|
|
الذكرى ال ٧٠ للاستقلال من داخل البرلمان
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 09:11
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
١ تتزامن الذكري ال٧٠ للاستقلال السودان من داخل البرلمان في ١٩ ديسمبر ١٩٥٥ مع الذكرى السابعة لثورة ديسمبر ٢٠١٨ التي تمر في ظروف الحرب اللعينة الجارية التي دمرت البلاد والعباد مع خطر تقسيم البلاد بعد قيام الحكومتين غير الشرعيتين في بورتسودان ونيالا وسقوط الفاشر وبابنوسة و هجليج وتصاعد الحرب في الدلنج وكاد قلي مع المأساة الإنسانية كما في قصف المدارس والمستشفيات والهجوم عي قوافل الإغاثة وبعتة الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي. إضافة للقمع و ومصادرة حريات التعبير والصحافة والحريات الدينية والشخصية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والارتفاع الجنوني في الأسعار التي سوف تزداد سوءا مع اعلان مؤشرات ميزانية العام٢٠٢٦ التي نال فيها بند الحرب نصيب الأسد مع تدمير الحرب للانتاج الصناعي والزراعي والخدمي والذي كان من نتائجه الانخفاض المستمر في قيمة الجنية السوداني، واستمرار نهب وتهريب الذهب وبقية المعادن والمحاصيل النقدية والماشية من الراسمالية الطفيلية في طرفي الحرب التي ازدادت ثراءا من الحرب مع تزايد افقار الملايين من شعبنا إضافة للفساد. فضلا عن خطورة تمزيق ما تبقي من وحدة الوطن بعد انفصال جنوب السودان. ٢ لقد ظل السودان موحدا حوالي قرنين من الزمان، وكان الميل للوحدة قويا منذ مملكة مروي، وممالك النوبة المسيحية ، وممالك ( الفونج، والفور، وتقلي..الخ)، وحتي بروز السودان الحديث تقريبا في فترة الحكم التركي( 1821- 1885م)، وحافظ السودان علي وحدته رغم الهزات العنيفة التي مرّ بها في فترة الحكم التركي والمهدية وفترة الاستعمار الإنجليزي الذي عمل بدأب ومثابرة لفصل جنوب السودان، ولاسيما بعد ثورة 1924م ،التي أسهم فيها قادة من جنوب السودان. بعد ثورة 1924م ، ثابر الاستعمار الإنجليزي من أجل فصل الجنوب من خلال سن قانون المناطق المقفولة ومؤتمر الرجاف للغة، وأسهم في تهميش مناطق :الجنوب ودارفور والشرق وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبا، وكرس الانقسام الطائفي والقبلي في البلاد. لكن الحركة الوطنية التي انفجرت في ثورة 1924م والحركات السياسية والثقافية والرياضية والأدبية والإصلاحية بعد هزيمة الثورة وحتي تكوين مؤتمر الخريجين 1938م وتكوين الأحزاب السياسية والاتحادات والنقابات بعد الحرب العالمية الثانية، وقفت ترياقا في وجه مخطط الاستعمار لفصل الجنوب، وكان مؤتمر جوبا عام 1947م الذي أكد علي وحدة السودان، وتم تكوين أوسع جبهة من أجل استقلال السودان وبقاءه موحدا، حتي تم توقيع اتفاقية الحكم الذاتي لعام 1953م ومانتج عنها من ترتيبات دستورية انتقالية وانتخابات حرة نزيهة وتحت رقابة داخلية ودولية ودستور انتقالي كفل الحقوق والحريات الأساسية، وتم إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955م، وإعلان الاستقلال رسميا في أول يناير 1956م، وكان استقلالا حقيقيا بعيدا عن أي احلاف عسكرية وتكتلات دولية. ٣ وبعد الاستقلال كانت القضية الأساسية استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والثقافي، وترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية ومعالجة مشاكل الديمقراطية بالمزيد من الديمقراطية لا الانقلاب عليها ، وانجاز التنمية المتوازنة في كل أنحاء البلاد وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن العرق أواللون أوالعقيدة أوالفكر السياسي أوالفلسفي، ولكن ذلك لم يتم ودخلت البلاد في حلقة جهنمية من انقلابات عسكرية وأنظمة ديكتاتورية شمولية أخذت حوالي ٦٠ عاما من عمر الاستقلال البالغ ٧٠ عاما، وأسهمت تلك الأنظمة العسكرية في تكريس قهر الجنوب والمناطق المهمشة، والتنمية غير المتوازنة ومصادرة الديمقراطية والحقوق الأساسية، وتكريس التنمية الرأسمالية والفوارق الطبقية والتبعية للدول الغربية حتي تجاوزت ديون السودان حاليا ٦٠ مليار دولار!!.. ٤ ووصل التدهور إلي ذروته في ظل نظام الحكم الفاشي باسم الدين بعد انقلاب 30 يونيو 1989م، الذي قام به تنظيم الإخوان المسلمين بقيادة د. الترابي، والذي قطع الطريق أمام الحل السلمي الديمقراطي بعد مبادرة الميرغني – قرنق، وأشعلها حربا دينية بين أبناء الوطن الواحد والتي امتدت من الجنوب لتشمل: دارفور والشرق وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبا، وتركت جروحا غائرة لن تندمل بسهولة، كما دمرالنظام كل المؤسسات القومية التي كانت ترمز لوحدة السودان مثل: الخدمة المدنية ونظام التعليم الذي كان قوميا في مناهجه ونظمه، وخصخصة وتدمير المؤسسات العريقة التي بناها الشعب السوداني بعرقه مثل: السكة الحديد ومشروع الجزيرة والخطوط الجوية السودانية والنقل الميكانيكي والنقل النهري، والخطوط البحرية والمؤسسات الانتاجية الصناعية وبقية المشاريع الزراعية. إضافة لخصخصة الخدمات الصحية ، والثراء علي حساب الدولة وممتلكاتها التي تم بيعها بأثمان بخسة وخلق فئات رأسمالية طفيلية إسلاموية دمرت كل المؤسسات الإنتاجية الصناعية والزراعية، وباعت أراضي السودان الزراعية، إضافة لتشريد الآلآف من الكفاءات من أعمالهم لأسباب سياسية ونقابية، واعتقال وتعذيب الآلآف من المعارضين في "بيوت الاشباح"، وتعميق التهميش الديني واللغوي والثقافي وتفتيت النسيج الاجتماعي والحزبي وتعميق العنصرية والقبلية، ودمج النقابات والمؤسسات النيابية في جهاز الدولة، وتزوير الانتخابات النقابية والعامة، والعداء للديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية حتي النخاع. وكانت الحصيلة انفصال جنوب السودان. ولم تذهب عائدات البترول التي بلغت أكثر من 100 مليار دولار الي دعم الزراعة والصناعة وخدمات التعليم والصحة وبقية البنيات الأساسية ، بل لم يتم حتي صرف استحقاقات ومتأخرات مرتبات العاملين كما يتضح من موجة الاضرابات الكثيرة للعاملين في التعليم والصحة وقطاع المياه والسكة الحديد وقطاع البترول، والتي بلغت مليارات الجنيهات.والواقع أنه نظام نهب عرق العاملين والشعب السوداني واعتصره حتي بلغت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر 95%. كما استمرت المقاومة للنظام حتى انفجار ثورة ديسمبر التي قطع الطريق أمامها انقلاب اللجنة الأمنية ومجزرة فض الاعتصام والقمع الوحشي للمواكب السلمية وحتى الانقلاب العسكري على الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2021 الذي قاد للحرب الجارية التي دمرت البلاد والعباد. ٥ والآن بعد ٧٠ عاما من الاستقلال، ونتيجة لسياسات المؤتمر الوطني المدمرة،التي قادت للحرب الجارية فقد السودان استقلاله وسيادته الوطنية ، وأصبح الوجود الأجنبي في السودان كثيفا بهدف نهب ثروات البلاد وتصفية الثورة.مما يتطلب مواصلة النهوض الجماهيري لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي والحفاظ علي وحدة الوطن وتحقيق دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق أو الثقافة، وتحسين مستوي المعيشة، و انهاء الشمولية. والترتيبات الأمنية لحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية وعدم الإفلات من العقاب وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يفضي لانتخابات حرة نزيهة. وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم بعيدا عن الأحلاف العسكرية والتدخلات الخارجية.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكراها السابعة وقف الحرب واستعادة مسار ثورة ديسمبر
-
احتلال هجليج واثر الحرب على قطاع النفط في السودان
-
من دروس تجربة ثورة ديسمبر
-
ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان
-
في ذكراها السابعة كيف خطط الإسلاميون لاجهاض ثورة ديسمبر؟
-
الحكم على كوشيب خطوة لعدم الإفلات من العقاب
-
كيف تحاول سلطة الأمر الواقع تزييف إرادة مزارعي الجزيرة؟
-
هل يجدي إنكار ضوء الشمس من رمد؟
-
الذكرى السابعة لثورة ديسمبر
-
كيف أثرت الحرب على الصحة ومرضى الكلى؟
-
كيف نضجت الأزمة الثورية لاسقاط حكومتي الحرب؟
-
دعوة البرهان لتغيير العلم وهل كان الاستقلال علما يرفع؟
-
لن تعصمكم القاعدة الروسية من السقوط
-
منع حركة البضائع يكرس لتقسيم الوطن
-
كيف تم تقويض تجربة الديمقراطية الأولي؟
-
كيف كانت تجربة جبهة المعارضة ضد ديكتاتورية عبود؟
-
كيف استمر نهب الأراضي بعد اجهاض ثورة ديسمبر؟
-
بعيدا عن المراوغة لامناص من وقف الحرب
-
كيف فرط الاسلامويون في السيادة الوطنية؟
-
المليشيات وخطر إعادة إنتاج الحرب
المزيد.....
-
التصريح الصحفي للندوة الصحفية للجبهة المغربية لدعم فلسطين وم
...
-
Chile: Pinochetism Returns to Power
-
Trumpist Geopolitics in Western Balkans – How a Heritage Ide
...
-
It’s Time For America to Indict Itself: Cruelty and Dehumani
...
-
Workers in Germany Strike at Avnet (USA)
-
دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية: حول تواطؤ الشركات العا
...
-
بين الاستعجال والكارثة، نظرة اشتراكية إيكولوجية على إعصار دا
...
-
فوز اليمين المتطرف في تشيلي يؤكد تحولا في أميركا اللاتينية
-
كتاب جديد: وصفة تشومسكي وموخيكا للنجاة من القرن الـ21
-
رسالة المناضل المعتقل جلول محمد حول كارثة فيضان مدينة أسفي
المزيد.....
-
ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا
...
/ بن حلمي حاليم
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|