أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - موسى بصراوي - هجوم تدمر: صدمة تكشف هشاشة المؤسسة الأمنية السورية وتخبط الخطاب السياسي














المزيد.....

هجوم تدمر: صدمة تكشف هشاشة المؤسسة الأمنية السورية وتخبط الخطاب السياسي


موسى بصراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8557 - 2025 / 12 / 15 - 00:11
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يمثل الهجوم الإرهابي الذي استهدف وفداً عسكرياً أمريكياً مشتركاً في مدينة تدمر السورية مؤخراً نقطة تحول مفصلية في تقييم الشراكات الأمنية الإقليمية، وتحديداً في سياق العلاقات الناشئة بين الولايات المتحدة والسلطة السورية المؤقتة. فالحادث الذي أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني وإصابة ثلاثة آخرين، تجاوز كونه مجرد خرق أمني ليصبح دليلاً مادياً على العيوب الهيكلية العميقة في المؤسسة العسكرية والأمنية السورية الجديدة ومحفزاً لجدل واسع حول مصداقية الخطاب الرسمي من كلا الجانبين.

هشاشة المؤسسة الأمنية السورية: خليط مشوه من بقايا التطرف
إن التحليل البنيوي لطبيعة القوات التي يفترض بها أن تشكل نواة الجيش الوطني السوري الجديد والمؤسسة الأمنية السورية يكشف عن حقيقة مقلقة تؤكدها تفاصيل هجوم تدمر. فالهيكل الحالي لا يرقى إلى مستوى مؤسسة وطنية قادرة على حماية السوريين بجميع طوائفهم ومكوناتهم، بل هو في جوهره خليط مشوه من بقايا التنظيمات المتطرفة التي سادت المشهد السوري لسنوات، بما في ذلك عناصر سابقة من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجبهة النصرة، وهيئة تحرير الشام.
تأكد هذا التقييم بشكل ملموس عندما كشفت السلطات السورية نفسها عن هوية منفذ الهجوم. ففي تناقض صارخ مع محاولات تصوير الحادث على أنه هجوم خارجي، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية أن العنصر المهاجم كان فرداً في صفوف جهاز الأمن العام، مشيراً إلى أنهم كانوا بصدد فصله من الخدمة بسبب أفكاره المتطرفة. هذا الاعتراف، وإن كان محاولة لاحتواء الأزمة، إلا أنه يمثل دليلاً دامغاً على أن المؤسسة الأمنية الجديدة لم تنجح في تطهير صفوفها من الفكر الجهادي، بل إنها تحتضن التهديد الداخلي الذي يهدد شركاءها الدوليين. إن وجود عناصر تحمل فكراً متطرفاً داخل جهاز أمني مشترك مع القوات الأمريكية يمثل خيانة للثقة ويقوض أي أساس للتعاون المستقبلي.

تخبط الخطاب السياسي ومحاولات تلميع الصورة
شهدت تداعيات الهجوم تخبطاً واضحاً في الخطاب الرسمي من الجانبين، السوري والأمريكي، في محاولة لإدارة الأزمة والحد من تأثيرها السلبي على العلاقات الثنائية. فبينما سارعت السلطة السورية المؤقتة إلى الإقرار بأن المهاجم كان عنصراً داخلياً، محاولةً تصوير الحادث كـفشل في التقييم الأمني الداخلي يمكن السيطرة عليه، جاء الخطاب الأمريكي ليقدم رواية مختلفة. فقد أصرت الإدارة الأمريكية، في محاولة واضحة لتلميع صورة السلطة الحالية، على أن المهاجم كان فرداً تابعاً لتنظيم داعش.
هذا التناقض في الروايات يثير تساؤلات جوهرية حول مدى استعداد واشنطن لغض الطرف عن الحقائق الصعبة في سبيل دعم هذه السلطة. إن الإصرار الأمريكي على خارجة التهديد وتصوير الهجوم على أنه من بقايا الإرهاب الخارجي يخدم هدفاً سياسياً محدداً الذي هو حماية المسار الجديد للعلاقات الأمريكية السورية، والذي كان يتم الدفع به بقوة من قبل الرئيس دونالد ترامب والمبعوث توم باراك. لقد كان الهدف هو إبعاد تهمة الفشل الهيكلي عن السلطة المؤقتة، وتحويل الحادث إلى مجرد نكسة عابرة في حرب مكافحة الإرهاب.

التداعيات الحرجة على العلاقات الأمريكية السورية ومعارضة الكونغرس
إن أخطر تداعيات هجوم تدمر تكمن في تأثيره على العلاقات الأمريكية السورية الجديدة، خاصة في ظل وجود أصوات قوية داخل الكونغرس لاتزال رافضة لفكرة دعم السلطة المؤقتة في دمشق وبناء شراكات معها. لقد وفر هذا الحادث دليلاً مادياً لا يمكن دحضه لهذه الأصوات المعارضة.
يرى المتشككون في واشنطن أن الهجوم يثبت أن السلطة المؤقتة إما غير كفؤة في تطهير صفوفها الأمنية، أو أنها متواطئة عبر التغاضي عن وجود عناصر متطرفة. هذا الفشل الأمني يقوض بشكل جذري أي أساس للتعاون المستقبلي، حيث يعرض حياة الجنود الأمريكيين للخطر المباشر من قبل الشريك نفسه. إن الهجوم ينسف تماماً السردية التي كان يروج لها مؤيدو العلاقة الجديدة حول إمكانية تحقيق الاستقرار والتعاون الفعال في مكافحة الإرهاب مع هذه السلطة. بالنسبة للبنتاغون، فإن سلامة القوات هي الأولوية القصوى، ووجود عنصر جهادي في صفوف الشريك الأمني المشترك يمثل خطراً غير مقبول على الأمن القومي الأمريكي.

قوات سوريا الديمقراطية كنموذج لبناء الجيش الوطني
في المقابل، يقدم سجل التحالف الدولي والولايات المتحدة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) نموذجاً مغايراً ومثبتاً للشراكة الفعالة. لقد كانت قسد شريكاً رئيسياً للتحالف في محاربة الإرهاب لأكثر من عشر سنوات، وخلال هذه الفترة الطويلة، لم تسجل حوادث هجوم إرهابي مماثلة تستهدف الوفود الأمريكية أو قوات التحالف من داخل صفوفها. هذا السجل النظيف هو دليل على أن قوات قسد هي بالفعل قوات تحارب الإرهاب ولم تضم في صفوفها الإرهابيين، بل قامت على أساس وطني وعلماني يرفض الفكر المتطرف.

إن هذا التباين الحاد بين تجربة التحالف مع قسد وتجربته مع القوات الجديدة في تدمر يؤكد ضرورة إعادة تقييم الشراكات الأمنية. وإن الدرس المستفاد من هجوم تدمر واضح ألا وهو أنه لا يمكن بناء دولة مستقرة أو جيش وطني حقيقي على أسس هشة وملوثة بالفكر المتطرف. إذا أُريد بناء جيش سوري مستقبلي قادر على حماية البلاد، يجب أن تكون نواته قوات أثبتت جدارتها في محاربة الإرهاب، مثل قوات سوريا الديمقراطية، مع إبعاد كل من يحمل فكراً متطرفاً وعناصر جهادية من أي تشكيل عسكري أو أمني جديد. إن الفشل في القيام بذلك لن يؤدي فقط إلى تكرار حوادث مثل هجوم تدمر، بل سيقوض أي أمل في بناء سوريا مستقرة وآمنة، ويزيد من حدة المعارضة الداخلية في واشنطن لأي دعم مستقبلي للسلطة المؤقتة.



#موسى_بصراوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى سقوط النظام السوري: عام من الأمل المجهض ومرارة الواقع ف ...
- بين الوهم والواقع: هل حذف الصفرين ينقذ الليرة السورية من الا ...
- كونفرانس الحسكة: تجسيد التنوع السوري نحو مستقبل مشترك
- تخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا بين آفاق التعافي الاقتصاد ...
- العدالة الانتقالية في سوريا: طريق الشفاء الشامل والضمانة الو ...
- قضية تجسس وصراعات داخل وزارة الخارجية السويدية: دبلوماسي متو ...
- مؤتمر وحدة الصف والموقف الكوردي في قامشلو: خطوة تاريخية نحو ...
- الإعلان الدستوري السوري: تكريس للتمييز وإعادة إنتاج للاستبدا ...
- انتفاضة قامشلو 2004: حين أشعل الكرد شرارة الغضب في وجه النظا ...
- إبادة العلويين: وصمة عار على جبين الإنسانية وتتطلب حماية دول ...
- الأقليات في سوريا وإمكانية تطبيق -مبدأ مسؤولية الحماية-


المزيد.....




- أردوغان: رسالتنا بشأن غزة تركت أثرا لدى ترامب
- تونس.. توقيف 21 شخصا إثر احتجاجات في القيروان
- أستراليا تعلن تفاصيل بشأن منفذيْ هجوم بوندي وتشيد بالمنقذ ال ...
- مرشح أقصى اليمين يفوز بالرئاسة في تشيلي
- تحول -غير مسبوق- من أوكرانيا.. وتقدم في مفاوضات وقف الحرب
- مستشار خامنئي: إيران ستدعم حزب الله بحزم
- الكافيين يطارد المراهقين في موسم الامتحانات.. انتباه لحظي وم ...
- فيديو متداول لـ-احتفال مؤيدي الحكومة السورية- بهجوم تدمر.. ه ...
- وسط تقدم المفاوضات.. أوكرانيا تتخلى عن طموح الانضمام للناتو ...
- اكتشاف لوحة فسيفساء ضخمة شمال غربي دمشق أثناء أعمال زراعية


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - موسى بصراوي - هجوم تدمر: صدمة تكشف هشاشة المؤسسة الأمنية السورية وتخبط الخطاب السياسي