أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موسى بصراوي - الإعلان الدستوري السوري: تكريس للتمييز وإعادة إنتاج للاستبداد














المزيد.....

الإعلان الدستوري السوري: تكريس للتمييز وإعادة إنتاج للاستبداد


موسى بصراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8281 - 2025 / 3 / 14 - 00:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل الأوضاع السياسية المعقدة التي تمر بها الدولة السورية، جاء الإعلان الدستوري الجديد ليكرّس حالة من الإقصاء والتناقضات العميقة ويؤكد مرة أخرى أن السلطة الجديدة الحاكمة في البلاد لا تزال بعيدة كل البعد عن مفهوم الدولة الديمقراطية التعددية، مما يجعله غير قادر على تمثيل جميع السوريين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية. فبدلاً أن يكون الإعلان عقداً اجتماعياً يجمع أبناء الوطن تحت راية العدالة والمساواة جاء ليكرّس الإقصاء والتمييز وتعزيز الانقسام بدلاً من تحقيق الوحدة الوطنية.

الجمهورية "العربية" السورية: هوية مفروضة على مجتمع متعدد
يحمل اسم الدولة في طياته تناقضاً واضحاً وإقصاءً واضحاً لغير العرب، فإصرار الإعلان الدستوري على تسمية البلاد "الجمهورية العربية السورية" يوحي بأن سوريا وطن حصري للعرب فقط، متجاهلاً حقيقة أن البلاد كانت ولا تزال موطناً لقوميات متعددة، مثل الكرد والسريان ولأرمن والآشوريين الذين لعبوا دوراً تاريخياً في بناء المجتمع السوري. إن تجاهل هذه المكونات في الهوية الرسمية للدولة يعكس سياسة إقصائية، حيث يتم فرض هوية واحدة على مجتمع غني بتنوعه الثقافي والإثني.

دين الرئيس: تمييز ديني يتناقض مع المواطنة المتساوية
من أخطر البنود الإقصائية في هذا الإعلان الدستوري هو اشتراط أن يكون دين الرئيس هو الإسلام، وهو ما يعني حرمان أبناء الديانات الأخرى مثل المسيحيين والإيزيديين من حقهم في الترشح لهذا المنصب. هذا البند ينسف مبدأ المساواة بين المواطنين، حيث ينص الإعلان نفسه على أن السوريين متساوون في الحقوق والواجبات لكن في المقابل يمنع بعضهم من الوصول إلى أعلى منصب في الدولة بسبب عقيدتهم الدينية. فكيف يمكن لدستور أن يروج للمواطنة المتساوية بينما يحرم شريحة من المجتمع من حقوقها السياسية.

غياب آليات محاسبة الرئيس: استبداد بلا رقابة
من أخطر الثغرات في هذا الاعلان الدستوري هو عدم وجود مادة واضحة تحدد الجهة التي تملك حق محاسبة الرئيس، مما يعني أنه يتمتع بسلطة مطلقة دون أي رقابة فعلية. الدساتير الديمقراطية تضمن وجود آليات واضحة لعزل ومحاكمة الرئيس في حال تجاوزه القوانين، لكن هذا الاعلان يترك الرئيس فوق المساءلة، مما يفتح الباب أمام حكم فردي مستبد، تماماً كما كان الحال في العقود الماضية في زمن الأسدين الأب والابن.

إقصاء للكرد والدروز والعلويين وغيرهم
رغم أن سوريا تضم تنوعاً مذهلاً من القوميات والطوائف، إلا أن الاعلان الجديد لا يعكس هذا التنوع بأي شكل من الأشكال. فبدلاً من أن يكون وثيقة جامعة تضمن حقوق الكرد، الدروز، العلويين، الإسماعيليين، وغيرهم، جاء هذا الاعلان ليعزز الإقصاء والتهميش، مما يزيد من حالة الاحتقان الاجتماعي والسياسي.

إعلان دستوري لا يمثل السوريين
الدستور هو الوثيقة التي تُحدد شكل الدولة وعلاقتها بمواطنيها، لكنه في هذه الحالة جاء ليعكس مصالح فئة محددة، متجاهلًا التنوع السوري والحقوق الأساسية للمواطنين. إن تجاهل الاعتراف بالقوميات غير العربية، وحرمان غير المسلمين من الترشح للرئاسة، وغياب آليات محاسبة الرئيس، كلها مؤشرات على أن هذا الاعلان الدستوري غير عادل وغير ديمقراطي على الإطلاق وليس إلا أداة لاستمرار الاستبداد بصيغة جديدة.


أخيراً، إن أي دستور حتى ولو كان إعلاناً دستورياً يُكتب ليحكم دولة حديثة يجب أن يقوم على أسس المواطنة والعدالة والمساواة وسيادة القانون. أما دستور يُبنى على الإقصاء والتمييز وغياب المحاسبة فهو ليس إلا أداة لتعزيز السلطة بدلاً من تحقيق دولة القانون والمؤسسات. فسوريا اليوم بحاجة إلى دستور يمثل كل مكوناتها ويحترم التعددية ويضمن المساواة لا إلى دستور يزيد من انقساماتها ويعيد إنتاج الأزمات كما كان في عهد الأنظمة الاستبدادية التي مرت على سوريا. أي دستور لا يعكس هذه المبادئ لن يكون سوى خطوة أخرى نحو تعميق الأزمة السورية، بدلاً من أن يكون حجر الأساس لبناء دولة ديمقراطية عادلة.



#موسى_بصراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتفاضة قامشلو 2004: حين أشعل الكرد شرارة الغضب في وجه النظا ...
- إبادة العلويين: وصمة عار على جبين الإنسانية وتتطلب حماية دول ...
- الأقليات في سوريا وإمكانية تطبيق -مبدأ مسؤولية الحماية-


المزيد.....




- نتنياهو: هاجمنا إيران لمنع -محرقة نووية- وهذا ما قاله عن -تغ ...
- أنور قرقاش يعبر عن إدانة الإمارات الضربات الإسرائيلية على إي ...
- الجيش الأردني: نسقط الصواريخ والمسيرات التي تنتهك مجالنا الج ...
- سكان القدس يخزنون المؤن وسط تصاعد التوتر مع إيران
- نيكولا ساركوزي يفقد وسام الشرف الفرنسي بعد إدانته رسمياً
- لماذا هبت دول عربية وتركيا لمساعدة سوريا؟
- نتنياهو: العملية الإسرائيلية قد تؤدي إلى تغيير النظام في إير ...
- تركي آل الشيخ لجمهور الزمالك: لا تصطادوا في الماء العكر
- وزير الخارجية القطري ونظيره الفرنسي يؤكدان أهمية الاستقرار ف ...
- إسرائيل لم تخطر بريطانيا بهجماتها مسبقا


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موسى بصراوي - الإعلان الدستوري السوري: تكريس للتمييز وإعادة إنتاج للاستبداد