زيارة ترامب لدول الخليج من الذي استفاد اكثر من الاخر ؟

مجدي جورج

الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 07:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يتهكم بعض المصريين ويكتبون عن سوال الرز الخليجي وعن نجاح ترامب في حلب بقرة الخليج وكيف عاد بالجزية التي فرضها اجدادهم علي شعوب العالم قديما واستطاع استرجاعها بزيارة واحدة اليهم .ولكن الحقيقة مختلفة ومخالفة لذلك تماما .
اولا فاذا كانت السعودية ودول الخليج تقضي مصالحها العادلة وغير العادلة سابقا باستخدام المال وسلاح النفط لاخضاع العالم لسيطرتها ، ولكن الان الوضع اختلف تماما فقد اصبحت هذه الدول مؤثرة جدا ليس في المنطقة فقط بل وفي العالم اجمع .
راينا ذلك في ملف الحرب الاوكرانية الروسية وتدخل السعودية كوسيط ، رايناه في دور الامارات المتنامي ودور قطر الذي لا يخفي علي احد ودور سلطنة عمان كوسيط بين ايران وامريكا تارة والحوثيين وامريكا تارة اخري .
ثانيا السعودية واغلب دول الخليج التي كانت سببا من اسباب انتشار الارهاب في العالم كله بتبنيها ونشرها الوهابية في العالم اجمع تغيرت تماما الان بعد وصول الامير محمد بن سلمان لولاية العهد وامساكه بزمام الامور جيدا وبعد تعهده بالقضاء علي المتطرفين والتطرف في بلاده.
ثالثا التغيير لم يحصل في السعودية فقط ولكنه اصاب بقية الدول الخليجية الاخري تاثرا بالشقيقة الكبري السعودية وحدث ذلك خصوصا بعد وصول عدد من نظرائه الشباب لسدة الحكم في قطر وسلطنة عمان والإمارات وكلهم يريدون هجر تراثهم وماضيهم الاسود في نشر التطرف وايذاء العالم به واغلبهم ينظرون للغرب كصديق صدوق وحليف افضل من تحالفهم مع ما يسمون انفسهم عرب (في الشام وشمال افريقيا ومصر ) وبعضهم اقام علاقات طبيعية مع اسرائيل مثل البحرين والامارات والبقية في الطريق للتطبيع .
رابعا القادة الخليجيين الذين كان ابائهم كالشيخ زايد والملك فهد والملك عبد الله يقفون الي جانب مصر ولا يتاخرون عن الوقوف بجانبها في ازماتها المالية خصوصا بعد موقف مصر من حرب صدام ضد السعودية وكان قادتها يعتبرون مصر بمثابة خزان بشري يقف بجانبهم وقت الشدة اصبحوا الان في عهد القادة الشباب الجدد يخافون من هذا الخزان البشري خصوصا بعد قف. الاخوان للحكم في مصر وحتي بعد هلعهم من الحكم في مصر فان هولاء القادة اصبحوا يعرفون طبيعية الشعوب في المنطقة فاصبحوا اكثر خوفا من هذه الدول بشعوبها لان ثوراتها ربما تؤجج اوضاع دولهم مما قد يساهم في هز عروشهم وتهديد ممالكهم لذا اصبحوا اكثر التصاقا بالغرب وافكاره ومبادئه واكثر ابتعادا عن العروبة وافكارها.
- [ ] خامسا دول الخليج لم تصبح اكثر التصاقا بالغرب فقط بل الاكثر من ذلك ان اثنان منها اقاما علاقات طبيعية مع إسرائيل ( الامارات والبحرين ) والسعودية وباقي دول الخليج كانت سائرة علي نفس الطريق لولا هجوم حماس علي اسرائيل في 2023/10/7 وما اعقبه من ردة الفعل الاسرائيلية القوية ضد حماس وضد ألشعب الفلسطيني في غزة مما اجل التطبيع مع إسرائيل ولكن التطبيع قادم قادم مع إسرائيل وهذه الدول ، والادهش في الموضوع ان شعوب الخليج اكثر قبولا لفكرة التطبيع مع اسرائيل عكس الشعب المصري الغير متقبل لفكرة التطبيع مع اسرائيل رغم اقامة علاقات دبلوماسية معها منذ ما يقارب النصف قرن .
- [ ] سادسا دول الخليج لم تعد تثق الا في الغرب كي يوفر لها الحماية وكانت المعادلة الموجودة سابقا بينهما هو النفط مقابل الحماية ولا يعني هذا ان النفط مجاني ولا الحماية مجانيه فلغة المصالح هي الغالبة ولاشئ مجاني . ولكن الان المعادلة لم تعد فقط نفط وحماية بل تعدتها الي شراكة كاملة وتوطين التقنية والتكنولوجيا العربية في بلاد الخليج .
- [x] زيارة ترامب كذلك اظهرت المكانة السياسية الكبيرة لدول الخليج وان ترامب لم يصغي اليهم فقط بل اصبح ينفذ سياساتهم فقد ضرب الحوثيين في اليمن وهذا ما يريدونه لانه ذراع ايرانية تهددهم وتهدد طرق نفطهم ، ويحاول الان وقف البرنامج النووي الايراني سلما او حربا والاكثر من ذلك هو لقائه بالشرع رئيس سوريا والتعهد برفع العقوبات عنها في خطوة هامة للسعودية التي تحاول تسويق الشرع ليس عربيا فقط بل عالميا ايضا .
- [x] لذا نستغرب من تهكم المصريين علي دول الخليج بانها دفعت التريليونات لترامب في زيارته الاخيرة متناسين ان هذه الاموال تظل اموال استثمار وليست منح لاترد دفعتها دول الخليج لامريكا وفي هذا فان دول الخليج هي الرابحة ربما اكثر من امريكا لانها تبحث ككل مستثمر عن اجواء اقتصادية امنة ومناسبة ومربحة لاموالها كي تستثمرها وواقع الحال يقول انه امريكا من افضل بلاد الاستثمار والفرص الاستثمارية في العالم وهذه الاموال الخليجية بدلا من وجودها في صناديق خاصة ربما او في البنوك المركزية لهذه البلاد فان استثمارها افضل .
تاسعا زيارة ترامب لم تسفر فقط عن كل ماسبق ولكنها ستسهم في توطين التكنولوجيا الغربية في دول الخليج وخصوصا في السعودية بحيث تصبح هذه الدول مستقبلا واحة للعلم والتكنولوجيا بعد ان القت بما قيل عنهم انهم علماء ( رجال الدين ) في الظل سواء ممنوعين او حتي مسجونيين لان هناك الايدي قوية واذرع الدولة القوية قادرة علي صنع التغيير للافضل بينما نحن لازلنا نحاجج ونترجي رجال الدين ليقوموا بتغيير الخطاب الديني متناسين انهم هم اصل الداء ولا يمكن ان يزيلوا الداء لانهم اول المستفيدين منه.
عاشرا الجميل في السعودية انها قبل ان تفكر في توطين التكنولوجيا في بلادها بقدوم اكبر روساء شركات التكنولوجيا الامريكية مع ترامب كانت علي مدي سنين عديدة ترسل الالاف من طلابها الي الغرب وخصوصا امريكا للتعلم هناك فخلفت اجيال متعلمة جيدا بفكر غربي عقلاني حديث ، عكس الوضع في بلادنا حيث كان جل همنا ان نرسل مبعوثين من الازهر الي بلاد ألعالم المختلفة فبدلا من ان نستفيد من العالم ونستورد منه العلم صدرنا له التطرف والجمود الموجود في بلادنا .
للاسف ترامب زار الخليج ولم يزورنا التقي قادتهم ولم يلتقي رئيسنا ليس لان لديهم الاموال فقط ولكن لان لديهم الاجواء المناسبة للانطلاق والتقدم وقبول الاخر ، مجتمعاتهم منفتحة بينما مجتمعنا منغلق ورافض وكاره للاخر فالخليج لم يعد شوال رز متحرك بل اصبح يتعامل بلغة العصر يفيد ويستفيد ويتطور ونحن نتاخر ونتقهقر ونجلس في اماكننا لنتهكم ونسخر منهم فقط .

#مجدي_جورج (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات