتاج الإشتراكيّة جوهريّة
هدف الإنتاج الإشتراكيّ هو تلبية الحاجيات المتنامية أبدا للدولة و الشعب
القيام بالثورة و دفع الإنتاج
القانون الاقتصاديّ الأساسيّ للإشتراكيّة يحدّد كلّ المظاهر الكبرى لتطوّر الاقتصاد الإشتراكيّ
تطوّر الإنتاج الإشتراكيّ العالى السرعة وحدة بين الإمكانيّة الموضوعيّة و المبادرة الذاتيّة
يمكّن النظام الإشتراكيّ الإنتاج من التطوّر بسرعة لم يشهد لها مثيل في المجتمع القديم
الخطّ العام بوصلة بناء الإشتراكيّة بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توفيرا / إقتصادا في النفقات
لنحقّق قفزة كبرى إلى الأمام في الإقتصاد الوطنيّ من خلال الإستقلال و التعويل على الذات
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل السادس : الإقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط
التطوّر المخطّط و المتكافئ للإقتصاد الوطنيّ
قانون التطوّر (*) و المخطّط يعدّل الإنتاج الإشتراكيّ
قانون التطوّر المخطّط نقيض قانون التنافس و الفوضى في الإنتاج
الإقتصاد المخطّط يبيّن تفوّق النظام الإشتراكيّ
يجب معالجة العلاقات التناسبيّة في الإقتصاد الوطنيّ معالجة صحيحة
لا يزال قانون القيمة يؤثّر على الإنتاج الإشتراكيّ
التخطيط في المقام الأوّل و السعر ثانويّ
بينما توجد حاجة لإستخدام قانون القيمة ، توجد حاجة إلى تقييده
يجب على المخطّط الإقتصاديّ الوطنيّ أن يعكس متطلّبات القوانين الموضوعيّة
يجب على المخطّط الإقتصاديّ الوطنيّ أن يعكس متطلّبات القوانين الموضوعيّة
التوازن العام * هو المنهج الأساسيّ لعمل التخطيط
إتّباع المبادئ الأساسيّة لعمل التخطيط
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل السابع : في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و الصناعة كعامل قياديّ
العلاقة المتبادلة بين الفلاحة و الصناعة الإشتراكيّتين
الفلاحة هي أساس الإقتصاد الوطنيّ
يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس لتطوير الإقتصاد الوطنيّ
المخرج الجوهريّ للفلاحة يكمُن في المكننة
في الفلاحة ، لنتعلّم من تاتشاي
يجب على كلّ التجارات و الصناعات أن تدعم الفلاحة بجهودها
الصناعة هي العامل القياديّ في الإقتصاد الإشتراكيّ
إطلاق العنان لدور الصناعة كعامل قياديّ
تحقيق التصنيع الإشتراكيّ بطريقة خطوة خطوة
في الصناعة ، لنتعلّم من تاتشينغ
المعالجة الصحيحة للعلاقة بين الصناعة و الفلاحة و تعزيز تحالف العمّال و الفلاّحين
لترابط الصناعة و الفلاحة في المجتمع الإشتراكيّ طبيعة مزدوجة
جوهر ترابط الصناعة و الفلاحة هو مسألة تحالف العمّال و الفلاّحين
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل الثامن : الإقتصاد في النفقات مبدأ هام في الإقتصاد الإشتراكيّ
ممارسة الإقتصاد في النفقات و المحاسبة الاقتصاديّة
الإقتصاد في النفقات ضرورة لتطوير الإقتصاد الإشتراكيّ
دلالة الإقتصاد في النفقات بالنسبة إلى تطوّر الإقتصاد الإشتراكيّ
النظام الإشتراكيّ يفسح المجال واسعا أمام الإقتصاد في النفقات
المحاسبة الإقتصاديّة وسيلة هامة لتطوير الإقتصاد الإشتراكيّ بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توفيرا
إستعمال المحاسببة الإقتصاديّة لبلوغ نتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توفيرا / إقتصادا في النفقات
الجماهير الكادحة هي سادة المحاسبة الإقتصاديّة
نظام المحاسبة الإقتصاديّة نظام تسيير للمؤسّسة الإشتراكيّة
يجسّد نظام المحاسبة الإقصاديّة العلاقات بين الدولة و مؤسّسات الدولة و العلاقات صلب مؤسّسات الدولة
تعزيز التسيير بنظام محاسبة إقتصاديّة في الكمونات الشعبيّة الريفيّة
المعالجة الصحيحة للتناقض بين الحساب بالقيمة الإستعماليّة و الحساب بالقيمة
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل التاسع : التبادل مظهر إقتصادي يربط الإنتاج بالإستهلاك
المبادلات و تبادل العملة في المجتمع الإشتراكيّ
للمبادلات الإشتراكيّة صفات خاصة و مميّزات و أدوار جديدة
مميّزات الأنواع الثلاث في المجتمع الإشتراكيّ
من الواجب محاصرة الحقّ البرجوازي في التبادل الإشتراكيّ و تقييده
تطوير التبادل السلعي الإشتراكيّ و دفع تطوير الإنتاج و تحسين معاش الشعب
يجب على التبادل السلعيّ الإشتراكيّ أن يتّخذ أشكالا مناسبة من التنظيم
جعل مفاعيل التجارة الإشتراكيّة تنهض بدورها تماما
يجب أن يكون المال خادما للتبادل الإشتراكي
في ظلّ النظام الإشتراكيّ ، يشرع المال في كسب خصوصيّات و أدوار جديدة
لنتمكّن من قانون تداول المال خدمة للبناء الإشتراكيّ
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل العاشر : المعالجة الصحيحة للعلاقات بين الدولة و المجموعات و الأفراد
توزيع و إعادة توزيع الدخل الوطنيّ الإشتركيّ
الدخل الوطني الإشتراكيّ ينبع من الشعب و يعود إليه
توزيع الدخل الوطنيّ يتناسب مع المصالح الأساسيّة للشغّالين
الدور الهام للتمويل العام في توزيع و إعادة توزيع الدخل الوطنيّ
ميزانيّة الدولة رابط مهمّ في النظام الماليّ
الإقتصاد يحدّد الماليّة و الماليّة تؤثّر في الاقتصاد
العلاقات التناسبيّة بين المراكمة و الإستهلاك هي عموما علاقات متناسبة
المراكمة الإشتراكيّة هي مصدر إعادة الإنتاج الموسّعة
يجب أن توجد نسبة صحيحة بين المراكمة و الإستهلاك
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل الحادي عشر : كيف يتمّ توزيع السلع الإستهلاكيّة الفرديّة في المجتمع الإشتراكي ؟
المبدأ الإشتراكيّ " من كلّ حسب قدراته ، إلى كلّ حسب عمله "
توزيع السلع الشخصيّة حسب المبدأ الإشتراكيّ ل " من كلّ حسب قدراته ، إلى كلّ حسب عمله "
" من كلّ حسب قدراته ، إلى كلّ حسب عمله " نفي / إنكار للأنظمة الإستغلاليّة
التوزيع حسب العمل يختلف قليلا جدّا عن المجتمع القديم
تجنّب نزعتين في توزيع السلع الإستهلاكيّة الشخصيّة
هناك شكلان أساسيّان من توزيع السلع الإستهلاكيّة الشخصيّة
نظام الأجر هو الشكل الرسميّ للتوزيع في إقتصاد الدولة
نظام نقاط العمل هو الشكل الرسميّ للتوزيع في الإقتصاد التعاونيّ الريفيّ
نقد و نبذ إيديولوجيا الحقّ البرجوازي و تغذية الموقف الشيوعيّ إزاء العمل
بناء الإشتراكيّة و بلوغ الشيوعيّة يتطلّب أن نغذّى الموقف الشيوعي إزاء العمل
عند تغذية الموقف الشيوعيّ إزاء العمل ، علينا نقد و نبذ الحوافز الماديّة
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
الفصل الثاني عشر : التقدّم نحو الشيوعيّة
من المجتمع الإشتراكيّ إلى المجتمع الشيوعيّ
الشيوعيّة تيّار تطوّر تاريخيّ لا يقاوم
المجتمع الإشتراكيّ مرحلة ضروريّة على طريق المجتمع الشيوعيّ
المجتمع الشيوعي هو المجتمع الأتمّ و الأكثر تقدّما و الأكثر ثوريّة و الأكثر عقلانيّة
الشيوعيّة الزائفة رأسماليّة حقيقيّة
بلوغ الشيوعيّة ثورة إجتماعيّة عميقة
المثابرة على مواصلة الثورة في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا هو الطريق الوحيد لبلوغ الشيوعيّة
التشبّث بالأمميّة البروليتاريّة و دعم الثورة العالميّة
أهمّ المراجع للدراسة
الهوامش
--------------------------------
- كلمة ختاميّة لريموند لوتا
نظريّة و ممارسة التخطيط الماوي : دفاعا عن إشتراكيّة فعّالة و ملهمة
مقدّمة :
– السياسة فى مصاف القيادةI
قيادة التطوّر الإقتصادي و قياسه :
التسيير و الإدارة و التحفيز بواسطة السياسة :
– المركزيّة و اللامركزيّة ، و مشكل المعلوماتII
الرأسماليّة و مشكل المعلومات :
اللامركزيّة الماويّة و تخطيط المناطق :
مرّة أخرى حول الإدارة المركزيّة و التنسيق المحلّي ، و المعلومات الإجتماعيّة :
التخطيط عبر الخطّ :
- القوانين الإقتصاديّة ، التوازن و مرونة المخطّطIII
ليس الإستقرار أسمى الأهداف :
مرونة المخطّط :
فهم أعمق للتوازن :
نجح و فتح آفاقا جديدة -IV
– أكثر فعاليّة من أيّ وقت مضى V
الهوامش :
- قراءات مقترحة
- فهرست كلمات
الإقتصاد السياسيّ الماويّ و الطريق الثوريّ إلى الشيوعيّة – كتاب شنغاي [ 1975 ]
نظريّة و ممارسة التخطيط الماوي : دفاعا عن إشتراكيّة فعّالة و ملهمة
http://www.thisiscommunism.org/ThisIsCommunism/ShanghaiTextbookAfterword.html
( كلمة ختاميّة ألّفها وأضافها ريموند لوتا لكتاب " الإقتصاد الماويّ و الطريق الثوريّ إلى الشيوعيّة " - كتاب شنغاي ؛ و قد سبق نشر البحث فى ربيع 1992 فى مجلّة " الثورة " ، مجلّة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، حينها .)
مقدّمة :
أيمكن لإقتصاد إشتراكيّ مخطّط أن ينجح حقّا و يحقّق تقدّما و يشق طريقا بعيدا عن اللامساواة و تشييئ المجتمع الطبقي للإنسان ؟
يدّعى إيديولوجيو الرأسماليّة أنّ الإقتصاد الإشتراكيّ لم ينجح فقط حينها و كلّما حاول لك ، بل لا يستطيع أبدا أن ينجح . و غالبا ما يقدّم سببان لذلك . أولا ، يقال إنّ الإقتصاد الحديث ببساطة معقّد جدّا للتمكّن من التخطيط له مركزيّا و تسييره بفعاليّة . فعلى المخطّطين أن يحصلوا على و يشتغلوا على قدر ضخم ن المعلومات التى لا يمكن التحكّم فيها . و يحاجج أنّه نظرا لأنّ ذلك غير ممكن فإنّ تخطيط الدولة الإشتراكية يؤدّى لا محالة إلى خطإ فى الحكم وإلى التبذير والبيروقراطية. و بالتالى ، عبر السوق الحرّة و التفاعل بين المؤسّسات المتنافسة فقط يمكن الحصول على معلومات إقتصاديّة يعوّل عليها و تكون منطلقا للعمل .
ثانيا ، يُقال إنّ الإشتراكيّة تصطدم بحواجز دوافع لا يمكن تخطّيها . لا يسير إقتصاد مخطّط بالحوافز و العقوبات التى تشجّع على سلوك الإقتصاد العقلانيّ ( إقرأوا الرأسماليّ ). إذا تمّ إلغاء المصلحة الخاصة ، لن تجد المؤسّسات دوافعا لتقتصد و تجدّد و تلبّى طلب المستهلك ؛ و سيكون على الأفراد أن يملكوا دوافعا للعمل بقوّة و للقيام بعمل جيّد .
و من ثمّة يكشف الخبراء البرجوازيّون غطاءهم : لا وجود لبديل عمليّ للسوق . و هذا ، يتمادون في المحاججة ، درس من دروس إنهيار الإتّحاد السوفياتي .
و مع ذلك ، قبل عشرين سنة ، كان ربع الإنسانيّة منخرطا فى جهد بارز لإنشاء مجتمع و إقتصاد مغايرين بعمق للرأسماليّة الإحتكاريّة الخاصة للغرب ، و إثر سنة 1956 ، لإحتكار الدولة الراسماليّة ( المقنّع بقناع الإشتراكيّة ) فى الإتّحاد السوفياتيّ السابق . و كان هذا يحصل فى الصين الإشتراكيّة . كان ملايين الفقراء و فاقدو السلطة قبلا يجتثّون عن وعي الإقطاعيّة و الرأسماليّة . و كان العمّال و الفلاّحون يشيّدون عن وعي نوعا مغايرا من المجتمع – مجتمع قائم على التعاون و الجماعيّة و النضال المشترك للتخلّص من الإنقسامات الطبقيّة و العلاقات الإجتماعيّة لقانون الغاب الرأسماليّ و "علاقاته النقديّة " الآسرة . كان هذا أرقى ما بلغته الإنسانيّة بعدُ فى تطوّرها .
لقد كانت الثورة الإشتراكيّة الصينيّة – التى دامت من 1949 إلى 1976 ن عندما وقعت الإطاحة بها على يد القوى الرأسماليّة – شاهدا حيّا على واقع أنّ إقتصادا إشتراكيّا مخطّطا يمكن أن يُطلق طاقات خلاّقة على نطاق غير مسبوق فى تاريخ الإنسانيّة ؛ و يمكن أن يمكّن الجماهير من أن تستخدم عن وعي قوى الإنتاج لتتجاوز اللامساواة الإقتصاديّة و الإجتماعيّة و تدفع إلى الأمام تغيير العمل و طابعه الإجتماعي ، بحيويّة و بالتعلّم خلال السيرورة . و يمكّن من التشجيع على الإنخراط الواعي و على رفع القدرات الشاملة لغالبيّة المجتمع .
و هذا البعد الأعمق للفعاليّة الإقتصاديّة و التطوّر لا تسجّله وسائل الإعلام السائدة للإقتصاد البرجوازي ، و بصفة أدقّ ، هذا لا ينسجم و الإقتصاد البرجوازيّ و لكن حتّى قياس مع مؤشّرات النموّ المعتادة ، فإنّ الصين الثورؤيّة قد نهضت بصورة جيّدة طوال السنوات الماويّة . و مع ذلك ، للأخصّئيّين و الإيديولوجيّين طرقهم الخاصة للتهرّب من أيّ نقاش ملموس للمكاسب الماويّة . إنّهم ببساطة يستبعدونه على أنّه كليانيّة مثاليّة . و يُقال لنا إنّ الثورات الشيوعيّة يجب أن يلجأ إلى شيطان لا يوصف لأنّها تبحث عن فرض التغيير الإجتماعيّ على ألأناس لا يريدون ذلك. و بعد إطلاق هذه القذيفة الإيديولوجيّة ، من المفترض أنّه لم يعد هناك شيء يُقال .
يمكن للمرء أن يتوقّع الكثير من المدافعين عن الإمتيازات والإستغلال . لكن حتّى ضمن عديد مدّعى القناعات الإشتراكيّة، يعثر المرء على من لا يمكن وصفه إلاّ بالرفض الإراديّ للتعاطي الجدّي مع المكاسب الماويّة . إنّ التعامل الماركسي الغربي مع ماو قد تأثّر بأفكار مسبّقة شوفينيّة أوروبيّة عميقة الجذور. ففى الغالب الأعمّ يكتب الأكاديميّون الإشتراكيّون بأنّ الصين الثوريّة متأخّرة جدّا لتكون لها جدوى ممكنة للمجتمع الغربي و تقاليده " العقلانيّة " و " الديمقراطيّة " ؛ و ليستبعدوا ماو على أنّه مفكّر جاف جدّا ( كتب للجماهير! )؛ وليعتبروا أنّ الثورة الثقافيّة ليست أكثر من تمرين على" إرهاب الغوغاء" ( و لسوء الحظّ ، عديد الذين من المفترض أن يكونوا على علم بصورة أفضل سقطوا فى أحابيل الأكاذيب و التشويهات التى يروّج لها معادو الماويّة الذين يحكمون الصين اليوم و " أخصّائيّو " البرجوازيّة الغربيّة ).
لقد وجدت ثورتان كبيرتان فى هذا القرن ، الثورة البلشفيّة و الثورة الصينيّة ، و لعديد المثقّفين المعتادين على قضايا الإقتصاد الإشتراكي بعض الإطلاع على التجربة السوفياتيّة . و بوسعهم أن يحدّثوكم عن خطّ بوخارين بشأن الفلاحة أو رؤية بروبرازنسكي لتمويل الصناعة . لكن النقاش نادرا ما يأخذ بعين الإعتبار نظريّة و ممارسة الإقتصاد الماويّ . و خارج عالم المختصّين فى الشؤون الصينيّة ، قلّة قليلة من المثقّفين الإشتراكيّين لهم علم بالرؤى الثاقبة الماويّة فى العلاقات المتبادلة بين الفلاحة و الصناعة المتضمّنة فى بحوثهم " حول مسألة التعاونيّات الفلاحيّة " و " حول العشر علاقات الكبرى " أو الأفكار البعيدة المدى عن التكنولوجيا المناسبة التى كانت وراء القفزة الكبرى إلى الأمام أو جملة مبادئ إدارة المؤسّسات الإشتراكيّة الملخّصة فى القانون الأساسي لمصانع فولاذ أنشون ، أو النقاشات الجماهيريّة الحيويّة بصدد الحوافز الماديّة و الأدبيّة التى خيضت خلال الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى .
و غالبا ما يصنّف الإشتراكيّون الغربيّون الصين الماويّة كنوع من " الإقتصاد المتحكّم فيه ستالينيّا " ( محدّد بالتحكّم العالى المركزة للحزب – الوزارة فى الإستثمار و الإنتاج و التحكّم عن كثب فى إدارة المؤسّسة ) ، تتخلّله حلقات مثاليّة جامحة . لذا لا حاجة إلى الإهتمام بماو ... رغم أنّ نقد ماو للنظريّة و الممارسة الإقتصاديّة السوفياتيّة تعدّ من أهمّ الكتابات حول الإقتصاد السياسيّ الإشتراكي ّ (1) ، بالرغم من أنّ ماو أحدث قطيعة مع مقاربة ستالين ل " الإدارة على النطاق الضيّق من فوق " و قاد عمليّة صياغة نظام تخطيط متعدّد المستويات على كامل التراب الصيني شمل حتذى أصغر التعاونيّات . لقد سلكت الصين الثوريّة طريقا بالأحرى مختلفا عن البناء الإقتصادي فى الإتّحاد السوفياتيّ ( على أنّ ماو فد تعلّم كثيرا من التجربة السوفياتيّة فى ظلّ ستالين ) . و قد طوّر الثوريّون مقاربة متناسقة و تجديديّة للتخطيط مزجت مناهجا غير بيروقراطيّة للتنسيق المركزيّ مع أشكال إدارة غير ممركزة و مرونة المؤسّسات ( دون إطلاق العنان للسوق و قواه الخالقة للإستقطاب ). لقد ربطوا التخطيط بالمشاركة و المراقبة الجماهيريّين . و أدمجوا أولويّات إقتصاديّة مع مسائل العلاقات بين المدينة و الريف ، و الصحّة و السكّان و البيئة . لقد أدركوا أنّ البناء الإشتراكي وثيق الإرتباط بموجات النضال و التجريب الجماهيريين . غير أنّ الكثير من هذا يعدّ معلومات جديدة بالنسبة إلى الكثير من الأكاديميّين الإشتراكيّين .
لقد إختلطت الأفكار المسبّقة للماركسيّة الغربيّة مع المواد السامّة للهجوم الإيديولوجي ضد الشيوعيّة الذى تشنّه الطبقات الحاكمة للغرب . و مستغلّة إنهيار المجتمعات الإضطهاديّة فى الإتّحاد السوفياتي السابق و شرقي أوروبا ، سعت الطبقات الحاكمة إلى أن تزرع فى رؤوس الناس فكرة أنّ الشيوعيّة قد فشلت و ليس بوسعها إلاّ أن تفشل . و لقد تركت هذه الرسالة آثارا بالغة على النقاش المعاصر بشأن مستقبل الإشتراكيّة . و من ناحية أفرز ذلك يأسا عميقا لدى العديد من القيادات التقدّميّة بخصوص الإشتراكيّة . و هذا صحيح بصفة باعثة على السخرية بإعتبار أنّ الإتّحاد السوفايتي لم يعد إشتراكيّا منذ عقود . فقد أمسى مجتمعا لم يكن فى مظاهره الأساسيّة مختلفا عن ما يوجد فى الغرب . و لا يبيّن إنهيار الإتّحاد السوفياتي السابق أيّ شيء بشأن حيويّة الإشتراكيّة و فعاليّتها ، لكنّه يبيّن الكثير عن الطبيعة المتهالكة للرأسماليّة . و لنترك الموتى يدفنون الموتى !
و من ناحية ثانية ، ألهمت عظمة الفشل كافة أنواع محاولات " إعادة صياغة " الإشتراكيّة . فصرنا نسمع إسطوانة أنّه يجب على الإشتراكيّة أن " تتحرّر " من إرثها التاريخي المفترض أنّه غير مفرح . و وفق هؤلاء ، يجب على الإشتراكيّة أن تعيد تحديد سياساتها بما يعنى عادة تبنّى الديمقراطيّة الإنتخابيّة و تعدّد الأحزاب ( و هو ما ينسجم جيّدا مع الإمبرياليّة الغربيّة ) ، و يجب أن تعيد تحديد إقتصادها وهو ما يمضى أبعد من أن يكون نسخا مكبّرة لتقديم الدولة لمساعدات . لقد إنتشرت صناعة حقيقيّة لبناء نموذجي للإقتصاد الإشتراكيّ . و تلتقى هذه النماذج فى أنّها مخادعة مفهوميّا و شكليّة رياضيّا و غير ثوريّة ميزة . و هذا غير تحرّري . ليس مشروعا للإطاحة بدكتاتوريّة البرجوازيّة : ليس مشروعا لإعادة صياغة المجتمع على أساس حكم بروليتاريّ . إنّه راسماليّة مقنّعة .
و إليكم كنه المسألة . لقد كانت الثورة الصينيّة مبادرة فى معالجة بعض قضايا التخطيط و تسيير إقتصاد يلبّى الحاجيات الإجتماعيّة و يثوّر المجتمع وهي من أكثر القضايا حيويّة و تعقيدا . وهي تقف بإعتبارها النموذج العملي الأكثر تقدّما فى الإشتراكية التحريريّة . إلاّ أنّ هذا الجسد الغنيّ و الملهم من النظريّة و الممارسة العمليّة للإقتصاد الإشتراكي قد وقع حجبه وتشويهه على نطاق واسع . و من تحدّيات هذه الحقبة على وجه الضبط هو تسليط الضوء على هذا التاريخ و هذه المكاسب المحجوبة .
إنّ الإشتراكيّة حركة تاريخيّة وسيرورة تاريخيّة شملت بذل طاقات وتضحية وجسارة جزء كبير من الإنسانيّة المضطهَدَة . و قد عرفت موجة تاريخيّة و كان الإختراق الأوّل سنة 1871 مع كمونة باريس التى لم تعمّر طويلا . و الإختراق التالى و الأعمق كان الإطاحة بالرأسماليّة بفضل الثورة البلشفيّة لسنة 1917 التى مثّلت المحاولة الأولى لبناء إقتصاد إشتراكي و الدفاع عن ثورة إشتراكيّة وتعميقها و نشرها . و فى 1949 ، حقّقت الثورة الصينيّة الظفر . و قمّة " الموجة الأولى " من الثورات البروليتاريّة كانت الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى فى الصين . و نحن الآن فى نهاية مرحلة تاريخية إنطلقت مع تأسيس الأمميّة الأولى ( أمميّة منظّمات الطبقة العاملة التى ساعد كارل ماركس فى تركيزها و قيادتها ) فى 1864. (2)
و اليوم لا وجود لبلدان إشتراكيّة فى العالم . أيعزى هذا إلى كون الإشتراكيّة فى جوهرها مضطربة و بالتالى آيلة للفشل ؟ لا . لقد مُنيت الإشتراكيّة بالهزيمة ( فى الإتّحاد السوفياتي فى خمسينات القرن العشرين و فى 1976 فى الصين ) على يد القوى الماديّة و الإيديولوجية التى لا تزال باقية فى العالم الرأسماليّ . و هذه حقيقة مُرّة بيد أنّه يجب وضعها فى سياقها التاريخيّ . و تبحث الثورة الإشتراكيّة عن إجتثاث كلّ منابع شبكة الإضطهاد التى تعرقل الإنسانيّة و عن التخلّص من يد الماضي الميّت . أنستغرب إذن أنّ مثل هذه الثورة إعترضتها صعوبات جمّة ؟
و الثورة البروليتاريّة العالميّة لا تمضى قدما فى خطّ مستقيم من الإنتصارات التى لا تتوقّف . و ليست المجموع الحسابي للثورات المنفصلة حيث الإشتراكية ببساطة و حيويّا تؤمّن فى بلد إثر آخر. بالأحرى تتطوّر بشكل لولبيّ ز بصعود و تقدّم و تعزيز و تراجع و إعادة تركيز و مناهضة إعادة التركيز . إنّ الثورة الشيوعيّة سيرورة عالميّة – تاريخيّة معقّدة ، طويلة المد و متعرّجة . لكنّها لا تعود إلى نقطة الصفر . ففى المكاسب العظيمة للطبقة العاملة حيثما و متى كانت تمسك بالسلطة و فى فهم ( بما فى ذلك الأخطاء و النقائص) التى تحقّقت عبر النضال لخلق عالم جديد يكمن أساس و إلهام للمضيّ قدما .
هذه هي الروح التى يحملها هذا البحث . لقد حوّلت الرأسماليّة العالم إلى كابوس بالنسبة لغالبيّة الإنسانيّة . وهو عالم ينبغى أن يتغيّر تغيّرا راديكاليّا إذا أردنا تلبية الحاجيات الأساسيّة للجماهير . يجب القيام بالثورة . و يحدث هذا فى أدغال البيرو و أحيائها القصديريّة حيث تنير الماويّة طريق التحرّر . و مثلما قال ماو ، حيث يوجد إضطهاد ، توجد مقاومة . يجب أن يدار المجمع بشكل مغاير .
و يتفحّص هذا البحث مبادئ و منهج و ممارسة التخطيط الماويّ مركّزا على عناصر ثلاثة هي دور السياسة فى سيرورة التخطيط و العلاقة بين المركزيّة و اللامركزيّة و طبيعة التوازن الإقتصاديّ فى ظلّ الإشتراكيّة . إنّه يهدف إلى كشف المكسب الماويّ فى مجال التخطيط الإقتصاديّ و بالقيام بذلك لا يحثّ على إعادة الإعتبار للإشتراكيّة بما هي ذات رؤية ثاقبة و فعّالة و حسب ، بل كذلك ، و هذا الأهمّ ، دعم نضال جعلها واقعا ملموسا .
I – السياسة فى مصاف القيادة
- دون مقاربة سياسيّة صحيحة للمسألة فإنّ الطبقة المعنيّة لن تكون قادرة على البقاء فى القمّة و بالتالى لن تقدر كذلك على معالجة مشكل الإنتاج . ( لينين (3) )
- القيام بالثورة مع تطوير الإنتاج ( شعار من شعارات الثورة الثقافيّة )
-------------------------------------
ما هو الهدف الأساسيّ للتخطيط الإشتراكيّ – النموّ الإقتصاديّ فى حدّ ذاته أم تجاوز إطار الإنتاج السلعيّ و المال وتشكيل مجتمع جديد ؟ ماذا ينبغى أن يكون المعيار الأساسي لنجاحه - الفعاليّة ، الإنتاجيّة و الربح أم درجة تشجيع التحكّم الجماعي فى المجتمع ؟ و يكمن فحوى الموضوع فى : أيّ نوع من النموّ و من أجل ايّ هدف ؟
يجب على المجتمع الإشتراكيّ أن يعبّأ الموارد و يراكم و يحقّق فائضا إجتماعيّا ( قسطا من الإنتاج الإجتماعي يفوق ما هو ضروري لإعادة إنتاج المجتمع فى نفس مستوى التطوّر ) . لكن مثلما أشار إلى ذلك بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوريّ ، " المسألة الحيويّة ليست ما إذا كان سيتمّ إنتاج فائض ، و ليست حجمه بالضبط و لا هي الوسائل " الفعّالة " فى إنتاج أكبر فائض ، و إنّما هي ما إذا كان الفائض سيُنتج عبر وسائل و يسترشد بمبادئ و يُستخدم على نحو ينجز أكبر الموجات الممكنة عند أيّة نقطة بإتّجاه التغيير الثوريّ للمجتمع و للعالم ، فوق كلّ شيء ." (4) فى المجتمع الإشتراكيّ ، اليد الخفيّة للسوق يجب أن تعوّض باليد المرئيّة للسياسة . و هذا لا يعنى إنكار أنّه يجب على التخطيط الإشتراكي أن يعير الإهتمام للثمن و يجتهد ليقتصد فى قوّة العمل و المواد و الإستثمارات . و إنّما يعنى أنّ هذا يجب أن يرتبط بالسياسة الثوريّة . ( مثلا ، عندما قرّر الثوريّون الصينيّون أن يرسوا الصناعة فى المناطق الداخليّة الأقلّ تطوّرا ، لم يحدث ذلك لأنّه كان الطريقة الأكثر فعاليّة لتوسيع الإنتاج الصناعي العام . لقد خدم هذا تقليص الإختلافات و اللامساواة الجهويّة . و عندما جرى تركيز هذه المصانع ، بُذلت الجهود لتسييرها تسييرا فعّالا ).
لا وجود لمظهر تطوّر إقتصادي ولا لمشكل فى التنظيم الإقتصاديّ ن و لا تنظيم لسيرورة عمل خارج الإنتاج و العلاقات الطبقيّة المعنيّة . إنّ المسائل الأكثر أساسيّة فى التطوّر الإقتصادي – ماذا ننتج و كيف و من أجل من و من أجل ماذا – لا يمكن الإجابة عنها ، و بالفعل لا يمكن فهمها إلاّ بالمعنى الطبقي . ترتبط الفعّاليّة الرأسماليّة بالطبقة الرأسماليّة وهي تقوم على إستثمار أقصى للعمل و التقليص القصى للمقاومة ، على تكبيل المنتجين و قدراتهم الإبداعيّة الجماعيّة . و لا معنى " للعقلانيّة " الإقتصاديّة بمنأى عن العلاقات الطبقيّة التى تجسّدها و تنتجها و فى النهاية تخدمها . هذا مكوّن هام للغاية من مكوّنات التفكير الماوي .
و بالنسبة للثوريّين الماويين ، ينبغى أن يكون التطوّر الإشتراكي مرتبطا بتجاوز الإختلافات بين الصناعة و الفلاحة و بين المدينة و الريف و القوميّات و النساء و الرجال و بين العمل الفكريّ و العمل اليدويّ . و وضع السياسة فى مصاف القيادة يعنى جوهريّا التأكّد من أنّ الإستراتيجيّة الإقتصاديّة تشجّع على التغيير الثوريّ للمجتمع و تعتمد على التعبئة الإجتماعيّة و نشر القيم الإشتراكيّة و تخدم قضيّة الثورة العالميّة .
فى المجتمع الإشتراكيّ ، يتعيّن تسليح الجماهير سياسيّا . يجب أن تعرف الجماهير ما هي الحاجيات و ما هي المشاكل و تتعلّم من التجربة المتقدّمة و تمسك المبادرة بيدها وتنخرط فى النضال حول أهداف التخطيط و طبيعته . و الدرس الذى لخّصه ماو هو وضع السياسة فى مصاف القيادة – و ليس الأخصّائيين و لا الحواسيب – و لا نسب تعديل و إنتاج و بالتأكيد ليس الأرباح – يمكن معالجة مشاكل التطوّر الإقتصادي و يمكن دفع الإقتصاد إلى الأمام خدمة لمصلحة الجماهير.
قيادة التطوّر الإقتصاديّ و قياسه :
لقد لوحظ أنّ الإقتصاديّين الغربيّين غالبا ما واجهوا صعوبات كبرى فى فهمخ نظام التخطيط الصيني لأنّ الكثير من الأهداف غير افقتصاديّة مبثوثة فيه . فمعايير الفعّاليّة افقتصاديّة للصين الثوريّة أوسع بكثير من بلوغ ( و تجاوز ) الأهداف الإنتاجيّة. و قد كان الثوريّون يزنون التأثيرات الإجتماعيّة و البعيدة المدى للتطوّر الإقتصادي . و فى تقييم فعاليّة مناهج إنتاج أو تقنيات معيّنة و تنظيم المصنع ، وسّع الثوريّون مفهوم الفعاليّة ذاته ليشمل الفوائد الإجتماعيّة و التأثيرات الجانبيّة التعليميّة و كذلك المساهمة فى الحاجيات التطويريّة المحلّية لمثل هذه السيرورات و هذه الأشكال التنظيميّة . (5)
و لم يقبل الماويّون ، و بالفعل ناضلوا عن وعي ضد ، " منطق " التصنيع المعاصر المفترض – فكرة أنّ التطوّر الإقتصادي يعنى بالضرورة صناعة كبرى تركّز فى مناطق معيّنة و تمدين كبير و تخصّص جهويّ ، و بمعنى إنجاز المخطّط ، كانت الأهداف الكمّية هامة و كانت لها دلالة عمليّة على الصعيد الوطني و على صعيد المؤسّسة . لكنّها كانت ثانويّة و كانت تخدم الأهداف النوعيّة ( مثلا ، المهمّ بالنسبة لمصنع ينتج التجهيز الفلاحي لم يكن ببساطة أن يحقّق أهدافه الماليّة و إنّما الفهم الحقيقي لحاجيات الفلاحة و الإجتهاد للقيام بعمل أفضل لتحقيق هذه الحاجيات ).
عند صياغة المخطّطات و تقييمها ، كان يترتّب على وضع السياسة فى مصاف القيادة ربط المصالح الخاصة و القطاعيّة ( هذا الفرع أو ذاك من الصناعة أو المنطقة الخاصّة ) بالمصلحة العامة و بالتقدّم بالثورة ؛ بالتعويل على الجماهير ؛ و العمل وفق ما أطلق عليه " الخطّ العام " للتطوّر الإقتصاديّ " و تكريس سلسلة من المبادئ التى كانت تشمل " الإستعداد للحرب و الإستعداد للكوارث الطبيعيّة و القيام بكلّ شيء من أجل الشعب " و " إتّخاذ الفلاحة كقاعدة و الصناعة كعامل قياديّ ".
و كانت لهذا تبعات عمليّة حقيقيّة جدّا . و هنا يمكننا أن نميّز عناصر أربعة هامة للتخطيط الإشتراكي ، فى كلّ من إحترام الأهداف و المناهج التى تعكس وتخدم توجّه " وضع السياسة فى مصاف القيادة " .
أوّلا ، وقع نبذ النموذج الغربي للإستثمار الصناعي و نموّ المدن . و سعت الصين إلى تصنيع متفرّق جغرافيّا و إلى الحيلولة دون النموّ غير المسيطر عليه للمدن و تجميع الصناعة حول المدن الكبرى . و فعلا ، للمرّة الأولى فى التاريخ ، لم تكن سيرورة التصنيع مترافقة بسيرورة تمدين غير محدودة . و بُذلت جهود لجعل حجم المدن الكبرى مستقرّا ( أو لتقليصه ) و لتشجيع نموّ المدن الصغرى أو المتوسّطة الحجم ، لتحويل الصناعة إلى مثل هذه المدن الأخيرة ، و لإقامة مناطق صناعيّة جديدة فى ضواحى المدن لتتماشى بشكل أفضل مع حاجيات السكّان و مراقبة نموّ السكّان فيها . (6) و كانت السياسة الصناعيّة تستهدف أيضا ، كما أشرنا سابقا ، تضييق الفوارق فى النموّ الجهويّ و الإختلافات فى المداخيل .
و قد يسّر نظام التخطيط تطوّر الأنظمة الصناعيّة المستقلّة و الشاملة فى كلّ محافظات الصين و شجّع الأكتفاء الذاتي فى إنتاج الحبوب . و قد أنشأت أنواع جديدة من مركّبات الإنتاج التى ستكون الصناعة فيها مندمجة بصفة مباشرة أكثر مع الفلاحة ، و افقامة مع العمل . و تمّ توجيه الصناعة الصينيّة نحو خدمة الفلاحة ، و فى نفس الوقت ، مع تشجيع شبكات الصناعة و التقنية الريفيّة كوسيلة لدفع الإمكانيّات الإنتاجيّة فى الريف و تقليص الفوارق الإجتماعيّة بين المدينة و الريف . و حوالي 1973 – 1975 ، كانت الصناعة الريفيّة على النطاق الضيّق تعدّ ما يناهز 60 بالمائة من إنتاج الإسمنت و الأسمدة الصينيّة ، و 35 بالمائة من طاقتها الكهربائيّة المنتجة و 15 بالمائة من إنتاج الفوةلاذ . (7) و معظم آلات المزارع و تجهيزاتها ، بإستثناء تلك الثقيلة ، كانت تنتج بمصانع محلّية صغيرة أو متوسّطة الحجم .
و لم تشرع هذه السياسات فى أفطاحة العميقة بهياكل التطوّر الإقتصادي و الإجتماعي العتيقة التى كانت فيها المدن تتحكّم فى الأرياف ، و لم تساهم مثل هذه السياسات فى تضييق الهوّة بين العمل الفكريّ و العمل اليدويّ فحسب بل ساهمت هذه الإجراءات أيضا فى القطيعة العميقة مع الإقتصاد الإمبريالي العالمي والتبعيّة التى تدفع إليها الإمبرياليّة الأمم المضطهَدَة .
و هنا يوجد بعدٌ إستراتيجيّ هام . التطوّر بالإعتماد على الذات و المفرز للحركة الذاتيّة و اللامركزيّة ، الذى إندفعت فيه الصين سيمكّنها بشكل أفضل من الوقوف فى وجه الضغط الإقتصادي الإمبريالي و مقاومة هجوم و غزو ممكنين و القيام بالمزيد خدمة لحاجيات الثورة العالميّة .
ثانيا ، كان المخطّط هو الرئيسيّ و السعر ثانويّ . و على مستوى المجتمع و الفوائد و الأرباح و لم تكن الإجراءات الماليّة المتنوعة لفعاليّة رأس المال تحدّد إلى أين ستوجّه الإستثمارات ، ما الذى سيُنتج ، و نسق و توجّه التغيّر التكنولوجي أو هدف نشاطات المؤسّسة . و لو كان السعر و الربح هما الرئيسيّان ما كانت الدولة لتستطيع أن تعيد توزيع موارد الإستثمار من المناطق الأغنى إلى المناطق الأقلّ تطوّرا . و كذلك ما كان ذلك ليحثّ تطوّر الصناعات الداعمة للفلاحة التى لم تكن هي ذاتها ذات ربح عالي ، و لا تنمية الإنتاج و تموين سعر بيع السلع الإستهلاكيّة الأساسيّة ، و لا توسيع التعاون الرفاقي مع الحركات الثوريّة .
و ظلّت هيكلة الأسعار مرتبطة بظروف السعر الكامن ؛ و لم تكن الأسعار عبثيّة أبدا بل كانت تُحدّد عن وعي و بصفة شاملة ( عبر البلاد ) لبلوغ أهداف معيّنة . لقد كانت تعكس خطّا سياسيّا . و من الأمثلة البارزة لكيفيّة تشجيع نظام الأسعار للفلاحة ( و الفلاّحين ) بمعنى التجارة بين الصناعة و الفلاحة : أُبقيت الأسعار منخفضة لتجهيز الفلاحة و الأسمدة ، بينما رفعت الأثمان المدفوعة من قبل الدولة للإنتاج الفلاحيّ ( وهو شيء متناقض تماما مع ما حدث نموذجيّا فى بلدان العالم الثالث ) . و لم يُسمح لعائدات الأسعار و العائدات الماليّة بلعب دور قياديّ مستقلّ فى الإقتصاد .
و فى مستوى المؤسّسة ، كانت للمخطّط الأولويّة نسبة للسعر ما يعنى أنّ الأسعار و فوائد النشالطات الإقتصاديّة لم تكن تُحسب بالمعنى المالي الضيّق أو تقيّم من وجهة النظر الضيّقة للرفع إلى الأقصى للدخل الفرديّ لوحدة الإنتاج . و مثلما شرح ذلك الثوريّون :
" أحيانا ، إنطلاقا من الحكم على المظاهر ، يمكن أن تكون الخسارة أكبر من الربح بالنسبة للمصنع الواحد . و مع ذلك ، إنطلاقا من الحكم من الوضع العام ، الربح [ الفائدة العامة للمجتمع ] قد يكون أكبر من الخسارة ... إذا كنّا معنيّين فقط بالأرباح الصغرى و تجاهلنا القضايا الكبرى ، إذا أعرنا الإنتباه فقط إلى الحاضر و ليس إلى المستقبل ، إذا إعتنينا فقط بوحدتنا الخاصّة عوض أخذ الوضع العام بعين الإعتبار ، و إذا بذلنا الجهد فقط نسبة إلى كمّية المكاسب [ الفرديّة ] المنتظرة، سنسمّم ... بنظريّة وضع الربح فى مصاف القيادة ." (8)
هل كان كافيا أن ننجز مخطّط الإنتاج بغضّ النظر عن التكاليف الإجتماعيّة الأوسع ، مثل إغتراب العمّال ، و إلحاق الضرر بصحّة العمّال ، و إلحاق الضرر بالبيئة ؟ كانت هذه القضايا التى شّدد الماويّون على أنّه لا يمكن معالجتها كقضايا منفصلة لها أهمّية ثانويّة . ما كان ممكنا وضع فعاليّة المؤسسة ( أو الربح ) فوق كلّ إعتبار آخر : الوحدات الفرديّة يجب أن تأخذ بعين النظر حاجيات المجتمع بأسره و حاجيات العمّال وعلى الجميع أن ينقادوا بروح خدمة الشعب . و شدّد الماويّون على انّ السعار و الأرباح لا يمكن أن تحدّد على قاعدة العائدات الماليّة المباشرة .
وماذا لو أنّ مبادرة العمّال أسفرت عن مشاكل مؤقّتة فى الإنتاج – هل سيتعيّن على إنجاز أهداف المخطّط أن تكون تعلّة لقمع العمّال ؟ من التجارب الشائعة فى المصانع فى السنوات السابقة للثورة الثقافيّة أنّه عندما كان العمّال يبادرون بمشاريع و طرق إنتاج جديدة ، كانوا عادة ما تطبّق عليهم إجراءات الإنضباط و يعاقبهم المديرون . و كان المديرون إيّاهم يخشون أن تعطّل مثل هذه التجديدات الممارسات المركّزة و بالتالى تهدّد إنجاز أهداف المخطّط الكمّية (و مكافآتها ). صار مثل هذا التعاطى مع إنجاز المخطّط و هذا الإحتقار للعمّال تحت نيران هجوم حاد خلال الثورة الثقافيّة . و بالنتيجة، وُجد جوّ من التشجيع على القطيعة مع كافة أنواع التقاليد ، سواء فى بناء السفن بطرق لم تجرى محاولتها قبل قط فى الصين أم فى إعادة تفكير هندسة الآلات . فكان لهذا تأثيرا بعيد المدى على تشجيع الإنتاج .
و يهاجم الإيديولجيّون أنصار السوق الإشتراكيّة على أنّها نظام حيث تعنى الكمّيات كلّ شيء ، و حيث لا تقوم المصانع سوى بإنتاج السلع الرديئة لتحقيق الإنتاج . و هذا هو ما يسمّى ب " مشكل مؤشّر إنجاز الإنتاج " – بكلمات ألأخرى ، يقوم المسيّرون ببساطة بكلّ ما هو البسط لتحقيق أهداف ( و قيمة ) الإنتاج ، حتّى و إن عني ذلك الإستهانة بالنوعيّة . (9) و بالفعل ، من محاور الصراع بين الماويّين و أتباع الطريق الرأسمالي ( الذين يسيّرون الآن الصين ) كان متعلّقا تحديدا بما إذا كانت الأشكال التحريفيّة للإدارة التى كانت تشدّد بنظرة إحاديّة الجانب على الكمّية أو العائدات الماليّة ، و التى إتّبعت عامة مقاربة ضيّقة لإنجاز المخطّط على حساب أهداف الحزب و الدولة ، ستسيطر على إدارة الإقتصاد .
فى الصين الثوريّة ، كانت مؤشّرات النجاح تمضى ضد " ذهنيّة ألطنان " لدى التخطيط من النوع السوفياتي . و فعلا ، من الشعرات التى رفعها عمّال الأرصفة وجرى نشره شعبيّا خلال الثورة الثقافيّة كان" كونوا سادة الأرصفة، لا عبيد الحمولة". و عند تقييم إنجاز الإنتاج ، كان الشغل الشاغل الأوّل إن كانت الموارد و كان الإنتاج يخدمان الأهداف السياسيّة الأشمل ، و كان الحصول على الخليط الصحيح و نوعيّة المنتوجات و التشجيع على التعاون الإشتراكي فى المؤسّسة أهمّ من قيمة الإنتاج أو نسق العائدات . لم يكن المحوريّ لا السعر و لا الكمّية و إنّما القيم الإستعماليّة الإجتماعيّة ( التى تخدم حاجيات المجتمع ) و المضمون و التوجّه العامين للنشاط الإقتصاديّ .
و هذا لا يعنى أنّ حساب الكلفة و الفعاليّة وقع التخلّى عنهما . بالعكس ، بُذلت جهود كبرى لتقليص المصاريف و تقليص الكلفة و ضمان نوعيّة الإنتاج إلاّ أنّ هذا صار مسؤوليّة العمّال عبر كافة أشكال المحاسبة الجماعيّة و تحليل النشاطات الإقتصاديّة و الإدارة الماليّة ، و عبر الحركات الجماهيريّة لتحديد الكلفة و تقليصها .
التسيير و الإدارة و التحفيز بواسطة السياسة :
ثالثا ، وقعت مشركة و تثوير التنظيم و الإدارة الصناعيّين . و شملت أهداف المخطّط تحديد الإغتراب و التشتّت الإجتماعي المصاحب للتخصّص فى العمل . و تمّت الإطاحة بالإختلافات الحرفيّة و جرى نقل العاملين دوريّا بين الأعمال ( و كانت المصانع تبعث العمّال إلى الريف كذلك ) ، و إستبعدت قوانين العمل الإضطهاديّة ، و ألغيت أنظمة المكافآت التى كانت تتسبّب فى ضرب العمّال بعضهم ببعض . و وقع تدريب التقنيين من ضمن العمّال و تجمّع التقنيّون و العمّال معا فى فرق التجديد التقنيّ . و جرى تطوير الأشكال الجماعيّة للإدارة ، كما جرى تبسيطها . و كان قادة المؤسّسات يقضون فترات عمل عاديّة فى أرضيّة المحلّ . و كانت المؤسّسة الصناعيّة أكثر من وحدة إقتصاديّة مكتفية ذاتيّا : كانت تتعاون مع غيرها حتّى على حساب المرابيح على المدى المنظور و كانت تأخذ بعين النظر الحاجيات الإجتماعيّة و الخدمات الإجتماعيّة المحلّية وفوق كلّ شيء ، تمّت إعادة تحديدها كمكان للصراع السياسيّ و الطبقيّ .
رابعا ، كان الإقتصاد يدار بالأساس عبر الوسائل السياسيّة و الإيديولوجيّة . و لكي يكون المخطّط فعّالا ، يجب أن يوجد إلتزام إجتماعي واسع بإنجازه و إلاّ لن يوجد تنسيق حقيقيّ و لا تخطيط حقيقيّ . و يطرح هذا موضوعيّا مسألة الإلتزام بأهداف و ضوابط مخطّط كما يمرّر ويترجم إلى مستويات مختلفة ، خاصة على مستوى المؤسّسة الإقتصاديّة . و ينازع المنظّرون الرأسماليّون بأنّ التخطيط الإشتراكي يواجه مهمّة لا يمكن تجاوزها للتملّق و الضغط على سلطة إدارات المؤسّسات لتطبيق متطلّبات المخطّط . و يقال إنّ المشكل نابع من المخطّطات التى ترتئى بشكل غير معقول و من الآفاق التصادميّة بالضرورة للمخطّطين و المديرين . و النتيجة ، حسب الرواية البرجوازيّة ، هي حرب مجموعات بين التخطيط و السلطة الإداريّة تصبح مضجرة و يقع حلّها فى نهاية المطاف مؤسّساتيّا فى نظام تخطيط متميّز بالنقل القمعي و غير مستجيب للتوجّهات من الأعلى و بالتبنّى السلبيذ و البراغماتيّ من الأسفل .
تنفيذ المخطّط مهمّة إجباريّة فى الإقتصاد الإشتراكيّ لكنّ كيف يجب فهم هذا ؟ خلال الفترة التى كان فيها الإتحاد السوفياتي إشتراكيّا ، كان عموما يُنظر إلى تنسيق المخطّط و تطبيقه كمواضيع ضوابط و إلتزام المؤسّسة يحدّد عبر شبكة مراقبة و تفقّد كانت تنحو إلى التوسّع بيروقراطيّا .
و قد لخّص الثوريّون الماويّون أنّ النظام الإداري الذى يسعى إلى الحكم بالضوابط و الذى يسعى فى الساس إلى لعب دور الشرطيّ فى علاقة بالناس ليلتصقوا بالضوابط لن يغدو بيروقراطيّا بصفة مبالغ فيها فقط بل لن ينجح أيضا . و من اليسير نسبيّا لأيّ مستوى من مستويات السلطة مراوغة ايّة مراقبة و ضوابط صادرة من الأعلى . و مثلما أشار ماو سنة 1957، " لن تنجح الضوابط وحدها ... يجب تغيير عقول الناس ." (10) و هكذا أهمّية البعد الإيديولوجي و الحاجة إلى تشكيل البيئة الإيديولوجيّة التى تتّخذ فيها القرارات على كافة المستويات ، و أهمّية المسؤوليّة الجماعيّة ، لتبنّى الناس للأهداف و الإنخراط بحماس فى الصراع السياسي .
المسألة هي أنذ التخطيط ليس عرضة لضغوط تقنيّة و إداريّة فحسب بل لعوامل سياسيّة و لحدود تفرضها الإيديولوجيا . إنّه يحدث فى إطار الصراع الطبقي فى المجتمع . بإتذجاه أيّة أنواع من التغييرات يوجّه التخطيط ؟ من أجل من ؟ و من أجل ماذا ؟ هذه ليست أشياء معطاة بل محاور صراع . و بالنسبة إلى ماو ، المسألة التى يجب معالجتها ليست رئيسيّا مسألة آليّات فرض سلطة التخطيط مقابل صلوحيّات المديرين و إنّما بالأحرى دور الجماهير . يجب أن تستوعب الجماهير ما هو ضروري سياسيّا و أن تملك معرفة واسعة بالنظام بأسره - قوانينه الإقتصاديّة و أهدافه و تناقضاته - حتّى يصبحوا هم أنفسهم فاعلين بدلا من مادة جامدة يؤثّر فيها السوق أو سيرورات التخطيط البيروقراطي كي يتمكّنوا من تحليل التناقضات و التأثير فيها ... كي يتمكّنوا من تحديد الضوابط .
بدلا من الإدارة عبر المعايير التقنيّة و الإقتصاديّة ، شجّع الثوريّون الصينيّون المناهج اللابيروقراطيّة و المناهضة للبيروقراطيّة لسياسة التواصل و أنشأوا طرتازا مغايرا من المعايير ، معايير التجربة المتقدّمة و المثال الأخلاقيّ . و قد نشروا شعبيّا و شجّعوا الناس على التعلّم من المؤسّسات النموذجيّة – فرق الريف و الكمونات أو المصانع – التى كانت تطبّق الخطّ العام . و تتمّ دراسة هذه التجارب ( و فى العديد من الأحيان ، قبل كلّ شيء ، يزور الفلاّحون و العمّال من شتّى أنحاء البلاد المواقع المعنيّة ). بيد أنّ هذه النماذج لا تدرس لتنقل حرفيّا كما لو أنذها المخطّطات . كانت الفكرة أن يتعلّم الناس كيف يقع تحليل المشاكل و تخطّيها ، كيف تحدث الإختراقات فى وجه مقاومة أتباع الطريق الرأسمالي ، ما هي الخطوات إلى الأمام فى إعادة تنظيم الملكيّة و العلاقات الإجتماعيّة و كذلك تواصل المشاكل السياسيّة و التقنيّة ، و كيفيّة تطبيق هذه الدروس على الظروف المحلّية . إنذ تجربة بناء قنال الراية الحمراء ( وهو مجهود جماعيّ جبّار بذله الفلاّحون، و قد نمّى بصورة واسعة كمّية الأرض السقويّة ) ، أو قتال الظروف الطبيعيّة القاسية فى الريف من قبل نواب تاتشاي عندما كانت معقلا ثوريّا ، كانتا مثالان لتخطّى الجماهير لكافة أصناف الصعوبات و تحدّى المتعارف عليه فى البناء الإقتصادي . و قد أرسى القانون الأساسي لآشان (مصانع فولاذ ) معيارا للإدارة الصناعيذة الثوريّة . بإختصار ، خوّلت هذه النماذج للشعب أن يستوعب بعمق أكبر كلاّ من أهداف الثورة الشيوعيّة و مناهجها .
و فى الوقت نفسه ، كانت الحملات السياسيّة القوميّة وسائطا لتركيز إنتباه الجماهير على المواضيع المفاتيح التى تواجه المجتمع و لرفع وعيها بها . و عديد مثل هذه الحملات ، على غرار حملات نقد الحقّ البرجوازيّ و حملات تقليصه و حملات نقد فكر كنفيشيوس للعبوديّة و الخضوع الأعمى للسلطة ، أطلقتها القوى الثوريّة فى بدايات سبعينات القرن العشرين و أواسطه فى إطار الصراع بين الطريقين الرأسمالي و الإشتراكي و صراع الخطّين صلب الحزب . و كان الهدف هو تسليح الناس لإتّخاذ القرارات و تقييم النشاطات بمصالح أوسع فى الذهن و لإدراك ما هي المصالح الطبقيّة التى يقع خدمتها بالفعل على يد المؤسّساتو السياسات الخاصة ، و لتعزيز قدرة الجماهير على خوض النضال للحفاظ على السلطة السياسيّة و توسيعها .
و تتركّز السلطة السياسيّة للبروليتاريا فى دولتها . و تحتاج البروليتاريا دولة لتمثّل مصالحها . و ليس كافيا ترك الأشياء على المستوى المحلّى أو على مستوى المصنع الفرد . تحتاج البروليتاريا إلى أن تمسك بقضايا المجتمع و العالم – فى السياسة و الثقافة و الإيديولوجيا – و من النظرات الثاقبة القائدة للثورة الثقافيّة كانن أنّ الكادحين من خلال تجربتهم فى الصراع و دراسة الماركسيّة ، قد إستوعبوا الصلة بين صراع الخطّين حول المسائل الإقتصاديّة و صراع الخطّين حول مواضيع فى مجالات أخرى . لقد كانت السياسات الإقتصاديّة التحريفيّة جزءا من البرنامج العام لإعادة الجماهير إلى وضع حيوانات جرّ . و إن كانت الجماهير لتخوض ، أقلّ بكثير من كسب ، المعركة على أيّة جبهة من الجبهات ، بما فيها الإقتصاد و منع إعادة تركيز الرأسماليّة ، عليها أن تعتني و تؤثّر فى ما يجرى فى المجتمع ككلّ . و لهذا كان فى منتهى الدلالة أن تحوّلت مؤسّسات من مجرد وحدات إنتاج إلى ما سمّاه ماو تسى تونغ " مدارس للصراع الطبقي " حيث نشأت مجموعات دراسات نظريّة و حيث تنظّم نشاطات الثقافة البروليتاريّة ضمن أشياء أخرى . و فى الوقت نفسه ، كانت مجموعات العمّال و الفلاّحين تتنقّل إلى الجامعات فى علاقة بالصراع السياسي الأوسع . و الواقع أنّ ذلك لم يكن ممكنا الشروع فيه و لم يكن ممكنا تكريس التغييرات الراديكاليّة فى التنظيم و الإدارة افقتصاديين ، و فى سيرورة العمل التى ناقشنا ، إن لم يقع إستنهاض الشغّالين سياسيّا حول هذه المواضيع الأوسع نطاقا .
و تحتاج البروليتاريا إلى تغيير المجتمع برمّته – وضع النساء و إضطهاد الأقلّيات القوميّة و القيم التى يروّج لها النظام التعليمي و هكذا . تحتاج إلى دولة لتسهر على إنجاز التغييرات السياسيّة و الإجتماعيّة و الإقتصاديّة بطريقة تخدم الثورة العالميّة . و تحتاج دولة للدفاع عن حكمها ضد القوى التى تعيد إنتاج و تفرض النظام القديم . و كلّ هذا لا يعنى شيئا إلاّ إذا كان العمّال يتحوّلون إلى سادة الدولة ، و يخوضون الصراع حول طبيعة هذه الدولة و أعمالها . ذلك أنّ من يتحكّم فى الدولة سيحدّد فى النهاية من يتحكّم فى وسائل الإنتاج .(11) لهذا يجب على السياسة أن تكون فى مصاف قيادة الإقتصاد .
جوهريّا ، يجب أن يركّز المخطّط التجارب المتقدّمة و طموحات الجماهير ، يجب أن يقام لإستعمال هذه التجارب و يجب أن يطلق العنان لمبادرة الجماهير . و يتطلّب هذا قيادة سياسيّة من طراز خاص – ليست زمرة مهيمنة و إنّما حزب طليعي حقيقي له روابط مع الشعب وهو فى خدمته ، طليعة قادرة على قيادة الشعب إلى الأمام عبر صراع معقّد لإيجاد مجتمع جديد و اتثوير الطليعة نفسها . و هذا أيضا ما يعنيه وضع السياسة فى مصاف القيادة .
II – المركزيّة و اللامركزيّة ، و مشكل المعلومات
وحدها هذه الدولة [ دكتاتوريّة الروليتاريا ] قادرة على أن تمثّل المصالح الجوهريّة للطبقة العاملة و جماهير الشعب الكادح و تحديد مبادئ و سياسات تتبعها المؤسّسات ، وتوجّه تطوّرها ، و إنتاجها و توزيعه ، و إعتمادات ممتلكاتها . فى التعاطى مع المؤسّسات ، تمارس الدولة المركزيّة الديمقراطية أي سلطة مركزيّة بشأن المسائل الكبرى و سلطة لامركزيّة بشأن المسائل الصغرى ، و قيادة مركزيّة و إدارة مستوى لمستوى .
مجموعة كتابة اللجنة الثوريّة لإقليم كيرين(12)
مهما كانت الظروف ، لا يمكن إعتبار أنّ التاريخ شيء يخلقه المخطّطون عوضا عن الجماهير .
ماو تسى تونغ (13)
-----------------------------------
لعلّ النقد المركزيّ للإقتصاد الإشتراكي المخطّط هو أنّه مبنيّ على فرضيّة غير واقعيّة تماما : أنّ المخطّطون يمكن بشكل ما أن يحصلوا على و يشتغلوا على كلّ المعلومات الضروريّة و المتغيّرة أبدا و المتّصلة بالإنتاج و الإستهلاك التى يتطلّبها التخطيط الفعّال على مستوى المجتمع . هكذا تطوّر الحجّة . إنّ المجتمع الصناعي المعاصر معقذد للغاية و يجمّع المعرفة و المؤهّلات منتشرة بصورة واسعة إلى درجة أنّه من غير الممكن تماما لسلطة تخطيط مركزيّة أن تشتغل على و تتصل بكلّ المعلومات المناسبة اللازمة لتنسيق عديد العوامل الإقتصاديّة المختلفة نشاطاتها . وحدها آليّة السعر – مكتشفة التغيّرات فى العلاقات بين عرض السعر و طلبه – والمساومة بين الأطراف يمكن عمليّا أن توفّر هذا النوع من المعلومات . و السعي إلى إدارة إقتصاد وفق الإرشاد المركزي لن يؤدّي إلاّ إلى الكابوس البيروقراطي ( سيضطرّ مطلب إصلاح صغير إلى المرور عبر مستويات لا عدّ لها و لا حصر ). و عندما يصبح المخطّط المركزيّ المصدر الوحيد أو الأوّليّ لتوفير معلومات مناسبة للمنتجين ، ما يتبع هو منتهى المركزيّة فى أخذ القرار . و بما أنّ المخطّطين المركزيّين يحاولون تجميع ما لا يمكن تجميعه – إقتصاد ضخم مسيّر مركزيّا – لا خيار أمامهم عدا تسيير الأمور بيد حديديّة دكتاتوريّة .
يصوّر هذا النقد رجلا من القشّ ، " المخطّط العالم بكلّ شيء " المفترض أنّه يشتغل على معلومات تامة و رؤية واضحة تمام الوضوح . و يصوّر المهمّة أو التحدّى المواجه للإقتصاد الإشتراكي على أنّه أساسا حاسوبي و إداريّ : سحق الأعداد الحقيقيّة للتمكّن من الإدارة المصغّرة للإقتصاد من البنك المركزيذ إلى أسفل إلى الصانع الصغرى . و التخطيط الذى هو مهمّة سياسيّة عميقة على الجماهير أن تتولّى مسؤوليّتها الجماعيّة و عليها أن تراقبه جماعيّا ، يصبح تمرينا حاسوبيّا بواسطته يحاول مخطّطو الدولة ( بنجاح أو فشل ) بلوغ السيطرة التفصيليّة على الإقتصاد (14).
الرأسماليّة و مشكل المعلومات :
قبل التوجّه إلى بعض المواضيع السياسيّة و العمليّة المرتبطة بتبادل المعلومات الإقتصاديّة و الإجتماعيّة فى إقتصاد إشتراكيّ مخطّط حقّا ، نحتاج إلى توضيح بعض نقاط حول التفوّق المفترض للرأسماليّة فى هذا المضمار .
أوّلا ، فى إقتصاديّات السوق الغربيّة ، الرأسماليّون الخاصون و المستهلكون أبعد ما يكونوا عن إمتلاك كلّ أو معظم معلومات الأسعار ( أرخص المزوّدين، أقلّ سعر لسلعة إستهلاكيّة إلخ ) حينما يتعلّق المر بإتّخاذ القرارات و الخيارات الإقتصاديّة . و بالتالى لا وجود لمعلومات كاملة أو " تامة " فى إقتصاد السوق المعاصر . و كذلك وجبت الإشارة إلى عدم قدرة الرأسماليّة على معالجة المشاكل الإجتماعيّة الكبرى مثل العيش دون مأوى فى الولايات المتحدة ، و لا تهتمّ كثيرا بقلّة المعلومات أو نقصها – المشكل المعروف جدّا و كذلك هي عديد الحلول الممكنة . و أيضا لا يمكن أن يثقال إنّ هناك نقص فى الطلب الإجتماعي ؛ الفقراء بالتأكيد يطالبون بالمسكن اللائق . لكن إن كانت الرأسماليّة تعترف ب" طلب " معيّن و تلبّيه يتحدّد رئيسيّا بالأرباح المستخرجة و المال الذى يجب إنفاقه .
ثانيا ، هناك إدّعاء بأنّ الإقتصاد الإشتراكي يرزح تحت وطأة جهاز قيادة مترامى الأطراف لصنع القرار و توجيه النشاطات الإقتصاديّة و للإقتصاد الراسمالي وسائل آليّة و فعّالة لإبلاغ المعلومات الأساسيّة للمنتجين . و يوجد هذا فى عمليّات الأسواق و السعار – إن كان سعر بصدد الإرتفاع ، هناك طلب يجب تلبيته و ينطلق الرأسماليّون فى مزيد الإنتاج من تلك السلعة . لكن يجب رؤية هذا كما هو : آليّة غير مباشرة فوضويّة للتواصل و التنسيق . فى ظلّ الرأسماليّة لا يسترشد التطوّر الإقتصادي و لا يتشكّل بأيّ مخطّط أو هد إجتماعي مسبّق. حاجيات و متطلّبات الإنتاج العام للمجتمع لا تتأكّد و لا يمكن أن تتاكّد و تخطّط مسبّقا لأنّ النشاط الإنتاجي للمجتمع مقسّم إلى وحدات رأسمال خاص . و هذه الرساميل الخاصة تحصل على درجة عالية من التنظيم ( و حتّى المخطّط ) على مستوى المصنع و المؤسّسة . لكن لا وجود لتنسيق على المستوى الواسع للمجتمع و لا تعترف هذه الرساميل الخاصة مسبّقا بمن و ما هي الكمّية الضروريّة التى تنتجها أو حتّى إن كان ما تنتجه لازم حقّا . إنّها تخوض معركة من أجل الأرباح و تقاسم السوق ،وهي توسّع أفنتاج و تدخل تقنية جديدة لخوض المعركة . لكن إن كانت سيرورات العمل تحت إمرتها ضروريّة عمليّا أم مناسبة للمعيار التنافسي ... هذه الأخبار و المعلومات لا تأتى إلاّ لاحقا – عندما تصرف السوق أوّلا ما يُرمى به للبيع ، و بحركات الأسعار و الأرباح . و ردّا على مؤشّرات السوق هذه ، توجّه الإستثمارات إلى هنا أو هناك ، و تضاعف أو تقلّص قوّة العمل إلخ . و هكذا يُعبّر إنضباط السوق عن نفسه عبر الحضور و الغياب ، كثير جدّا او قليل جدّا ، و سيرورة المحاولة و الخطأ و التعديل بعد الحادث .
و علاوة على ذلك ، إن كان السوق و آليّة الأسعار تعمل بفعاليّة كبيرة ، يتعيّن على المرء أن يتساءل لماذا تتطلّب الرأسماليّة جيشا منتفخا من السماسرة و الباحثين فى السوق و الإشهار الشخصي لتجعل من أسواقها تعمل بشكل مربح . و الجواب هو أنذ الشركات المتنافسة مضطرّة أبدا إلى جمع أكثر معلومات و أبدا بأسرع ما أمكن فى هذه السوق المتحرّكة فوضويّا لأجل أن تكسب ميزة فى المنافسة . وما ينتج عن ذلك من تبذير و هدر – سواء كان إزدهار كلّ أنواع التقنيات و النشاطات ل " قراءة " السوق و الإستفادة من معلومات السوق أم ال130 بليون دولار المدفوعة كلّ سنة فى الولايات المتّحدة للإشهار قصد الحثّ على الطلب و دفعه- خاصيّة كبرى للرأسماليّة .
و أخيرا ، بينما من الصحيح أنّ أسعار السوق توفّر معلومات على أساسها يتخذ الرأسماليّون قرارات إنتاجهم ، هناك بعض المعلومات الإجتماعيّة المطلقة الحيويّة ، مثل الضرر البيئي و الصحّي الذى يتسبّب فيه تلويث مصانع الفولاذ ، تخفق آليّة السوق – السعر فى تسجيلها و بالفعل تتجاهلها منهجيّا . و الشركات و المؤسّسات الخاصة لا تأخذ بعين الإعتبار تأثيرات ما تقوم به و التى لا تتنزّل ضمن عالمهم المعيّن ( الخاص ) من حساب الكلفة و السعر ؛ و لا تأخذ بعين الإعتبار الأشياء التى تقوم بها و لا يكون لها سعر – التلوّث لا يُشترى و لا يباع عامة . وعمليّا ، تنحو السوق إلى مجازاة الشركات لتجاهلها التكاليف الإجتماعيّة الأوسع و التأثيرات البعيدة المدى لنشاطاتها لأنّ ذلك يكسبها أرباحا . (15)
ومع ذلك ، يحاجج معارضو التخطيط بقول أنظروا إلى إقتصاد الإتّحاد السوفياتي السابق فى سبعينات القرن العشرين و ثمانيناته ، أين كانت مصاريف الإدارة المركزيّة ضخمة و أين كانت المؤسّسات الفرديّة تبعث بصفة روتينيّة بمعلومات خاطئة لوكالات التخطيط و أين كان المخطّطون المركزيّون لا يعلمون حقّا بما كان يجرى : كيف يمكن إعتبار هذا تقدّما نسبة للرأسماليّة ؟ من الواضح أنّه لم يوجد تنسيق للإنتاج فعّالا و موثّقا . و أكيد أنّ هناك وصف صحيح للوضع الذى وُجد. كانت المؤسّسات تبالغ فى حاجياتها من الموارد و تقلّص من قدراتها الإنتاجيّة فى تقاريرها و مشاوراتها مع سلط التخطيط. و فى الوقت نفسه ، كانت مستويات البيروقراطيّة تتضاعف مع محاولة المخطّطين بيأس تسيير الإقتصاد و التحكّم فيه .
لكن هذه ليست آليّات عمل الإشتراكيّة . كانت المغالطة فى التقارير و التقليص من القدرات الإنتاجيّة من قبل المؤسّسات إنعكاسا للتنافس بين مؤسّسات الدولة الرأسماليّة من أجل القروض و الموارد الممنوحة مركزيّا فى نظام الترفيع إلى أقصى حدّ فى الأرباح . و بشكل عكسيذ ، كان ذلك إستراتيجيا " مراوغة " مخطّط لم يكن يعمل حقّا – لذا كانت المؤسّسات تسعى إلى مراكمة و إخفاء التموينات – و على المدى البعيد لم يفعل سوى جعل الأمور أسوأ ، مع تحوّل التخطيط إلى شيء أقلّ حتّى تعويلا عليه و أكثر فوضويّة .
ولنتحدّث عن إقتصاد إشتراكيّ حقيقيّ . و لنكن متأكّدين من أنّ المعلومات الإقتصاديّة الكاملة و التامة لن تتوفّر حتّى فى ظلّه . لكن هذه ليست ملاحظة فظيعة العمق أو الفائدة... و بالكاد هي حجّة ضد التخطيط . إنّ التخطيط الإشتراكي سيرورة من الإكتشاف المستمرّ النابع من تداخل المعرفة و العمل و من تبادل المعلومات من عدّة جهات متباينة لتنسيق الإنتاج و رفع الفهم و خدمة الحاجة الإجتماعيّة . و فضلا عن ذلك ، يجب على التخطيط أن يسمح بمجال للظروف و التغيّرات الفجئيّة غير المتوقّعة ، و للتعديلات بإتّجاه ظروف جديدة و تصحيح الأخطاء . بإختصار ، لا يمكن للمخطّط أن يكون توقّعا دقيقا ( من غير الممكن إدخال تعديلات عليه ) عدديّا أو مخطّطا جامدا ؛ إنّه بالأحرى يشمل أمورا تقريبيّة و توقّعات أساسيّة و رؤى مستقبليّة فى البحث عن تحقيق الأهداف الأساسيّة ( باللغة التقنيّة ، يجب صياغته بمعنى إحتمالات) ، و الشيء المفتاح فيه هو التعلّم من التجربة .
و مع ذلك ، من الواقعيذ تماما بالنسبة للمجتمع الإشتراكي أن يشخّص و يعيّن أولويّات إقتصاديّة و إجتماعيّة ، لتحديد ما هي الحاجيات الإجتماعيّة التى يجب تلبيتها و ما هي الأكثر إستعجاليّة ( مثل بناء مستشفيات جديدة مقابل ملاعب رياضيّة جديدة ). و من الممكن صياغة أهداف عامة و تقييم الوسائل و الطرق المناسبة و البديلة لتحقيقها . و من الممكن إنجاز تقييم للحاجيات الماديّة – التموين أي فهم كيف يمكن إنتاج سلع ، أو بناء صناعي و القيام بتوسيعه و تقديم الموارد و توفير التقنية و الإنتاج و قدرات عمل المجتمع – و قد شدّد افقتصاد الماويّ على دور العامل الإنساني فى فتح أفق إمكانيّات جديدة فى معالجة مشاكل الإنتاج – و لتنسيق العلاقات الضروريّة بين مختلف قطاعات الإنتاج . و فى حال الصين الإشتراكيّة ، وضعت الفلاحة عن وعي كنقطة إنطلاق فى التخطيط . و قد عَني ذلك أوّلا إنجاز تقدير واقعي لإمكانيّات إنتاج الفلاحة و الموارد و الأسمدة و الحديد و الفولاذ و الآلات إلخ ) اللازمة لتحقيق اهداف الفلاحة و على ذلك الأساس رسم مخطّط مفصّل للصناعة . و على هذا النحو ، كان ممكنا رسم مخطّطات يمكن التعويل عليها تشجّع علاقات الدعم المتبادل و التعديلات بين الفلاحة و الصناعة ، كجزء من مشروع أكبر لردم الهوّة بين المدينة والريف . و خلاصة القول ، يمكن إنجاز حسابات إقتصاديّة واعية . إ نّها شكل من الحسابات التى تنطلق من الحاجيات الإجتماعيّة و الأهداف المحدّدة سياسيّا و التى لها تأثيرات بعيدة المدى ( مثل الطرق التى تؤثّر بها عيّنات الإنتاج و الإستهلاك على قاعدة الموارد و النظام البيئيّ).
اللامركزيّة الماويّة و تخطيط المناطق :
و يطرح معارضو التخطيط مسألة كبرى تخصّ طبيعة التحكّم المركزيّ . هل يؤدّى إقتصاد مخطّط بالضرورة إلى بيروقراطيّة كبيرة العدد و إضطهاديّة ؟ بالفعل ، الرأسماليّة هي التى تتطلّب تحكّما هرميّا و بيروقراطيّة – و لا يحتاج المرء سوى إلى إلقاء نظرة على التنظيم الداخلي للشركات العصريّة بعدّة رتب مديريها و تكنوقراطيها و مراقبيها حتّى لا نذكر جهاز الحكم و السياسة لدى الرأسماليّة المعاصرة . لقد شدّد ماو على أنّه يجب على التخطيط الإشتراكي أن يمزج بين القيادة و الإدارة المركزيّتين مع المبادرة و الإدارة اللامركزيّتين . هذا ما يسمح لمجتمع إشتراكي بوضع السيرورات الإقتصاديّة تحت المراقبة الواعية و أقصى المساهمة الجماهيريّة فى تسيير الإقتصاد – وهو شيء مستحيل فى ظلّ الرأسماليّة . و تحتاج البروليتاريا إلى أن تمارس سلطة دولتها المركزيّة لتدافع عن الثورة ضد الأعداء الداخليّين و الخارجيين و للمضيّ قدما بالثورة . إنّها تحتاج إلى قيادة سياسيّة قويّة لمركزة التجربة و الفهم المتقدّيمن . و تحتاج إلى التخطيط لتنسيق الإنتاج الإجتماعي . لكن على هذا الأساس ، ينبغى أن توجد لامركزيّة واسعة لأجل إطلاق العنان للشعب و معالجة المشاكل فى المستويات المناسبة أكثر .
لقد لخّص ماو أنّ مراقبة مبالغ فيها من الأعلى إلى الأسفل ( أفقيّة ) للإقتصاد تخنق المبادرة الشعبيّة . و مثل هذا النظام من التخطيط لم يستطع أن يطلق العنان تماما للقدرات المحلّية و لا أن يسمح بالإستخدام الخلاّق للموارد المحلّية . و قد قوّض أيضا القيادة الموحّدة للإقتصاد ككلّ ، بما انّه ما كانت ممكنة إدارة إقتصاد معقّد و متنوّع على قاعدة الأوامر المفصّلة من فوق مهما كانت المعلومات الإحصائيّة و حسابات السعر شاملة . و مثل هذا النوع من إدارة الإقتصاد و مراقبته من قبل وزارات الإقتصاد وسلطات التخطيط المركزيّة الذى كان يطبّق عندما كان الإتحاد السوفياتي إشتراكيّا ، شوّه كذلك الحسابات الإقتصاديّة و ولّد بعض الممارسات غير العقلانيّة . مثلا ، إن كان مصنع يحتاج إلى تموين إضافيّ ، كان يجب عليه أن يقدّم مطلبا لوزارة الصناعة المناسبة و أحيانا عليه الإنتظار لأشهر للحصول عليه من مزوّد بعيد جغرافيّا كان تحت إشراف الوزارة عينها ... عوض الحصول على تموين من منتج قريب مرتبط بوزارة أخرى .
فى الصين الماويّة ، كان المخطّط الوطني يبثّ المتطلّبات الرئيسيّة للمحافظات . و مثّل هذا قطيعة واضحة مع المقاربة التى طوّرها ستالين ، إذ مُنحت سلط ملموسة للتخطيط و الإدارة الإقتصاديين للمحافظات و المناطق المحلّية . لقد فهم ماو أنّ التخطيط المركزيّ لم يكن يشمل كلّ القرارات التى يجب إتّخاذها لتسيير إقتصاد. كان المبدأ منح سلطة إتّخاذ القرار إلى المستوى الذى تنفّذ فيه القرارات . كان هذا لامركزيّة للسلطة السياسيّة المحلّية و كان الهدف من ذلك السماح بتحديد المهام و إنجازها و المشاكل التى يجب معالجتها ، على المستوى المحلّى وتوفير مبادرة أكبر للجماهير. فى شرق أوروبا ، فى ستينات القرن العشرين ، أُرسيت لامركزيّة إلاّ أنّها كانت مختلفة كلّيا ، كانت لامركزيّة رأسماليّة – منحت بعض السلط من المخطّطين المركزيّين إلى مديري المؤسسات الصناعيّة و قد صاحب هذا المزيد من التعويل على قوى السوق و ليس على الشعب .
قبل القفزة الكبرى إلى الأمام سنة 1958 -1960 التى شهدت صعود الكمونات الشعبيّة والتمرّد والتجديد الثوريّين الضخمين، كان نظام التخطيط الصيني يتقاسم العديد من مظاهر نظام التخطيط السوفياتي فى ظلّ ستالين . فكانت سلط الوزارات ترسم المخطّطات لصناعاتها الخاصّة و كانت المؤسّسات الصناعيّة الكبرى توضع تحت مراقبة عن كثب لفرع انتاج الوزارة المعنيّة . لكن هذا قد تغيّر " من نظام تخطيط و إدارة فيه كلّ منتوج صناعي بؤرة تركيز أساسيّة ، إلى نظام تخطيط فيه المناطق المحلّية هي بؤرة التركيز ." (16)
ما جرى تطويره هو نظام تخطيط " ثنائي المحاور " . كانت المخطّطات ترسم عن طريق وزارات الصناعة لتلبية حاجيات و متطلبات فروع الإنتاج الخاصّة ( محور ) و كانت ترسم أيضا لتشجيع تطوّر و تلبية حاجيات و متطلّبات المناطق الجغرافيّة ( المحور الآخر ) ؛ بالتالى كانت تنسّق بين بعضها البعض عبر لجنة تخطيط بيد أنّ المحور الأساسي كان تخطيط " المنطقة " . و مثلما تمّت الإشارة إلى ذلك آنفا، كان هدف التخطيط الماويّ هو التطوير الشامل و المعوّل على الذات للأنظمة الصناعيّة المناطقيّة و المحلّية فى علاقة بالفلاحة و التشجيع على مزيد المبادرة من أسفل . لهذه الأسباب ، كانت المخطّطات تصاغ رئيسيّا بمعنى المناطق . و يجعل المناطق المحلّية تتولّى مسؤوليّة قرارات الإنتاج ومنح الموارد الأساسيّة، كما وقع تبسيط كامل سيرورة تنسيق الإنتاج الإجتماعي و إرتفعت الفعاليّة . و حرّر هذا سلطة التخطيط المركزيّة من الكثير من " الحسابات السطحيّة " و الإدارة اليوميّة ، بما سمح لها بالتركيز عوض ذلك على مسائل كبرى للتخطيط افقصادي الوطني العام .
وتولّت المحافظات مسؤوليّة المؤسّسات ضمن حدودها للتزيويد بالبضائع المفاتيح . و قد كسر التخطيط المناطقيّ الفصل الصارم للمؤسّسات حسب منتوجاتها . و تمّ تشجيع وحدات الإنتاج المجاورة على إرساء علاقات واسعة حتّى تتمكّن من التنسيق مع و المساعدة و التعلّم من بعضها البعض ، و من خدمة السكّان حولها . و حيث كان ذلك ممكنا ، وقع إنتاج المكوّنات و الموارد ضمن المناطق المحلّية . و جعلت مرونة هذا الضرب من التخطيط أيسر التعاطى مع نقص أو إنقطاع فى التموين . و حينما كانت مؤسّسة تحتاج إلى تموين إضافي لا يغطّيه المخطّط ، كان بوسعها التوجّه إلى السلط فى المحافظة كما كان بوسعها أن تنظّم للتزوّد محلّيا أو البحث عن أو تطوير معوّضات أو إيجاد طرق للإقتصاد فى الموارد . و قد حثّ الخطّ الثوريّ أيضا المؤسّسات على تنويع نشاطاتها الإنتاجيّة و تطوير قدراتها على تلبية مزيد من الأجزاء و التزويد و إصلاح المتطلّبات صلب المؤسّسة ، و هذا أيضا يسّر أكثر إدارة التخطيط . (17)
و دفع هذا النوع من التخطيط و الإندماج المناطقيّ مجمل التطوّر الصناعي- الفلاحيّ بدلا من ترك الوزارات تطوّر و تحدّد أماكن الصناعة إعتمادا على المستوى الموجود من تطوّر المناطق ( الذى سيبقى تلك المتخلّفة متخلّفة ) . و كان بوسع تلك المقاربة أن تربط بأكثر فعاليّة النموّ الإقتصادي بالإهتمامات الإجتماعيّة الأوسع . و قد تمّ تلخيص أنّ التحكّم و التنظيم الأفقيّ القائم على الوزارات كان يعزّز نزعات إلى وضع الإنتاج فوق كلّ شيء آخر، و كان هذا يتعارض مع الأهداف غير الإقتصاديّة . بوضوح ، كانت تلك مشاكل فى افتحاد السوفياتي لمّا كان إشتراكيّا فى الفترة السابقة على 1956 . و بحثا عن الفعاليّة و النموّ الإقتصادي السريع ، توجّه المخطّطون إلى مؤسّسات صناعيّة عملاقة و وضعوا ضغطا شديدا عليها لتنتج أقصى ما تقدر على إنتاجه . و فى الوقت نفسه ، نزعت وزارات الصناعة نحو " فكر الأقسام " – الإهتمام الأوّلي بالمؤسسات فى نفس الصناعة . و كان لكلّ هذا تبعات إقتصاديّة و إجتماعيّة و كذلك بيئيّة سلبيّة . و التخطيط المناطقيّ ، من ناحية ، إستطاع أن يهتمّ بذاته بطرق أشمل بمسائل كثافة السكّان و التلوّث و الصحّة و بالطرق التى يمكن بها لمناطق السكن أن تتطوّر إلى أنواع جديدة من الوحدات للحياة الإقتصاديّة والإ جتماعيّة الجماعيّة ( ولهذا إنعكاسات هائلة على تحرير المرأة)، و الإختلافات بين المدن و الأرياف و ترابطهما . وهنا يمكن أن نضيف أنّ اللامركزيّة كانت كذلك منعكسة فى مدى الإنتاج: لم يكن الماويّون مفتونين بالأحجام الكبرى للمصانع بل إرتأوا مرونة فى نشر المؤسّسات الصغرى و المتوسّطة الحجم و المدارة شعبيّا .
مرّة أخرى حول الإدارة المركزيّة و التنسيق المحلّي ، و المعلومات الإجتماعيّة :
بينما شدّد الثوريّون الماويّون تشديدا كبيرا على المبادرة المحلّية و المسؤوليّة المحلّية ، ظلّت الحكومة المركزيّة معنيّة عن قرب بسيرورة التخطيط . و قد شملت وسائط المراقبة المركزيّة فى نظام التخطيط : نظام التزويد بالمواد و نقل الموارد و التمويل بين المحافظات ؛ و السياسة الماليّة الوطنيّة بما فى ذلك الأسعار المحدّدة و الموحّدة مركزيّا ؛ و نظام الإدارة المشتركة للمؤسّسات من طرف وزارة الحكومة المركزيّة ( كان هذا هو مظهر المركزيّة ) و السلطة السياسيّة المحلّية المناسبة على مستوى الحافظة أو البلديّة ( كان هذا هو مظهر اللامركزيّة ). و هكذا وُجدت إدارة ممركزة لمستويات إنتاج المنتوجات الكبرى ، و لتوزيع الصناعات بين المحافظات ، وتحديد أسعار السلع المفاتيح و توزيع الأموال بين الوزارات . و من أجل تعبئة الموارد للحاجيات و القطاعات ذات الأولويّة ، و إجراء تغيير هيكلي سريع ، و تجنّب التقسيم السياسي و الإقتصاديّ ، كانت مركزيّة من هذا الصنف أساسيّة .
و مع ذلك ، تقلّص عدد الوزارات المركزيّة و أجهزة تخطيط مركزي أخرى أثناء الثورة الثقافيّة . و بإستثناء بعض المؤسّسات الحيويّة " المفاتيح " للدفاع و البناء الإقتصادي الوطني ، وضعت معظم المؤسسات الصناعيّة و التجاريّة التابعة للدولة ، مع 1970 ، تحت الإشراف المحلّي . و من 5000 مؤسّسة صغيرة أو متوسّطة الحجم ، حوالي 2000 أو أقلّ بقليل من 40 بالمائة ، كانت تحت إشراف مركزي مباشر ، فى بداية سبعينات القرن العشرين (18). و فى نفس الوقت ، إندمجت النشاطتات المخطّطة للوحدات الصناعيّة التى هي تحت إشراف مركزيّ فى مخطّطات المحافظات و البلديّات . و قد كانت للمحافظات إتفاقيّات دفعات ماليّة للمركز . لكن السلطة فى المحافظة و محلّيا كانت تتحكّم فى قسم محسوب من العائدات الفائضة عن الأهداف المرسومة .
أمّا بخصوص مشاريع الإستثمارات الكبرى - على غرار بناء مصانع حديد كبرى و متقدّمة تكنولوجيّا – كانت القرارات حول القدرة الصناعية الوطنيّة من نوع معيّن تتّخذ فى المركز و الموارد الماليّة كانت تمنح مركزيّا . هنا كان لوزارات الصناعة دور هام تنهض به . لكن المخطّطات الخاصة لرفع القدرة الصناعيّة كانت مندمجة فى مخطّطات المحافظات . و عدد المواد الموضوعة تحت تصرّف المنح الممركزة جرى تقليصها أثناء الثورة الثقافيّة . كان فى مستوى 200- 300 فى بدايات سبعينات القرن الماضي ، مقارنة بعدد أكبر بكثير زمن كان الإتحاد السوفياتي إشتراكيّا ( و مقارنة بحجم يقدّر ب 65000 [!] . مواد تتحكّم فيها السلطات المركزيّة السوفياتيّة فى سبعينات القرن العشرين و ثمانيناته ) (19). و بعد كلّ شيء ، كان هذا بالأحرى خارقا للعادة فى التاريخ الإقتصادي المعاصر ، فالقنوات الإداريّة و التخطيطيّة وقع تبسيطها فى الصين بالرغم من المتزايد و تعقيد الإقتصاد .
يتطلّب التخطيط الإشتراكي توازنا فى المواد . و يعنى هذا تقدير كمّية الإستثمار المطلوب لكلّ وحدة إنتاج ، و على سبيل المثال كمّية الحديد اللازمة لإنتاج موارد قدر مرغوب فيها من الآلات . بكلمات أخرى ، هذا يعنى ضمان أن يكون الإنتاج الضروري متوفّر لتلبية حاجيات الإنتاج و أن تكون مختلف الفروع منسجمة مع حاجيات بعضها البعض و مترابطة لأجل إنجاز المخطّط . و يعنى كذلك أنّ " الضوابط " الموضوعة أي معايير كمّية العمل أو المواد الأوّليّة التى يجب أن تكون ضروريّة لإنتاج وحدة ما من هذه السلعة أو تلك . و فى الصين ، يرسم المخطّط الوطني أهدافا إنتاجيّة واسعة لسلع معيّنة إلاّ أنذه لا يعيّن نسبا دقيقة . فكانت السلط الجهويّة و المحلّية تدير التقدير التفصيلي للمواد . و كانت أهداف السلع الواسعة تفصّل إلى منتوجات خاصة ( بمعايير نوعيّة خاصة ) و عقود التسليم عبر الإجتماعات المباشرة بين المنتجين و المخطّطين و المستهلكين عند التزويد و ندوات البيع .
و كان نظام الندوات هذا شيئا جديدا فى التخطيط الإشتراكي ، محاولة تجديديّة لتجميع ممثّلى الوحدات و المنظّمات الإقتصاديّة للقيام بتعديلات بين المؤسّسات و إبرام عقود التموين و التسايم وتلبية متطلّبات التوازن . و كان هذا وسيلة لتوزيع المواد للإنتاج الذى لم يكن يثعوّل على السوق و لا على المخطّطين المتنقّلين من بعيد . و قد حسّن نظام الندوات هذا من تبادل المعلومات بين المؤسّسات ( و ليس فحسب بين الوحدات المرتبطة ببعضها البعض فى فرع ما من فروع الإنتاج بل بين وحدات الإنتاج و وحدات إستهلاك المواد المعنيّة ) ، ما جعل التخطيط أكثر فعاليّة و مرونة .
أمّا بالنسبة إلى حاجيات المستهلك ، فقد إرتأى نظام التخطيط أن يتفاعل مع ما يريده ( و ما لا يريده ) المستهلك . فقد بذلت الأقسام التجاريّة لإقتصاد الدولة جهودا معتبرة لإنجاز بحوث و دراسات حول الإستهلاك . و فى الوقت نفسه ، كانت المعامل التى تنتج سلعا إستهلاكيّة ترسل بشكل روتيني ممثّلين – عمّال للمغازات التى تبيع سلعها الخاصة لأجل الإطّلاع على ما يرضى المستهلك و مايرغب فيه ( و كان عاديّا أن يزور هؤلاء الممثّلين الكمونات لذات الغرض ). و قد بيّن الصينيّون أن بوسع إقتصاد إشتراكي أن يقيّم و يلبّي حاجة المستهلك و ذوقه ( رغم أنّ الشغل الشاغل كان حاجيات أوسع الجماهير و ليس إستهلاك نخبة للكماليّات ) .(20)
و ركّز النقاش على الفهم الجماعي للمجتمع لحاجيات الإنتاج والإستهلاك . لكن ثمّة بُعد حيويّ آخر،" مشكل المعلومات ". هذه هي قدرة المجتمع على تقاسم معرفة ما تمّ تعلّمه فى الصراع من أجل الإنتاج و نشرها . فى إقتصاد رأسمالي ، هناك " نزاع جوهريّ بين خوصصة الأفكار التجديديّة و نشرها فى الإقتصاد " (21) فالإقتصاد الرأسمالي يجازى المجدّدين لإبقاء أفكارهم بعيدا عن الآخرين . فيمكن لشركة رأسماليّة أن تحوز قصب السبق فى معركة منافسة بتطوير منتج أو تكنولوجيا جديدة و إستعمال السرّية و براءة الإختراع إلخ للحيلولة دون إستعمال أو إستفادة الآخرين منه ( و من الناحية الأخرى ، إن شعرت شركة بأنّها لا تستطيع الإستفادة من تجديد أو أنّ الآخرين قد يستفيدون من جهودها ، يمكن أن تتراجع ) . و تلغى الإشتراكيّة حواجز الملكيّة الفرديّة . و تصبح التجديدات و المعرفة ملكيّة إجتماعيّة . و من مهام نظام التخطيط فى الصين كانت بالضبط جعل هذه المعرفة معرفة إجتماعيّة . و تشمل هذه السيرورة إرساء روابط تعاون بين وحدات الإنتاج كي تتمكّن الأفكار الجديدة من الإنتشار و كي يمكن تعلّم تقنيات إنتاج جديدة ؛ و ربط علاقات مانح – قابض للتجهيزات و المساعدة الفوريّة ؛ و ممارسة إرسال تقنيّين من المناطق الأكثر تطوّرا إلى المناطق و وحدات الإنتاج الأقلّ تطوّرا ؛ و إرساء مراكز بحث عمّاليّة خاصة فى المصانع و المعاهد فى الريف مزجت فيها الدراسة التقنيّة و السياسيّة ؛ و إرسال الشباب المتعلّم إلى الريف ؛ و إستعمال كتب مرشدة شعبيّة على نطاق واسع (22). و بتوسيع قدرات العمّال العاديّين و تجاربهم ، و بالإطاحة بالتخصّص الضيذق فى المهام و المؤهّلات ، يمكن لإقتصاد إشتراكي أن يفرز أكثر معلومات مفيدة ( لتحسين ظروف العيش فى المجتمع و التقدّم به ) ممّا هو ممكن فى ظروف التخصّص و التراتبيّة الرأسماليّين . (23)
التخطيط عبر الخطّ :
شدّد الماويّون على المبادرة من " الجانبين " ، من المركز و من المناطق المحلّية ، و على إعطاء المناطق المحلّية أكبر قدر ممكن من المسؤوليّة . لكن كيف يمكن فى ظلّ هذا النظام تقييم المصالح الآنيّة و البعيدة المدى ، و التوفيق بين المصالح المتنافسة ؟ ما هي ضمانات منع المحافظات و المناطق من مجرّد البحث عن مصالحها الخاصّة ؟ كيف يمكن بلوغ التنسيق عبر وحدات التخطيط المختلفة و العديدة هذه ؟
هنا مظاهر مركزيّة نظام التخطيط تعود لتنهض بدورها . هناك بعض النقاط العامة الأساسيّة التى يجب مراعاتها : كانت هيكلة الإدارة عموما متماثلة عبر البلاد ؛ و لم تكن الوحدات الفرديّة قادرة على تكريس سلطة إتّخاذ القرار و سلطة التنفيذ لوحدها فى مواضيع متباينة إلاّ على أساس الإلتصاق بالخطّ السياسي و التوجيهات العامة ؛ و كانت أرباح المؤسّسات المملوكة للدولة تنقل إلى الدولة ، و الحصيلة الخاصة لمؤسّسة لم تكن تحدّد أجورها ( تحدّد مركزيّا 9) ، و الأهداف المفاتيح للمخطّط ، بعد تحديدها ما كان ممكنا تغييرها بقرار مستقلّ لوحدة الإنتاج .
لقد عوّل الصينيّون على نوع من المركزيّة " غير المباشرة " تكون فيها الإشراف السياسي غير الثقيل هو الرئيسي لتنسيق التخطيط و ضمان أن تكون له قاعدة جماهيريّة . و قد تحقّق ذلك بوسائل ما أطلق عليه الثوريّون " الموحّدين الخمسة " . و فى دراسة هامة لنظام التخطيط الصيني ، عرضها رولان برجار :
1- الفهم الموحّد ، أي ، التحرّك على أساس الفهم السياسي و الإيديولوجي الثوري لأين يحتاج المجتمع أن يمضي و الرفع من الفهم من خلال الدراسة و الصراع السياسيين ؛
2- السياسة الموحِّدة التى كانت تعنى أن هذا الخطّ السياسي العام سيُطبّق فى كلّ مستوى من مستويات الإقتصاد و فى كلّ مرحلة من مراحل التنطوّر لمعالجة مشاكل خاصّة ؛
3- المخطّط الموحِّد ، أي ، وجود تنسيق بين مختلف القطاعات و المصالح فى تطبيق هذه السياسة ؛
4- القيادة الموحّدة وهي مبدأ أن تتأتّى قيادة كلّ وحدة إقتصاديّة و إجتماعيّة من الوحدة التالية الأعلى منها ؛
5- العمل الموحّد الذى كان يعنى أنذه يجب التعويل على الجماهير و إطلاق العنان لها فى كلّ مستوى من المستويات . (24)
و هكذا كانت سياسة فسح مجال أكبر للسلط المحلّية تطبّق فى وحدة جدليّة مع القيادة المركزيّة الموحّدة و التخطيط الموحّد. و سيكون للمبادرة المحلّية تأثير على تقوية و ليس إضعاف القيادة المركزيّة و التخطيط الموحّد . لكن الناظم الحقيقي لضمان تلبية مصالح الكلّ و الحاجيات الشاملة للثورة كان ضمانا سياسيّا و إيديولوجيّا . و كان حيويّا فى هذا ممارسة " الخطّ الجماهيري " ، من الجماهير إلى الجماهير ، لضمان أن يكرّس التخطيط فى إنسجام مع مصالح الجماهير و على قاعدة تعبئة الجماهير .
و كانت للماويين جملة لوصف التخطيط الذى كان منفصلا عن الجماهير و الذى يضع التخطيط بيد " الأخصّائيين ". كانوا يسمّونه " التخطيط بالآلة الكاتبة و الحاسوب و الهاتف ". لقد كان التخطيط الماوي معتمدا أقلّ على التجميع التفصيلي للإحصائيّات منه على سلطات التخطيط ، فى إكتشاف الوقائع من أماكن العمل و تبادل التجارب بين المؤسسات. " يجب أن نغادر مكاتبنا و نذهب وسط الجماهير ، و نثق بها و نعوّل على قوّتها و ليس مجرّد غلق الأبواب بينما نقوم بتقديراتنا و حساباتنا " (25).هذا ما ورد فى مقال كُتب خلال القفزة الكبرى إلى المام . و كانت موجة المعلومات التوجيهيّة المفتاح تأتى من الأسفل إلى الأعلى : " فى التنسيق العام للإنتاج ... المركز هو الذى يجب أن يقصف بالتقارير و المعلومات و عودة " المخطّطين " الذين تنقّلوا إلى المناطق المحلّية و أجروا بحوثا ." (26)
عند رسم المخطّطات و مراجعتها ، أكّد الثوريّون على أهمّية الإستشارة المستمرّة فى كلّ مرحلة من سيرورة التخطيط و " التخطيط عبر الخطّ " ( عبر النقاش السياسي الجماهيري ). و كان تطبيق " الخطّ الجماهيري " يعنى أنّ نقاشات المخطّطات المقترحة ستتمّ على المستوى القاعديذ و أنّ التعديلات المقترحة ستمرّ إلى فوق ، مع تواصل المبادلات من الجهتين بين المستويات العليا و الدنيا ، و مع أثمن المقترحات المدمجة فى المسار .
و قد وصف الصينيّون كلّ هذه السيرورة على أنّها " الإثنان أعلى و الإثنان أسفل ". يصاغ مخطّط أوّلي يعتمد التجربة الجماهيرية ليمرّ إلى أعلى ويلبّي الحاجيات العامّة لتقدّم الثورة ، و يرسل إلى أسفل عبر كلّ المستويات الإداريّة و الإنتاجيّة. ثمّ يعرض على الجماهير لتراجعه و تضيف إليه إقتراحات تبعث إلى أعلى . و تاليا يرسل بمخطّط معدل نهائ إلى أسفل . و حجر زاوية هذه الإجراءات و الآليّات كان أّن أهداف المخطّط و ضوابطه ( معايير الإنتاج ) كانت موضوع نقاش و تقييم جماهيريين ، وفق الخطّ السياسي العام . لكنّ التخطيط عبر الخطّ لا يتطلذب سيرورة مدّ و جزر عبرها يمكن رسم مخطّط أصحّ فحسب بل يتطلّب كسب الجماهير سياسيّا للمخطّط حتّى تستطيع أن تحدّد و تنجز مسؤوليّاتها الخاصة و مصالح الثورة برمّتها فى أذهانها . و لو لم يقع إعتماد هذه المقاربة لكانت النزعة العفويّة لدى الجماهير تتجسّد سواء فى إتخاذ موقف سلبيّ و ببساطة التفكير فى أسهل الطرق لإنجاز المطلوب منها أو الإلتفاف على المخطّط و المضيّ إلى البحث عن أعظم المكاسب المحلّية المباشرة .
منهج التخطيط ليس محايدا . إنّه يؤثّر فى الهيكلة الطبقيّة – على من و ما تتمّ مراقبته . و ذات الوسائل يجرى بها تجميع و تقييم إنعكاسات الصراع الطبقي . لقد كان نظام التخطيط الصينيّ موحّدا و مرنا و كان يعتمد على مشاركة الجماهير . فكان هذا نتيجة للمزج الفريد للمركزيّة و اللامركزيّة فى آليّات التخطيط و ممارسة السياسة الثوريّة الجماهيريّة . كان نوعا جديدا من التخطيط الإشتراكيّ .
III- القوانين الإقتصاديّة ، التوازن و مرونة المخطّط
" تنكر المقاربة التحريفيّة للتخطيط الحركة الجدليّة للأشياء و تحاول أن تفرض النظام و التوازن من أعلى ، من خلال المناهج و المراسيم البيروقراطيّة المنفصلة عن و المعارضة للجماهير و المبادرة الجماهيريّة و كذلك القوانين الفعليّة لتطوّر الإقتصاد ".
بوب أفاكيان (27)
" التوازن نسبيّ فى علاقة باللاتوازن . دون لاتوازن لا وجود للتوازن . و يتميّز تطوّر الأشياء باللاتوازن . لهذا ثمّة طلب للتوازن ... بإستمرار يجب مراجعة المخطّطات تحديدا لأنّ لاتوازنا جديدا حدث ".
ماو تسى تونغ (28)
" لا يمكن بناء الإشتراكية فى جوّ من البحار الهادئة و النسمات " .
ماو تسى تونغ (29)
-------------------------------------
لقد كانت طبيعة القوانين الإقتصادية فى ظلّ الإشتراكيّة موضوع بحث وتنظير مستمرّين من طرف القوى الثوريّة فى الصين. و يتجلّى هذا عند دراسة كتاب شنغاي . فقد حدّد ماو القوانين الموضوعيّة بانّها أشياء تظهر بصورة متكرّرة و ليس بصورة عرضيّة فى حركة الظواهر . (30) و تحيل القوانين الإقتصادية على الصلة و العلاقة الديناميكيّة التى تعدّل افنتاج الإجتماعي و التطوّر الإقتصادي و التى تدفع الوحدات الإقتصاديّة إلى التنظّم و التصرّف بطرق معيّنة ضمن أصناف معيّنة. و هذه القوانين متجذّرة فى الهياكل الإقتصاديّة و سيرورات المجتمع الموضوعيّة كما تطوّرت تاريخيّا . و يجب أن نقرّ بصراحة أنّ المزيد و المزيد يحتاج إلى الفهم فى ما يتعلّق بسير القوانين الإقتصاديّة فى ظلّ الإشتراكيّة . إلاّ أنّ تجربة البناء الإشتراكي قد بيّنت أنّ قوّة القوانين الإقتصاديّة ستتأكّد لا محالة حتّى و إن كان ذلك سلبيّا بالإخفاق فى فهمها و العمل وفقها. البناء الإشتراكيّ يجب توجيهه توجيها واعيا .
هنا يمك قول إنّ هناك ميزة للإشتراكيّة تشبه القانون ألا وهي أنّه لا وجود " ليد غير مرئيّة " توجّه تطوّر الإقتصاد الإشتراكي . لكن هذا لا يساوى الإراديّة ( عادة ما يُتّهم الإيديولوجيون الغربيّون و السوفيات ماو تسى تونغ بأنّه يملك نظرة مؤدّاها أنّه بالإمكان القيام بكلّ شيء فى أيّ وقت بغضّ النظر عن الظروف الماديّة و الإيديلوجيّة ). تشمل صياغة مخطّط و تنفيذه الدراسة الواعية للقوانين الموضوعيّة و إستعمالها و من خلال التطبيق و البحث و التلخيص ، كسب إستيعاب أشمل لطبيعة هذه القوانين . و على هذا الساس ، مدى النشاط الإنساني افرادي و الغائي بما فى ذلك تقليص نطاق العمليّة و التأثيرات السلبيّة لبعض القوانين ، ينمّى بصورة واسعة ، مثلما يفعل ما يسمّيه الماويّون " دور المبادرة " فى البنية الفوقيّة ( مفهومة بشكل عام لتعني الدور الديناميكي للسياسة و الثقافة و الإيديولوجيا ).
و فى ما يتّصل بالتخطيط ، ركّز الماويّون الإنتباه على قوانين ثلاثة . قانون القيمة يعكس نوعيّة تبادل السلع ( تبادل السلع نسبة إلى العمل الضروري إجتماعيّا لإنتاجها ) . فى إقتصاد إشتراكي ، يظلّ هذا القانون يلعب دوره فى التخطيط الإقتصادي فى حساب الكلفة و فى التأثير على تحديد السعر و النسب التى بها يتمّ تبادل سلع مختلفة الواحدة عن الأخرى ، و فى مراقبة عدم الفعاليّة فى أفنتاج لكنّه لا ينهض بدور مراقبة و تعديل . و كإرث من الرأسماليّة ، ينبغى التضييق على هذا القانون . و يقتضى قانون التطوّر المخطّط ( و المتناسب ) أن يجري توزيع العمل الإجتماعي و وسائل افنتاج بنسب صحيحة بين شتّى فروع الإقتصاد و مجالاته حتّى يمكن للإقتصاد ككلّ أن يتطوّر تطوّرا متناغما . و كان هذا القانون يعكس متطلّبات الإنتاج الإجتماعي فى ظلّ الملكيّة العامة . إلاّ أنّه لم يحدّد توجّه التطوّر الإجتماعي ؛ و يشير كتاب شنغاي إلى أنّ هذا يتعيّن بقانون إقتصادي أكثر جوهريّة فى ظلّ الإشتراكيّة : تلبية الحاجيات المتعاظمة لدولة البروليتاريا و للشعب .
و تعمل القوانين الإقتصاديّة كنزعات . و تتأثّر بقوانين و عوامل أخرى و كذلك بالظروف التاريخيّة ، و هذه القوانين ذاتها متناقضة . لذا الحركات الفعليّة للقوانين افقتصاديّة و ـاثيراتها معقّدة و ليست بسيطة أو ذات خطّ مستقيم . و يظلّ هذا حال المجتمع الإشتراكي .
الإشتراكيّة مرحلة إنتقاليّة بين الراسماليّة و الشيوعيّة و لا يمكن للتطوّر الإقتصادي إلاّ أن يكون صراعا بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي ، مرحلة إنتقاليّة تتميّز بالإضطراب و التغيير . و من الأخطاء الشائعة عن الإقتصاد الإشتراكي أو ربّما بصيغة أفضل من عقائد : القانون و النظام " لدى الإشتراكيّة الزائفة للتحريفية من النوع السوفياتي أنّ الإشتراكية تشكيلة إجتماعيّة مستقرّة تسمح قوانينها الإقتصاديّة للإنتاج بالتطوّر بسلاسة و للمجتمع بأن يتطوّر تدريجيّا و أبدا بالتأكيد نحو الشيوعية . و من ثمّة الإنشغال بالتوازن ... و بالنظام .
يزعم التحريفيّون السوفيات أنّ القوانين الإقتصاديّة من المفترض أن تضع المجتمع على نوع من " السائق الأوتوماتيكي " نحو الشيوعيّة . إيديولوجيّا ، خدم هذا الزعم وظيفة فكّ التعبئة السياسيّة للجماهير . و كانت برجوازيّة الدولة تقول للجماهير ألاّ تهتمّ بالسياسة ؛ و كلّ ما يوجد من المفترض أن يوجد ، وافشتراكيّة ستعتنى بنفسها – طالما أنّ القيادة ( أي البرجوازية الجديدة ) تسيّر الإقتصاد " عمليّا " وفق " القوانين " الإقتصاديّة . و بطبيعة الحال ، كان واقع الإتّحاد السوفياتي مغايرا تماما . لم تفهم آليّات تخطيط الدولة الرأسماليّة الصلبة جدّا عدا التشديد من الفوضى الإقتصاديّة على البعيد لأنّ الرأسماليّة و قوانينها لا يمكن التحكّم فيها .
ليس الإستقرار أسمى الأهداف :
فى إقتصاد إشتراكيّ حقيقيّ ، يمسى التعديل الواعي لكامل الإقتصاد ( تعديل الإقتصاد على النطاق الشامل ) مستحيلا . ونقصد بهذا أنّه بوسع المجتمع أن يشرف على كلّ فروع افقتصاد على أساس نظام واسع عادي . بيد أنّ هذا يثير بعض المسائل الهامة . هل انّ هذه القدرة على التحكّم فى الإنتاج الإجتماعي تعنى أنّ إقتصادا إشتراكيّا مخطّطا يمكن أن يحقّق إستقرارا إقتصاديّا على نطاق شامل ؟ و إلى أيّة درجة يجب أن يكون ذلك هدفا أساسيّا للإقتصاد الإشتراكي ؟ بوضوح ، جزء من المحاججة من أجل النظام الإشتراكي و تفوّقه الموضوعيّ هو أنّ الإدارة الممشركة لقوى الإنتاج تخوّل للمجتمع أن ينسّق الإنتاج وفقا لمخطّط واعى للحاجيات الإجتماعيّة . و يلغى هذا التفكّك الإقتصادي و البؤس الإجتماعي الراجعين للسعي الرأسمالي إلى الربح و التقلّبات العنيفة و تعديلات السوق التى يولّدها .
تتخطّى الإشتراكيّة الفوضى الكامنة ( إنعدام المخطّط ) للإنتاج الإجتماعي الرأسمالي و ظروف حيث القوى العمياء للإقتصاد تحكم حياة الناس . ومجدّدا ، يصبح التعديل الإقتصادي على النطاق الشامل الواعي مستحيلا . لكن المجتمع الإشتراكي فى حركة ، هناك صراع و تغيّر و الإستقرار و التحكّم نسبيّين . فى الفهم الماويّ، لم تكن مهمّة البناء الإشتراكي المخطّط بلوغ التوازن فى كلّ قطاع من قطاعات الإقتصاد أو فى كلّ مرحلة من مراحل التطوّر – و إنّما بالأحرى إطلاق العنان و تسخير القوى الديناميكيّة و أهمّها الناس سعيا وراء أهداف سياسيّة و إجتماعيّة خاصة . و إليكم كيف يشرح ماو حركة تطوّر الإقتصاد الإشتراكي :
" لا يخلو البناء الإقتصاديّ من حركة تقدّم و تراجع ؛ ليس التقدّم مستقرّا و لا يتّبع خطّا مستقيما ... يٌشبه البناء الإقتصاديّ حركة الأمواج ؛ ثمّة إرتفاع و نزول و الموجة تلى الموجة الأخرى . و هذا يعنى أنّ هناك توازن و إرتباك و بعد الإرتباك يعاد إرساء التوازن . و بالطبع ، هذه التموّجات فى التقدّم لا يجب أن تكون كبيرة جدّا و إلاّ ستكون المغامراتيّة متبوعة بالمحافظة . لكن التقدّم الشبيه بالأمواج مظهر من مظاهر البناء الإشتراكيّ وهو متكرّر و لا يمكن تجنّبه ." (31)
لقد نبذ ماو المقاربة الخطّية (غير الديناميكيّة ) لنموذج التخطيط التقليدي على أنّ القدرات الإنتاجيّة و التزويد بالإحتياطي، و القدرات التقنيّة ، معطيات قارة ، و التى كانت تنظر إلى النموّ المتوازن بمعنى التخطيط الستاتيكي للإستثمار و الإنتاج ( عدد معيّن من الآلات يتطلّب قدرا معيّنا من الحديد ..زفقط ضعوا القطع الصحيحة فى الأماكن الصحيحة للحصول على النتائج الصحيحة ). و قد اولى الماويّون بالتأكيد إنتباها للمتطلّبات التقنيّة للإنتاج المنسّق ، مثلما ناقشنا ذلك فى القسم السابق. إلاّ أنّ تأكيدهم كان أكبر بكثير على الحوافز التى جاءت نتيجة إطلاق العنان للجماهير لتعالج المشاكل ، و على التجديد القاعدي ، و على إستنهاض الموارد البشريّة و الماديّة كجزء من " إستخراج الإمكانيّات " و من العسير أن يكون هذا واضحا و منظّما .
فى المخطّطات و التعبئة الجماهيريّة الجارية ، كان عدم التوازن ينحو إلى الظهور . و كان بعض عدم التوازن غير مرغوب فيه إقتصاديّا و إجتماعيّا و كان يجب أن يصحّح بسرعة و صرامة ؛ و نقاط عنق الزجاجة و نقاط الضعف جرى تجاوزها . و كان بعض عدم التوازن ناجما عن عراقيل و تدخّلات أتباع الطريق الرأسمالي . غير أنّ بعض عدم التوازن و الإرتباك فتح طرقا جديدة باكملها للتطوّر ، مثلما فعلت رشقات التغيّر الإجتماعي و الإقتصادي و التقني الذى حدث أثناء القفزة الكبرى إلى الأمام . و كان بعض عدم التوازن و الإرتباك ناتج عن تأثير جانبي لا يمكن تجنّبه لإتباع سياسات أهداف أكبر . و على سبيل المثال ، سمح إيصال الصناعة إلى الريف للفلاّحين بالتحكّم فى سيرورات الإنتاج الصناعي و تغيير المجتمع الريفيّ إلآّ أنّه خلق كذلك طلبات عمل و تموين على المدى القصير فى بعض الأوضاع التى أثّرت سلبا ( و إن كان بشكل مؤقّت ) فى الإنتاج الفلاحيّ . و فى النهاية ، مثّل الكثير من عدم التوازن عمليّا تجربة متقدّمة يجب التعلّم منها – و هكذا كان الماويّون ينادون ب " إتّخاذ موقف إيجابيّ حيال عدم التوازن ".
لقد كان التطوّر المتوازن – غير المتوازن هو بالذات السيرورة التى جرى عبرها النموّ . و لم تن مهمّة التخطيط تجنب أو " التغلّب " على عدم التوازن فى حدّ ذاته بل" إمتطاء " هذه الموجات التى تحدّث عنها ماو بهدف دفع التطوّر إلى الأمام ، و إستعمال وإستيعاب بعمق أكبر للتعديل الشبيه بلولب توازن- عدم توازن لبلوغ التعديل الإجتماعي الواعي أبدا أكثر للإنتاج.
وستكون للتشديد الإحادي الجانب على التوازن تأثيرات سلبيّة ثلاثة . أوّلا، سيعرقل بعض عناصر الإقتصاد "غير العاديّة " لكن الديناميكيّة كالصناعات الصينيّة على النطاق الضيّق فى الريف و المدن و التى كان معارضو ماو التحريفيّون ينظرون إليها على أنّها تهديد للنظام الإقتصادي . ثاني ، سيجعل حتى أصعب التعاطى مع الصعوبات و الظروف التى لا يمكن توقّعها بكبح القطاعات و الوحدات الإنتاجيّة بغسم التوازن على المدى القصير . و ثالثا، سيخنق المبادرة والتجريب الجماهيريين . تجعل المقاربة التحريفيّة التوازن و النظام و التحكّم مطلقين بينما بالنسبة إلى ماو الشيء المفتاح ليس الإستقرار الإقتصادي أو السياسي بل التغيير ، التغيير الثوريّ .
مرونة المخطّط :
تجد مقاربة ماو الجدليّة للتوازن تعبيرها الملموس فى منهج التخطيط . مخطّطات طويلة المدى ومتوسّطة المدى و قصيرة المدى جميعها تعكس المبادئ السياسيّة الأساسيّة . أمّا فى ما يتّصل بالآفاق الزمنيّة فقد تجسّدت الأهداف الإقتصاديّة و الإجتماعيّة الشاملة فى مخطّطات بعيدة المدى ، لكن هذه المخطّطات خدمت أكثر الإشارة إلى الشكل المستقبلي للمجتمع من العمل كمخطّطات كمّية " متحكّم فيها ". و تمّت صياغة مخطّطات إنتاج عمليّة أكثر خماسيّة و خاصّة سنويّة ، فى شكل أعداد مفصّلة أكثر .
لكن الأهداف و الفرضيّات لم يكن ممكنا أن تحفر فى الصّوان . ومثلما كتب ماو ، مخطّطات الخمس سنوات و السنة لم تستطع أن تلبّي كافة متطلّبات القانون الإقتصادي ؛ لم يكن من الممكن تحقيق هذا إلاّ عبر الممارسة . و فى الظروف الصينيّة الخاصة ، كان التوازن الإقتصادي الشامل محدّدا بدرجة كبيرة جدّا بتموّجات الإنتاج الفلاحيّ . و وُجدت " متغيّرات " لا يمكن توقّعها فى الصراع السياسي و الحرب و الثورة .
تنسيق التقدّم أساسي لفعاليّة المخطّط . إلاّ أنّ المجتمع الإشتراكي ليس آليّة عمل كالساعة يدفع حركتها المخطّطون و كما وقعت الإشارة إلى ذلك سابقا، لا تتحكّم فيه آليّا قوانين الاقتصاد. يجب أن يوجد للإقتصاد مخطّط آليّات تزويد بالمعلومات : تزويد بالمعلومات عن النقاش السياسي حول حجم التطوّر و أولويّاته ، و تزويد بالمعلومات ينبع من التجربة فى الصراع من أجل الإنتاج . و المخطّط يجب أن يثبت فى الممارسة و يكون موضوع تعديلات . و التمسّك بالأهداف و الضوابط شيء أساسي لفعاليّة المخطّط مثلما هو الإلتزام بإنجاز الأهداف الخاصة للمخطّط . يجب تطبيق المخطّط إلاّ أنّ الماويين قد رفضوا فكرة – منغمسة فى منهج التخطيط التحريفيّ السوفياتيّ – أنّ " المخطّط هو القانون " .
لم يؤكّد نظام التخطيط فى الصين الثوريّة على نسب صارمة بيد أنّ هذا لم يكن يعنى أنّ الأهداف لم تكن لها غاية و لا نفوذ أو دور دافع . بل كان يعنى أنّ الأهداف ينبغى أن تكون واسعة بما فيه الكفاية لتسمح بالمراجعة و التعديلات المستمرّتين ، ضمن إطار الحفاظ على المخطّط منسجما و قائما على أساس التشاور بين المستويات ، فى سيرورة تنفيذه.( ومرّة أخرى ، كانت هذه الأهداف قائمة أساسا على البحث السياسي الواعي و ليس على المعلومات عن السعر ) . بإختصار ، كان من المهمّ أكثر أن يتمكّن الإقتصاد من التأقلم مع إدخال تعديلات من أن يرتبط بالأهداف الصارمة . (32) و قد عني ذلك أيضا أنّه ينبغى فضّ المشاكل فى أدنى مستوى معنيّ ، من خلال التعويل على الذات و بواسطة التعاون .
و هام أنّ الثوريّين إبتعدوا عن ما وقعت تسميته بالمخطّط " الضيّق – أهداف إنتاج عالية مع إعتمادات منخفضة و بكلمات أخرى المطالبة بأزيد ممّا يمكن إنتاجه بصفة معقولة . و يتسبّب مثل هذا التخطيط المبالغ فى صرامته فى مشاكل تزويد متكرّرة الحدوث . وهو يؤثّر كذلك على معنويّات الجماهير :
" يجب التقدّم بأهداف المخطّط إلاّ أنّ هذا لا يعنى أنّه بقدر ما تكون الأهداف أعلى بقدر ما يكون ذلك أفضل . فأهداف المخطّط التى تكون عالية جدّا إلى درجة أنّها تصبح غير عمليّة لا تخفق فقط فى إطلاق العنان لحماس الجماهير بل تحبطها، أتركوا بعض الفسحة ." (33)
و " الفسحة " فى المخطّط هي جانب ( أو كمّية فائضة ) من المواد و الموارد الماليّة و كذلك العمل الذى يسمح للجهات و المحافظات أو المناطق المحلّية بمواجهة الأوضاع الطارئة و بالتعاطى مع المشاكل أو الظروف الجديدة . و كانت المؤسّسات على ملك الدولة تمنح عشرة بالمائة ( و أحيانا أكثر من ذلك ) من التسامح فى إستخدام عوامل الإنتاج للظروف غير المتوقّعة و للمبادرة المحلّية . و الأهداف الكمّية تحدّد مركزيّا للمؤسّسات لكن مثلما يدلّل على ذلك الجدول 1 ، من الأهداف الكبرى الإثني عشر يمكن للمؤسّسة أن تغيّر ثمانية دون إذن . و قد أضاف هذا إجراءا آخر للمرونة . فقد لخّص الثوريّون مجموعة أهداف معقّدة و ضروريّة كما هو حال ممارسة الإتحاد السوفياتي حينما كان إشتراكيّا ( و الذى نقلت عنه الصين فى السنوات الأولى من نظام تخطيطها ) ، مضى عمليّا ضد التخطيط المنسجم . و عادة ما قاد المؤسّسات إلى التركيز على بعض الأهداف على حساب أهداف أخرى أو حتّى إلى تزوير إحصائيّات نتائج العمل . و تنوّعت الظروف التقنيّة بدرجة كبيرة فى صفوف المؤسّسات ؛ و كانت الظروف الإقتصاديّة و السياسيّة تنحو إلى التغيّر ، و كان على المخطّطات أن تأخذ هذا بعين الإعتبار . و كان التأثير الواضح لهذه الأنواع من التجديدات فى التخطيط أنّ التغيّرات و التعديلات كان يمكن إنجازها خلال تكريس مخطّط دون إستيعاب كامل المخطّط أو فرضه ليتمّ التخلّى عنه كلّيا لاحقا . (34)
و لم تكن مرونة المخطذط مجرّد مسألة توفير بعض التراخي للمؤسّسات و الوحدات . بالأساس طريقة تعديل عدم التوازن التى يتسبّب فيها التطوّر اللامتكافئ و تجاوز منعرجات و نقائص متنوّعة ، كان تشجيع جميع مستويات الإقتصاد على حنفيّة إمكانيذات الموارد غير المعروفة و غير الملحوظة أو التى تمّ تبذيرها ، و تعبئة العوامل الإيجابيّة بواسطة الحركة الجماهيريّة . كان هذا هو مبدأ التوازن " الإيجابي " الذى كان يعنى البحث عن حلول لبلوغ أهداف رُسمت ،و إستخدام التجربة المتقدّمة لإلهام الأقلّ تقدّما للحاق بالمتقدّمة . و قد وقف هذا فى تعارض مع التوازن " السلبي" الذى إنطلق من الحاجة إلى الحصول على توازن شكليّ حتّى وإن كان يعنى إيقاف القطاعات الديناميكيّة ( دفع الأعلى ليتماشى مع الأدنى) و الذى كان ينحو نحو التشجيع على السلبيّة فى المستويات الأدنى .
فهم أعمق للتوازن :
لئن كان يُنظر إلى عدم التوازن على أنّه الشرط الضروري لتقدّم المجتمع و للتوازن المستقبلي الذى يجب إرساؤه ، فإنّ هذا لم يكن يعنى أنّ نظام التخطيط الصيني فى ظلّ ماو لم يكن معنيّا بالتوازن أو لم يكن ينظر إلى التوازن كهدف مرجوّ لإقتصاد مخطّط . بالإمكان العودة إلى خطاب ماو سنة 1956 " حول العشر علاقات الكبرى " الذى مثّل نقدا لمظاهر كبرى لنموذج النموّ السوفياتي فى ظلّ ستالين ، خاصة التشديد الإحادي الجانب على الصناعة الثقيلة الذى إقتطع اكثر من اللازم من إنتاج الفلاّحين و لم يبق لهم إلاّ النزر القليل من الموارد لمزيد المراكمة من خلال جهودهم الخاصة . فى ذلك العمل ، يعرض ماو فهما للبناء الإشتراكي على أنّه سلسلة كاملة من التناقضات و يرسى مقاربة جدليّة لتصنيف الأولويّات و النسب ( و فى هذا الخطاب نقد ماو أيضا المبالغة فى التشديد على التحكّم المركزيّ ).
كان التطوّر المتناسب يتطلب أن تتمّ معالجة بعض العلاقات المتناسبة المفاتيح معالجة صحيحة : بين الفلاحة و الصناعة ، بين الروابط المفاتيح و الروابط الثانويّة ؛ بين الفلاحة و الصناعة ، من جهة ، و الإتّصالات و النقل من الجهة الأخرى ؛ بين البناء افقتصادي و الثقافي و النشاط التربويّ ؛ بين المراكمة و الإستهلاك. و جلبت مقاربة هذه العلاقات مقاربة صحيحة الإنتباه إلى أولويّات الإستثمار و نسب النموّ فى المجالات المفاتيح للإقتصاد و تأثيراتها على التناسب بين مختلف القطاعات والصناعات . و جلب الإنتباه أيضا إلى كيفيّة تأثير هذه التناسبات على العلاقات الطبقيّة داخل المجتمع الصينيّ . و كانت الصناعة تتطلذب بعض المواد الفلاحيّة لإنتاج السلع للطلب الإجتماعي . إلاّ أنّ الحصول على نسب صحيحة بين هذين الفرعين من الإنتاج ( الصناعة و الفلاحة ) ، و الحصول على النسب الصحيحة للإستثمارات ( من الفلاحة ) و الإنتاج ( ما تنتجه الصناعة من ذلك ) لم يكن ببساطة مسألة تقنية . كان كذلك مسألة سياسيّة : إن تمّ إعتصار الفلاّحين لبلوغ التوازن " الصحيح " بين الإستثمار و الإنتاج ، أو إن جرى فرض آداءات ثقيلة جدّا لبلوغ التوازن المالي ، يمكن لهذا أن يقوّض ثقة الفلاّحين فى النظام و يجعل تحالف العمّال و الفلاّحين يتآكل .
لقد بيّن التخطيط الماويّ عناية عميقة بالتوازن بيد أنّه مثلما هو الحال مع كلّ مظهر آخر من مظاهر الإقتصاد السياسي و الإستراتيجيا الماويين ، جرت رؤية ذلك عبر مصفاة التقدّم صوب المجتمع الشيوعي . و كان التطوّر المتوازن ينهض على عناصر مفاتيح ثلاثة : التوازن القطاعي الواسع ، أساسا بين الفلاحة و الصناعة الخفيفة و الصناعة الثقيلة ؛ و توازن التطوّر الجهويّ أي التقليص من اللامساواة الإقتصاديّة و الإجتماعيّة بين الجهات ؛ و التوازن التكنولوجي بمعنى أنّه يجب أن يوجد طيف متوازن من تقنيات الإنتاج فى المجتمع و ليس فحسب التقنيات الكبيرة و العصريّة و الأجنبيّة . (35) كان نظام التخطيط المركزيّ معتنيا أكثر بهذه الأنواع من التوازنات من إعتنائه بالتوازن المادي المفصّل و الهدف المحدّد . و فى الفترة الممتدّة بين 1949 - 1976 ، حقّق الإقتصاد الصيني مكاسبا بارزة فى بلوغ هذا النوع من التطوّر المتوازن .
لقد تمتّعت الفلاحة بالإهتمام الأكبر ( مثلما تمّت افشارة إلى ذلك ، كانت نقطة إنطلاق سيرورة التخطيط ). و قد مُنحت موارد هامة فى المجال الصناعي لتزويد الفلاحة بالمنتوجات الصناعيّة العصريّة ؛ و وقع تقدّم إستثمار الدولة الملموس مباشرة فى البنية التحتيّة الفلاحيّة كمشاريع الحفاظ على المياه ، و تطوّ الصناعات الريفيّة التى تديرها الجماهير . و قد مرّ بنا فى هذا البحث نقاش مسألة السعار . و أثناء السنوات الماويّة ، تحسّنت أطر التجارة بين السلع الفلاحيّة و الصناعيّة بصورة هائلة . و يقدّم الرسم البياني 1 أدلّة قاطعة على ذلك : بين 1952 و 1974 ، إرتفعت أسعار سلع المزارع التى تدفعها الدولة ب 64 بالمئة بينما إرتفعت أسعار المنتوجات الصناعيّة المباعة فى المناطق الريفيّة بأقلّ من 1 بالمئة . و قد أدّى الإهتمام بالتوازن التكنولوجي إلى التقدّم بسياسة " السير على قدمين " ، أو إستعمال كلّ من التكنولوجيا المتقدّمة و البسيطة ( أو التقليديّة )، و نشر المعارف التكنولوجيّة و العلميّة التى يمكن للناس إستيعابها و تطبيقها ( على سبيل المثال، تعلّم الفلاّحون و مارسوا إنتقاء البذور و تقاطع البذور ؟
و كان الهدف من التوازن الجهويّ تجنّب ما يسمّى أحيانا بتطوّر فقاعة هوائيّة حيث تتركّز الصناعة العصريّة و السريعة النموّ فى بضعة مناطق ساحليّة منفصلة عن بقيّة البلاد المحكوم عليها بالركود . ( هذا النوع من التطوّر المشوّه يعيد تأكيد نفسه بثأر فوضويّ اليوم فى الصين فى ظلّ راية الإصلاح و التعصير ). لقد كانت السياسة المتّبعة سياسة إنتشار عقلانيّ للقدرة الصناعيّة . و ظهرت مراكز صناعيّة جديدة فى الجهات الداخليّة و وُجد نموّ مطّرد فى حصّة الإنتاج الصناعي للمحافظات الداخليّة . و يمكن ملاحظة هذا فى الجدول 2 الذى يبيّن تراجع حصّة إنتاج ( مع إستثناءات بسيطة لنوعين ) المحافظات الساحليّة الصينيّة التى كانت تمثّل المراكز التقليديّة للتطوّر الصناعي . و قد قامت الحكومة المركزيّة أيضا بجهود حثيثة لإعادة توزيع الإستثمار و الموارد الماليّة من المناطق الغنيّة إلى المناطق الفقيرة . و كما يسجّل ذلك الجدول 3 ، كانت المناطق العالية التصنيع ترسل أكثر من نصف مداخيلها إلى المركز فيما كانت المناطق الأقلّ تطوّرا تحصل على تموين معتبر . و كان العمّال ذوو الخبرة و العمّال التقنيّون يُبعثون بصفة منتظمة من المناطق الأكثر تطوّرا إلى المناطق الأقلّ تطوّرا . ومع بدايات سبعينات القرن العشرين ، كانت شنغاي تبعث بأكثر من نصف مليون من العمّال ذوى الخبرة إلى الصناعات داخل البلاد . (36) و بفضل هذه السياسة و غيرها من السياسات ، شهدت المناطق الأقلّ تصنيعا أعلى نسب النموّ ( رغم أنّ مستواها المطلق من التطوّر لا يزال متخلّفا بدرجة هامة نسبة للمناطق المتقدّمة ).(37)
بالنسبة للتخطيط الماويّ ، المعالجة الصحيحة للعلاقات الإقتصاديّة و الإجتماعيّة المفاتيح كانت أهمّ من النموّ و التوازن فى حدّ ذاتهما . و على المدى البعيد ، شجّعت هذه المقاربة للتطوّر المتوازن نموّا ملموسا نمّى معا التحكّم الجماعي فى الإقتصاد و ضيّق اللامساواة الإجتماعيّة و الإقتصاديّة و الجهويّة .
IV- نجح و فتح آفاقا جديدة
سجّلت الصين الثوريّة نجاحات إقتصاديّة كبرى . و يمكن أن نلاحظ فى الجدول 4 أنّه بين 1952 – 1966 و 1966-1976 الفترات الفرعيّة نما الإنتاج اللاحيّ و الصناعيّ نموّا قارا . و فى الريف ، وقعت معالجة مشكل العذاء و تمّ القضاء على المجاعات و الأوبئة . و تركّز مستوى إستهلاك أساسي تحته لم يكن يسمح للناس بالسقوط و إرتفع مستوى حياة الجماهير . و خلال سنوات الثورة الثقافيّة ( 1966-1976 ) ، عندما كانت الصين الماويّة من المفترض أن تكون على حافة الكارثة افقتصاديّة حسب نقّادها ، بلغ الإنتاج الصناعي مستوى نسب سنويّة مذهلة للنموّ بأكثر من 11 بالمئة . و جدّت إختراقات صناعيّة كبرى كتطوير صناعة كبرى لبناء الآلات و التقدّم فى قدرات بناء السفن ، و إختراقات علميّة كبرى لتطوير خلاصة الأنسولين . و نما إستهلاك كلّ من سكّان المدن و الرياف بنسبة متوسّطة جيّدة بأكثر من 2 بالمئة سنويّا . و سجّل النموّ الكمّي للصين الثوريّة مثلما يُحسب مقارنة بذلك فى البلدان الأخرى موقعا جيّدا . فمقارنة بنسب نموّ البلدان الصناعيّة المتقدّمة المعاصرة خلال فترات ما بين 1870 – 1900 و 1900- 1971 ، وحدها اليابان حقّقت نموّا فى دخل الفرد يمكن أن يكون أفضل من الصين . و مقارنة ببلدان العالم الثالث المتدنّية الدخل خلال فترة 1965 -1975 ، كانت نسبة نموّ الصين عالية جدّا . (38)
لكن ما هو أهمّ هو نوعيّة هذا النموّ المخطّط له و تشديده على تقليص اللامساواة الإجتماعيّة ، و رفضه السماح للسوق بأن يحدّد توجيه الموارد و توزيع الدخل ، و تأكيده على النموّ على أساس من التحكّم الجماعي للذين يقبعون فى قاع المجتمع . و هذا هو واقعه .
بكلّ المعايير ، كانت الإختلافات فى الدخل و الإستهلاك فى المدن ، فى منتهى التدنّى ( لم يبلغها أيّ دخل متدنّى فى أي بلد آخر ). و ضمن الصناعة ، كان أجر الإداريّين و التقنيّين الأعلى يساوى نموذجيّا فقط خمس مرّات أجر العمّال بلا مؤهّلات ( الجدول 5 :1 ، نسب الأجر ) بينما فى عديد بلدان العالم الثالث بأفريقيا و آسيا لم يكن من غير العادي بالنسبة للنسب أن تمتدّ بين 30:1 و 50:1 .(39)
و قد عولج التفاوت بين الريف و المدينة من خلال سلسلة من الإجراءات التى شملت الجهود المشار إليها سابقا لتحسين إطار التجارة لصالح الفلاحة ، و كذلك تطوير الشبكات الصناعيّة و التقنية الريفيّة ، و توسيع الدراسة الثانويّة ، و إلتحاق الفلاّحين بالجامعات و إرسال شباب الجامعات إلى الريف ، و التوسيع الكبير لخدمات الرفاه ( قبل الثورة الثقافيّة ، ثلثي موارد ميزانيّة الرعاية الطبّية و الصحّية كانت تصرف فى المناطق المدينيّة ؛ و نتيجة للثورة الثقافيّة ، تقلّصت هذه النسبة إلى 40 بالمئة ). و كان للمجتمع العريض غير المتطوّر و الريفي فى معظمه أمل حياة يضعه عاليا فى السلّم نسبة إلى بلدان أخرى ذات الدخل المتدنّى . (40). أمّا بالنسبة لأوسع مدينة صينيّة ، شغناي ، فمع 1975 ، صارت نسبة وفايات الأطفال فيها أدنى من نسبة وفايات الأطفال فى مدينة نيويورك .
و كان هذا نوعا مختلفا راديكاليّا من الإقتصاد و المجتمع . و لنأخذ أماكن العمل . فقد تأكّد التحكّم الإجتماعي فى التكنولوجيا و غدت سيرورة العمل و التقسيم الإجتماعي للعمل موضوع تغيير . و تمّ نقد الإدارة البيروقراطيّة و التراتبيّة التقنيّة بأوامرها و قوانينها و ضوابطها المزعجة الإضطهاديّة ، ة تناقضاتها الممأسسة بين العمل اليدويّ و العمل " الفكريّ" للأخصّائيين ؛ و جرى إصلاحها و تبسيطها . و أضحت الإدارة تُحاسب من قبل العمّال و أمست تجديدات جريئة من قبل العمّال و الفلاّحين على جدول الأعمال . و عبر المجتمع ، تطوّرت المؤسّسات الشعبيّة على المستوى القاعدي . و لم تُعف أيّة سلطة من نقد العمّال و الفلاّحين العاديّين . و فوق كلّ شيء ، جلبت الجماهير إلى النقاش و الصراع حول المسائل السياسيّة المحوريّة للثورة . تصوّروا مجتمعا منظّما حول مبدأ خدمة الشعب . كان ذلك هو الصين الماويّة .
جعل واقع أنّ الصين الماويّة كانت بلدا فقيرا جدّا له قاعدة عريضة من الفلاّحين بعض الملاحظين يستنتجون أنّه بينما ربّما هناك الكثير للإعجاب به بشأن إستراتيجيا الصين الثوريّة للتطوّر الإقتصادي ، هناك القليل الآخر فى التجربة الماويّة صالح للمجتمعات الصناعيّة المتقدّمة . لكن هذا خاطئ تماما و يجب صراحة أن نؤكّد على أنّه مركزيّة أوروبيّة بالتمام .
بدءا ، الثورة البروليتاريّة صراع معقذد وعالميّ يجب ، وهذا من أهدافها المفاتيح، تجاوز التوزيع ( اللامتساوى) القائم و تركيز قوى الإنتاج . و تعيش غالبيّة سكّان العالم فى العالم الثالث الذى تهيمن عليه و تتدخّل فيه الإمبرياليّة . و فى مناطق الإستعمار الجديد هذه ، يجب على الثورة أن تعيد كلّيا تشكيل خطوط الإستقلال و التطوّر المشوّه الناجمة عن هذه الهيمنة . للطريق الماويّ إلى الإشتراكيّة فى العالم الثالث و ما يعنيه عمليّا قطع الروابط مع الإقتصاد الإمبريالي العالمي و بلوغ النموّ الإشتراكي المعتمد على الذات و المستديم ، صلوحيّة هائلة فى عالم اليوم . ( ويمكن كذلك إضافة أنذ فى أعلى أجندا أيّة ثورة مظفّرة فى بلد رأسمالي متقدّم ، يجب أن يوجد تفكيك العلاقات الإستغلاليّة مع الأمم المضطهَدَة فى إطار التشجيع على الثورة العالميّة ).
ثانيا ، لإستراتيجيا التطوّر الإقتصادي الماويّة صلوحيّة حتّى أشمل . فعديد المسائل الخاصة بالتطوّر الصناعي التى كانت تخوض فيها الصين – على غرار مكان الصناعة و نطاقها ؛ و أشكال الإقامة مع العمل ، و الإنتاج الصناعي مع النشاطات غير الصناعيّة ، و التلوّث و التبذير الإداري ؛ و القطيعة مع تشوّه نمّو سكّان المدن و النقل و أطر الإستهلاك – هي بالتأكيد مواضيع و تجارب غاية فى الأهمّية ، و بالفعل ملحّة جدّا ، فى المجتمع الصناعي الغربيّ .
و ثمّة موضوع أشمل . للمواجهة الجدّية و معالجة أنواع المشاكل الموجودة فى المجتمع الرأسمالي المتقدّم – سواء كنّا نتحدّث عن الحاجيات الصحّية أم التعليم أم التلوّث أم ظروف الأحياء الشعبيّة – هناك حاجة إلى ثورة لن تركّز فحسب الموارد وفق الأولويّات القائمة على حاجيات الإنسان ، بل ثورة ستحثّ على المشاركة الكلّية و التحرير الكلّي لأذهان الناس. و قد بيّنت تجربة الثورة فى القرن العشرين أنّ مجتمعا إشتراكيّا يجب أن يطوّر و يطلق العنان للطاقة و الطاقة الخلاّقة بالتشجيع على القيم الإشتراكيّة و رفع وعي و تشجيع المبادرة الجماهيريّة على الأصعدة كافة . و قد كان المشروع الماويّ فى الصين نموذجيّا بهذا الصدد .
كما بيّنت تجربة الثورة الإشتراكيّة فى القرن العشرين أنّه على الإقتصاد الإشتراكي أن يمزج قوى الإنتاج الممشركة التى تتطلّب درجة هامة من التنسيق المركزيّ مع لامركزيّة كبيرة و مبادرة محلّية . لقد بالغ النموذج السوفياتي للتخطيط الإقتصاديّ ، مثلما تطوّر فى ظلّ ستالين ، فى المركزيّة . هذتا من ناحية و من ناحية أخرى ، أدّت آليّات السوق الرأسمالي – فسّرت بصورة خاطئة على أنّها الثقل المقابل للبيروقراطيّة المتخندقة – لا محالة إلى مركزة الثروة و السلطة ، و ربط العمل الحيّ بمراكمة رأس المال ، و فوضى الإنتاج . و يمثّل التخطيط الماويّ الخلاصة الأكثر تقدّما للمركزيّة و اللامركزيّة، و للتنسيق الهيكلي و المشاركة الجماهيريّة .
و فى الأخير ، ثمّة مسألة التخطيط عينها . ليس التخطيط هدفا فى حدّ ذاته بل يجب أن يخدم و يجب أن يُقيّم من وجهة نظر القضاء على الإنتاج السلعي و على الطبقات . يجب أن يهاجم القاعدة الماديّة و الإجتماعيّة للإستغلال و الإضطهاد ، و يغيّر و فى النهاية يجتثّ الظروف و العلاقات التى تولّد الطبقة و الأمّة و الإنقسامات ذكور- إناث . و بمعيّة الصراع السياسي و الإيديولوجي العميق ، ينبغى أن يهدف إلى الإطاحة بالإختلافات بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، و بين المثقّف و العامل ، و بين موظّف الدولة و عضو المجتمع العادي . و كان هذا طريق الإقتصاد الإشتراكي المخطّط له فى الصين الثوريّة .
هل يعنى هذا أنّه لم توجد صعوبات أو مشاكل فى الصين الماويّة ؟ بالطبع لا – بعد كلّ شيء كان المجتمع يشهد غليانا . كان العمّال و الفلاّحون و النساء و " لا أحد "الآخرين سابقا يقتحمون و يغزون المجالات " الممنوعة " للمعرفة الفكريّة ، و الإختصاص التقنيّ و الثقافة . لم توجد الكثير من التجربة ، لم توجد عدّة نماذج يمكن البناء عليها . و الكثير ممّا يتمّ إنجازه يملك شيئا من النوعيّة فيه ؛ لذا يجب تلخيص الدروس و الأخطاء و إدخال التعديلات . و لا يمكن نسيان أنّ التغييرات التى أتت بها الثورة الثقافيّة قد تحدّت إمتيازات و مواقع الذين كانوا يأمرون الجماهير ... و قد بذلوا كلّ ما فى وسعهم لمنع هذه التغييرات أو تقويضها .
أمّا بالنسبة للإقتصاد ذاته ، فرغم دفع التطوّر الإقتصادي الإيجابي تماما ، وُجدت مشاكل و تحدّيات . فقد كان الثوريّون واعين تمام الوعي بها. : نقاط ضعف هيكليّة فى بعض القطاعات كالطاقة والفحم الحجريّ و الفولاذ و النقل ، و نسبة نموّ ستاتيكيّة فى الفلاحة ، و بقاء بعضالإختلافات فى مستوى العيش بين الكمونات ؛ و الإختلافات فى القيام بالإستعمال الأكثر إنتاجا لإستثمار رأس المال ؛ ومهام جديدة فى إدارة الموارد والتحكّم فى البيئة فرضت نفسها مع مزيد التطوّر الإقتصادي. و كان الماويّون على إستعداد للخوض فى هذه وفى غيرها من المشاكل و التحدّيات ، و كانوا يملكون المقاربة الوحيدة للقيام بذلك .
لكنّ السياسات الماويّة بما فيها مبادئ التخطيط المناقشة فى هذا البحث ، لم تكرّس فى فراغ . لقد كان يتمّ الصراع من أجلها و تنفيذها فى إطار صراع خطّين صلب الحزب الشيوعي و تواصل النزاع من أجل السلطة . و قد عرفت أواسط سبعينات القرن العشرين تشكّل موجة جديدة و مع إشتدادها أثّرت فى العمل الإقتصاديّ ، و إحتدم الصراع حول التخطيط و إدارة المؤسّسات و حول الإنضباط و أشكال الأجر و فى النهاية كمّية الإنتاج و نوعيّته . و كان للقوى التحريفيّة المتجمّعة حول شو آن لاي و دنك سياو بينغ شبكة واسعة من الموظّفين تحت سيطرتهم المنظّمة و لجؤوا إلى التآمر البيروقراطي و كافة أصناف التكتيكات المربكة . هذا من جهة و من الجهة الخرى ، بحثت القوى الماويّة عن المساندة من تحت . كان هذا واقع الوضع و نظرا لعوامل متنوّعة داخليّة و خارجيّة ، لم يكن إستقطاب القوى لصالح الثوريّين. الإشتراكيّة فى الصين لم تتداعى لفشل أو تضمحلّ لعدم قدرة مثاليّة و إنّما بالأحرى هي مُنيت بهزيمة فى المعركة ضد القوى الرأسماليّة المحلّية و العالميّة .
V – أكثر فعاليّة من أيّ وقت مضى
فى زمن يطبّل فيه لإنتصار الرأسماليّة و تعظّم فيه الدوافع الأكثر سطحيّة لسلوك الإنسان و يعلن فيه أنّ الامال و الأحلام الثوريّة غير واقعيّة ، يكتسى الدفاع الإيديولوجي عن الثورة الإشتراكيّة أهمّية متزايدة . هذا عالم يفصل تنظيم الإنتاج الإجتماعي فيه الناس عن بعضهم البعض و عن إبداعهم ؛ عالم لم يكن أبدا أكثر إستقطابا بين الذين يملكون و الذين لا يملكون ، عالم يهدّد فيه التطوّر الإقتصادي الأعمى النظام البيئي . و السبب ليس من العسير تحديده : يُهيمن على العالم نظام يستخدم الربح كمعيار و محرّك للتطوّر الإجتماعي . لكن توجد قاعدة ماديّة لتنظيم المجتمع على صعيد الكوكب على أساس غير إستغلالي بينما يُبدى النظام الإستغلالي العالمي مقاومة . فى مثل هذا الوقت ، فى مقل هذا العالم ، يجب أن يكون النضال من أجل الإشتراكيّة ليس للدفاع المبدئي فحسب بل يجب أيضا أن نرتقي به و نقاتل فى سبيله عمليّا بإصرار متجدّد.
و يدلّل إنهيار الإتّحاد السوفياتي ليس على فشل الإشتراكيّة بل على أن لا شيء أقلّ من الإشتراكيّة التحريريّة ، الشيوعيّة الثوريّة ، سيتحدّى الأسس الهيكليّة و الإيديولوجيّة للإستغلال والحكم الطبقي . و لهذا تجربة الصين الثوريّة حيويّة للغاية . إنّها تبرز أنّ الإشتراكيّة يمكن و يجب فى آن معا أن تكون ذات رؤية ثاقبة و فعّالة و تخطّ توجّها للدفاع عن الثورة و التقدّم ضد من سيكونوا المستغِلّين . إنّ إرث الصين الماويّة خزّان تجربة و رؤى ثاقبة و منهج و مبدأ أو نظريّة و ممارسة لإجتثاث القديم و بناء الجديد . هل يمكننا أن نتعلّم منه و نبني عليه ؟ أيمكننا ألاّ نفعل ذلك ؟
=============================================================
الهوامش :
Notes
[1] Mao’s critical assessment of Soviet economics is discussed in the Introduction to this volume.
[2] See the discussion in Bob Avakian, “The End of A Stage—The Beginning of a New Stage,” Revolution, Fall 1990.
[3] Lenin, “Once Again on the Trade -union-s,” CW, 32, p. 84.
[4] Bob Avakian, unpublished correspondence.
[5] See Stephen Andors, China’s Industrial Revolution (New York: Pantheon, 1977), pp. 217-18.
[6] See “Planning and Urbanism in China,” special issue of Progress in Planning, Vol. 8, Part 2 (1977) Charles Bettelheim, Cultural Revolution and Industrial Organization in China (New York: Monthly Review Press, 1974), pp. 87-89 Dwight Perkins (ed.), Rural Small-Scale Industry in the People’s Republic of China (Berkeley: University of California Press, 1977), pp. 218-22 Leo Orleans, “China’s Environomics,” in Joint Economic Committee, Congress of the United States, China: A Reassessment of the Economy (Washington, D.C.: U.S. Government -print-ing Office, 1975), pp. 116-44 and the earlier but quite valuable book by Keith Buchanan, The Transformation of the Chinese Earth (New York: Praeger, 1970).
[7] Christopher Howe, China’s Economy (New York: Harper, 1978), p. 128, Table 47. The proportional figure for hydroelectric generating capacity tends to be lower in other studies owing to definitional differences.
- The data cited here is derived from official Chinese sources and Western studies that generally made use of figures provided by Chinese statistical bureaus. Is this data trustworthy? Thomas Wiens’s “Agricultural Statistics in the People’s Republic of China,” in Alexander Eckstein (ed.), Quantitative Measures of China’s Economic Output (Ann Arbor: University of Michigan Press, 1980), argues that aggregate figures in agriculture are, for the most part, dependable. As for official reporting of economic performance during the Cultural Revolution, even the current anti-Mao, anti-Cultural Revolution leadership of China has had to acknowledge that the data generated in that period is basically reliable. See Li Chengrui, “Are the 1967-76 Statistics on China’s Economy Reliable,” Beijing Review (12), 19 March 1984. These references are cited in a useful discussion in Stephen Endicott, Red Earth (New York: New Amsterdam, 1991), pp. 222, 258.
[8] Hua Ching-yuan, “In Multipurpose Utilization of Materials, It is Necessary to Promote What is Beneficial and Eliminate What is Harmful,” People’s Daily (7 September 1971), quoted in K. William Kapp, “ ‘Recycling’ in Contemporary China,” Kyklos, Vol. XXVII (1974).
[9] One of the weaknesses in the planning system under Stalin was that the overwhelming pressure to meet quantity targets sometimes resulted in a decline in the quality of products the lower quality of goods forced factories to consume them in greater quantity and this prompted planners to intensify the pressure to increase quantity. Mao emphasized that this vicious circle could only be broken by grasping the interconnection between quantity and quality (neither one nor the other could be negated) and by grasping that the key to handling these contradictions was to arouse and rely on the activism of the masses to correctly combine quantity, speed, quality and cost in order to push the economy forward.
[10] Quoted in Han Suyin, Wind in the Tower (Boston: Little, Brown and Company, 1976), p. 55. Mao was dealing more broadly with solving problems of right and wrong among the people in socialist society. But this orientation clearly applies to matters of economic administration as well.
[11] See Bob Avakian, There’s Nothing More Revolutionary Than Marxism-Leninism, Mao Tsetung Thought (Chicago: RCP Publications, 1982), p. 111.
[12] Writing Group of the Kirin Provincial Revolutionary Committee, “Socialist Construction and Class Struggle in the Field of Economics,” Peking Review (16), 17 April 1970, p. 9.
[13] Mao Tsetung, Critique of Soviet Economics (New York: Monthly Review Press, 1977), p. 79.
[14] Some socialist theorists have attempted to answer the bourgeois critique on its own terms, arguing that developments in computer and telecommunications technology will effectively enable central planning authority to have all the information necessary to carry out this kind of micromanagement. In effect, the illusory guiding hand of “perfect competition” is replaced by the illusory guiding hand of “perfect computation.” The pivotal question of the role of the masses, and of the class struggle, in the planning process is passed over.
[15] See Nicholas Costello, et al., Beyond the Casino Economy (London: Verso, 1989), pp. 68-70.
[16] Liao Jili, “Discussing the ‘Double Track System,’ ” Jibua jingji (1958), No.8, re-print-ed in Christopher Howe and Kenneth R. Walker, (eds.), The Foundations of the Chinese Planned Economy (London: Macmillan, 1989), p. 74. The critique developed during the Cultural Revolution of what came to be known as the “trust system” of industrial organization and planning is summarized in Andors, China’s Industrial Revolution, pp. 187-95. Vertical planning was resurrected by the forces grouped around Deng Xiaoping and Zhou En-lai as they made their bid for power against Mao and revolutionary forces. What may be the last critique by Maoism in power of an emergent state-capitalist “trust system” can be found in Kao Lu and Chang Ko, “Comments on Teng Hsiao-ping’s Economic Ideas of the Comprador Bourgeoisie,” in Lotta, And Mao Makes Five, pp. 301-08.
[17] The discussion of planning principles in this section draws on Joan Robinson, Economic Management in China, 1972 (London: Anglo-Chinese Educational Institute, 1973).
[18] Thomas P. Lyons, Economic Integration in China (New York: Columbia University Press, 1987), p. 213.
[19] Christine P.W. Wong, “Ownership and Control in Chinese Industry: The Maoist Legacy and Prospects for the 1980s,” in Joint Economic Committee, U.S. Congress, China’s Economy Looks Toward the Year 2000 (Washington, D.C.: U.S. Government -print-ing Office, 1986), p. 577 and Table 7, p. 603.
[20] See “Socialist Commerce, Not for Profits,” Peking Review, 30 July 1976, pp. 13-15. For a more detailed explanation of the conference system of materials allocation in revolutionary China, see Michael Ellman, Socialist Planning (Cambridge: Cambridge University Press, 1979), pp. 36-37, and Robinson, Economic Management, pp. 20-21.
[21] Fred Block, Post-Industrial Possibilities (Berkeley: University of California Press, 1989), p. 208.
[22] See Perkins, Rural Small-Scale Industry, and Jon Sigurdson, “Rural Industrialization in China: Approaches and Prospects,” World Development, Vol. 3, Nos. 7 & 8, July-August 1975. One of socialist China’s great technical accomplishments was the pioneering, and wide diffusion, of high-yielding varieties of grain.
[23] This point is made in John Gurley, China’s Economy and the Maoist Strategy (New York: Monthly Review Press, 1976), p. 18.
[24] Roland Berger, “Economic Planning in China,” World Development, Vol. 3, Nos. 7 & 8, July-August 1975.
[25] “Break the Old Balance: Establish New Balance,” Renmin Ribao, 28 February 1958, re-print-ed in Howe, Foundations of Planned Economy, p. 66.
[26] Philip Corrigan, et al., For Mao (Atlantic Highlands, New Jersey: Humanities Press, 1979), p. 132.
[27] Bob Avakian, Mao Tsetung’s Immortal Contributions (Chicago: RCP Publications, 1978), p. 119.
[28] Mao, Critique of Soviet Economics, pp. 80-81.
[29] Mao Tsetung (ed.), Socialist Upsurge in China’s Countryside (peking: Foreign Languages Press, 1957), p. 253.
[30] Mao, Critique of Soviet Economics, p. 113. In this text (see p. 54), Mao emphasizes that economic categories and laws, such as distribution according to labor and the law of value, are not eternal and unchanging. They are historically relative and will cease to exist at some point as a result of societal development and transformation.
[31] Mao Tsetung, “Examples of Dialectics,” in Miscellany of Mao Tsetung Thought (1949-68), Part I (Arlington: Joint Publications Research Service, 1974), p. 224. The translation here is different.
[32] Howe, China’s Economy, p. 53. An important statement of Mao’s approach to planning methods can be found in Mao Tsetung, “Talk on the Third Five Year Plan,” in Howe and Walker, Foundations of Planned Economy, pp. 131-34.
[33] The Shanghai Textbook, pp. 154-55.
[34] See Jan Prybyla, The Chinese Economy (Columbia, S.C.: University of South Carolina Press, 1978), p. 92 James Stepanek, “Plan Flexibility in the PRC,” Contemporary China, Vol. I, No.3 and Howe, China’s Economy, p. 42.
[35] See Suzanne Paine, “Balanced Development: Maoist Conception and Chinese Practice,” World Development, Vol. 4, No.4, 1976.
[36] Alexander Eckstein, China’s Economic Revolution (Cambridge: Cambridge University Press, 1977), p. 364.
[37] See Nicholas Lardy, Economic Growth and Distribution in China (Cambridge: Cambridge University Press, 1978), pp.153-64.
[38] See Carl Riskin, “Judging Economic Development: The Case of China,” Economic and Political Weekly (India), 8 October 1977.
[39] Alexander Eckstein, China’s Economic Development (Ann Arbor: University of Michigan Press, 1975), pp. 348-49. In 1974, the basic salary of the highest paid administrative official in Canton (chairman of the Provincial Revolutionary Committee) was eight times the basic wage of the least skilled worker in the province’s modern industrial sector. (Prybyla, The Chinese Economy, p. 120.)
[40] Some of the relevant data is summarized in Carl Riskin, China’s Political Economy (Oxford: Oxford University Press, 1987), chapter 10. Per capita consumption in China doubled between 1952 and 1975 (Eckstein, China’s Economic Revolution, p. 305). But the rate of growth of consumption (of foodstuffs, clothing, and other material goods) per person,´-or-of per capita income, is only one—and not always the most meaningful—measure of improved living standards. Trends in infant mortality, literacy, average life expectancy, and so forth are highly important indicators of social progress. As indicated, these improved astoundingly in China between 1949 and 1976—the result of the expansion and increasingly need-based allocation of health, education, and other social welfare “goods,” as well as of the mass mobilization approach to dealing with social problems that had characterized socialism in China. On living standards, narrowing of social differentials, and “quality of life” issues in Maoist China, the literature is vast, but see, for example, Maria Antonietta Macciocchi, Daily Life in Revolutionary China (New York: Monthly Review Press, 1972) Wilfred Burchett and Rewi Alley, China: The Quality of Life (Middlesex: Penguin, 1976) and Jan Myrdal and Gun Kessle, China: The Revolution Continued (New York: Vintage Press, 1972).
SUGGESTED READINGS ON SOCIALISM
AND THE POLITICAL ECONOMY OF SOCIALISM
Karl Marx, Critique of the Gotha Programme (Peking: Foreign Languages Press, 1972).
Marx did not set down a systematic account of how a socialist economy would -function-. But in this brief work, written towards the end of his life, he does offer more extensive comments on the conditions of emergence and the economic and social organization of socialist and communist society.
V.I. Lenin, The State and Revolution (Peking: Foreign Languages Press, 1973).
Taking Marx’s ideas further, and defending them against revisionist assault, Lenin discusses the nature of the proletarian state and the economic and political factors involved in the transition from socialism to communism.
Joseph Stalin, Economic Problems of Socialism in the U.S.S.R. (Peking: Foreign Languages Press, 1972).
In this essay, written in 1952, Stalin attempts to identify and address key problems arising from the remnants of capitalism still surviving under socialism. The discussion ranges over such issues as the law of value, commodity production, and their effects on the regulation of socialist production, and the continuing contradiction between the forces and relations of production. A serious work of socialist political economy, although also seriously flawed. See next reference.
Mao Tsetung, A Critique of Soviet Economics (New York: Monthly Review Press, 1977).
Pathbreaking writings dating from the late 1950s and early 1960s. Mao critically examines the Soviet model of socialist construction and its associated principles of socialist political economy. Set against the canvas of the Great Leap Forward, Mao probes the process of continuing revolution and the nature of the transition from socialism to communism-and in so doing stakes out new conceptual territory for Marxism.
Chang Chun-chiao, “On Exercising All-Round Dictatorship Over the Bourgeoisie,” in Raymond Lotta, ed., And Mao Makes Five (Chicago: Banner Press, 1978) also in Peking Review (14),4 April 1975.
Chang was a key leader of the Cultural Revolution and part of the radical leadership core on whom Mao relied during his last great battle. This essay was written in 1975, as the struggle within the Chinese Communist Party over whether China would remain on the socialist road was coming to a fateful head. It is a highly important analysis of the relations of production under socialism, the contradictions within its ownership system, and the material and ideological conditions giving rise to new privileged and exploiting forces.
Bob Avakian, Mao Tsetung’s Immortal Contributions (Chicago: RCP Publications, 1979).
A lucid synthesis of Mao’s contributions to various fields of Marxism, including the political economy of socialism, that is also a stimulating survey of the development of Marxist theory. The work provides grounding as well for understanding key historical and developmental issues of the Chinese revolution.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟