أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد إبريهي علي - مورد النفط والعجز الإنتاجي: المسألة المالية وإمكانية تحويل الإقتصاد إلى مسار آخر















المزيد.....



مورد النفط والعجز الإنتاجي: المسألة المالية وإمكانية تحويل الإقتصاد إلى مسار آخر


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 00:22
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


نامل من هذه المقالة البسيطة والمختصرة التركيز على الوظيفة الإقتصادية للمورد النفطي في تمويل الإستيرادات والمدفوعات الخارجية الأخرى المتزايدة. وهو العامل الرئيسي إن لم يكن الوحيد في الوصول إلى المستوى الحالي للمعيشة، في مقابل الإنحسار الإنتاجي المحلي الزراعي والصناعي. والعجز عن الإستيعاب المنتج لقوة العمل من نتائج ضيق القاعدة الإنتاجية، كما أن القدرات الواطئة في البناء والتشييد واضحة في نقص السكن وأبنية الخدمات وقصور الخدمات الأساسية للمدن والتفاوت، وإستنزاف الموارد دون نتائج ملموسة. هذه وغيرها تستلزم التحول نحو التنويع بالتصنيع الموسع والمتكامل ضمن سياق تطوير جذري للإمكانات التقنية والتنظيمية في كافة المجالات، ودور كبير للقطاع العام في الإستثمار الإنتاجي وتكوين البنى التحتية، إلى جانب حماية الثروات السيادية وتأكيد الوطنية الإقتصادية في العلاقات الدولية للعراق.

النفط: نمو الطلب على العملة الأجنبية والعجز الإنتاجي
من بين التصنيفات الشائعة النظر إلى السلع والخدمات في مجموعتين: المتاجر بها دولياً وغير المتاجر بها، والأخيرة ذات توجه محلي وبطبيعتها لا تقبل الإستيراد والتصدير، أو من غير المجدي إقتصادياً المتاجرة بها دولياً بصفة دائمة. عندما ننظر في إقتصاد العراق بإستثناء النفط نجد تناقص الحجم النسبي للسلع والخدمات المتاجر بها في مقابل توسّع الأنشطة ذات الطابع المحلي ومنها الخدمات بالتعريف الواسع.
نُذكّر أن الفشل في تنويع الصادرات للعقدين الماضيين مرآة لهذه الحقيقة إلى جانب إنعدام تعويض المستوردات. ومن جهة اخرى نلاحظ من بيانات البنك الدولي تناقص متوسط القيمة المضافة الحقيقية للفرد من الزراعة والصناعة التحويلية في الإتجاه العام منذ سنة 1987، وهي ذروتها، مقاسة بدولارات 2015 . وهذا النمط جعل العراق حالة فريدة حتى ضمن مجموعة دول ريع الموارد الطبيعية. وأيضاً، تظهر هذه الحقيقة في نسبة ريع النفط إلى الناتج المحلي في العراق وهي الأعلى في العالم عدا دولة تيمور أو تُماثل في بعض السنوات ليبيا والكويت، فالإعتماد على النفط تعمّق أكثر. الإنفاق الحكومي، غير الإنتاجي في الغالب، يرفع الطلب الكلي على السلع والخدمات ومع إنحسارالإنتاج السلعي الداخلي يتزايد الطلب على المستوردات الرخيصة نسبياً، وتضعف القدرة التنافسية للمنتج المحلي اكثر فيتعزز النمو المتواصل للطلب على العملة الأجنبية لسد العجز الإنتاجي المتزايد. النفط يملأ الفجوة بين الطلب الكلي والإنتاج المحلي غير النفطي المتناقص نسبياً.
للمدة 2004 - 2024 كانت صادرات العراق بمجموعها 1482.7 مليار دولار، بيانات البنك الدولي، ومن نشرات البنك المركزي وجدنا المبيعات إلى سوق الصرف 816.2 مليار دولار، وإستخدمت الحكومة 571.6 مليار دولار، و 94.9 مليار دولار تراكمت لتكوّن الإحتياطيات الدولية للبنك المركزي. تشمل إستخدامات الحكومة للعملة الأجنبية تسديد النفقات الراسمالية والتشغيلية في النفط، التي تنفقها الشركات ثم تستردّها، وأجور الخدمة لتلك الشركات أو ما في حكمها، وأجور العمالة الأجنبية في النفط ضمن النفقات التي تستردها الشركات. مستوردات الحكومة ومدفوعاتها الخارجية تُموَّل من رصيدها للمورد النفطي وتبيع الباقي إلى البنك المركزي مقابل دنانير لتغطية إنفاقها المحلي.
أي ان الإنفاق المحلي يمول من مبيعاتها للعملة الأجنبية إلى البنك المركزي بدلاً عن الضريبة في الإقتصاد الإعتيادي. وعند النظر في البيانات آنفاً حولت الحكومة 911.1 مليار دولار إلى دنانير عراقية للإنفاق الداخلي للمدة 2004 – 2024. والملاحظ ان الحكومة إنشغلت، حالياً، في البحث عن تعويض نقص الإيرادات دون التفكير بالوظيفة الإقتصادية للمورد النفطي وليس المظهر المالي. الحكومة والجمهور ومعه الخبراء منهمكون في إيرادات ونفقات الموازنة العامة بعيدأ عن حقائق الإقتصاد والوظيفة الإقتصادية لصادرات النفط، بل يُنظَر إليها إيرادات لا تختلف عن الرسوم والضرائب المحلية
ومن المناسب الإشارة إلى ضآلة إستخدام النقد الأجنبي لإستيراد وسائل الإنتاج ، سلع رأس المال الثابت ومستلزمات الإنتاج، في القطاع العام وكذلك القطاع الخاص، وذهبت في غالبيتها للإستهلاك ومنه ما يتسم بالإسراف. وذلك لأن التفكير الإقتصادي الموضوعي كانت فرصته في الحضور قليلة، ومُحاصَر بتوجهات بعيدة عن مهمات التحول الإقتصادي.
ومع أن العراق بأشد الحاجة لتوظيف المزيد من العملة الأجنبية للإستثمار من أجل التنمية الإقتصادية والإنتاج، تواطأ كثيرون من مشاهير منابر المعرفة، وخبراء في الجهاز البيروقراطي، للدعوة إلى إستثمار حكومي لجزء من موارد النفط في الخارج، لكن إرتفاع الطلب على العملة الأجنبية حال دون ذلك وليس لأي إعتبار آخر.
الإحتياطيات الدولية للبنك المركزي تنخفض بمقدار العجز في ميزان المدفوعات الشامل وترتفع بالفائض. ومن جهة اخرى تساوي تراكم الفرق بين مبيعات وزارة المالية، من العملة الأجنبية، للبنك المركزي ومبيعاته إلى سوق الصرف. حَدَثَت عجوزات في ميزان المدفواعت للسنوات : 2009 ، 2014، 2015، 2016، 2020، 2024 ، و 2025. الإحتياطيات الدولية للبنك المركزي غطّت تلك العجوزات. الإحتياطيات الدولية للبنك المركزي لازالت كافية لسد العجز الخارجي ربما حتى عام 2030. ولكن مع إتساع الفجوة بين نمو الطلب على العملة الأجنبية والإصرار على المنظور الحالي لإدارة الإقتصاد سوف يصطدم العراق بقيد ميزان المدفوعات، وعند ذاك تتآكل تدريجياً مكاسب تحسن مستوى المعيشة، إذ يتعذر الحفاظ على سعر الصرف ضمن المديات الحالية، وربما تنفجر موجات تضخمية ... وغيرها. وتقتضي العقلانية كما النزاهة تحويل إقتصاد العراق إلى مسار آخر لتجنب تلك النتيجة.
مأساة الحصار لم تُفهم إقتصادياً، إلى الآن، ومن المؤسف عندما يقال إنخفض راتب الموظف آنذاك إلى بضعة دولارات لم يُستنتج أن المشكلة لم تكن في الإنفاق الحكومي ولا في تمويله من البنك المركزي بدلالة ضآلة قيمته الحقيقية. لكن بسبب إنقطاع العملة الأجنبية من المورد النفطي في بلد يعيش على المستوردات كما هو الآن. وعندها كان إرتفاع سعر صرف العملة الأجنبية هو الذي قاد التضخم، وبقي الإنفاق الحكومي متخلفاً ولم ينفع التقشف في معالجة المشكلة ولا حتى تخفيفها.
النقود بالتعريف الواسع هي العملة المحتفظ بها خارج المصارف زائداً الودائع لغير الحكومة المركزية في المصارف. كانت النظرة بسيطة إلى النقود لا تُميز العلاقة بين كمية العملة الورقية وفئاتها الصغيرة، فظن الناس أن المشكلة في التوسع النقدي وهذا وهم آخر. كانت العملة المصدرة 5.655 ترليون دينار نهاية عام 2003 ، والعملة المحتفظ بها خارج المصارف 4.629 ترليون دينار والنقود بالتعريف الواسع 5.774 ترليون دينار. بينما نهاية عام 2024 صارت العملة المصدرة 100.5 ترليون دينار والمحتفظ بها خارج المصارف 93.4 ترليون دينار، والنقود بالتعريف الواسع 174.02 ترليون دينار، وراتب الموظف مئات، ولبعضهم الاف، الدولارات وليس ثلاثة أو أربعة دولارات. وبهذا صار واضحاً دور العملة الأجنبية للمورد النفطي الذي لا تنفع سياسات مالية ونقدية مُدّعاة في تعويض نقصه بل يتطلب تغييراً في عمق الإقتصاد الحقيقي.

التوازن الداخلي – الخارجي
التوازن ، العجز ، او الفائض للإقتصاد الكلي تبينه المتطابقة:
الدحل الوطني = الإنفاق الوطني + (-) الفائض ( العجز) .
ومن المعلوم أن وضع الميزان الداخلي يساوي وضع الميزان الخارجي بالضبط. نقصد بالميزان الخارجي ميزان العمليات الجارية، والحساب الجاري تسمية اخرى، وهو صادرات السلع والخدمات ناقصاً إستيرادات السلع والخدمات زائدأ صافي تحويلات الدخل إلى الوطن. فائض أو عجز الميزان الداخلي يُقسّم إلى القطاعين العام والخاص، من هذه:
العجز الخارجي= عجز القطاع العام + عجز القطاع الخاص.
عادة ميزان القطاع الخاص العراقي في حالة فائض، أيً عجز سالب، وبتعبير أبسط العجز الخارجي هو عجز القطاع العام ناقصاً فائض القطاع الخاص. أي عندما يزداد عجز القطاع العام بحيث لا يكفي فائض القطاع الخاص لتغطيته تكون النتيجة عجز داخلي يقابله عجز خارجي بنفس المقدار. لوفرضنا حصل عجز في الميزان الخارجي لا تكفي إحتياطيات البنك المركزي لتغطيته وايضاً لا يتاح الإقتراض من الخارج، في هذه الحالة سوف تحدث تغيرات في عناصر كل من الميزان الداخلي والخارجي وصولاً إلى التطابق. عندما إنقطع المورد النفطي، زمن الحصار، وإستنفدت الإحتياطيات الدولية ويتعذر الإقتراض من الخارج تكفلت الأسعار في إجراء تغيرات عنيفة للوصول إلى التطابق.
فائض الميزان الخارجي هو فائض العملة الأجنبية من المورد النفطي، والفائض دائما إستثمار في الخارج. بلغة ابسط النقد الأجنبي لا يستخدم إلا في الخارج لتمويل إستيرادات أو تحويلات دخل أو إستثمار هناك. فائض ميزان المدفوعات للعمليات الجارية يطرح منه صافي الإضافة على رصيد الحكومة في الخارج وصافي الإضافة على إستثمارات للقطاع الخاص في دول أخرى والباقي يضاف تلقائياً إلى إحتياطيات البنك المركزي، ولذلك يقال التغير في إحتياطيات البنك المركزي نتيجة ميزان المدفوعات الشامل. فوائض الحكومة من موارد النفط يستثمرها البنك المركزي العراقي للحكومة إلى جانب إستثمار إحتياطياته. أعلى رصيد للحكومة ربما وصل 18 مليار دولار في الفترة الأولى بعد عام 2003، على ما اذكر، إنخفض فيما بعد إلى المستوى الإعتيادي للرصيد المطلوب لإدامة مدفوعاتها الخارجية.
المحفظة الإستثمارية للحكومة في الخارج شاعت تسميتها في العالم " صندوق الثروة السيادية" منذ عام 2005، وهي ليست تسمية إصطلاحية ضرورية، ولا يعني أن الحكومة عندما تستثمر في الخارج عليها أن تستحدث هيئة بعنوان صندوق الثروة السيادية. ربما يتساءل القراء الأعزاء، تقول كل فائض ميزان المدفوعات أو فائض النقد الأجنبي من المورد النفطي يستخدم في الخارج وماذا عن العملة الورقية الدولارية التي يحتفط بها العراقيون. العملة الدولارية التي يحتفظ بها العراقيون هي اوعية لحفظ جزء من الثروة وفي نظام الحسابات الإقتصادية تندرج ضمن الإستثمار في الخارج دون عائد إسمي لأنها مطلوبات على الجهة التي أصدرتها وهي أجنبية ولذا صارت مشمولة بالإستثمار الأجنبي. لنوضح أكثر لو كانت لديك أسهم لشركات أجنبية تحتفظ بها هنا في العراق اليست قيمة تلك الأسهم إستثمارات في الخارج ، كذلك الدولارات الورقية التي تحتفظ بها في المنزل.
العجز الخارجي يُموّل بتخفيض الأرصدة العراقية في الخارج، ومنها خاصة إحتياطيات البنك المركزي، أو الإقتراض الخارجي. نعود إلى المتطابقة آنفاً، الحكومة تحاول خفض الإنفاق في الموازنة العامة وزيادة الإيرادات المحلية، ليس من أحل التوازن الخارجي إنما لخفض عجز الموازنة العامة. والمتطابقات أعلاه تفيد ان العبرة بالقطاع العام كله، شاملاً لجميع الوحدات التابعة للدولة والمستقلة عن الموازنة، مع ملاحظة حجم الفائض في القطاع الخاص.
الموازنة المالية العامة ليس لها وجود إقتصادي قائم بذاته فهي آلية وسيطة تقتطع من مجرى الدخل وتضيف ما اقتطعت إليه. تأخذ مورد النفط وجزء من ارباح المنشآت الإقتصادية العامة وجزء من دخل القطاع الخاص، وتنفق هذا الذي إقتطعت فيعود إلى المجرى الدائم لدورة الدخل – الإنفاق – الدخل ...وهكذا. لكن هذا التوصيف للموازنة العامة بانها آلية وسيطة لا يغفل دورها في تخصيص الموارد وتوزيع الرفاه والتأثير في مستوى الطلب الكلي وما يترتب عليه.
عندما تكون إيرادات الموازنة قاصرة عن نفقاتها فهو العجز الذي يمول بالإقتراض من القطاع الخاص، أو من الخارج أو من البنك المركزي. لكن ما الفرق بين ان تمول الموازنة عجزها من هذا المصدر او ذاك، الجواب يقتضي الرجوع إلى متطابقات التوازن الداخلي – الخارجي آنفا وكيف يؤثر مصدر التمويل في ميزان المدفوعات خاصة.
عندما تقترض الموازنة العامة من القطاع الخاص فهذا لا يؤثر في وضع الميزان الداخلي زيادة او نقصاناً إذ ينقل قدرة على الإنفاق من القطاع الخاص إلى القطاع العام اي لونظرنا إلى التوازن الداخلي لمجموع القطاعين لا يظهر هذا الإقتراض. أما تمويل العجز بالإفتراض من الخارج فله مضامين دقيقة لأن المبلغ المستخدم من القرض يمول عجز الموازنة وفي نفس الوقت يسد عجز الميزان الخارجي كونه نقد أجنبي وبذلك يعوض الحاجة إلى إستخدام إحتياطيات البنك المركزي، أي ان الإقتراض من الخارج له مثل الصفة المزدوجة للمورد النفطي.
لكن الإقتراض من الخارج له آثار ضارة في العراق، لأن المورد النفطي بين الثبات والتنافص ولذا يواجه الإقتصاد صعوبة عند التسديد إضافة على مدفوعات الفائدة. ولو كانت الصادرات في تنوع ونمو لا بأس في الإقتراض الخارجي، مع ان مبادئ الأمثلية تقتضي، حتى في هذه الحالة، إقتصار الإقتراض من الخارج على تمويل الإستثمار الإنتاجي والأفضل لإقامة طاقات إنتاجية تتجه للتصدير أو تعويض جوهري للإستيرادات.
نعود إلى تمويل عجز الموازنة العامة بالإقتراض من البنك المركزي، هذا الأخير ليس منتجاً للثروة فإقراضه للحكومة مكّنها من الإنفاق دون تغطية العجز إلاً ظاهراً، ولذلك تعتمد نتائج تمويل عجز الموازنة من البنك المركزي على: فائض الدخل على الإنفاق في القطاع الخاص، مدى وجود فوائض في بقية القطاع العام، ولوفرضنا عدم وجود فوائض، بالمعنى الإقتصادي آنفاً، في بقية القطاع العام والقطاع الخاص سوف ينعكس تمويل البنك المركزي للموازنة في عجز خارجي ولغياب مصادر التمويل الأخرى، في هذه الحالة الخاصة، تنخفض الإحتياطيات الدولية للبنك المركزي بمقداره.
المبالغة في فاعلية السياسات المالية والنقدية
السياسات المالية والنقدية بمفهومها النظري وممارستها في الدول المتقدمة هي سياسات إقتصاد كلي للأمد القصير. كلية بمعنى انها بطبيعتها تتعامل مع الإقتصاد الوطني كما لو انه قطاع واحد ينتج سلعة واحدة متجانسة، فهي لا تتعامل مع بنية الإنتاج والقوى العاملة ولا مكونات الإستثمار أو الإستهلاك. وهي لكونها قصيرة الأمد تعتمد فرضية صريحة او ضمنية ثبات الطاقة الإنتاجية الكلية والإهتمام فقط بتشغيلها على ماهي عليه. أداة السياسة المالية تغيير حجم الإنفاق الحكومي، في الغالب، والضرائب في حالات قليلة للتأثير في الطلب الكلي بما يكفي لتشغيل الطاقة الإنتاجية بالمستوى الإعتيادي أو ما يسمى إقتراب الناتج الفعلي من الناتج المحتمل، او تساويهما، دون إرتفاع أو إنخفاض التضخم فوق أو تحت المعدل المستهدف أو المرغوب، وهو المعدل المفترض إنسجامه مع المعدل الطبيعي للبطالة او التشغيل التام بالمضمون الإعتيادي.
أما السياسة النقدية فليس لها سوى ذلك الهدف لكن بأدوات أخرى، توزيع المهام بين السياستين يعتمد على شروط وإطروحات لا تخلو من تحيز ايديولوجي لا يتسع له المجال. لإيضاح أدوات السياسة النقدية نقدم مفهوم إحتياطيات المصارف والتي تعني العملة التي تحتفظ بها المصارف زائداً ودائعها لدى البنك المركزي. إحتياطيات المصارف منها إلزامية واخرى فائضة اي ودائع لدى البنك المركزي زيادة على المقدار الإلزامي وعملة تحتفظ بها فوق المقدار الذي عينه البنك المركزي. نأتي إلى مفهوم سيولة المصارف هي الإحتياطيات الفائضة للمصارف وإحد صنفي السياسة النقدية يشتغل عليها، سيأتي الصنف الثاني.
فعندما يريد البنك المركزي تنشيط الإئتمان، لرفع الطلب الكلي وبالتالي الناتح الفعلي وتقليص البطالة، يزود المصارف بإحتياطيات إضافية، سيولة، عن طريق الإقراض أو شراء ادوات دين تحتفظ بها. واحياناً يُخفّض الإحتياطيات الإلزامية ليتيح لها سيولة اكبر. أما إذا إعتادت المصارف على الإحتفاظ دائما بسيولة فائضة مثل حال العراق فهذه الأداة قد تعطلت، وقد حصل مثل هذا في الدول المتقدمة خلال تجربة التيسير الكمي بعد الأزمة المالية الدولية للقروض العقارية. تتعطل هذه الأداة إن كانت المصارف ليست بحاجة إلى سيولة إضافية اصلاً، بل إستعدادها للإئتمان منخفض.
التحكم في السيولة او كمية النقود هي السياسة الكينزية التقليدية حيث كمية النقود تؤثر في سعر الفائدة تبعاً لنموذجهم النظري. البنوك المركزية في الدول المتقدمة تخلت عن محاولتها التأثير في كمية النقود ولم يعد لهذه فاعلية يعتد بها في تحديد سعر الفائدة، والعلاقة ضعيفة بين تغير النقود والتضخم، لذلك تحولت إلى سياسة سعر الفائدة منذ بدايات ثمانينات القرن الماضي، وصارت السيولة تابعة لمتطلبات تثبيت سعر الفائدة الهدف.
سياسة سعر الفائدة هي السياسة النقدية السائدة في العالم المتقدم والدول الناهضة ذات العمق المالي، وتعبر عن نظرية الإقتصاد الكلي للكينزية الجديدة في السياسة النقدية.عندما يريد البنك المركزي تنشيط او كبح الطلب الكلي يُخفّض أو يرفع سعر فائدة اساسي يسمى سعر السياسة، ويتحدد بمعادلة:
سعر السياسة = أ ( التضخم الفعلي – المستهدف) + ب ( الناتج الفعلي – الناتج المحتمل)
أ وب معاملات تعبر عن الأوزان النسبية للتضخم والبطالة ، في نظرهم ،على التوالي. المعادلة آنفاً تفيد إرتفاع سعر الفائدة عند تجاوز معدل التضخم المستوى المرغوب أو عند تخطي الناتج المستوى المحتمل اي الإعتيادي، والعكس صحيح.
سعر فائدة البنك المركزي عادة يومي وهو في الولايات المتحدة سعر فائدة الأموال الفدرالية وينتقل عبر آلية البث النقدي إلى أسعار الفائدة الأخرى من ادنى الأمد القصير إلى اطول الأمد البعيد، ونلاحظ قوة الإرتباط بين اسعار الفائدة هناك، ولذلك يؤثر سعر فائدة السياسة إرتفاعاً أو إنخفاضاً في الإئتمان ومنه إلى الطلب الكلي.
في العراق لا توجد سوق مالية قصيرة الأجل ولا تدرّج وإرتباط الاسواق المالية كي ينتقل سعر الفائدة من البنك المركزي. ومن المعروف أن الإئتمان المصرفي في العراق اكثره من القطاع العام الذي تؤثر فيه إعتبارات من غير سعر الفائدة. اما المصارف الخاصة فتحتفط دائما بسيولة كبيرة في إحجام عن الإقراض تحاشياً للمخاطر. وأسعار فائدتها مرتفعة بفارق كبير عن معدل التضخم لتعويض بعض الخسائر نتيجة تعثر الديون.
نعود إلى اصل المفهوم وهدف السياستين ونتساءل هل ان المشكلة الإقتصادية في العراق قصيرة الأمد ام بعيدة الأمد بطبيعتها كما في أغلب الدول النامية. وهل فعلاً توجد طاقات إنتاجية فائضة كبيرة نريد تشغيلها بزيادة في الإنفاق الحكومي او تيسير سيولة اوخفض سعر فائدة من البنك المركزي. ثم ألا نلاحظ عدم إستجابة التشغيل لتغيرات الإنفاق الحكومي أو الإئتمان. كما أن المهمة المطلوبة تتمثل في تغيير بنية الإنتاج وليس مجرد نمو مجموع الدخل بعض النظر عن المصدر.
المشكلة ليست في التعامل مع هذه المفاهيم في الخطاب الإقتصادي بل المبالغة التي شغلت حيزاً كبيراً في أذهان الجمهور ودوائر القرار على حساب فرصة التحليل الإقتصادي الموضوعي لإضاءة المشكلة وتبصير المجتمع بها. دائماً توجد مباراة صفرية بين الحقائق والأوهام في وعي الأفراد والجماعات.
ايضاً، في هذا المجال كان الإنشغال كثيراً بالعملة خارج المصارف وينظر إليها كما لو انها ثروة وطنية حقيقة معطلة، وهذا زيف لأن النقود كما جميع الأصول المالية المحلية ليست ثروة وطنية هي مبتكرات مؤسسية لتنظيم العمليات الإقتصادية. فلو أعددت ميزانية عمومية للإقتصاد الوطني لا ترى النقود فيها ولا كل الأصول المالية الأخرى لأنها موجودات لجهة ومطلوبات على جهة أخرى لنفس الإقتصاد. العبرة بالموجودات الحقيقية وعمليات الإنتاج والتشسغيل والبناء والتشييد والإبتكار والإختراع والتجارة الخارجية أي الإقتصاد الحقيقي دون الأوهام النقدية.
نعود إلى العملة خارج المصارف، لو ذهب بها الحائزون إلى المصارف وصارت جمبعها ودائع، هل تتوقع ان الإئتمان المصرفي يزداد، آخذين في الإعتبار ما تبين آنفاً، وهل إقتصاد العراق يتحمل توسع إئتماني بلا قيود، وماذا عن أهمية الحفاظ على معدل تضخم منخفض، وكيف سيكون الطلب على العملة الأجنبية ومن اين ناتي بموارد من مصادر متخلية لسد عحوزات موازين المدفوعات. ضمن هذا المجال لو إشتغلت الدراسات على علم الضرائب وفلسفتها المتصلة وثيقاً بالعدالة الإجتماعية، وإدارة افضل للإستثمار العام الممول من الموازنة، وضمانات الكفاءة والنزاهة في إدارة المال العام أجدى كثيراً من متخيلات "السياسة المالية". ونفس الشيء يقال في الجانب النقدي، كان الأجدى الفهم الدقيق لعمليات الصيرفة المركزية، وتكوين وإدارة الإحتياطيات الدولية، ونظام عمل المصارف والإئتمان، ومحددات حركة النقود واسعار الفائدة ، دون إفتراض فاعلية للسياسة النقدية شروطها غائبة والعلم بغياب هذه الشروط مفترض بمن ينصح الحكومة والرأي العام.
كلمة ختام

تلك محاولة لمشاركة القراء الأعزاء ببعض الحقائق، اما الدراسات المتخصصة فهي موجودة وبتغطية وتفصيل بما يكفي للتعرف على العلاقات المنتظمة، بين المالية العامة والنقود والإقتصاد الحقيقي، والآليات والسياسات الممكنة. لا شك أن تعظيم المكاسب السياسية هيمن على القرار الإقتصادي، وأيضا الحاجة الى ترضيات ذوي النفوذ والتهدئة في مجتمع منقسم إلى حد العنف الدموي. والرأي المعارض، ضمن النظام وخارجه، منشغل في التنافس على السلطة، أو يرى تغيير الهيئة الحاكمة كافياً لوضع الإقتصاد على المسارالصحيح، متجاهلاً أن الأمر في نهاية المطاف منوط بصورة البديل في وعي المجتمع، وإستعداد الوسط المؤثر في الرأي العام والقرار الحكومي للإنفتاح على إطروحات مختلفة في التفكير النظري وبرامج العمل. تشويه الحقائق الإقتصادية له اضرار على حاضر ومستقبل العراق ويعيق الحهود الصائبة. الصبر على عناء تدقيق المعلومات والوقوف على مضمون المفاهيم، وبذل الجهد للتأكد من آثار مختلف السياسات والتدابير، من شروط نزاهة العقل والضمير.

ملحق للتعريف بالنقود وإقراض البنك المركزي للحكومة

البنك المركزي العراقي وجميع البنوك المركزية للدول ذات العملة الوطنية هذا الزمن، وهي كل البنوك المركزية عدا عدد قليل إعتمدت دولها عملة أجنبية، لها قدرة لا نهائية على خلق النقود ولا يوجد مانع من إقراضها للحكومة سوى إعتبارات للحد من التوسع في الإنفاق العام للحفاظ على التوازن الخارجي وضبط التضخم. ولذا حتى لو إنقطعت موارد النفط وانعدمت الضرائب لا يعني هذا ان الحكومة لا تُنفِق. وأيضاً الحكومة لا تُفلس بحكم تمثيلها للسيادة فهي قادرة على التصرف بأية موارد ضمن جغرافيتها السياسية.
والكلام توجد نقود في البنك المركزي هذا غير دقيق، البنك المركزي والمصارف جهات إصدار للنقود وليست جهات حيازة لها. النقود مطلوبات على الجهاز المصرفي وموجودات لحائزيها. اما ورق العملة في خزائن البنك المركزي والمصارف فهذا ليس من النقود إلاّ بعد ان يخرج من المصارف إلى الحائز، ووديعتك في مصرف الرشيد، مثلاّ، هي نقود لك ومطلوبات على المصرف. هذه العملة في جَيبِكَ نقود وفي خزائن الجهاز المصرفي ورق وحسب. النقود لدى حائزيها هي بمثابة سندات بقيمة قابلة للتداول والوديعة في المصرف كما العملة خارج المصارف بهذا المعنى لا غير. وايضاً، الإنتباه أنه لا توجد في البنك المركزي عملة ورقية للمصارف او للحكومة بل ودائع وحسب، وبامكانهم تجويل جزء من ودائعهم إلى عملة كما يطلب أي شخص مليون دينار من وديعته لدى مصرف الرافدين عملة ورقية.
العملة الورقية عندما تخرج من خزائن البنك المركزي تضاف على رقم العملة المصدرة وعندما تعود تحذف من رصيد العملة المصدرة. بعد ان تخرج العملة من خزائن البنك المركزي، الجزء الذي تحتفظ به المصارف نسميه كما هو عملة تحتفظ بها المصارف، هي مطلوبات لها على البنك المركزي دون صفة نقدية، عندما تخرج من المصارف تضاف إلى النقود. ربما يتساءل القارئ الكريم لماذا هذا التفصيل، الجواب طالما يتحدث الناس عن عجز في الموازنة فسوف يحصل إلتباس في فهم العمليات المالية والنقدية.
عادة في العراق المصارف الحكومية تشترى حوالات وزارة المالية فتعزز جاري الحكومة لديها بقيمة تلك السندات. ثم تخصمها لدى البنك المركزي فيعزز جاري المصرف بمبلغ الحوالات ويصبح دائنا للحكومة بقيمة تلك الحوالات وبأخذ فائدة. الإقراض تعزيز الحساب الجاري للمقترض وليس تسليمه أكياساً من العملة الورقية إبتداءا. نؤكد ان البنك المركزي ، لأية دولة ، لا تقيده اية ضوابط في إصدار العملة او الإقراض للمصارف او الحكومة سوى مايراه من قواعد العمل للصيرفة المركزية والأفضل للإقتصاد الوطني. غطاء الذهب والعملة الأجنبية لم يعد قائماً منذ التخلي عن نظام مبادلة الذهب بالدولار ، نظام بريتون وودز، لكن البنوك المركزية للدول النامية تحرص على كفاية الإحتياطيات الدولية لتجنب أزمات ميزان المدفوعات، وهذه المسألة تؤخذ في الإعتبار في إدارة عمليات الصيرفة المركزية.



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو وحدة المنهج والهدف في إدارة الإقتصاد العراقي
- البطالة ومتطلبات التشغيل المنتج للقوى العاملة في العراق
- العراق والنزاع بين أمريكا وإيران
- أنهى الرئيس الأمريكي في مايس 2014 حماية أموال العراق : العرا ...
- لمحة في التواصل والديمقراطية التداولية
- الدوافع العليا، طلب الإعتراف والسياسة: أفكار وتداعيات
- دولة العقد الإجتماعي وأفكار أخرى
- فلسفة الليبرالية السياسية في مراجعة موجزة
- إطلالة على فلسفة العدالة الإجتماعية
- نظرة إلى السياسة ونظام الإقتصاد في العراق
- كلمة حول النظام السياسي الدولي وعجزه عن حفظ السلام
- الإقتصاد الأمريكي والسياسة الدولية: حقائق وملاحظات موجزة
- إشارة إلى تفاوت الرفاه وإعادة التوزيع ومبدأ العدالة
- هل هذه المجتمعات دون الحداثة وليست مؤهلة للنظام المعاصر: مرا ...
- الدول النامية الآن وأوربا القرن التاسع عشر: لمحة في بيانات إ ...
- المسلمون ونزاع الهويات: رأي على هامش الأحداث
- النفط ومستقبل الوقود الأحفوري
- المشاريع العامة والتجهيزات: خلل في التنظيم والإدارة
- الواجب الأول في السياسة تأكيد إستقلال وسيادة العراق
- إعادة تنظيم أجهزة الدولة في العراق


المزيد.....




- مصر وسوريا والسودان ولبنان.. هل أصبحت العلاقة مع إسرائيل شرط ...
- بها كتب خُطت بماء الذهب.. المكتبة البديرية وقف للباحثين بالق ...
- تفاؤل حذر.. سوريون يعلّقون على طرح الليرة الجديدة وحذف الأصف ...
- بها كتب خُطت بماء الذهب.. المكتبة البديرية وقف للباحثين بالق ...
- تفاؤل حذر.. سوريون يعلّقون على طرح الليرة الجديدة وحذف الأصف ...
- النفط في فنزويلا.. أكبر مخزون من -الذهب الأسود- عالميا
- إيران وليبيا.. تعاون سياسي واقتصادي وثقافي وورقة قوة إيرانية ...
- أوروبا تسارع لتهدئة شركات الأدوية مع تزايد ضغوط ترامب والمنا ...
- اقتصاد قطر ينمو 2.9% في الربع الثالث
- هل تنخفض أسعار الغذاء في عام 2026؟


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد إبريهي علي - مورد النفط والعجز الإنتاجي: المسألة المالية وإمكانية تحويل الإقتصاد إلى مسار آخر