أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد إبريهي علي - إطلالة على فلسفة العدالة الإجتماعية















المزيد.....



إطلالة على فلسفة العدالة الإجتماعية


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 00:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



العدالة الإجتماعية باوسع دلالاتها أراها معياراّ لعقلانية وإنسانية نظام المجتمع والدولة، ومن مضامينها المساواة بين الناس في كافة الحقوق والمشاركة السياسية، وإتاحة خيرات الطبيعة والنظام الإقتصادي وثمار الحضارة للجميع. ومن مصاديق مفهوم العدالة الإجتماعية ضمان حد الكفاية حقا لا يُنازع لكل مواطن في تساوق مع نسق القيم الأخلاقية المتعارف على إحترامها. لكن في اليمين الليبرالي لا يعتقدون أن في اموال الأغنياء حق لإنصاف الضعفاء بل إستحسان أخلاقي يُترَك للأفراد أنفسهم. ولا يجوز للدولة، عندهم، تحويل الأموال من الأغنياء قسراً إلى الفقراء. ويرون حماية حقوق الملكية واجباً على الدولة، لأن للمالك حق فيما يمتلك. تحاول الورقة الإقتراب من مناقشة هذه الإطروحات التي تتناولها عادة الفلسفة السياسية إنطلاقا من فلسفة الأخلاق. وأشير، هنا ايضا، أن العدالة الإجتماعية لا تصير نظاما ما لم يتجاوز أفراد وجماعات المجتمع عتبة الإستعداد للإلتزام الأخلاقي تجاه بعضهم البعض والدولة والعالم، هذا الشرط الذي نتيجة إهماله ذهبت التضحيات سدى وخابت الآمال.
تمهيد: تزايد حضور العدالة الإجتماعية في الوعي والسياسة
برز المفهوم في اللغة السياسية مع الثورة الصناعية وبالتوازي مع النزعة الإشتراكية ، للإحتجاج على الإستغلال، وصار شعاراّ ثوريا للتقدم والأخوة ونقطة محورية لتطوير تدابير لتحسين الشرط الإنساني خاصة للعمال. وبعد ثورات منتصف القرن التاسع، في أوربا، صارت العدالة الإجتماعية موضع إهتمام المفكرين التقدميين والنشطاء السياسيين، ووحد Proudhon بين العدالة والعدالة الإجتماعية وهذه صنو الكرامة الإنسانية. منتصف القرن العشرين أصبح المفهوم مركزيا لأحزاب اليسار والوسط، وتمثل أحزاب الديمقراطية الإشتراكية هذا التوجه. في الممارسة الشائعة، على المستوى الوطني والدولي، العدالة الإجدتماعية مرادفة للعدالة التوزيعية وكذلك في الأكاديمية والنظرية. ومن التوافق عليه عدم الفصل بين المكونات الإقتصادية والإجتماعية في العدالة، لكن حقوق الإنسان تفرد على حدة. والأفضل ضمها إلى الإقتصادي والإجتماعي والثقافي في مفهوم اوسع للعدالة الإجتماعية.
يقال عادة أن الفقراء يهتمون بمعيشتهم ليست لديهم طاقة فائضة للإنشغال بمطلب الحريات والحقوق المدنبة والسياسية. لكن لو نلاحظ ماذا جرى في العقود القريبة الماضية وإلى الآن أكثر الحروب ما بين الفقراء وبينهم والإغنياء موضوعاتها الحقوق السياسية ونزاعات دينية وقومية وسواها. و من النادر أن تصل الإحتجاجات من اجل الخبز حد المواجهات المسلحة وإن تحصل تبقى في أضيق نطاق. لهذا من مصلحة الجميع توسيع تعريف مفهوم العدالة الإجتماعية كي يشمل ليس فقط مقومات الحياة المعيشية الإعتيادية للأفراد بل كل ما وراء النزاع بسبب الإختلاف على تعريف الحقوق والواجبات والإحساس بالظلم أو رفض القيم المعاصرة للدولة والمجتمع المدني وليس دائما بسبب التهمبش والتعسف.
على مر القرون بلورت الأديان والفلسفات توافقات على تمييز الصحيح من الخطا والطيب والفاسد من القيم وأنماط السلوك، وثمة تقارب أو إتفاق عبر المجتمعات حول مبادئ كافية للعدالة الإجتماعية ومنها خاصة الثقة بقدرة الإنسان على التآلف مع أحكام أخلاقية من مصادر أو جذور دينية أو عرفية أوسواها لتنظيم الحياة والسعي نحو الكمال. وتهتم العدالة الإجتماعية في المساواة بالحقوق التي عبرت عنها لائحة حقوق الإنسان وهذه بدورها ليست جديدة إنما هي تنسيق قيم متعارف على قبولها في لائحة حظيت بالإعتراف الدولي؛ وتكافؤ الفرص؛ وتساوي الناس في حق العيش الكريم ضمن مدى محدود من التفاوت.
تركز العدالة الإجتماعية على خفض التفاوت في الدخل، وفرص العمل، والمعلومات، والمشاركة في الحياة المدنية والسياسية، والصحة، والموجودات من تسهيلات البنى التحتية وغيرها.

مبادئ واسعة القبول للعدالة الإجتماعية

ألإلتزامات المتبادلة بين الفرد والمجتمع هي الموضوع الذي يشتغل عليه مفهوم العدالة الإجتماعية الإجتماعية وهو مُنشأ فلسفي، ويُختزل في أغلب الدراسات ذات الإهمام العملي إلى العدالة التوزيعية في السياق الإقتصادي، وليس في هذا خطأ لأن المتطلبات الأساسية للحياة لها الأولوية في مسار الكفاح من اجل عدالة شاملة. المضمون الأوسع للمفهوم يشمل حقوق الإنسان كافة وضمانة الدولة لتلك الحقوق. العدالة التبادلية نطاق مفهومها الأفراد في علاقاتهم، لكن إضافة صفة العدالة إلى التبادل تستدعي وظيفة الدولة في فرض القانون، وليس فقط إلتزام الأفراد طوعيا فيما بينهم. والعدالة التبادلية تحيل إلى العدالة التصحيحية او العقابية، إذ لا بد من الردع من أجل إستتباب العدالة التبادلية. سيادة القانون ومساواة الأفراد تحت سلطانه من الضروريات لكل عدالة.
وهكذا يتضح أن المفهوم مفتوح على النظام الشامل للدولة والقانون والمجتمع، وبذا يصبح أقرب إلى نافذة لتناول الكل الذي لا يتجزأ كما هي العدالة الإجتماعية. ولنتفق على شمول مفهوم العدالة الإجتماعية لكل ما تعارف الناس على أنه خير للمجتمع بأكمله والأفراد. وعلى الصعيد العملي قد تضيق دائرته أو تتسع تبعا لحقوق الإنسان المعترف بها في الثقافة السائدة، والنسق الأخلاقي في ضمائر الناس والممارسات السلوكية المستقرة، وبنية نفوذ الفئات الإجتماعية في النظام السياسي.
العدالة الإجتماعية موضوعا للفلسفة والدين منذ أن عرفهما الإنسان، والكثير من كتابات القدماء تنال إعجاب المعاصرين عندما تُقرأ بمعزل عن السياق التاريخي المليء بالوقائع التي لا يستسيغها مجتمع هذا الزمن. وحتى بداية القرن العشرين كانت الكثير من الأوساط المجتمعية لا تفهم أن السلطة الحصرية ناقضة للعدالة لأن السيادة للشعب كله؛ او الديمقراطية التي تستبعد من المشاركة غير المالكين أو فئات معينة منافية للأخلاق. والعبودية كانت مألوفة في مجتمعات الشرق والغرب، وفي النصوص يولد الناس أحراراً بينما في الواقع كان كثير منهم يولد عبدا في روما واليونان والمشرق، وفي الدول الحديثة إلى وقت قريب. وكان من المعتاد إستعباد اسرى الحروب، ومنهم اطفال ونساء، وبيعهم في الأسواق مثل السلع. هذا لنتذكّر أن قيم العدالة ليست مستقلة عن الزمن، ولا ننسى الإمتنان للمنجزات الكبيرة على مسار الإرتقاء الأخلاقي في غمرة الإستياء من أنظمة وسياسات وتجاوزات.

من مبادئ وشروط العدالة الإجتماعية

- المساواة التامة، في الدستور والقوانين والإجراءات، بين جميع المواطنين في الحقوق السياسية والواجبات الأجتماعية والألتزامات القانونية، لهم نفس الصفة في الدولة، التي تعاملهم دون تمييز. والمساواة نابعة من جوهرية كرامة الشخصية الإنسانية والأخوة الطبيعية. ويُعيّن هذا المبدأ طبيعة النظام السياسي الملائم للعدالة الإجتماعية، ومن الواضح ان الديمقراطية من شروطه وضمان الحريات الشخصية والدين والمعتقد والتفكير والتعبير والتنظيم السياسي دون تمييز.
- الحد من التفاوت في توزيع الدخل، بالضرائب والإعانات ووسائل أخرى، والمساواة في المنافع الإقتصادية العامة ، ورعاية ذوي الإحتياجات الخاصة والضعفاء والمحرومين، وبالأحرى تقتضي العدالة التوزيعية إنتفاء الفقر.
- سياسة العدالة الإجتماعية تقوم على إلغاء التمييز بين الناس بالولادة، وتمكين الأفراد بالتعليم الشامل ووصولهم إلى الخدمات الصحية والمعلومات الضرورية لتكافؤهم في الإنتفاع من الفرص، وتعويض من لا يستطيع والذي يتضرر دون سبب منه. وإشاعة قيم ومعايير تجسد الفضيلة والإستقامة في السلوك وعلاقة الناس بالدولة والمشتركات.
- العدالة الإجتماعية تفترض المجتمع العادل في القيم التي لها حاكمية على الأفراد والجماعات في أغلبية وقائع السلوك طوعا، وتأتي الديمقراطية الإنتخابية للإفصاح عن هذا المجتمع في دولة العدالة الإجتماعية التي تجعل قيم وسلوك الأغلبية نظاما تُعاقِب من يحيد عنه. أما المجتمع الذي إعتاد على التهاون مع إنتهاك قيم العدالة في العلاقات ما بين أفراده وجماعاته، وفي التعامل مع المؤسسات العامة فلا يُنتج، في الديمقراطية، سوى دولة هزيلة لا تقوى على ظلم او عدل. في مثل تلك الأوضاع يُنتظر المستبد العادل، الذي يصادرالحرية، الشرط الضروري لكرامة الإنسان ومسؤوليته الأخلاقية، لوضع بعض الأمور في نصابها. لكنه يَعدِم فرصة المجتمع في التعلم من التجربة والخطا، وحين ينتهي عهده يعود الوضع إلى ما كان عليه قبل الإستبداد.
- تقترن العدالة الإجتماعية بالتسامح الديني والثقافي عموما والإنسجام الإجتماعي داخل الدولة، والتحرر من أوهام العداء الديني والقومي في العالم والتي كانت سببا رئيسا للمعاناة عبر الأجيال؛ والدعوة إلى رفاه البشرية جمعاء والتواصل الإيجابي مع شعوب العالم ودعم السلام.
- الديمقراطية تفترض ان المجتمع المدني مؤسس على عقد إجتماعي يبين المنافع والحقوق والإلتزامات المترتبة على العضوية المجتمعية، فمثلا ينتفع الفرد من الأمن الجماعي مقابل إستعداده لدفع الضريبة والخدمة العسكرية إذا إقتضى الأمر. تتطلب العدالة الإجتماعية كيفيات مناسبة لتنظيم المؤسسات الإجتماعية بما يضمن تصرف الأفراد والجماعات والمنظمات التي تؤلف المجتمع طبقا لقواعد العدالة الإجتماعية الشاملة والصحيحة مطلقا.
- في ظل الديمراطية التعددية يمكن الإستجابة لمختلف وجهات النظر حول الإلتزامات المتبادلة والقواعد التي تُشرّع لحكمها، وكيف توزع الموارد المحدودة بين مختلف الإحتياجات. مع تنوع الثقافات تبرز مهمة التوصل إلى مفهوم للعدالة الإجتماعية يحظى بالإعتراف والقبول من مختلف الأفراد والجماعات بصفته اساسا شرعيا لتعريف الإلتزامات والتصرف بالموارد، وهذه المهمة تقع على عاتق المجتمع ذاته، ولم تتحقق إذا أصرت مكوناته على التناحر دون الشعور بالمسؤولية تجاه الوحدة التي لا بد منها لمجتمع الدولة. ومما يتوافق عليه كيفية تنظيم المؤسسات الإجتماعية وفق المفهوم، آنفا، للعدالة الإجتماعية.

التصور التحرري ، الليبرالتاري

النزعة التحررية تلتقي مع الليبرالية في إنطلاقهما من الفردانية، الأولى تصر على تعريف ضيق لوظائف الدولة وبالتالي حكومة صغيرة، في حين أنتجت الثانية طيفا واسعا من الأفكار ومواقف مختلفة من الدولة وحجم الحكومة ووظائفها. التحررية الصافية لم تتجسد في واقع تجارب الدول المتقدمة المعاصرة التي جميعها تلتزم العدالة الإجتماعية بدرجات متفاوتة. وبقيت هذه النظرية مرجعية للحد من توسع الحكومة والتي صار حجمها النسبي أزيد من ثلاثة إلى خمسة امثال ما كانت عليه بداية القرن العشرين في أكثر الدول المتقدمة.
وفق التصورالليبرالتاري تُحكم المجتمعات إلى الحد الضروري لتأمين حماية حقوق الإنسان، ولذا تقتصر الدولة على الأمن الداخلي والخارجي، حق الإنسان في الحياة، وحماية حقوق الملكية، ومزاولة الأفراد لإستقلالهم الذاتي. تفرض الحكومة ضرائب لتمويل أداء تلك الوظائف، وتُشَرّع قوانين ضد السرقة والإحتيال والتنصل عن الإلتزامات التعاقدية، وتُقيّد تصرفات الأفراد والجماعات التي تحرم الآخرين من مزاولة حقوقهم المدنية. تنطلق هذه النزعة التحررية من أن الإرادة الحرة للأفراد ومسؤوليتهم الذاتية في سياق إقتصاد السوق الحر يحققان الخير العام على أفضل وجه ممكن. يعمل هذا النظام بالتدفق الحر لرأس المال والعمل، مع أعباء ضريبية منخفضة، ويشجع المبتكرات التقنية وتوليد فرص العمل وإنتاج وتوزيع السلع والخدمات بكفاءة.
أطروحات مالثوس، على سبيل المثال، تجاه الفقراء تعبر عن هذا المنحى ومواقف مفكرين بارزين في الليبرالية الجديدة. مع هذا النسق من التفكير تُستبعَد الدولة عن مهمات العدالة الإجتماعية وتوكل إلى الفضاء الخاص، مثل الصدقات الطوعية وما يقدمه المؤمنون من اموال تبعا لواجباتهم الدينية، والتكافل الأسري ...،هكذا. ويمكن التحوط ضد البطالة والمرض والشيخوخة عن طريق التأمينات الجماعية التي يُنشؤها الأفراد أنفسهم، وتسمى ايضا سوقية، ودلت التجارب على عدم كفاية هذه كلها، وبقيت الحاجة للدولة قائمة.
وتستند هذه النظرية إلى مبدأ ان الأفراد يملكون انفسهم ملكية تامة، والفرد هو الذي يعطي او يمنع من إمكاناته أو أمواله، التي إكتسبها بطريقة مشروعة، تبعا لتفضيلاته وفلسفته الأخلاقية، وهم في حصانة تامة ضد فقدان أي من حقوقهم ما لم تنتهلك أفعالهم حقوق الآخرين، وعموما لا يجوز تحقيق منفعة للشخص او آخرين بالإكراه. وفق هذا التصور واجبات الفرد تجاه المجتمع محدودة في اضيق نطاق مثل الضريبة وما إليها، واهم واجبات الفرد تجاه المجتمع الاّ ينتهك حقوق بقية الأفراد.
الليبرالتارية لا تنفي المسؤولية الأخلاقية للأفراد والتي ترتب عليهم إلتزامات طوعية بما في ذلك إيثار إحتياجات الآخرين على المنافع الفردانية الضيقة، لكنها تضع واجب المساءلة على الأفراد انفسهم حول نتائج تصرفاتهم، أي أن النفس هي ذاتها مصدر السلطة، فالشخص بإرادته الحرة يختار فلسفته الأخلاقية.
Hayek أبرز ممثلي المنظور اللبرالتاري المفكر المفضل لدى تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا وله تأثير كبير في تكوين اليمين الجديد خلال السبعينات وثمانينات القرن العشرين. أنكر شرعية مفهوم العدالة الإجتماعية اساسا، ويراه سرابا وإلتباسا يصح وصفه بالخطأ المنطقي المحض. لأن وصف المجتمع بالعدالة أو اللاعدالة يتضمن عدم فهم لمفهوم العدالة ذاته. العدالة صفة تسند إلى الفاعلين الأفراد ، الفرد يتصرف بعدالة عندما يقوم بفعل عادل. يأتي التوزيع التجميعي للموارد من تفاعل الأفراد في السوق ليس مقصودا من أي فاعل فردي، ولذا لا يجوز وصفه بالعدل او الظلم، وفكرة العدالة الإجتماعية جاءت من الفشل الأساسي في رؤية هذه النقطة، والمجنمع ليس من النوع الذي يوصف بأنه عادل او غيرعادل.
ويرى هايك إعادة التوزيع القسرية التي تزاولها الحكومات فيما عدا متطلبات الإحتياجات الأساسية العامة، والتي تعني حسبما أفهم ضمن نسق القيم الذي يصدر عنه متطلبات الحكومة الصغيرة او حكومة الحد الأدنى، تعني تدخلا غير مبرر بالحرية الفردية. الحكومة في حماسها لتحقيق " العدالة الإجتماعية " تستدعي سلطة مركزية ترغم الأفراد على ما قد لا يرغبون به، وهذه كلها بإسم إلتباس مفهومي. من المعلوم أن هايك كان يتطير من الدور الإقتصادي والإجتماعي للدولة الذي يكتنف في رأيه مخاطر الدكتاتورية او الفاشية، هذه الأفكار غذت الليبرالية الجديدة واضعفت دولة الرفاه. صحيح ان المجتمع كيان لا شخصي نسبة الإرادة له مجازية لكن العمليات الإقتصادية في الأسواق والتشريعات الحكومية تؤثر في حياة الأفراد وهم شركاء في الوجود على الأرض وقد تفاوتوا في الإنتفاع من مجموع النظام فلابد من تصحيح ولا بد من قبول مبدا التكافل ما بين اعضاء العائلة الكبيرة، وهو ما يستحسنه الوجدان البشري ولا يعقل الإصرار في الدفاع عن مناهج في الإدارة العامة تتنكر للواحبات الأخلاقية التي يراها الناس في أنفسهم.

المنظور المنفعي

المنفعية ضمن الليبرالية عموما تفترض قيام المجتمع المدنى على تعاقد طوعي لأجل مكاسب متبادلة، والعدالة التوزيعية هي الإهتمام الأول للمنفعية. أرسطو اول من أشار إلى العدالة التوزيعية إلى جانب التبادلية والعقابية، ولذلك ينظر إليه منطلقا قديما للمنفعية. وعند ارسطو التوزيع العادل للسلع والمنافع في المجتمع وظيفة مشروعة للدولة. أرسطو لم يكن منفعيا في فهمه للعدالة لأنه يتخذ من تقدير الأفراد معياراً وليس مبدا المنفعة. المنفعية فاسفيا تنسب إلى جرمي بنثام ثم جون ستيوارت مل عام 1883. وعنده، مل، أن توزيع كل الأشياء ذات القيمة ينبغي أن يحكمه مبدأ تعظيم الخير الذي يصيب أكبر عدد ممكن من الناس، والمنفعة هي المقياس. وتبعا لهذا تعظيم مجموع المنافع لكل أفراد المجتمع هو معيار التخصيص الأمثل للموارد.
المنفعية نظرية شائعة في الأخلاق والفلسفة السياسية لأنها تقدم دليلا واضحا للحكومة في مواجهة المسائل العملية، مثلا كيف تختار مفردات برنامج للإستثمار في البنى التحتية والخدمات، تعرض عدة بدائل لتشكيلات من المشاريع ثم تختار التي تجعل مجموع منافع المجتمع أعظم ما يمكن، وهو ذاته مبدأ الإسستمثال Optimization. لكن تعظيم سعادة اكبر عدد ممكن لا ينسحم مع المساواتية التي تقوم عليها الدساتير المعاصرة والديمقراطية الليبرالية، لأن قسما من السكان قد يستبعد وإحتياجاتهم عندما يتطلب التعظيم ذلك الإستبعاد. لكن لو إفترضنا المجتمع من أفراد متماثلين تماما في تفضيلاتهم، وعندما نفترض تناقص المنفعة الحدية يقتضي تعظيم المنافع المساواة التامة بين الأفراد فيما يحصلون عليه من دخل أو خدمات عامة. لكن التماثل مستبعد، وأصلا جاء الإنشغال بالعدالة الإجتماعية بسبب عدم التماثل في القدرة على تدبير وسائل المعيشة والصحة البدنية والإحتياجات الأخرى الكثيرة تبعا لأوضاع الأفراد والأسر والجماعات في جغرافية الدولة.
النظرية الصورية Formal للمنفعية معيارها النتائج ولذا كما في مثالنا السابق تقارن البدائل بمخرجاتها النهائية، ولكن ما هو المُخرَج الذي ينبغي للسياسة تعظيمه هذا سؤال متعلق بالقيمة، كما لا بد من النظر في مدى إنسجام النتائج مع القواعد الإخلاقية. ومن غير المستبعد تخالف القيم أو المعايير التي تقيّم بها نتائج التصرفات أو القرارات في مجتمع ديمقراطي، أو بتعبير آخر قد لاتكون مختلف التفضيلات قابلة للتجميع، عند هذا الفرد او المجموعة (أ) افضل من (ب ) ومجموعة ثانية بالعكس، وهذه المشكلة معروفة في إقتصاد الرفاه ومع عدم قابلية البرامج أو المشاريع للقسمة نظريا لا يوجد حل للمشكلة إنما عمليا يوجد. المجتمعات التي إعتادت على التعاطف والتراحم تستطيع العيش بسعادة أوفر. الذي تنازل عنه زيد لا ينتقص من رفاه أسرته 1% يقدم لعمر يرفع مستوى معيشته 100%. وفي مثال تناقض الترتيب (أ) افضل من (ب) عند الشخص الأول لكن العكس عند الثاني عادة يؤخذ تفضيل الأكثرية بموجب مبادئ المنفعية، لكن السياسات العملية تلاحظ شرط عدم إصابة الأقلية بضرر يعتد به. مجوع سعادة المجتمع أعلى عند البدء بمراعاة الأدنى رفاها فالذي يليه صعودا وذلك من النتائج الرياضية لتناقص المنفعة الحدية. والمبدا الإسلامي " لا يجوز الإستئثار على مضطر" سياسة مثلى. وهكذا يتضح دون إعلاء مبدأ الأخوة الطبيعية والإيثار لا ينسجم المجتمع ولا يسعد.

إعترض Rawls على المنفعية إذ لا يرى التجميع ممكنا لأن الأفراد منفصلون وتعظيم السعادة الكلية هدف يتعذر إحرازه مادام لايوجد الشخص الكلياني الذي يتمتع بكل السعادة، لا يوجد سوى العديد من الأفراد المنفصلون؛ ويستحضر راولز فكرة العقد الإجتماعي التي في أساسها تقتضي التوافق مع كل فرد على حدة. ومن الخطأ جعل البعض تعساء من أجل سعادة اكثر للأخرين. الإعتراض الأول يسري على التنظير الكلي في الإقتصاد والمجتمع الذي يفترض التجميع وبدونه، رغم الإشكالات العملية، تصبح المعرفة الكلية ليست ممكنة، وأرى على الصعيد العملي بالإمكان تلافي هذه المشكلة. أما الإعتراض الثاني فاتفق معه تماما، لأن الضعفاء وحقوقهم موضوع العدالة الإجتماعية.
يعترضNozick وهو ليبرالتاري على راولز ، في تعقيبه هذا على المنفعية، إنه أغفل الجانب الحقوقي لإنفصال الأفراد، وعنده أن الإنفصالية لا تسمح للحكومة بإقتطاع ضريبة من الغني لإعانة الضعيف إلاّ إذا أعطى الغني مختاراً، وبذا لا يرى نوزك المنفعية مبررا لإعادة التوزيع بالضريبة والإعانة ، لأن الفرد يملك نفسه وما لديه مما إكتسب بالوسائل المشروعة.

ميّز إزايا برلين، فيلسوف السياسة البريطاني الروسي الأصل 1909 - 1997، بين الحرية السلبية والحرية الإيجابية، الأولى تفيد أن يتصرف المرء حرا من قيود وعقبات وتدخلات تُضيّق فضاء خياراته، والثانية أن يكون حرا لعمل ما يريد، الأولى الحرية من والثانية الحرية في. ويميل برلين إلى المفهوم السلبي لأنه يُحجّم تدخل الدولة ويمنع إحتمال تغوّلها، وهذا الموقف ينطوي على إشكالية كبيرة تجاه الضعفاء والبؤساء في الوطن والعالم. اما المفهوم الإيجابي فيفسَّر من جانب تمكين الضعفاء من مزاولة حريتهم التي منعهم منها قلة ما في اليد ولذا يبرر تدخلا للدولة واسعا لإعادة التوزيع.
إعترض الأمريكي MacCallum على برلين بأنه لا يوجد مفهومين للحرية إنما هو واحد يُفهَم من جهتين أي ان برلين أخفق في التمييز بين المفهوم Concept والفهم Conception. اليمين الليبرالي، الليبرالتاريون، أقرب إلى اطروحة برلين، إبتداءا ثم ذهبوا أبعد. إنتقد برلين المقاربة المنفعية للعدالة الإجتماعية، إذ تقود في رأيه إلى التضحية بحقوق وحريات الأفراد للوصول إلى خير اوسع للغالبية. وأيضا، بين قصور فرضية المبدأ الوحيد الشامل للعدالة داعيا إلى تعددية في فهم القيم. ويتعالق موقفه هذا مع رفضه للمنظومة الوحيدة للقيم وكذلك إنكاره لوجاهة تراتبية الثقافات. ويحتاج تنظير برلين ، معياريا، إلى التنسيق بين إنصاف الضعفاء وموالاة التفاهم والسلام بين الثقافات في العالم.

نظرية راولز

في مقدمة كتابه يرى، راولز، العدالة هي الفضيلة الأولى للمؤسسات الإجتماعية مثل الحقيقة في انظمة الفكر. والنظرية مهما بدت انيقة ومقتصدة ينبغي أن تُرفض أو تعدّل إن لم تعبر عن الحقيقة، كذلك القوانين والمؤسسات مهما بلغت من الكفاءة وحسن الإنتظام ينبغي إصلاحها او إلغاؤها إن لم تكن عادلة. أي شخص له الحق في العدالة غير القابل للإنتهاك او التعطيل حتى بذريعة رفاه المجتمع بأكمله. فلا يمكن تبرير مصادرة حرية بعض الناس من أجل الخير العام، والعدالة لا تستقيم مع فرض التضحية على بعض أفراد المجتمع بحجة أن المكاسب التي تتحقق للآخرين تفوق تلك التضحية، وبهذا أراد نقد النظرية المنفعية التي معيارها أكبر سعادة لأكبر عدد من الأفراد وبتعبير مكافئ اكبر سعادة للمجموع.
في المجتمع العادل يتساوى الناس في حقوق المواطنة والحريات، وهو مبدأ محسوم لا يخضع لمناقشة لاحقة. والحقوق المضمونة بمفهوم العدالة ليست موضوعا لمساومات سياسية، او حسابات مصالح إجتماعية. الظلم قابل للتحمل فقط لتحاشي ظلم أعظم، وهو أيضا مبدأ فقهي في الإسلام " يُدفع الضرر الأشد بالضرر الأخف".
يرى راولز أن إختيار الأفراد للمبادئ المناسبة للعدالة لتكون إنصافا ألاّ يعلموا كيف يتأثرون بها، أي إنتفاء إحتمال التحيز بالمطلق. ولذا تصورهم يفاضلون بين المبادئ وهم في وضع أصلي، قبل المجتمع الذي يفكرون في عدالته، وهم لا يعلمون شيئا عن هوياتهم ومن سيكونون، من هذا الدين أو ذاك او القومية أو القدرات الذهنية ... وغيرها، والذي سماه " من خلف حجاب الجهل"، وهي تجربة فكرية. وبهذا تنبثق العدالة مضمونا لتعاقد إفتراضي يتوصل إليه الأفراد مجردين من أية معلومات تجعل الإتفاق منحرفا عن الإنصاف Fairness. ولذلك يتطلب الجهل التام ليس بما سيكونون بل أيضا لا يعرفون ما هو الطيب أو الأطيب أو الأصلح إنما يستطيعون تأطير وتعديل ثم إتباع مفهوم للخير أو الصلاح.
وهم في تجربتهم تلك عرفوا طيبات أساسية وهي الحريات والفرص والقوى او النفوذات والدخل والثروة والإحترام الذاتي. أن الأفراد في وضعهم الأساسي، المفترض لهذه التجربة الذهنية ، متساوون تماما لأنهم افراد وحسب. المجتمع عند راولز نظام منصف للتعاون بين مواطنين احرار متكافئين. الفرد في ذلك الوضع لا يُفضّل جماعة دينية أو قومية على أخرى لأنه لا يعلم لمن ينتمي، ولا ذوي التحصيل التعليمي العالي على سواهم او ابناء الأغنياء على الفقراء لنفس السبب ...وهكذا. في رأيه، سوف يختارون نظاما يساوي بين الأفراد في الحريات الأساسية، ويُقيّد التفاوت الإجتماعي والإقتصادي لتحقيق أعضم المنافع للأقل حظا لأن اياّ منهم يُحتمل أن يكون في هذا الوضع، وأن تسند هذه المهمات إلى دوائر ومواقع مفتوحة للجميع تحت شرط المساواة المنصفة للفرص.
مبدا المساواة في الحريات الأساسية يعلو على ما يسمى مبدأ الفرق المتعلق بقاعدة التفاوت لصالح الأقل حظا. في التعقيب على هذا التصور للعدالة يرى البعض إنه يستبطن ميل الافراد في الوضع الأصلي، خلف حجاب الجهل، لتجنب المخاطرة فيختارون من بين مختلف أشكال التفاوت الممكنة ذلك النمط الذي يقدم اكثر للأقل، اي ان الفرد في تلك التجربة يتحوط لوقوعه في ذلك الوضع. وثمة إعتراض على راولز من جهة ان إحتمال إشغال الفرد أي موقع يساوي إحتمال أي موقع آخر فتبعا لقاعدة تعظيم المكسب المتوقع يكون الوسط هو الأنسب ولذلك ينبغي تعظيمه. لكني الاحظ أن نظرية القرار الأحدث تفترض ضررا، لا منفعة ، بالقيمة المطلقة للوضع السالب أكثر من نظيره للوضع الموجب وكلاهما بنفس المسافة عن الوسط، ولو أخذ راولز بهذا الإعتراض ينتهي إلى قبول المنظور المنفعي.
إعتراض Nozick واليمين الليبرالتاري على راولز أن نظريته تصح لحالة متخيله حيث إستيقظ الناس ذات صباح فوجدوا في العالم مختلف الخيرات جاهزة، وعليهم فقط الإتفاق حول توزيعها. بينما، في رايهم دائما توجد ملكية إكتُسبت بطريقة مشروعة ودخل من بذل العمل . والحكومة ليس لها أن تعيد توزيع ما يمتلكه الأفراد وما إكتسبوه بل حماية تلك الحقوق من التطاول عليها. وارى أن هذه الأطروحة تجافي الكثير من الحقائق وما تواضع على قبوله الناس والذي لا يجوز التنكر له لأن العدالة الإجتماعية فلسفة معيارية وليست حقائق فيزيائية هناك بمعزل عن الذوات الواعية.
اصل الملكية الأرض في التاريخ ونعرف كيف أن القوة كانت أساسية في إمتلاكها، وليس كما يريد نوزيك بأنها لم تكن لأحد فجاء من إستحوذ عليها. فعندما لم تكن لأحد كان الناس جميعا فيها سواسية، وهي أخلاقيا تحت السيادة الجماعية. وأرى الملكية الخاصة للارض، حتى ولو أصبحت مشروعة، لا تُلغي تلك السيادة التي هي الحق الأول من حقوق الملكية. كما هي مبالغة في إفتراض ان الدخل يكتسب بنظام لا يأتيه الباطل من أية جهة.
القدرات التكوينية التي يولد الأنسان عليها لم يبذل جهدا لحيازتها وهي لا تندرج تحت الإستحقاق بل الحظ. والذين ولدوا معدمين من الملكيات والقدرات لم يأت ذلك بسبب منهم ولا يستحقون البؤس الذي يعانون، ولذا لا بد من معالجة تصحيحية. وربما جاءت المودة ومختلف صور التعاطف بين الناس من الإدراك العميق التلقائي لهذه الحقيقة الكبيرة التي ظهرت قيم العدالة الإجتماعية تعبيرا عنها.
راولز يقصد بالأقل حظا العمال غير الماهرين وما إليهم بدلالة معدل الدخل المكتسب، وهذا كما يرى آخرون أتفق معهم أهمل ذوي الإحتياجات الخاصة وغير القادرين على إكتساب الدخل أصلا. وعنده الأفراد العازفين عن العمل المتاح في السوق مستبعدين من الفئة الأقل حظا أي لا يؤيد شمولهم، وهو لسبب عملي وليس فلسفيا. ومبدأ الفرق يبرر إتساع التفاوت طالما ينمو دخل الفئة الأقل حظا وهذا ملاحظناه من البيانات الأمريكية حيث يزداد متوسط الأجر الحقيقي للعامل زيادة طفيفة في حين ينمو دخل الفئات الأخرى بمعدلات أعلى بكثير، وتبعا لمبدأ الفرق يبقى الإنصاف متحققا .
مع النقد والتحفظ أضافت نظرية راولز أدوات جديدة للفلسفة السياسية وموقفا متقدما ضمن الأوساط الليبرالية، وتساعد على دور حكومي للعدالة التوزيعية في زمن تزايد فيه تأثير اليمين الذي يرفض أي دور ومسؤولية للدولة في العدالة الإجتماعية.


أطروحة القدرات

قدمها sen المعروف في إقتراح مقياس التنمية البشرية وله إسهامات في تطوير التقييم الإقتصادي لمشاريع الإستثمار العام. وينطلق سن من أن مفهمة العدالة الأجتماعية وتحققها تقدمت في ظل الأبستمولوجيا المقارنة، دون التجريد المتعالي Transcendentalلنظرية العدالة. كما يرى ان النظريات التي تأسست على فكرة مثالية للتعاقد الإجتماعي أغفلت مشكلات التهميش والإقصاء وكذلك أثر العولمة على الشروط الإجتماعية المحلية وحقوق الإنسان. ولا اتفق مع سن في أن فكرة التعاقد، التي أخذ بها راولز وآخرون، تؤدي إلى ما اشار إليه بل صيغة التعاقد المفترضة ترسم نظرية للعدالة الإجتماعية.
وأرى إمكانية الإنطلاق من النسق الأخلاقي الذي يحظى بالإعتراف، بغض النظر عن إستعداد الناس للخضوع له، للتعاقد او متعاقدا عليه بامارة الإعتراف بوجاهة ذلك النسق أو مشروعيته. ويمكن النظر إلى تدابير دولة الرفاه المعاصرة من مبدا ان الناس تعاقدوا على نظام للتأمين ضد الفقر والعوارض عبرت عنه الحكومات بالضرائب والإعانات وما إليها. ويذهب سن ابعد من ذلك معترضا على مقاربات العدالة الإجتماعية التي تركز على الوسائل، الموارد والترتيبات المؤسسية، في مقابل النتائج أو الغايات.
يستند منهج القدرات إلى حق الإنسان في حرية السعي لإحراز الحياة الطيبة؛ لكن تلك الحرية ينبغي ان تُفهم بدلالة القدرات التي يجد الناس انفسهم عليها. منهج القدرات لا يعتمد الإنصاف أو المساواتية في توزيع الدخل والإستهلاك مقياسا عاما، مع ذلك يبقى خفض التفاوت مركزيا لأية نظرية للعدالة الإجتماعية عندهم.
قدرات الأفراد العشرة موضوع هذه الإطروحة وهي ترجمة لحقوق الأنسان: الحياة بعمر إعتيادي ويشعر الإنسان تستحق ان تعاش بكرامة وطمانينة؛ صحة موفورة؛ الإنسان يمتلك بدنه حرا فيه؛ الحواس، التصورات والافكار؛ العواطف ؛ الألفة مع الناس وحق الإنسان بالإعتراف والمعاملة المحترمة؛ العقل العملي؛ العيش بسلام مع الكائنات الأخرى؛ الإهتمام بالبيئة. نلاحظ غلبة لغة أهداف التنمية المستدامة على منهج القدرات. وهو، كما أرى ، اقرب إلى السياسات المتوافق عليها مما يبدو للوهلة الأولى، ولذا فهو برنامج توافقي للعناية بالإنسان أكثر منه فلسفة للعدالة الإجتماعية.
ثمة نتائج او مخرجات للمنهج منها: التغذية الحسنة؛ التعليم؛ الصحة الجيدة؛ السكن ؛ أن يكون الإنسان محبوبا ومحترما. تلك الإيجابية في مقابل إزالة السلبيات النظيرة: سوء التغذية ؛ الأمية ؛ تدني الصحة والمرض؛ العجز السكني؛ الإزدراء والتهميش والوصمة المتصلة بالكراهيات الدينية والأثنية او الوسط الإجتماعي. منهج القدرات الذي تبنته الأمم المتحدة منذ مطلع التسعينات لم يحقق نتائج واضحة، ويفسرالتحسن المنجز الذي تكشف عته البيانات بمجريات التطور الإعتيادي أكثر منه إستجابة للأهداف المعلنة للتنمية الدولية. لأن القدرات كما عرّفها المنهج تتصل بمجمل الإمكانات الإقتصادية للدول، ومن شبه المستحيل تطوير القدرات بمعزل عن التنمية الإقتصادية. والتي اضعفها المنهج في اذهان شعوب وحكومات الدول النامية عندما أغرقها بقلق الدول المتقدمة حول البيئة والتلوث والموارد الطبيعية والتوجه التبشيري للديمقراطية الليبرالية.


مصادر ذات علاقة


Rawls , John, A Theory of Justice: Revised edition, The Belknap Press of Harvard Press Cambridge, Massachusetts, 1999.
A Companion to Contemporary Political Philosophy, 2nd Edition Volume I , Edited by Robert E. Goodin, Philip Pettit and Thomas Pogge, Blackweel publishing, 2007.
Knowles, Dudley, Political Philosophy, Routledge, 2001.
Swift , Adam, Political Philosophy A Beginners’ Guide for Students and Politicians Third dition, Polity Press, 2014.
Kraynak, Robert P. ,The Origins of “Social Justice” in the Natural Law Philosophy of Antonio Rosmini, The Review of Politics 80 (2018), 3–29, University of Notre Dam.
Justice, Stanford Encyclopedia of Philosophy.
Social Justice in an Open World: The Role of the United Nations
Berlin, Isaiah, “TWO CONCEPTS OF LIBERTY,” Four Essays On Liberty, (Oxford, England: Oxford University Press, 1969), p. 118-172.



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة إلى السياسة ونظام الإقتصاد في العراق
- كلمة حول النظام السياسي الدولي وعجزه عن حفظ السلام
- الإقتصاد الأمريكي والسياسة الدولية: حقائق وملاحظات موجزة
- إشارة إلى تفاوت الرفاه وإعادة التوزيع ومبدأ العدالة
- هل هذه المجتمعات دون الحداثة وليست مؤهلة للنظام المعاصر: مرا ...
- الدول النامية الآن وأوربا القرن التاسع عشر: لمحة في بيانات إ ...
- المسلمون ونزاع الهويات: رأي على هامش الأحداث
- النفط ومستقبل الوقود الأحفوري
- المشاريع العامة والتجهيزات: خلل في التنظيم والإدارة
- الواجب الأول في السياسة تأكيد إستقلال وسيادة العراق
- إعادة تنظيم أجهزة الدولة في العراق
- التمويل الحكومي للقطاع الخاص: مصارف التنمية في ضوء التجربة ا ...
- الإ ئتمان والخدمات المصرفية للمالية العامة وإعادة تنظيم المص ...
- الإستثمار العام وفجوة البنى التحتية في العراق
- عود على بدء: الإحتياطي الفدرالي لم يُذكَر في قرار مجلس الأمن ...
- لا بد من تأكيد حق العراق في إدارة إحتياطياته الدولية بحرية ت ...
- إيضاح حول مقال إستلام إيرادات النفط
- العراق لم يعد مُلزَما بإستلام إيرادات النفط في الإحتياطي الف ...
- ملاحظة حول النفط والغاز والقانون المنتظر
- التحرك السريع لحماية الأموال العامة


المزيد.....




- شاهد كيف يحدد ترامب الجدول الزمني لكل شيء تقريبًا بـ-خلال أس ...
- ماذا نعلم عنه؟.. مقتل ضابط روسي بارز بانفجار داخل روسيا
- مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إط ...
- كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟
- في تحد للسلطة.. نساء إيران تحملن -نعش الحجاب- إلى مثواه الأخ ...
- الخارجية الروسية: نأمل أن تحذو كييف حذو موسكو في جدية التفاو ...
- موسكو: فريق ترامب يتعامل مع روسيا بعقلانية وبراغماتية أكثر
- العليمي يروي لـRT قصة أربع طائرات دمرتها إسرائيل في مطار صنع ...
- -مبعوث الرب-.. منشور غامض من الرئيس الأمريكي يثير الجدل
- -الاعتراف بدولة فلسطين مطلب سياسي-.. ماكرون يدعو لتشديد المو ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد إبريهي علي - إطلالة على فلسفة العدالة الإجتماعية