أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الياس رفو - تحالف القضية الأيزيدية من الأمل إلى واقع سياسي ملموس















المزيد.....

تحالف القضية الأيزيدية من الأمل إلى واقع سياسي ملموس


خالد الياس رفو

الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 13:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أكثر من عقد من الزمن وتحديداً منذ اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لأرض سنجار ومحيطها عام 2014 يعيش الشعب الأيزيدي جرحاً مفتوحاً لم يلتئم بعد .
مأساة اجتمعت فيها كل ألوان الألم :
الإبادة والتهجير ، السبي والتدمير ، الفقدان والخذلان .

في تلك الأيام السوداء انكشفت ظلمة العالم بأسره .
قتل الآلاف من الأبرياء بلا ذنب وخطفت النساء والفتيات من أحضان الأمهات وسلب الأطفال من طفولتهم وغسلت أدمغتهم ليعاد تشكيلهم كمشاريع على صورة الموت .
نزحت العائلات من بيوتها تاركة وراءها الأرض والذاكرة وبدأ فصل جديد من الشتات والانتظار .

لم تكن الإبادة رقماً في سجل الجرائم بل كانت نزيفاً إنسانياً مستمراً في ضمير العالم .
لقد رأى الجميع جحيم سنجار لكنهم وقفوا متفرجين شاهدوا أسواق الظلام التي بيعت فيها النساء وسمعوا صرخات الأطفال ورأوا المقابر الجماعية تواري تحت ترابها أسرار المأساة ووجوه الذين لم يمنحوا حتى حق الوداع .
ولا يزال أكثر من 2600 إنسان مجهولي المصير وكأن الأرض ابتلعتهم بصمتها القاسي .

جرح لا يزال ينزف

الإبادة الجماعية لم تتوقف عند حدود الماضي فالأيزيديين ما زالوا حتى اليوم يواجهون حملات تحريض وكراهية تصدر من بعض المنابر الدينية في مدن إقليم كردستان وبعض المناطق السنية في وسط وغرب العراق دون رادع أو محاسبة .
ورغم مرور أكثر من عقد على الإبادة لا تزال الدولة العراقية تفتقر إلى قانون يحمي الأقليات ويجرم العنصرية والطائفية وكأن الدرس لم يكتب بعد في وجدانها .

بين التهميش وتكريس التبعية

عاش الأيزيديين طويلاً تحت ظلال التجاذبات السياسية وتستخدم قضيتهم كورقة تفاوض وتختزل معاناتهم في شعارات فارغة .
فقدوا استقلال قرارهم وحرموا من إدارة مناطقهم وغيب صوتهم عن مؤسسات الدولة .
وحين وقعت الإبادة كان غياب المشروع السياسي الأيزيدي المستقل واضحاً كالشمس .
ترك الشعب وحيداً أمام الموت بلا حماية ولا سند فدفع الثمن مضاعفاً لأنه لم يكن يملك سلاحاً يحميه أو صوتاً سياسياً حراً يدافع عنه .

ولادة الأمل من بين الركام

من بين رماد المأساة ومرارة الغياب ولد تحالف القضية الأيزيدية .
لم يكن مجرد قائمة انتخابية بل كان إعلاناً عن بداية وعي جديد وإرادة قررت أن تستعيد حقها في الحياة والقرار .

لقد نجح التحالف في جمع القوى الأيزيدية والشخصيات المخلصة التي بقيت وفية للقضية وتجاوز الانقسامات التي أنهكت المجتمع لسنوات طويلة .
ولأول مرة منذ زمن بعيد شعر الأيزيديين أن صوتهم يمكن أن يتحول إلى إرادة وأن إرادتهم قادرة على صنع واقع جديد .

الدعم الشعبي الكبير الذي حظي به التحالف لم يكن رقماً انتخابياً بل صرخة تحرر من التبعية ورغبة في تمثيل وطني نابع من المصلحة الأيزيدية لا من أجندات الآخرين .
لقد أصبح التحالف رمزاً لإرادة جماعية ومشروعاً سياسياً يطمح إلى أن يكون المظلة الجامعة لكل الأيزيديين أينما كانوا .

أهمية الحفاظ على التحالف وديمومته

إن الحفاظ على تحالف القضية الأيزيدية والعمل على ديمومته واستمراره يمثل ضرورة وطنية لا يمكن التفريط بها .
فالتحالف لم يكن حدثاً عابراً أو تحركاً انتخابياً مؤقتاً بل ثمرة وعي جمعي وتجربة تاريخية من الألم والإصرار .
واستمراره يعني تثبيت الإرادة السياسية الأيزيدية على أرض صلبة وضمان عدم عودة التبعيات التي مزقت القرار الأيزيدي لعقود .

إن بقاء التحالف قوياً وموحداً يشكل حجر الأساس لأي مشروع إنقاذي يعيد للشعب الأيزيدي مكانته وحقوقه ويؤسس لمرحلة جديدة يكون فيها القرار نابعاً من مصلحة أبنائه أولاً وأخيراً .

من السياسة إلى العدالة

يمتلك التحالف اليوم فرصة تاريخية لتحويل الألم إلى قوة والمعاناة إلى مشروع وطني حي من خلال أهداف واضحة تمثل وجدان القضية الأيزيدية أبرزها :

- تشريع قوانين تحمي الأقليات وتجرم الكراهية والتمييز .

- ضمان حقوق المكونات الدينية والعرقية دستورياً .

- الإسراع بفتح المقابر الجماعية وتسليم رفات الضحايا إلى ذويهم .

- متابعة ملف الإبادة في المحافل الوطنية والدولية لضمان تأسيس محكمة خاصة بإشراف دولي .

- إعادة هيكلة الإدارة المحلية في سنجار لضمان تمثيل أيزيدي حقيقي وانتخاب إدارة مستقلة .

- هذه ليست شعارات بل استحقاقات إنسانية وأخلاقية لا يمكن التنازل عنها .

إن استمرار تحالف القضية الأيزيدية في العمل بإخلاص وثبات يمكن أن يفتح باباً جديداً من الأمل ويعيد رسم ملامح مستقبل طال انتظاره .
مستقبل تعاد فيه الكرامة إلى الإنسان وتبنى فيه الحياة على أسس العدالة والمواطنة .

ومن أبرز الاستحقاقات المستقبلية :

- إعادة إعمار سنجار لتعود أرضاً للحياة لا شاهداً على الموت وصرف تعويضات عادلة للجميع .

- عودة آمنة وكريمة للنازحين .

- تمكين المرأة الأيزيدية خصوصاً الناجيات .

- رعاية وتأهيل الأطفال الناجين ليبدؤوا حياة جديدة بلا خوف .

- تعزيز الأمن في المناطق الأيزيدية عبر قوات أيزيدية محلية تحمي الخصوصية الثقافية والدينية .

- صون الهوية التاريخية والثقافية والدينية المستقلة للأيزيديين كجزء أصيل من حضارة العراق الكبرى .

تحالف أيزيدي في المهجر .. ضرورة استراتيجية

ولأن القضية الأيزيدية قضية وجود وحقوق وليست قضية داخل حدود جغرافية فقط فمن الضروري اليوم العمل على بناء تحالف مماثل للأيزيديين في المهجر على أن يكون مقره في ألمانيا حيث تتواجد أكبر جالية أيزيدية منظمة في العالم .
إن هذا التحالف سيكون جسراً يربط الداخل بالشتات ويمنح صوت الأيزيديين في الخارج قوة وتأثيراً في المحافل الدولية .

ومن هنا فإني أدعو جميع المنظمات والجمعيات الأيزيدية والشخصيات المخلصة من سياسيين ومحامين وإعلاميين ومثقفين ونشطاء ورجال دين إلى تشكيل هذا التحالف في المهجر بأسرع وقت ممكن .
فوجود إطار موحد للأيزيديين في أوروبا سيعزز الدفاع عن القضية ويقوي الحضور السياسي والحقوقي ويمنح صوت شعبنا صدى عالمياً يليق بتضحياته .

من الألم إلى الإرادة

لن يقاس النجاح الحقيقي لهذا التحالف بعدد المقاعد البرلمانية بل بقدرته على زرع الأمل في القلوب وإعادة الثقة بأن المأساة ليست قدراً بل بداية طريق نحو النهوض .
لقد كان طريق الأيزيديين طويلاً ومليئاً بالعذاب لكنه لم يعد مظلماً كما كان .
فمن تحت الركام ودموع الأمهات ولد الأمل من جديد عبر تحالف القضية الأيزيدية الذي بات يمثل وعداً بمستقبل أكثر إنصافاً وكرامة .

إن دعم هذا التحالف وبقاءه واستمراره على مبادئه الصادقة ليس خياراً سياسياً فحسب بل أمانة وواجباً إنسانياً وأخلاقياً .
فهو ليس مجرد تحالف انتخابي بل صوت شعب قاوم الإبادة ونهض من الرماد ليقول للعالم :
نحن هنا .. وسنكتب مستقبلنا بأيدينا .. ونحيا بكرامة كما استحققنا الحياة منذ الأزل .



#خالد_الياس_رفو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية الأيزيدية استعادة الذاكرة الرافدينية بين الأسطورة وال ...
- الجذور التاريخية والهوية الرافدينية للشعب الأيزيدي
- معبد لالش النوراني روح وحضارة تتحدى الزمن
- لالش بين القداسة والصفقات
- التطرف الديني.. طاعون العصر الذي يحصد الأبرياء
- إحدى عشرة سنة من الصمت...
- جرائم متكررة بحق الأقليات ... كنيسة مار إلياس جرس إنذار للعا ...
- إزالة تمثال الراوندوزي.. أول خطوة نحو التعايش الحقيقي
- مؤتمر الحوار الإيزيدي - الإيزيدي و الاصلاح
- مصير الأيزيديين بين الاعتراف بالإبادة وخطر الترحيل
- الإبادة مستمرة ماذا فعل قادتنا؟-
- القضية الإيزيدية وموقف المؤسسات العراقية (التشريعية، التنفيذ ...
- مجلس النواب العراقي وتقسيم الغنائم
- زيارة دمشق وتناقضات العدالة
- قانون الإبادة الجماعية الإيزيدية - خطوة ضرورية لتحقيق العدال ...
- الجولاني بين ماضيه الدموي و الحاضر المنفتح ...
- سقوط حلب .. أم عودة دولة الخلافة ؟


المزيد.....




- رشيد حموني يسائل وزير الفلاحة حول الاختلالات التي تشوب الربط ...
- عام على الإطاحة بالأسد.. مدينة حمص، شاهدة على جراح الماضي وم ...
- -النادي خذلني-... ليفربول يستبعد صلاح من مواجهة إنتر ميلان ب ...
- السودان يتحسّب لتطورات عسكرية في حدوده مع إثيوبيا
- كاتب بهآرتس: إعلام إسرائيل يستخف بالفلسطينيين ويكرس الأبارتا ...
- الشرع: وضعنا رؤية لسوريا قوية وملتزمون بالعدالة الانتقالية
- تفاصيل مقتل ممثل مصري على يد زوج مطلقته
- في بيئة منهارة.. الأمراض تفتك بأجساد السوريين
- مقتل مراهق على يد ضابط يفتح الباب أمام تسوية قياسية في سان د ...
- تحذير ياباني من تسونامي بعد زلزال بقوة 7.6 درجة ريختر


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الياس رفو - تحالف القضية الأيزيدية من الأمل إلى واقع سياسي ملموس