أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موسى بصراوي - ذكرى سقوط النظام السوري: عام من الأمل المجهض ومرارة الواقع في سوريا














المزيد.....

ذكرى سقوط النظام السوري: عام من الأمل المجهض ومرارة الواقع في سوريا


موسى بصراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 01:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد مرور عام على اللحظة التاريخية لسقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، كان المشهد السوري ينتظر فجراً جديداً يحمل معه تحقيق شعارات الثورة الكبرى: الحرية والكرامة والعدالة. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة نهاية حقبة استبدادية دامت خمسة عقود، وبداية لمرحلة انتقالية كان من المفترض أن ترسي أسس دولة المواطنة. إلا أن الحصاد المرير لعام كامل يكشف عن حقيقة قاسية، لا شيء تقريباً تحقق من تطلعات الشعب السوري، بل إن التحديات القديمة تجددت بأثواب جديدة، لتؤكد أن الطريق نحو سوريا الجديدة لا يزال محفوفاً بالعقبات والخذلان.

الكرامة والحرية: وهم الانتقال السياسي
إن جوهر الثورة السورية كان يكمن في استعادة كرامة المواطن وحريته المسلوبة، لكن مسار الانتقال السياسي من قبل السلطة المؤقتة أثبت أنه يرتدي نفس عباءة الذهنية الإقصائية. فبدلاً من حوار وطني شامل يمثل جميع مكونات النسيج السوري، تم الدفع بعملية سياسية مفصلة على مقاس السلطة المؤقتة. هذا التوجه تجسد بوضوح في الإعلان الدستوري الانتقالي الذي صدر، والذي أثار جدلاً واسعاً لعدم مراعاته التنوع السوري الغني، حيث رأى فيه الكثيرون محاولة لإعادة إنتاج نظام حكم متفرد تحت غطاء دستوري جديد، مما يفرغ شعار الحرية من محتواه ويجعل الكرامة حلماً مؤجلاً. كما أن اتفاق العاشر من آذار (مارس) 2025، الذي كان من المفترض أن يشكل أساساً للتعايش والاستقرار، لم يتحقق منه شيء على أرض الواقع، وتتحمل السلطة المؤقتة مسؤولية عدم الالتزام ببنوده، خاصة فيما يتعلق بضمان حقوق جميع المكونات السورية، مما أبقى على بؤر التوتر وعدم الثقة.

العدالة المؤجلة: ملف المعتقلين ومحاسبة المجرمين
يظل ملف العدالة الانتقالية هو الاختبار الحقيقي لمدى جدية المرحلة الجديدة في القطع مع الماضي. لقد كان الأمل معقوداً على محاسبة المجرمين والكشف عن مصير عشرات الآلاف من المعتقلين والمختطفين. لكن هذا الأمل اصطدم بجدار الصمت والتقاعس. لا شيء تحقق من العدالة الانتقالية، ولا يزال أهالي الضحايا بانتظار أخبار أبنائهم الذين تجاوز عددهم مئات الآلاف وفقاً لتقديرات منظمات حقوق الإنسان. إن الفشل في فتح هذا الملف بشكل شفاف ومحاسبة المسؤولين عن جرائم التعذيب والإخفاء القسري يمثل خذلاناً مزدوجاً، خذلان للضحايا الذين عانوا تحت النظام السابق، وخذلان لمبدأ العدالة الذي قامت من أجله الثورة. إن غياب المحاسبة يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب، ويقوض أي أساس لبناء مجتمع سوري سليم.

دوامة العنف والخطاب الطائفي
لم يقتصر الأمر على الفشل السياسي والقانوني، بل امتد إلى تجدد دوامة العنف الطائفي والمناطقي. فبعد السقوط، شهدت مناطق مثل السويداء والساحل السوري ارتكاب مجازر وعمليات انتقام مروعة، وثقتها تقارير حقوقية محلية ودولية، مما أدى إلى مقتل نزوح الآلاف وتهديد السلم الأهلي. هذه الأحداث كشفت عن هشاشة الوضع الأمني وغياب سلطة قادرة على حماية جميع المواطنين. ومما زاد الطين بلة هو تصاعد الخطاب التحريضي والطائفي من قبل أنصار السلطة المؤقتة وإعلامها وقنواتها الإخبارية. هذا الخطاب، الذي يهدف إلى تفتيت النسيج الاجتماعي وتكريس الانقسام، يمثل خطراً وجودياً على مستقبل سوريا، ويؤكد أن ذهنية الإقصاء والتحريض لم تغادر المشهد السياسي، بل انتقلت من طرف إلى آخر.

مأساة التهجير القسري: عفرين ورأس العين وتل أبيض
تستمر مأساة التهجير القسري كوصمة عار على جبين المرحلة الانتقالية. لا يزال أهالي مدن عفرين ورأس العين وتل أبيض مهجرين قسراً من ديارهم، يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، دون أي أفق واضح للعودة الآمنة والكريمة. إن غياب أي خطة وطنية فاعلة لضمان عودة هؤلاء المهجرين، وإزالة العوائق أمام استعادة ممتلكاتهم، يمثل فشلاً أخلاقياً وإنسانياً. هذه القضية، التي تمس مئات الآلاف من السوريين، تظل شاهداً على أن المرحلة الانتقالية لم تنجح في لم شمل أهلها، بل أبقت على مناطق النفوذ والتهجير كحقائق قائمة.

الانهيار الاقتصادي والتضخم الجامح
على الصعيد الاقتصادي، لا يزال الوضع مزرياً، بل وازداد سوءاً بشكل كارثي. لقد شهدت الأسواق تضخماً جامحاً، حيث ارتفعت أسعار السلع والخدمات لمستويات قياسية، مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين وانهيار شبه كامل للقدرة المعيشية. ورغم بعض التقارير التي تشير إلى تراجع نسبي في معدلات التضخم من ذروتها، إلا أن الواقع المعيشي اليومي للمواطن السوري لم يتحسن، بل إن ملايين الأسر دفعت إلى ما دون خط الفقر. إن الوعود بإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي لم تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي، وبقيت رهينة لغياب الاستقرار السياسي والأمني، مما يؤكد أن الوضع الاقتصادي المزري هو النتيجة المباشرة لفشل المرحلة الانتقالية في إرساء أسس دولة مستقرة وعادلة.

خاتمة: ضرورة تصحيح المسار
إن ذكرى سقوط النظام ليست مناسبة للاحتفال بقدر ما هي لحظة للمحاسبة الذاتية والتقييم الصارم. لقد ضحى الشعب السوري من أجل دولة تقوم على العدل والمساواة، وليس من أجل استبدال استبداد بآخر أو إقصاء بإقصاء. إن تصحيح المسار يتطلب إرادة سياسية حقيقية للابتعاد عن المصالح الفئوية، والبدء الفوري في عملية عدالة انتقالية شاملة، ووقف جميع أشكال الخطاب الطائفي، وإطلاق حوار وطني يمثل جميع السوريين دون استثناء، مع خطط اقتصادية عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة المواطنين. إن سوريا تستحق مستقبلاً أفضل، ومسؤولية تحقيق هذا المستقبل تقع على عاتق كل من يدعي تمثيل الشعب السوري.



#موسى_بصراوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الوهم والواقع: هل حذف الصفرين ينقذ الليرة السورية من الا ...
- كونفرانس الحسكة: تجسيد التنوع السوري نحو مستقبل مشترك
- تخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا بين آفاق التعافي الاقتصاد ...
- العدالة الانتقالية في سوريا: طريق الشفاء الشامل والضمانة الو ...
- قضية تجسس وصراعات داخل وزارة الخارجية السويدية: دبلوماسي متو ...
- مؤتمر وحدة الصف والموقف الكوردي في قامشلو: خطوة تاريخية نحو ...
- الإعلان الدستوري السوري: تكريس للتمييز وإعادة إنتاج للاستبدا ...
- انتفاضة قامشلو 2004: حين أشعل الكرد شرارة الغضب في وجه النظا ...
- إبادة العلويين: وصمة عار على جبين الإنسانية وتتطلب حماية دول ...
- الأقليات في سوريا وإمكانية تطبيق -مبدأ مسؤولية الحماية-


المزيد.....




- مغامرة عُمان تنتهي.. تأهل المغرب والسعودية من -مجموعة الموت- ...
- نتنياهو يقول إن المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة باتت وش ...
- كأس العرب: المغرب يحسم التأهل والصدارة في حضور جماهيري ضخم
- ألمانيا لن تستقبل طالبي لجوء جدد عام 2026 وفقا لآلية التضامن ...
- غزة مباشر.. انتهاء البحث عن جثة أسير إسرائيلي والاحتلال يقتح ...
- قانون -قيصر-.. سوريا تسعى لإزالة آخر العقبات أمام إعادة البن ...
- اليمن.. غارتان أميركيتان تستهدفان عناصر من -القاعدة- في مأرب ...
- فيديو: غارات إسرائيلية تستهدف مواقع في جنوبي لبنان
- ترامب يحذر الدول التي -تغرق- الولايات المتحدة بالأرز -الرخيص ...
- لماذا حذر وزير دفاع أمريكا الحالي في تصريحات سابقة من إصدار ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موسى بصراوي - ذكرى سقوط النظام السوري: عام من الأمل المجهض ومرارة الواقع في سوريا