أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد إبريهي علي - دولة العقد الإجتماعي وأفكار أخرى















المزيد.....



دولة العقد الإجتماعي وأفكار أخرى


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 22:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذه المقالة، ايضا، إعادة قراءة في المنظور الأخلاقي للدولة في فلسفة السياسة لا تتخطى البسيط اليسير، وملاحظات وتداعيات للتذكير بأهمية الرجوع إلى معيارية مستقلة عن الوقائع اليومية وخطابات الاطراف المتصارعة على السلطة. ومن الخير للشعوب أن تتمسك بكرامتها الوطنية وتعيد تأسيس دولها على شرعية واضحة، تقيم العدالة الشاملة لجميغ مواطنيها، وتتمسك بحقها في الإستقلال والسيادة، وترفض التجاوز على هذا الحق بثقة وعزيمة.
العقد الإجتماعي
تأتي فكرة العقد الإجتماعي من أهمية الأخلاق والمعيارية في السياسة والدولة كي لا يستبد المنهج الوضعي في فهم السلوك البشري ونظام المجتمع، و نَحْذَر أن تغدو الممارسة في الحاضر والتاريخ بما فيها من شراسة الانانية والمغالبة بالمكر والخديعة معينا تستمد منه الأحكام فلا معنى ولا كرامة.
بداية في الفلسفة اليونانية
تنشأ الإلتزامات الأخلاقية والسياسية ما بين الناس بالتعاقد طوعا لتكوين المجتمع، وتأتي سلطة الدولة لضمان الحقوق والحريات الطبيعية للأفراد والحفاظ على دوام النظام بموجب تلك الألتزامات. اي أن الدولة تستند إلى شرعية تبرر مزاولتها للإكراه، ولهذا تحتفي الفلسفة السياسية في منظورها الليبرالي بفرضية العقد الإجتماعي عندما كان الأفراد في الوضع الطبيعي قبل المجتمع. ثمة بداية بعيدة للفكرة في حديث سقراط مع كريتو، صديقه واحد طلبته، إذ يرفض الهروب إلى مدينة يونانية أخرى ويقبل عقوبة الإعدام ويبقى في السجن إحتراما لقانون أثينا. الذي يراه متفضلا عليه، تزوج والداه في ظله وأنجباه، ثم عاش حياة طيبة وتعلم وتزوج وانجب اولادا...، وإقامته في المدينة دليل تعهد بقبول قانوها. هذه الفكرة وظّفت في عصرنا بأن العقد الإجتماعي متجدد وليس لمرة واحدة في الحالة الطبيعية وإلى الأبد.
وبهذا صارت المواطنة دليل قبول العقد الإجتماعي ولا إستثناء عليه طالما الذي لا يستسيغه بإمكانه المغادرة آخذا معه ما يملك على حد تعبير سقراط . الذي تجرع السم وفاءا لإلتزامه القانون ليس لأنه بذاته صحيح لكن طاعته واجبة بغض النظر عن عدالة حكم القضاء. في حوارات إفلاطون يقترح أخوه Glaucon جوابا عن ما هي العدالة فيتصور افراد البشر بين الرغبة في القدرة على ظلم الآخرين دون الخوف من الإنتقام، أو تجنب التعرض لظلم الآخرين دون القدرة على الرد بالمثل.
العدالة إذاً في التواضع على قوانين وعهود لتجنب الحدين آنفا، أي لا تستطيع الإعتداء دون عقاب في مقابل الاّ تكون ضحية للظلم. لكن سقراط رفض إطروحة غلوكون لأن العدالة عنده لها قيمة بذاتها والعادل سعيد، وهو محق فالإنسان السوي لا يرى في ظلم الآخرين مكسبا بل هو الشقاء بعينه. لا اتفق مع وصف سقراط بالتناقض بين موقفه هذا الأخير ومحادثته مع كريتو، فهو يرى العدل نابعا من داخل الإنسان وقبول العقد الإجتماعي مما يقتضيه العدل.
العقد الإجتماعي في العصر الحديث
تظهر فكرة العقد الإجتماعي مع توماس هوبز 1588- 1679 الذي شهد الحرب الأهلية الإنكليزية بين الملك ومناصريه، الذين يؤيدون الملكية التقليدية، والبرلمانيين بقيادة كروموَل لزيادة صلاحيات البرلمان وتقييد سلطة الملك. هوبز رفض اطروحة الحق الالهي للملوك كما لا يرى طاعتهم طاعة لله، عز وجل، الذي تبناه روبرت فيلمر، ورفض مطالبة البرلمانيين بتقاسم السلطة مع الملك، أيضا. يرى الأفراد اعضاء المجتمع متساوون وليس لأحد منهم سلطة على الآخرين؛ وفي نفس الوقت الملك هو صاحب السيادة Sovereign وينبعي أن يتمتع بسلطة مطلقة كي يبقى المجتمع متماسكا آمنا وفي هذا مصلحة للأفراد.

تستند نظرية هوبز في السياسة على فهمه للدوافع البشرية بالغرور وحب الذات، وفكرة العقد الإجتماعي الذي نشأ عندما كان الناس في الوضع الطبيعي وارادوه إختيارا للتخلص من حروب وعبث الإنانية. في كتابه عام 1651 حاول تقديم نظرية عن الطبيعة البشرية توازي منجزات العلوم لفهم نظام الكون المادي آنذاك.
ومثلما يُفسّر كل ما يحدث في الكون بحركة في المادة، وكل شيء بما يجري فيما بين أجزائه، كذلك السلوك البشري المُشاهَد على النطاق يمكن إرجاعه إلى سلوك على المستوى الصغير حتى لو لم يكن مشاهداً، مثل
المشي والكلام ينتج عن أفعال في داخلنا وهذه تعود إلى غيرها ...وهكذا في سلسلة الأسباب والنتائج. ومن علاقاتنا الحسية بما حولنا وإستجابتنا لها تنشأ سلسلة أخرى ومن هذه وتلك تتشكل انماط سلوك البشر وفقا لقوانين الطبيعة البشرية.

وذهب هوبز إلى ابعد من هذا بان السيكولوجيا ميكانيكية مثل الطبيعة المادية، والتي تتضمن الطبيعة الذاتية للأحكام المعيارية، وبذلك اراد إرجاع الحق والعدل والصواب والخطا إلى الطبيعة، فالحب والكره تعبير بالكلمات عن أشياء نُجذَب إليها أو نُدفع عنها. فالجيد والسيء لا معنى لهما سوى الإشتهاء أو النفور، ولهذا تعكس المفردات الأخلاقية الأذواق والتفضيلات الفردية. ومن تصوره الميكانيكي للسلوك يرى البشر بالضرورة وعلى نحو شامل أنانيون يلاحقون افضل مصالحهم الفردية بالإنجذاب نحو ما يرغبون والنفور مما يتحاشون. وهذا السلوك شامل لكل مفردات حياتهم في الصداقة والعداوة كما في طلب القوة والمكانة.

لكن هوبز اضاف أن الكائنات الإنسانية تتصرف بالمعقول Reasonable لديهم في تكوينهم الإستعداد العقلاني للوصول إلى ما يرغبون بكفاءة لأقصى الممكن، والعقلانية أداتية صرفة في تحري أفضل الوسائل للوصول إلى الأهداف. توماس هوبز رغم تأييده للملكية المطلقة ووقوفه إلى جانبها قد أسهم في النظرية الليبرالية، عندما تصور الأفراد الأحرار المتساوون اساس الدولة الشرعية التي تستند إلى قواعد وقانون. الحكومة نتاج تصرفات الأفراد وخصائصهم البشرية، ودوافع الحكومة من مصالح الأفراد التي تحركهم، وهي ضرورية لحماية بعضهم من بعض ولولاها تصبح الحياة مليئة بالشر.

على المهم في هذا المورد، إذ أراد هوبز تلك المقدمات حجة لبيان وجوب أن يرغب البشر في إخضاع أنفسهم للسلطة السياسية، عندما كانوا في وضعهم الطبيعي السابق لإقامة المجتمع. بما أن الناس حريصون على مصالحهم الذاتية طبيعيا، وهم عقلانيون ايضا، لا بد من إختيارهم الخضوع لصاحب السيادة كي يمكنهم العيش الملائم تماما لمصالحهم وخدمتها على أفضل وجه. فالحالة الطبيعية وحشية على نحو لا يحتمل وكل شخص يخشى القتل ولا يمكن تصور تعاونهم وعيشهم بسلام دون الخضوع للسلطة السياسية. هذا التصور للطبيعة البشرية وتفسيرالسلوك موضوع لبحث متواصل في الفلسفة والعلوم الإجتماعية والدين، وإلى الآن لم يتمكن العلم من إختزال البايولوجيا إلى الكيمياء والفيزياء، ولا العقل والسلوك البشري إلى البايولوجيا، وتشير دراسات حديثة، ذات منحى تجريبي، إلى ان الإنسان ليس انانيا صرفا بل لديه نزعة إيثارية أصيلة، وخوف عميق على مستقبل النوع الإنساني بأكمله.


لكن جون لوك 1632-1704 إعترض على تصور هوبز ودافع بأن الافراد اخلاقيون ولديهم الإستعداد للتعاون وكانوا في الوضع الطبيعي يعتمدون قدراتهم الذاتية في الدفاع عن حرياتهم وحقوقهم وهذه تقود الى مشاكل لذلك تنازلوا عن هذا الحق للدولة في العقد الإجتماعي. جون لوك رفض نظرية الحق الإلهي لفلمر، و أخذ بفكرة الوضع الطبيعي لهوبز لكنه تصور الفرد حينها بالحرية التامة لممارسة حياته على أحسن ما يناسبه، دون تدخل الآخرين، لكنه لا يستطيع أن يفعل كل ما يرغب به. حالة الطبيعة على الرغم من كونها بلا مجتمع مدني ولا حكومة تعاقب من يتجاوز القانون لكنها ليست بلا أخلاق، فالحالة الطبيعية قبل السياسة لكنها ليست سابقة للأخلاق. أتفق معه في هذا، إذ لا يمكن تصور الإنسان بلا أخلاق، وما القوانين سوى اخلاق تقترن بجزاء توقعه السلطة على من يخالفها.

يفضل جون لوك حكومة تؤسس برضا من تحكم بعقد إجتماعي يمنحها الشرعية وتحفظ الحقوق الطبيعية للإنسان في الحياة والحرية والملكية، والتسامح الديني. تلك الحكومة تعاقب من ينتهك حقوق الآخرين، وتعمل لتجهيز السلع العامة حتى لو تناقضت مع الحريات الفردية. ويضيف لوك، الأشخاص متساوون في وضع الطبيعة ويتكافأون في القدرة على إكتشاف القانون الطبيعي والإنسجام معه، وهو الأساس لكل المبادئ الأخلاقية، التي أعطاناها الله، عز وجل. تأمرنا، تلك المبادئ، بعدم إيذاء الآخرين في حياتهم وصحتهم وحريتهم وما يملكون لأننا جميعا متساوون في الإنتماء إلى الله.
فحالة الطبيعة ليست مثل حالة الحرب كما عند هوبز. لكنه من الممكن أن تتطور إلى حالة حرب نتيجة نزاعات المِلْكية، عندما يحاول شخص السرقة من الاخر أوإستعباده. ولعدم وجود مجتمع مدني وقوة مدنية يلجأ إليها صاحب الحق سوف يلجا إلى قدراته في الدفاع عن نفسه، وقد تستمر الحرب وتتسع، وهذه من أهم اسباب تخلي الناس عن الوضع الطبيعي والتعاقد سوية لتكوين حكومة مدنية.
الملكية الخاصة لها أهمية محورية في نظرية لوك للعقد الإجتماعي وإنشاء الحكومة المدنية على اساسه. عنده تاتي الملكية الخاصة من مزج العمل مع مواد الخام الطبيعية. " فمن يحرث قطعة ارض ويجعلها حقلا ينتج الغذاء عند ذاك له الحق في إدعاء ملكيتها..,". مع ذلك إقترح حدا لملكية الأرض فليس لأحد ان يستحوذ على مساحة لا يستطيع إستخدامها فللآخرين حصتهم منها أيضا، لأن الطبيعة عطية من الله لكل النوع الأنساني مصدرا مشتركا لمعيشتهم.
من بين ما يعترض به لوك على هوبز ان الوضع الطبيعي لم يكن لأفراد وحدهم ، بل ازواج ، آباء وأمهات واطفال في رعاية عوائلهم وهم أخلاقيون. اما المجتمع السياسي فقد ظهر الى الوجود عندما الرجال الذين يمثلون عوائلهم إتفقوا للتنازل عن الحق في معاقبة الخارجين على القانون الطبيعي إلى سلطة الحكومة. وبذلك أصبح لديهم القانون، والقضاء لتحكيم القانون، والسلطة التنفيذية لفرض القانون، هذه الثلاثة لم تكن لديهم في الوضع الطبيعي.
تصور لوك إنحلال العقد والتعاهد مع الحكومة عندما تنزلق السلطة التنفيذية نحو الطغيان وتتمادى في حل السلطة التشريعية وإنكار حق الشعب في تشريع القوانين لحفظ الحقوق، فقد وضع الطاغية نفسه في الوضع الطبيعي، وبالتالي في وضع الحرب ضد الشعب الذي يستخدم عندها حق الدفاع الذاتي فيقاوم السلطة ليسقطها نحوعقد جديد. لكن لا بد من الإشارة إلى تناسب قدرة السلطة السياسية على فرض القانون مع قوة الإستعداد للإلتزام الأخلاقي في المجتمع وقد تسقط السلطة نتيجة تضاؤل قدرتها على فرض القانون وليس نتيجة للطغيان والثورة على الطغاة. هذه الأفكار تعزز أخلاقية السياسة وتحترم الإنسان وتؤكد حق الشعب، ولا تختبر عادة في التاريخ والدراسة الوضعية positive التجريبية لتبقى في الإطار الفلسفي. ثمة أفكار لجون لوك عندما ذهب إلى امريكا مع المهاجرين المستعمرين تجنبناها لا نتفق معها اخلاقيا ونراها جانبية خارج هذا السياق.
جِيَن – جاك روسو 1712 – 1778 يتصور الناس زمن الوضع الطبيعي الأصلي في عزلة عن بعضهم أحراراً مسالمين. لكن ظهور الملكية الخاصة كان سببا للتنافس واللامساواة والفساد، وفي هذه الأطروحة يتفق معه الماركسيون. ونتيجة لذلك أصبح حتميا تكوين تنظيم إجتماعي جديد لإعادة الحرية والمساواة. فجاء العقد الإجتماعي إتفاقا بين الأفراد للتنازل عن بعض حرياتهم من اجل حماية الحريات الأخرى، ولهذا إقيمت السلطة السياسية الشرعية. والمكاركسيون يربطون، ايضا، بين نشأة الدولة والملكية الخاصة.
جاءت نظرية جيَن جاك روسو في العقد الإجتماعي تصوراً للتطور التاريخي، فيها عناصر من قصة حي بن يقضان وإسطورة البدائي النبيل وملاحظة العصر الذي عايشه. روسو يتصورالعملية التاريخية حيث بدا الإنسان في وضع الطبيعة، عهد السلم والبهجة والحياة البسيطة لأناس أفراد كل على حدة في عزلة سعيدة، وتقدم الإنسان بمرور الزمن إلى المجتمع المدني. مع الوفرة والسكان القليل تُلبي الطبيعة إحتياجاتهم بسهولة ودون منافسة ومن النادر أن يرى أحدهم إنسانا آخر.
هؤلاء الأشخاص على بساطتهم ونقائهم الأخلاقي مؤهلون طبيعيا للشفقة والتعاطف ولذا لا يؤذي أحدهم الآخر. نتيجة لزيادة السكان اخذ الناس بالتجمع في عوائل ثم جماعات صغيرة، وإتجهت الجماعة إلى تقسيم العمل ثم الملكية الخاصة وصار بعضهم يعمل لدى بعض، وبأثرالمكتشفات والإبتكارات أصبحت الحياة أسهل. لكن التفاوت برز بينهم، وتبلورت قيم عامة إرتباطا به فطُمسِت الفطرة وإنتشر التحاسد والخجل من الوضع المتدني مقارنة بالآخرين والفخر والإزدراء... وهكذا أصبحت الحكومة لا بد منها لحماية الناس وممتلكاتهم من بعضهم فكان العقد الإجتماعي.
في نظريته السياسية يرى السلام والأمان والرخاء أدنى أهداف الحكومة الشرعية. تقوم الدولة عنده على عقد إجتماعي يجعلها شرعية على المبادئ الليبرالية. الإرادة العامة من المفردات المهمة في تنظير روسو، تمثل المصلحة الجماعية للسكان وتختلف عن مصلحة الكل التي هي تجميع للمصالح الفردية، فالإرادة العامة تهدف للخير المشترك وتضمن خدمة القوانين للمصلحة الجماعية وليس لفئات معينة. وأهم ما في نظرية روسو ان السيادة ليست في شخص الملك او الحكومة إنما في الناس أو الشعب جماعيا، وهو ما يسمى مبدأ السيادة الشعبية يؤكد أن السلطة السياسية الشرعية تاتي من رضا الشعب وموافقته عليها.

الحرية تتحقق عبر إتحاد الإرادة الفردية بالإرادة الجماعية، فالحرية عنده لا تعني التصرف طبقا للرغبات الشخصية ، بل الحرية الأخلاقية Moral بالتصرف طبقا للخير الجماعي، وهي أساس الحرية المدنية في الإطار الفلسفي. تأكيد روسو على الأرادة العامة قد يُتّخذ تبريرا لإهمال حقوق الأقليات ويقود إلى التسلطية، أسهمت افكاره في النظرية السياسية الحديثة، ومثل غيرها لا زالت موضع نقاش. إنتشرت أفكار روسو في الفترة التي شهدت تآكل مقومات المَلَكية الفرنسية وتنامي قوى الرفض والثورة التي عبرت عن أفكار روسو وبالأخص السيادة الشعبية او الجماهيرية.

جون سيوارت ميل Mill المتوفي عام 1873 في نظره قيمة الدولة في الأمد البعيد ما تحققه لمواطنيها من حياة طيبة، ولذا لا تقتصر واجباتها على حماية حريات الفرد وحقوقه من إكراه الدولة، بل ايضا من إكراه المجتمع. والدولة التي تحترم الحقوق القانونية في الحرية تنتج سعادة اكبر في الأمد البعيد من الدولة التي لا تحترم تلك الحريات. وتَبنّى ميل المنفعية هدفا للدولة ومسوغا لوجودها بمضمون أقصى سعادة ممكنة لأكبر عدد من السكان.
توماس هيل غرين green المتوفى عام 1882 يفهم الدولة ليست مجرد أداة للإكراه بل هي مؤسسة أخلاقية مهمتها الأولى إقامة العدالة وضمان تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، هي دولة تمكين، تقدم الإطار والظروف الضرورية للأفراد لتحقيق قدراتهم المحتملة، الكامنة، لسعيهم نحو حياة مفعمة بالحيوية والإنجاز. يؤمن بالحرية الموجبة، الإيجابية ، وبذلك على الدولة التدخل لإزالة العقبات وتزويد الأفراد بالوسائل ليتصرفوا بما تمليه ضمائرهم ومتابعة اهدافهم. الحقوق السياسية والإجتماعية ضرورتها حاسمة لتمكين الأفراد من التطور الذاتي، وعلى الدولة مسؤولية تأمين تلك الحقوق للجميع.
أفكار غرين تختلف جذريا عن الليبرالية الكلاسيكية، وقدم اساسا نظري لدولة الرفاه وللديمقراطية الإجتماعية. وهذا دليل على مرونة الليبرالية وتسامحها وتكيفها للتغيرات الإجتماعية منذ كانت الدولة الغربية بديمقراطية نخبوية محدودة وتتاجر بالعبيد إلى يومنا. توماس هيل غرين معروف بالحرية الموجبة او الإيجابية المفهوم الذي يبرر دولة الرفاه ضمن الليبرالية. ليست القوة أساس الدولة بل الواجبات والإلتزامات. الحرية الإيجابية تنظر إلى الذات الفاعلة وإمكانيتها في مزاولة الحرية، ولذا تأتي دولة الرفاه لتمكين الإنسان من حقه الطبيعي.
جون راولز 1921- 2002 إعتمد على الألماني كانت Kant في فلسفته بأن الأفراد مؤهلون للإنطلاق من تصور كوني Universal والقدرة الأخلاقية للحكم على المبادئ من مرجعية ليست متحيزة. الوضع الأصلي عند راولز اكثرتجريداً للوضع الطبيعي مما لدى منظري العقد الإجتماعي الأساسيين. في الوضع الأصلي يستطيع الناس إكتشاف طبيعة العدالة وما هو المطلوب منهم والمؤسسات الإجتماعية التي يحيون في ظلها سوية بتعاون. لانهم خلف حجاب الجهل لا أحد يعرف عن وضعه الإجتماعي وقدراته شيئا. وبذلك ينسحم تحوطهم لضمان شروط حياة ملائمة مع عدم التحيز والعدالة بصفتها إنصاف تتمثل في مراعة الأقل حظا اولاّ، وهو مقياس الخير لمجتمع الدولة.
مفهوم الدولة المعاصرة وتعريفه
الدولة كيان سياسي وقانوني تمتلك القدرة على الحكم، عرّفها ماكيافلي بالقوة التي لها سلطة على الناس؛ وعند Maclver تضم كل البشر في نطاق جغرافي وتديم النظام؛ ويصفها فردريك واتكنس Watkins بنطاق جغرافي من المجتمع البشري متحد بالطاعة العامة لسيادة واحدة. وعند ماكس ويبرWeber ، جماعة بشرية تحتكر أو تدعي لها الحق في إحتكار الإستخدام الشرعي للقوة المادية داخل نطاق جغرافي. إذاً الدولة هي الجماعة Community بصفتها كياناً مستقلاً عن الأفراد، ويبدو تعريف ويبر أقرب إلى نظرية جون لوك، في العقد الإجتماعي، الذي رأى البشر في الوضع الطبيعي اخلاقيون، بخلاف تصور هوبز. ولديهم الإستعداد للتعاون، لكن يوجد من يعتدي على حقوق الآخرين وحرياتهم فكان الأفراد يعتمدون على قدراتهم في الدفاع عن أنفسهم وإسترداد ما أخذ منهم. وفي العقد الإجتماعي تنازلوا عن هذا الحق الطبيعي إلى جهة عامة فصار مهمة إجتماعية تؤدى نيابة عنهم، وبذلك عرّف ماكس ويبر الدولة بدلالة أبرز ما يميزها. يعترض البعض على تعريف ويبر في عدم إستبعاد جهات غير الدولة، عصابة مثلا ، هذا مردود لأن الجهة التي تحتكر القدرة على الإكراه عند فيبر هي كل الجماعة البشرية في الأرض المعنية وهذه ليست إلا الدولة، ويشترط التعريف الإستخدام الشرعي للقوة والذي لا يكون إلاّ لها دون أية جهة اخرى.
عناصر الدولة ، الشعب والأرض والحكومة والسيادة، ومن المعروف للدولة المعاصرة جهاز إداري ونظام قانوني للهيئة التشريعية صلاحية تعديله أو تغييره، ولها سلطة لا تقتصر على مواطنيها بل كل ما يوجد على أرضها خاضع لسلطانها، بما فيهم الأجانب وهي السيادة الداخلية، إضافة على سيادتها الخارجية المتمثلة بإستقلالها المعترف به من الدول الأخرى وعدم التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية. ومع ذلك هو تعريف إبتدائي، نقطة إنطلاق، ولا ننسى ان المعرفة السياسية كلها تدور حول الدولة فهي معرّفة، وتتضح خصائصها تدريجيا في هذه الدراسة أيضا.
عندما نعود إلى أوربا ما قبل بداية العصر الحديث نلاحظ تشظي القوة السياسية واللامركزية بالأمر الواقع، وثنائية الكنيسة والدولة، وتداخل الولاءات مما عرفت به بين نهاية الإمبراطورية الرومانية ونهاية الإقطاع. ورغم وصفها بالفترة المظلمة لكنها، كما أرى، رسّخت توازي المؤسسات متكافئة النفوذ فأورثت اوربا التعددية في التفكير السياسي. وإستكملها الإنشقاق الديني الذي إنتهى بعد حرب ضروس إلى تجذير التسامح، وقد ساعد الوصول إليه عدم التمكن من تركيز وإحتكار النفوذ على نطاق واسع في الجغرافية البشرية لغرب اوربا خاصة.
ليس الملك وحده، بل هناك البابا في روما سلطان أيضا. وبموازاة السيد الإقطاعي يوجد صاحب الأبرشية الذي يستمد سلطته من مكان آخر غير البلاط الملكي المشرف على شريكه الإقطاعي؛ والملك لا يستطيع تصفير المجتمع المحلي متى شاء لأن الإقطاعية قوة عسكرية بنظام مالي مبتنى في علاقات الإنتاج الزراعي المستقرة. تلك التجربة، القاسية عندما كان أغلب الناس أقناناً لمئات السنين حفرت عميقا في التكوين النفسي – الثقافي لتظهر فيما بعد بأشكال آخرى.
الدولة State بالدلالة الحالية نظام عمومي مستقل عن الحاكم والمواطن، بمؤسسات مركزية لها سلطة على نطاق جغرافي بحدود معلومة ومعترف بها، لم تكن معروفة قبل القرن السادس عشر. في الدولة الحديثة صارت الأرض، بحدود تميز الداخل عن الخارج، تُعرِّف ميدان السلطة السياسية التي تحكم من يكون عليها وليس لجهة خارجية ولاية على تلك الأرض بأي شكل. والسلطة لا شخصية ومؤسساتها مُرَشّدة تعمل بقواعد معلومة قانونية وإدارية؛ وصارت مُباشِرة مقارنة بعهد الإمبراطوريات عندما كانت تحكم عبر وسطاء.

السلطة وقدرتها على الإرغام

تقترن السلطة وثيقا مع القوة والإكراه خاصية لها لأن قوانينها الناظمة للسلوك في المجتمع وواجبات المواطنين تجاه الدولة ليست مواعظ بل أوامر ملزمة يُعاقَب من يخالفها. لكن الدولة المعاصرة لا تقوم على القوة بل تمثل توافق الناس أهل الأرض وسكانها، وتصدر قوانينها برضاهم. وحيازتها للقوة وإستعمالها بموجب تلك القوانين التي تعبّر عن الإرادة العامة لحفظ الحقوق وحماية الحريات. وبهذا رشّدَ النظام السياسي الحديث ثم المعاصرالقوة التي لم تعد بذاتها شرعية وصارالإكراه ثانوي من أجل سريان القانون.
إنتهت شرعية الإحتلال والفتح وأصبحت الدولة بأدواتها كافة ووظائفها للمواطنين وسيادتها فيهم بمجموعهم وليست حقا شخصيا للملك أو الإمبراطور بتفويض إلهي مزعوم أو نسب شريف. صحيح أن القوة مضمرة في القانون لكنها ليست جوهر السلطة المنبثقة عن السيادة وهي حق طبيعي للشعب كله يفسره العقد الإجتماعي في فلسفة السياسة. والحكومة من الشعب وبه وإليه، هذه هي الشرعية التي لا تناهضها سواها لأن الناس الأحرار هم الأصل أقاموا مجتمعهم ودولتهم بإرادتهم.
يحتج البعض، نزولا من الفلسفة إلى الواقع الذي لا يؤسس شرعية في نظري، بأن الدولة تنهار لولا القوة وبذلك هي عين السلطة أوعلى الأقل الأكثر أهمية من أي عامل آخر في إدامة الدولة. لكن السلوك البشري معقد لا يحكمه عامل وحيد وتتعين عقلانية التصرف بمحصلة الاوزان النسبية للمبررات أو الأسباب المعقولة. ولا نتصور تفسير إنسجام الناس في الدولة، المعاصرة الديمقراطية بقدر من الليبرالية، بالخوف من بطشها سببا أولاّ لطاعة قوانينها. والنظام السياسي، هذا الزمن رغم حضورالقوة وحتى جبروتها، لا يبقى متماسكا عند تلاشي الوطنية والحصافة وإنحسارالنزاهة في التفكير والسلوك، وتضاؤل الإعتناء بالمشترك والصالح العام، وتراجع الإستعداد للإلتزام الإخلاقي وإهانة مفاهيم الحق والحقيقة.
الدولة توجد ما دامت الأرض وسكانها خاضعة لتنظيم سياسي وقوة الدولة وصلاحياتها للحكم، بالعلاقة مع الحقوق والحريات، ويعترف بها الجزء الرئيسي من الشعب. ولذا تكون الدولة شرعية ما دام لها الحق في الوجود، ولها كذلك الحق في تشريع القوانين وفرضها بالقدر الضروري لحفظ النظام. ويتضمن الحق في الحكم الإلزام بطاعة القوانين، لأن الجهة التي سلّمنا بحقها في الحكم اصبحت طاعة قوانينها واجبا أخلاقيا، ولا يجوز للمواطن إنتهاكها. ومن غير الحائز تهديد وجود الدولة، ويفترض ذلك عدالتها في علاقتها مع رعاياها، وحماية حقوقهم و حرياتهم، وتستجيب للمصالح العادلة والرغبات المشروعة لمواطنيها ولها أو عليها إتخاذ تدابير من أجل العدالة التوزيعية.
كما أن الكفاءة مطلوبة في أدائها لمهامها، ويمكن القول إذا إجتمعت العدالة مع الكفاءة فتلك مقومات كافية للشرعية. وهنا ايضا يرد إعتراض بشأن العدالة إذ تتصف المجتمعات بالإختلاف الواسع حول مفهوم العدالة وتعريفه الإجرائي، وأحد مبررات وجود الدولة هو هذا الإختلاف الذي قد يتسبب في نقض الإجتماع الإنساني لولا وجود الدولة. ولكن لو ذهبنا مع هذه الإطروحة إلى نهاياتها نصل إلى نفي إمكانية التوافق على أسس النظام السياسي والقوانين.
لكن التباين في مفاهيم العدل والحق لا يخرج عن الإتصال داخل حدود قصوى لطيف التنوع ضمن الوحدة الجامعة لأغلب المجتمع الكافي لإقامة شرعية الدولة. وحتى لو إنعدمت إمكانية إلتئام أغلبية المجتمع حول تسويات لتعريف الحقوق والحريات، ثمة اساس آخر للشرعية يسمى التبرير العقلاني للدولة عندما يرى الناس أسبابا معقولة لإحترام قوانينها ودعمها بأشكال مختلفة، لأنه لا توجد إمكانية أخرى أفضل للتعايش في ظل الإختلاف الذي يتخذ شكل التشظي غير المنتظم.

السيادة

إقترنت الدولة الحديثة بمفهوم السيادة بعد سلام ويستفاليا عام 1648، ويُذكَر هوبز أول المنظرين للسيادة، وعنده مطلقة والقانون منها، إذ لا توجد قوة قانونية في الدولة أعلى منها، ولا توجد حدود للقوة التشريعية العليا. وهي عامة شاملة لأي شخص او كيان في الدولة، ودائمة ما دامت الدولة، والسيادة لا تقبل التجزئة فهي واحدة مثلما أن الدولة واحدة. يمكن توزيع صلاحيات ، سلطات بالتخويل، لأجهزة الحكومة لكن السيادة وحيدة، ولا تقبل التحويل او التنازل عنها. ولأن السيادة وحيدة وهي مصدر القانون جاء تعريف ماكس فيبر للدولة الحديثة بالقدرة على إحتكار إستخدام العنف. جهة عليا لا تخضع لجهة عليا أخرى وإعتاد المجتمع على طاعتها تلك هي صاحبة السيادة، هذا تعريف أوستن بتصرف كي يناسب السيادة الجمهورية أو الشعبية.
بعد الحرب العالمية الثانية، ونظام الأمم المتحدة وكثرة الؤسسات متعددة الأطراف، والقانون الدولي وحقوق الأنسان الكونية، وظهور الإتحاد الأوربي الذي أخذ بعضا من سيادة الدول الأعضاء، هذه دعت الى مراجعة مفهوم السيادة. الولايات المتحدة دولة فدرالية والمستوى الثاني في النظام الحكومي، الولاية، لها سيادة ايضا الى جانب السيادة الفدرالية ...وهكذا ما دعا إلى مراجعة مبدأ الأحادية إلى التعددية في السيادة، لكن هذا لا يعني عندي تعدد السيادة بل هي وحيدة تتأكد بإستقلال الدولة ووحدتها.
في النظام الفدرالي الإداري تبقى السيادة وحيدة في المركز، وفي الفيدرالية السياسية تكون للمستوى الثاني سيادة لكنها تبقى ثانية وعلى نظاق جغرافي بشري جزئي أما للدولة بأكملها فلا توجد سوى سيادة واحدة شاملة لأرض الدولة كلها وجميع سكانها وعلاقاتها الدولية. لقد ظهرت الكثير من الدراسات تعارض السيادة الوحيدة بالعولمة والشركات متعددة الجنسيات والكونفدراليات مثل الإتحاد الأوربي إضافة على ما تقدم في النظام الفدرالي، ولا شك أنها جميعا تقاوم السيادة الوحيدة. لكن العالم في نظامه السياسي يتألف من دول وحيدة السيادة لأن سيادة المستوى الثاني لا وظيفة لها في العلاقات الدولية الرسمية، ولا يتنكر القانون الدولي لهذا المبدأ ولا نظام الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية. وفي واقع الممارسة تتعرض الدول للكثير من التدخلات التي تنتقص من السيادة على الصعيد الفعلي. إضعاف مبدأ السيادة الوحيدة الشاملة في التفكير السياسي من نتائجه الإضرار بشرعية الدولة على طريق إفشالها.

الدولة الليبرالية
تؤكد النظرية الليبرالية للدولة على حقوق الأفراد، وتقييد التدخل الحكومي، وإقتصاد السوق الحر، وحماية الحريات المدنية، ودور القانون في تنظيم حياة المجتمع والعلاقات فيما بين أفراده ومساواتهم أمامه. وتستند الحكومة إلى القانون في مزاولة مهامها وتخضع لمسائلته مثل المواطنين، وليس لشاغلي مواقع السلطة أي إمتياز يعفيهم من الإمتثال لأحكامه. وقد كان لإطروحات منظري العقد الإجتماعي توماس هوبز، وجون لوك، وجيَن جاك روسو أثر مهم في تكوين فكر الليبرالية السياسية، وخاصة فرضية العقد الإجتماعي لتبرير وجود الدولة وسيادتها وإستيعابها في النسق الأخلاقي للمجتمع المعاصر، كما بيّنا.
تعترف الليبرالية بالتعددية وتهيئة الأساس القانوني للحريات الدينية والفكرية، وتعزيز التسامح وقبول الإحتلاف في المعتقدات والثقافات واساليب الحياة. وتدعو إلى إستقلال الدولة عن الدين، ولا تُملي المعتقدات الدينية على الحكومة سياساتها. وتدعم الديمقراطية التمثيلية بما يضمن المساءلة ويمنع تركز النفوذ.

مذاهب الليبرالية هي أيضا أنماط متصورة للدولة التي تقوم عليها، وتبوب في ثلاثة:
- الكلاسيكية المعروفة بالدولة الصغيرة والمفهوم السلبي للحرية وفردانية إقتصاد السوق الذي لا تتدخل به الدولة وحرية التجارة وتكوين مؤسسات الأعمال، والملكية الخاصة أساس التقدم. وهذه تؤكد أهلية الأفراد بالملكة العقلية لإكتشاف ما يناسب مصالحهم. دافع الربح عند الأفراد والمنافسة المفتوحة تساعدان على التقدم الإجتماعي. الدولة شر لا بد منه، هي شر لفرضها قواعد تنظيمية وقيود على الحريات الفردية؛ ولا بد منه لأن ما تفرضه ضروري بدونه لا توجد ضمانات لحماية الحرية.
الحقوق الطبيعية للأفراد في الحياة والحرية والملكية ليست قابلة للإلغاء أو تجريد الإنسان منها. وتعرف الحرية بغياب التدخل من الحكومة أوغيرها وهو معنى السلبية. الأفراد يمتلكون انفسهم وقدراتهم وليس للمجتمع او أحد أيا كان حق فيها. تتبنى هذه الليبرالية إقتصاد السوق الحرة والديمقراطية الليبرالية نظاما للسياسة.
- النهج االثاني في ليبرالية الحرية الإيحابية كما وردت عن غرين آنفا، وفحواها لا يكفي عدم التدخل الخارجي في حياة الأفراد ضانا لتمتعهم بالحرية إنما تمكينهم منها. فالوضع المزري للطبقة العاملة لا يعبر عن مصالحهم، فليست لديهم حرية سياسية ولا إقتصادية. من الضروري الموازنة بين الحريات الفردية والمساواتية والحرية الإقتصادية. الدولة ليست شر لا بد منه إنما فاعل من أجل الخير العام والرفاه المشترك، ومن أدواتها العدالة التوزيعية وتجهيز السلع العامة وتنمية قدرات الأفراد. يقدم هذا النهج اساسا نظريا لدولة الرفاه.

- النهج الثالث النيوليبرالية والليبرالتارية، من دعاتها فردريك هايك؛ وملتون فريدمان؛ وإزايا برلين؛ و روبرت نوزيك، وهي رد فعل لتوسع الوظائف الإقتصادية للقطاع العام ودولة الرفاه والسياسات التدخلية عموما. هذه المدرسة تتبنى بقوة المفهوم السلبي للحرية والحرية الإقتصادية للفرد. وأبرز متبنياتها الحكومة بأصغر ما يمكن والإقتصار على وظيفة الحارس. أولويتها الأولى نظام الليبرالية الإقتصادية الذي يقوم على الفردانية الصرفة وعدم الإعتراف بوجود المجتمع، وجودا أصيلا. والليبرالية السياسية مشروطة بنظام الليبرالية الإقتصادية. هذا التلازم بين الليبرالية الإقتصادية والسياسية هو أيضا من ضمن الآيديولوجيا السوفيتية كلاهما يضع الإنسان امام صفقة واحدة أما إشتراكية مع النظام السياسي بالنموذج السوفيتي أو الديمقراطية الليبرالية مع نموذج بعينه للنظام الإقتصادي الحر.

التصور الماركسي للدولة في الرد على الليبرالية

في الماركسية الدولة ليست نتاجاً لعقد إجتماعي إنما إخضاع الضعيف للقوي، فهي أداة إكراه تعمل لصالح البرحوازية وهي هيئة تنفيذية لهم. القوى الإجتماعية – الإقتصادية تحدد الدولة، فهذه بنية قوة منظمة، مؤسسة طبقية تمثل دكتاتورية الأقلية الرأسمالية في المجتمع الراسمالي وفي الإشتراكية دولة الأكثرية البرولتارية. في النظرية البنوية ضمن الماركسية الدولة ليست فقط إنعكاسا للأساس، قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ، أو ليست مجرد أداة بيد الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج ، إنما هي بذاتها بنية بقدر من الإستقلال، وبذلك لا تُختزل دائما الى هيئة تنفيذ لمصالح رأس المال أو البرجوازية، بل أحيانا تستجيب للفئات الضعيفة وإدارة تسويات ولو أنها في الأمد البعيد تبقى منحازة للمهيمن في القاعدة.
لاشك في تفاوت القوة السياسية لمواطني الدولة المعاصرة، ويمكن تصورهم في فئات، طبقات، تبعا لتأثيرهم في التشريعات والقرارات الحكومية. وعندما نعتمد معيار ملكية وسائل الإنتاج دليلا لذلك التأثير فسوف يندرجون في فئتين الأجراء وغير الأجراء. ومن الصعب القول بإصطفاف المجتمع في الفعاليات السياسية بمجموعتين هكذا. فالتفاوت في المصالح والإهتمامات بين أفراد كل منهما واسع. وإذا إستبعدنا صغار مالكي وسائل الإنتاج ومنهم الذين يعملون لحسابهم الخاص؛ وايضا نستبعد من الأجراء عناصر الطبقة المتوسطة وبيروقراطية الشركات والحكومة، ونضم المستبعدين من الطرفين في فئة جديدة نكون إزاء ثلاث فئات، طبقات. وإذا إفترضنا الثالثة محايدة سياسيا أو متارجحة نحو الفئتين ننتهي إلى ثنائية متناقضة المصالح والأهداف وبما أن مالكي وسائل الإنتاج اقوي تهيمن هذه الفئة على الدولة.
لكن هذا التصور بما انه وضعي Positive يحتاج إلى إختبار تجريبي، ومن المستبعد إرجاع جميع محددات السلوك للناس العيانيين الذين نعرفهم إلى ملكية او عدم ملكية وسائل الإنتاج. كما أن الدولة لاتخدم مصالح هذه الفئة او تلك دون وساطة وعي بشري، فإن علّلنا التحيز الطبقي لأجهزة الدولة بالثقافة السائدة التي تنحاز للأقوياء فهذا صحيح قطعا، أما القول أن أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية تعمل بوعي وعن تدبير مسبق كي تتحيز لهذه على حساب تلك فهذا لا سند له من الواقع عدا ضغوطات أصحاب المصالح وإختراقهم لدوائر القرار فهذا صحيح.
وتبقى الدول والمجتمعات أكثر تعقيدا في حاضرها وتكوينها التاريخي وكل النماذج النظرية للتحليل تبسيطية بطبيعتها. عند قراءة التاريخ دون تأويل ، وملاحظة مجريات الحاضر في زماننا نجد الكثير من الصراعات الواسعة والعنيفة والتي أدت إلى نتائج كبيرة حفرت عميقا في الذاكرة ليست إقتصادية. تتوزع القوى السياسية الفاعلة في الدول المتقدمة بالإستفادة من البيئة الليبرالية، احزاب وجمعيات ونقابات وصحافة وجهات ساندة، إلى ثلاث تجمعات عريضة. الأول وهو اليسار، مع العمال والفقراء والضعفاء والمهمشين والماركسيون دائما ضمن هذا التجمع؛ والوسط،؛ ثم التجمع الثالث مع البرجوازية الكبيرة صراحة وبحماس.
تحاول هذه التيارات العريضة الثلاثة دائما التأثير في القرار الحكومي، وبقاء النظام السياسي والأقتصادي لا يعني أن الدولة أداة طيعة بيد كبار الراسماليين، ولكن لأن تغيير النظام يحتاج كتلة إجتماعية كبيرة متماسكة تعبر عن قناعة بأفضلية الإنتقال إلى نظام بديل، وهذا لم يحصل إلى الآن وتغيير النظام السياسي بالعنف حتما يؤدي الى نتائج قبيحة.

الدولة والتنوع والتسامح

أرى، واقعيا الديمقراطية الإنتخابية وحدها لا تكفي، وتتأكد الحاجة إلى الحوار بين الناس أنفسهم لتجديد التعاقد على نظام للإجتماع الإنساني على الأرض، يحتضن الجميع رحيما بهم ويشيع المودة والتضامن في حياتهم. ثم تأتي الدولة لتثبيته وترصين مرتكزات الإقتصاد، وتولي الخدمات العامة، والحماية القانونية لجميع الأفراد، كي ينعموا بالحقوق والحريات والعيش الكريم. وضمان إستقلال الشعب في أرضه من التدخلات والتهديدات، وحفظ كرامته في العالم بعلاقات متكافئة داعمة للسلام والرخاء. ولا شك في حاحة هذا التصور إلى تجسيد مؤسساتي بديمقراطية شاملة تداولية وليبرالية يرسمها التعاقد، تألفها ضمائر الناس وإلتزاماتهم الأخلاقية في حياتهم الشخصية والأسرية والإجتماعية.
ونعلم أن التنوع من الخصائص الثابتة للمجتمع البشري وهو ما نراه ونحياه كما أكده القرآن الكريم بآيات بيّنات، ولذا لا نتصور فهما أخلاقيا عاما يتفق عليه جميع الأفراد وجماعاتهم يؤسس قواعد للعدالة في الدولة الديمقراطية المعاصرة لا يُختلف عليها. ولا بد للمجتمع من تحمل المسؤولية لمواجهة تحدي التنوع، وإستيعابه بالتعددية التي تحفظ النظام وتديم السلم الأهلي. لقد ذهب البعض ومنهم Yasutomo بأن البلاد التي لم تتورط في حروب دينية وتنتهي إلى التسامح تفتقد الشروط الإجتماعية والتاريخية الضرورية للدولة الديمقراطية المعاصرة، لا أتفق مع هذه الحتمية التي ترى الشعوب ليست قادرة على إدراك قيمة التسامح إلا بعد أهوال الحروب الداخلية، وتبدو حماسا من أجل السلام.
لكني أرى المجتمع الذي لا يكتشف في نزاعات الماضي وحروب الأديان والطوائف والأثنيات وجوب الإعتذار عن الكراهيات الدينية والقومية من اعماق الوجدان، لم يتأهل بعد لمشاركة ايجابية فعالة في الوجود البشري المعاصر. بل وان يصبح ذلك الإعتذار ابرز معالم الثقافة السائدة، وتاكيد الضرورة الأخلاقية للتسامح الذي هو جوهر الديمقراطية الليبرالية والحيوية الحضارية ونشدان الكمال الأخلاقي.
ولا شك في صعوبة التعريف الإجرائي للتسامح في كثير من الاحيان مع ذلك يبقى الإختلاف مُقيّدا بما لا ينقض التسامح ذاته. وفي كل مجتمع ثمة إعتبارات لا يمكنه التخلي عنها ومحرمات أخلاقية لا تتخطاها الديمقراطية والليبرالية. التعددية Pluralism تفسير للتنوع وقبوله والتي قد يكون ثقافيا ، سياسيا، أو موقفا فلسفيا، والتعددية تقدم الإطارالذي يتفاعل فيه الإختلاف. التعددية فعالة ما لم تكن هذه الأختلافات تابعة لأخرى مسبقا، مثلا مادمت تختلف معي في المعتقد الديني ومَن أمَجِد في التاريخ فلا بد أن تتبنى حتما مفهوما للعدالة الإجتماعية والديمقراطية يختلف عما لدي.
تلك طبائع مجتمعات الإنقسام العمودي التي لم تتهيأ للتسامح بعد، ومع ذلك لا بد من إتساع التعددية لهذا النمط من التنوع بحكم النظام السياسي الواحد للدولة الواحدة. عندما لا يكون إختلاف المواقف في مسائل العدالة الجنائية أو الإجتماعية او العلاقات الدولية ... وغيرها تابعا تلقائيا للهويات الدينية او القومية أو الايديولوجية. بل من حوار الخلفيات الفلسفية والدينية والبيئات الإجتماعية والمصالح مع المسائل المطروحة. هذا التنوع لا يناقض وحدة الدولة ويُحتوى بالتعددية. لكن الملاحظ في الغالب الأعم لمجتمعات المشرق أن تلك الإختلافات تابعة مسبقا للهويات الطائفية والإيديولوجية المُغلَقة، وهو سبب تحول الديمقراطية الليبرالية إلى توافقية محاصصاتية بدولة هزيلة.
التسامح في أصله لا يعتمد فقط على القيم السياسية الليبرالية، وثمة فروقات بين الأساس الليبرالي للتسامح والفهم غير الليبرالي له. التسامح الذي لا يرتكز على الحق الأصلي للإنسان في الحرية ليس ليبراليا، فالجماعات الدينية والأثنية قد تقبل التسامح، التحمل، رخصة من أجل التعايش افضل من العنف، لكن هذا النوع من التسامح لا يجتث أساس العنف ويبقى المجتمع عرضة للإرتداد عن السلم.
دول ليست ليبرالية ولا ديمقراطية تمنح مجموعات سكانية رخصة في ممارسة دينها، او التحدث بلغتها وإظهار تقاليدها الثقافية، في مقابل ولائها للسلطة السياسية المركزية وإرتضاء التفاوت في المكانة بين الجماعة التي من دين الملك وقوميته والآخرين، لكن هذا التسامح لا يخلو من تحيز وتمييز ومنع وترخيص وبالنتيجة ناقض لمبدأ المساواة. وأحيانا قد تنزلق الدولة الليبرالية إلى ممارسات قمعية بسبب التوهم أن ثقافتها السائدة هي الليبرالية بعينها ومن لا يتمثلها مضاد لقيم الحرية.
بينما التسامح الليبرالي يؤكد الحرية قيمة أساسية بما فيها حرية الضمير، وينبع منها بالضرورة من متطلبات وجودها، ومن طبيعة الليبرالية عدم التدخل في الفضاء الديني والثقافي وما يتبنى الناس من فلسفات وآراء. التفاوت عندما يتخذ بعدا هوياتيا، ديني أو اثني أو ثقافي يستدعي المعالجة كي لا يكرس إحساسا بالتمييز. عدم المساواة الرمزية والإجتماعية والسياسية لا تقل أهمية عنها في الحياة الإقتصادية ومستوى المعيشة. وحتى التفاوت الإقتصادي أيضا يكتسي رمزية تعمق الشعور بالظلم. وتتعرض الأوساط الفقيرة وأحيانا الأقليات إلى إظهاد رمزي بإحكام مسبقة ووصمات تبخيس لا ينبغي للسياسة تجاهل هذه الحقائق.
من الضروري إشاعة الإعتراف للجميع بحقوق الإنسان كاملة لا تنتقص بقانون أو عرف أو ممارسة يومية، ومن المفروض في الدولة الليبرلية الإعتناء بهذا الإعتراف الشامل. اضافة على الإعتراف المتبادل بين الجماعات بالجدارة الإخلاقية والمجتمعية والحضارية، دون المفاضلة بين الأديان والقوميات والنطاقات الجغرافية. ولا ننسى أن الإزدراء الديني والقومي يأتي بعد سحب الإعتراف بالجماعات المعينة، وتفسر الكثير من أشكال السخط والتمرد إلى طلب الإعتراف وهو حق طبيعي لكل إنسان.
من الأخطاء الجسيمة حياد الدولة تجاه مختلف أشكال عدم المساواة ومنها التفاوت في المكانة الإجتماعية إرتباطا بالهوية، اما تبرير الحياد بالقيم الليبرالية فهو تنصل من المسؤولية. يقظة الدول تجاه التنوع والتسامح والتكافؤ لا يقل أهمية عن واجباتها لحفظ الأمن وفرض القانون، فليس أدعى للأمن في مجتمعات التنوع الثقافي من تمكين الجميع لإدامة الإحساس بالإحترام الذاتي عبر التمتع بمكانة المواطن الطبيعي في الدولة والمجتمع.

النزاهة السياسية

اخلاقية السلوك السياسي ونزاهة القادة وشاغلي مواقع القرار في الدولة أهم واثمن ما يمتلكه المجتمع، وأشرف ثمار تاريخه في الأرتقاء الأخلاقي والسمو الروحي. كما ان فساد المشتغلين في السياسة والإدارة العامة وخيانتهم للحقيقة والأمانة، إذا ما إستشرى هذا الإنحراف، فهو حضيض الإنحطاط الإجتماعي. فساد السياسيين نتاج الفشل السياسي للمجتمع الذي يتنصل عن مسؤوليته الجماعية ولا يُحسِن الإعداد ويسئ الإختيار. نوعية الديمقراطية وثقة المواطنين بالمؤسسات العامة تعتمد كليا على نزاهة السياسيين وقيادات الجهاز البيروقراطي.
الدولة الديمقراطية المعاقة بمؤسسات ضعيفة وإنعدام الثقة بالقوى السياسية لا يُتَوقع منها صيانة وتنمية الثروة الوطنية وتقدم المجتمع وإقتصاد معافى مستقر. كما ان أهل المعرفة يتحملون قسطاً كبيرا في المسؤولية لأن تدني النزاهة إلى الحد الذي يهدد بنقض النظام والدولة لا يمكن الإنحدار إليه لولا إقصاء المنظورالأخلاقي في وعي الشأن العام. لا بد من حكم العملية السياسية على سعتها وهيئات السلطة العليا وصناعة الرأي العام بضوابط سلوك واضحة لا تفسح المجال لتجاوز شروط النزاهة. والتي من أولى متطلباتها عدم السماح مطلقا بمنافسة أو مقايضة المصلحة العامة بأية مصلحة أخرى بما فيها رغبة السياسي في تعزيز رصيده الإنتخابي بالتملق والإسترضاء.
التنافس على عضوية الهيئات المنتخبة وإشغال مواقع السلطة، مع الأسف شائع في العالم، لكنه بذاته ذميم، ومن الأفضل للمجتمع الحذر من هذه الوسيلة في السياسة. وإحاطتها بالرقابة والتدقيق، ومصادر تمويلها وإسنادها الإعلامي، وحماية الوعي العام من الخداع والتضليل. المجتمعات المعاصرة بأمس الحاجة إلى مصادر للمعلومات والمعرفة في السياسة ونظام عمل الدولة مستقلة عن الأحزاب ومحايدة إيديولوجيا. ومراقبة الجهات المؤثرة في التشريعات والقرارات وعلاقة السياسيين بأصحاب المصالح من داخل الوطن وخارجه.
النزاهة السياسية تحتاج تبني المجتمع لمعايير تتفق فئاته على إلتزامها وإدانة المساومة عليها وتعطيلها لسبب أو لآخر، بدءاً من الإدلاء بالصوت الإنتخابي والإتصال بالدولة من مختلف النوافذ والنزاهة في التعامل، وإدانة التواطؤ مع الإنتفاع غير المشروع منها والإضرار بالصالح العام.
مفارقة السلوك السياسي للأخلاق بالمضمون الميكيافيلي وهو الشائع بما يسمى " مشكلة الأيادي القذرة" يقصد منه مجانبة الأخلاق أحيانا في التنافس على السلطة والحفاظ عليها وإملاءات القوة في التعامل مع المعارضة والحرب والسلام ... وهو مدان مرفوض. أما الوصول إلى السلطة والحفاظ عيها بالتواطؤ مع النفوذ الأجنبي وعلى حساب الكرامة الوطنية للشعوب، أو توظيف الموقع السياسي للإثراء وسرقة المال العام فهذه ضآلة ودناءة فضلا عن كونها جريمة بشعة إن لم يتخلص المجتمع منها فقد إستسلم للمجهول.
شعوب المنطقة أحوج من أي وقت مضى لنزاهة الفكر وشرف الموقف، يسأل على أية عقيدة أولئك الذين ذُبِحوا وإستبيحت ديارهم ومع أي زعيم، كي يقرر التعاطف او الشماتة. هل هناك درك أسفل من هذا " إن هو إلاّ ابن حرام لعصره ذلك الذي لا يهزه ما يرى" شكسبير.



مصادر ذات علاقة
Christopher W. Morris, “The Modern State” in Handbook of political Theory, Edited by Gerald F. Gaus and Chandran Kukathas, SAGE Publications, 2004.
Moon, J. Donald, “The Political Theory of the Welfare State” in (………………….)
Black, Antony, A World History of Ancient Political Thought Its Significance and Consequences: revised and expanded edition, Oxford University Press, 2016.
Wong, R. Bin, Explaining state Formation and transformation in global history, C.1000 – Present, Rev. hist. comp., Rio de Janeiro, v. 13, n. 1, p. 238-259, 2019.
Bird, Colin, An Introduction to Political Philosophy, Cambridge university press, 2006.
Dunleavy, Patrick, “ The State” In A Companion to Contemporary Political Philosophy 2nd Edition Volume I Edited by Robert E. Goodin, Philip Pettit and Thomas Pogge, Blackwell Publishing Ltd, 2007.
Yasutomo Morigiwa, The Laws of a Nation: The Essential Formula for a Liberal and Democratic State, 1 Wm. & Mary Bill Rts. J. 187 (1992).
Mahoney, Jon, Liberalism and Toleration, Philpapers, 2020-08-18.



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الليبرالية السياسية في مراجعة موجزة
- إطلالة على فلسفة العدالة الإجتماعية
- نظرة إلى السياسة ونظام الإقتصاد في العراق
- كلمة حول النظام السياسي الدولي وعجزه عن حفظ السلام
- الإقتصاد الأمريكي والسياسة الدولية: حقائق وملاحظات موجزة
- إشارة إلى تفاوت الرفاه وإعادة التوزيع ومبدأ العدالة
- هل هذه المجتمعات دون الحداثة وليست مؤهلة للنظام المعاصر: مرا ...
- الدول النامية الآن وأوربا القرن التاسع عشر: لمحة في بيانات إ ...
- المسلمون ونزاع الهويات: رأي على هامش الأحداث
- النفط ومستقبل الوقود الأحفوري
- المشاريع العامة والتجهيزات: خلل في التنظيم والإدارة
- الواجب الأول في السياسة تأكيد إستقلال وسيادة العراق
- إعادة تنظيم أجهزة الدولة في العراق
- التمويل الحكومي للقطاع الخاص: مصارف التنمية في ضوء التجربة ا ...
- الإ ئتمان والخدمات المصرفية للمالية العامة وإعادة تنظيم المص ...
- الإستثمار العام وفجوة البنى التحتية في العراق
- عود على بدء: الإحتياطي الفدرالي لم يُذكَر في قرار مجلس الأمن ...
- لا بد من تأكيد حق العراق في إدارة إحتياطياته الدولية بحرية ت ...
- إيضاح حول مقال إستلام إيرادات النفط
- العراق لم يعد مُلزَما بإستلام إيرادات النفط في الإحتياطي الف ...


المزيد.....




- ترامب يعلن عن اتفاق بين إسرائيل وإيران على وقف مؤقت لإطلاق ن ...
- مسؤول عراقي: مسيرة مجهولة استهدفت قاعدة التاجي
- رئيس صربيا: أوقفنا بيع الذخيرة إلى إسرائيل
- مصادر توضح لـCNN موقف إيران وإسرائيل من إعلان ترامب عن وقف إ ...
- وزير الخارجية الأميركي يدعو الصين لثني إيران عن إغلاق مضيق ه ...
- السيسي يوجه الحكومة بـ-اتخاذ كل الاحتياطات المالية والسلعية- ...
- ما قصة المسيرة الإيرانية -شاهد 101- التي سقطت في العاصمة الأ ...
- إيران تفعل دفاعاتها الجوية وإسرائيل تحذر سكان طهران مع إعلان ...
- المرصد يتناول حرب السرديات بين إيران وإسرائيل
- مباشر: دونالد ترامب يعلن موافقة إيران وإسرائيل على -وقف تام ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد إبريهي علي - دولة العقد الإجتماعي وأفكار أخرى