أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الياس رفو - إزالة تمثال الراوندوزي.. أول خطوة نحو التعايش الحقيقي














المزيد.....

إزالة تمثال الراوندوزي.. أول خطوة نحو التعايش الحقيقي


خالد الياس رفو

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 05:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زمن نمدّ فيه أيدينا للحوار، ونبذل جهدًا حقيقيًا لبناء تعايش قائم على الحقيقة والاحترام المتبادل، وبعد أن قطعنا شوطًا كبيرًا في إثبات حقيقة الديانة الإيزيدية، كونها أقدم دين حيّ ومن أوائل الديانات التوحيدية، وتاريخها أقدم من الديانات الإبراهيمية، يخرج علينا من لا يزال يبرّر القتل، ويمجّد الجلاد، ويُمعن في تشويه ذاكرة الضحايا.

الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن محمد الراوندوزي، المعروف بـ"ميري كور"، لم يكن بطلًا ولا مدافعًا عن النفس، بل قاد واحدة من أبشع حملات الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين في بدايات القرن التاسع عشر. فقد قتل الآلاف، ودمّر عشرات القرى، وسبى عشرات الآلاف من النساء والأطفال، بل وقدّم بعضهن كهدايا للعثمانيين ولزعماء عرب متحالفين معهم.

رغم هذا، يحاول البعض اليوم قلب الوقائع، زاعمين أن الإيزيديين هم المعتدون، وأن الراوندوزي كان ضحية دفاع عن النفس. أيّ دفاعٍ هذا الذي يبدأ بالمجازر وينتهي بالسبي؟ إن هذا التزوير ليس مجرد خطأ في السرد، بل اعتداء صارخ على ذاكرة التاريخ، وطعن جديد في كرامة الضحايا.

أما الأمير علي بك، فقصته صفحة أخرى في سجل الخيانة. لم يُقتل في معركة، بل دُعي إلى ديوان الراوندوزي بحجة السلام، وهناك طُلب منه إشهار إسلامه ليتم الاعتراف به، فرفض بشجاعة ووفاء لدينه وشعبه، فاغتيل غدرًا في طريق عودته إلى شيخان، في الموقع المعروف اليوم بشلال كلي علي بك. إن من يبرر هذا الفعل أو يتغاضى عنه، إنما يشترك في الجريمة معنويًا، وإن بعدت به المسافة عن الزمن والمكان.

التاريخ يعلمنا أن الاعتراف بالحقيقة ليس ضعفًا، بل دليل شجاعة ومسؤولية. حين كشفت ألمانيا عن تعاون الرئيس بول فون هيندنبورغ مع هتلر، لم تُنكر الأمر، بل بادرت مدينة مونستر إلى تغيير اسم الشارع الذي كان يحمل اسمه، بعد أن تبيّن دوره في تمهيد الطريق للنازية. لم يكن ذلك إنكارًا للماضي، بل تصحيحًا له، ووضعًا للنقاط على الحروف.

بدلًا من أن يُهاجَم الإيزيديون أو يُكفَّروا، وبدلًا من أن يُجمَّل الجلاد وتُنسى الضحية، يجب على حكومة إقليم كردستان أن تتخذ خطوات جريئة ومسؤولة، تبدأ بإزالة تمثال محمد الراوندوزي، ومحو اسمه من كتب التاريخ كرمز قومي. تمجيد القتلة لا يُبني مجتمعات، بل يرسّخ الانقسام ويشرعن الظلم. إن إزالة التمثال، وإعادة كتابة هذه الحقبة من التاريخ بصدق وليس فقط فيما يخص الراوندوزي فحسب، بل جميع من كان لهم دور أو يد في ظلم واضطهاد وإبادة الشعب الإيزيدي هو جزء من إعادة الحقوق المعنوية لمن راحوا ضحية فتاوى الحقد باسم الدين.

كما يجب، وبقوانين صارمة ومحايدة، محاسبة كل رجل دين يستخدم منبره لنشر الكراهية والتحريض الديني ضد أيّ مكوّن من مكوّنات المجتمع، فالدين لا يكون دينًا إلا حين يحمي الإنسان، لا حين يُستخدم كسلاح ضده.

إن التعايش لا يُبنى بالشعارات، بل بالاعتراف، والمصالحة لا تبدأ بالسكوت، بل بوضع اليد على الجرح. لن نصمت عن التحريف، ولن نساوم على الحقيقة. يجب ألا يُحرّف التاريخ، والضحايا لا يُنسَون. العدالة لا تبدأ بالإنكار، بل بالاعتراف.



#خالد_الياس_رفو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر الحوار الإيزيدي - الإيزيدي و الاصلاح
- مصير الأيزيديين بين الاعتراف بالإبادة وخطر الترحيل
- الإبادة مستمرة ماذا فعل قادتنا؟-
- القضية الإيزيدية وموقف المؤسسات العراقية (التشريعية، التنفيذ ...
- مجلس النواب العراقي وتقسيم الغنائم
- زيارة دمشق وتناقضات العدالة
- قانون الإبادة الجماعية الإيزيدية - خطوة ضرورية لتحقيق العدال ...
- الجولاني بين ماضيه الدموي و الحاضر المنفتح ...
- سقوط حلب .. أم عودة دولة الخلافة ؟


المزيد.....




- ترامب يعلن دعمه لحلف -الناتو- وهذا ما قاله عن بوتين بعد مهلة ...
- -موسكو لا تبالي-.. ميدفيديف يرد على تهديدات ترامب لروسيا بشأ ...
- مشهد -نادر-.. عدسة مصور في السعودية توثق عائلة من حيوانات ال ...
- بعد دخول القوات الحكومية إلى السويداء.. وزير الدفاع السوري ي ...
- الجيش الإسرائيلي يأمر سكان غزة وجباليا بإخلاء عاجل، وحماس تت ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في غزة.. ويعترض مسيّرة أطل ...
- سلسلة غارات استهدفت البقاع في لبنان.. والجيش الإسرائيلي: قصف ...
- 35 مسلحًا من حماس اقتحموا قاعدة -موف داروم- في 7 أكتوبر.. تق ...
- في يوم تكريم 66 من حاملى راية الكد والمجهود.. عمال مصر يرفضو ...
- بوتين -أخطأ- في رهانه على ترامب.. ومصر تعزز وجودها العسكري ف ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الياس رفو - إزالة تمثال الراوندوزي.. أول خطوة نحو التعايش الحقيقي