أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي جورج - فرنسا بعد 120 عامًا من قانون العلمانية: بين الصرامة مع المسيحية والتسامح مع الإسلام














المزيد.....

فرنسا بعد 120 عامًا من قانون العلمانية: بين الصرامة مع المسيحية والتسامح مع الإسلام


مجدي جورج

الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 16:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اولا تمرّ هذه الأيام الذكرى الـ 120 لصدور قانون العلمانية في فرنسا، الصادر في 9 ديسمبر 1905، والذي يعدّ حجر الأساس للفصل النهائي بين الدولة والكنيسة الكاثوليكية. هذا القانون شكّل نقطة تحوّل كبرى أنهت قرونًا من التداخل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية، وجعل فرنسا نموذجًا للعلمانية الحديثة. لكنّ الإرث الضخم لهذا القانون لا يزال موضع جدل واسع بين من يرونه ضمانة للحرية، ومن يعتبرونه أداة لقمع الدين وإعادة صياغة الهوية الفرنسية.
ثانيا ثورة علمانية عنيفة سبقت القانون
قبل أن تتبنى فرنسا قانون العلمانية، عاش البلد واحدة من أعنف المراحل في تاريخه الحديث. فخلال الثورة الفرنسية، شنّ متطرّفو العلمانية وبعض التيارات الفكرية المعادية للدين حملة شرسة ضد الكنيسة ورجالها. قُتل آلاف الرهبان والراهبات والمسيحيين، ودُمِّرت كنائس كثيرة أو أُحرقت، في مشهد دموي يعكس حجم الاحتقان تجاه النفوذ الديني الذي امتد لعقود طويلة في ظل تحالف الكنيسة مع الملوك.
ثالثا ومع ذلك، لم يصل التداخل بين الدين والدولة في فرنسا يومًا إلى ما نشهده اليوم في بعض المجتمعات الإسلامية والشرق أوسطية، حيث يتولى رجال الدين الحكم مباشرة كما في إيران وأفغانستان. ومع ذلك كانت الثورة الفرنسية قاسية إلى حدّ بالغ في تعاملها مع الكنيسة.
رابعا علمانية صارمة… لكنها غير متوازنة
منذ 1905 وحتى اليوم، واصلت فرنسا تطبيق نموذج علماني شديد الصرامة. فالدولة تمنع تمويل الكنائس أو ترميمها، ما أدى إلى إغلاق مئات منها وهجرة آلاف الفرنسيين لهذا الإرث الديني. وفي المقابل، يحصل المسلمون على تمويلات رسمية لبناء مساجد ومراكز دينية، بل وتُشترى كنائس قديمة لتحويلها إلى مساجد، في مفارقة يراها كثيرون دليلاً على ازدواجية المعايير.
وقد اتسع نطاق العلمانية المتشددة حتى وصل إلى الرموز المسيحية اليومية: من الصليب في المدارس الكاثوليكية إلى شجرة الميلاد. بعض العمد رفضوا وضع شجرة الكريسماس بدعوى حماية البيئة، في وقت يغضون فيه الطرف عن كل ما يحيط بهم من أثاث خشبي!
خامسا تشدد ضد المسيحية… وتسامح واسع مع الإسلام
ورغم صرامة العلمانية تجاه المسيحية، فإن الدولة الفرنسية تبدو متسامحة جدًا مع الإسلام. ففي المدارس الحكومية تُقدَّم وجبات حلال، وتُخصَّص تمويلات لجمعيات إسلامية، وتُسمح شعائر ورموز دينية إسلامية في أماكن عامة، في إطار ما يصفه المراقبون بـ المساومات السياسية لكسب أصوات الجاليات المسلمة المتزايدة.
سادسا هذا الواقع أنتج أجيالًا فرنسية تكاد تكون منفصلة عن المسيحية كليًا؛ لم تتمّ تربيتهم دينيًا، ولم يتعمّد كثيرون منهم، وبعضهم لم يدخل كنيسة في حياته إلا في مناسبة وفاة أو زواج. هذا الفراغ الروحي يجعل البعض سهل الانقياد لأي خطاب ديني بديل.
سابعا بين الماضي والحاضر… التهديد مستمر
الديمقراطية الأوروبية التي تصدّت قديمًا للغزو بالسيف، حين أوقف شارل مارتل المدّ الإسلامي في معركة بواتييه، تواجه اليوم تحديًا جديدًا: الغزو الديموغرافي الناعم، واستخدام آليات الديمقراطية نفسها لإحداث تغيير جذري في هوية المجتمعات الأوروبية.
اخيرا العلمانية، حين تُطبَّق بعدالة وبلا تمييز، تعدّ أحد أجمل النظم الإنسانية التي تحمي حرية المعتقد. لكنّ ما يحدث في فرنسا اليوم—صرامة ضد المسيحية وتسامح مفرط مع الإسلام—لا يمثل علمانية حقيقية، بل إعادة صياغة للهوية، وتغذية لنزعات الاستبداد والتطرف التي تهدد مستقبل أوروبا.



#مجدي_جورج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ماريا القبطية الي ماريا الحديثة ياقلبي لا تحزن
- بين بنت تُعاد خلال أيام… وأخرى تُسلَّم للخاطف: لماذا تتعامل ...
- لماذا غابت الكنيسة المصرية عن الاحتفال بمجمع نيقية ؟
- هل تستطيع أمريكا ترامب القضاء على الخطر الاخضر بعد ان قضت عل ...
- النضال السهل الموجه من أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية
- في انتخاباتنا المصرية تزوير المزور وتضبيط المضبظ تحت الإشراف ...
- دعوة الأقباط لمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة
- ليست فلسطين فقط هي المستفيدة من حل الدولتين بل إسرائيل ايضا
- ازمة دير سانت كاترين وأطماع الحكومة المصرية في الاديرة المسي ...
- القمة العربية عندما حضر سانشيز الاسباني وغاب العرب عنها
- زيارة ترامب لدول الخليج من الذي استفاد اكثر من الاخر ؟
- ترامب يطالب مصر بالسماح للسفن الامريكية بالعبور المجاني من ق ...
- رسالة للرئيس عبد الفتاح السيسي
- ترامب زيلينسكي والاصرار الاوروبي علي مساعدة زيلينسكي
- لماذا دعي السيسي احمد الشرع لزيارة القاهرة ؟
- كيف استطاعت حماس المحافظه علي حياة ثلاث مجندات وباقي الرهائن ...
- لا تصدقوا حماس
- النكبة الفلسطينية والنكبة القبطية
- الحكومة اللبنانية الجديدة وهزيمة حزب الله سياسيا
- التهجير وسنينه ومعاناة الاقليات في الشرق


المزيد.....




- السيد الحوثي: أمّتنا الإسلامية تضرّرت بالحرب الناعمة أكثر من ...
- ترميم المعالم الإسلامية.. بلدية الفاتح في إسطنبول تحاول استع ...
- شيخ الأزهر يلتقي لجنة جائزة زايد للأخوّة الإنسانية بالقاهرة ...
- وفد الألف مؤثر.. يدّعون المسيحية ويُروّجون للصهيونية
- بابا الفاتيكان يجدد عرض الوساطة بين روسيا وأوكرانيا لتحقيق ا ...
- حملة اعتقالات إسرائيلية واسعة تطال سلفيت بالضفة الغربية
- فالح الفيّاض: كان لفتوى السيد السيستاني دور حاسم في انتصار ا ...
- بابا الفاتيكان ينتقد خطة ترامب للسلام في أوكرانيا.. ماذا قال ...
- تحالف الدول العربية والإسلامية يضغط على الاحتلال بشأن غزة
- أميركا تشدد إجراءاتها ضد الإخوان.. ماذا فعلت؟


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي جورج - فرنسا بعد 120 عامًا من قانون العلمانية: بين الصرامة مع المسيحية والتسامح مع الإسلام