أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الياس رفو - التطرف الديني.. طاعون العصر الذي يحصد الأبرياء














المزيد.....

التطرف الديني.. طاعون العصر الذي يحصد الأبرياء


خالد الياس رفو

الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عالم يئن تحت وطأة الكراهية والصراعات، بات التطرف الديني طاعوناً معاصراً يفتك بالمجتمعات بلا رحمة ... يقتل بلا تمييز ويشرعن سفك الدماء تحت رايات دينية مزعومة.
لم تعد الجريمة فعلاً فردياً عابراً بل تحولت إلى مشروع عدواني تغذيه جماعات متعطشة للعنف تستغل النصوص الدينية لتبرير الذبح والتنكيل وتسعى لفرض رؤيتها السوداوية من خلال الخوف والإرهاب.

مأساة تتجدد في دمشق .. الصلاة تتحول إلى دماء .. آحد فصول هذا الجنون الدموي كان الهجوم الوحشي على إحدى الكنائس في دمشق، حيث سفكت دماء أبرياء لم يكن لهم من ذنب سوى أنهم اجتمعوا للصلاة والدعاء للسلام.
كم من أم تمزق قلبها وكم من طفل حرم من دفء أسرته بسبب أيادي ملوثة بالكراهية والحقد لا تعرف للرحمة طريقاً.

الإبادة لا تفرق بين طائفة وأخرى .. والعلوين والساحل والجنوب شهود على ذلك.
ليست مأساة التطرف محصورة بأقلية دون أخرى فكما ذاق الأيزيديون مرارة الإبادة، عانى العلوين في الساحل السوري من حملات قمع وتهجير واقتلاع جماعي من جذورهم .. طمست هويتهم وصودرت أرضهم وسط صمت مطبق.
وفي الجنوب لم تكن محافظة السويداء بمنأى عن هذا الجحيم فقد تعرضت لاعتداءات وحصار ممنهج واغتيالات متكررة وجرائم استهدفت مجتمعاً بأكمله لمجرد مطالبته بالكرامة.
أما ما يعرف بالإبادة الدرعية فقد عادت بصور أكثر حدة على أيدي إرهابيي " جبهة النصرة " بقيادة الجولاني وأُعيد إنتاج خطاب العنف الأموي بلباس جديد تحت رايات تدعي الثورة لكنها تمارس الإرهاب والتكفير.

صمت دولي ودعم عربي .. شراكة غير معلنة في الجريمة ورغم وضوح الجريمة لم يكن الصوت العربي الرسمي إلا غطاء للسلطة القائمة في دمشق، التي لطالما مارست القمع باسم الدولة واعتبرت كل صوت معارض تهديداً ينبغي سحقه.
أما الغرب فقد اختار الصمت أو الاكتفاء بالإدانات الشكلية بينما استمرت آلة القتل تعمل دون هوادة وسط تواطؤ دولي مخز.

الأيزيديين .. جرح نازف في ذاكرة الإنسانية
ولا يمكن الحديث عن التطرف و الإرهاب دون استحضار واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها العالم المعاصر " جريمة الإبادة الجماعية بحق الإيزيديين " .. في سنجار ومحيطها ارتكب تنظيم داعش الإرهابي مجازر مروعة، حيث تحولت المدن والقرى إلى مسارح للقتل الجماعي ..السبي والتهجير القسري.
اختطفت آلاف النساء والأطفال وبيعوا في أسواق النخاسة ودفن الأبرياء في مقابر جماعية تحت شعارات دينية ورايات سوداء حاولت شرعنة أبشع صور الإبادة والانتهاك الإنساني.
لقد شكلت مأساة الإيزيديين دليلًا صارخاً على خطورة التطرف حين يتمكن من العقول ويجندها للكراهية والتطهير العرقي.

المنابر التي تبث السموم .. بدلاً من الهدى
إن المسؤولية الكبرى تقع على أولئك الذين يرتقون المنابر لا لنشر الوعي أو الرحمة بل لتحويلها إلى منصات لنفث السموم وتحويل عقول الشباب إلى قنابل موقوت .. هؤلاء لا ينشرون الدين بل يبثون ظلام الحقد والتعصب ويساهمون في خراب الأوطان وتمزيق المجتمعات وتحويل البيوت الآمنة إلى ساحات للعزاء والحزن.

الفصل بين الدين والدولة .. حماية للإيمان والدولة معاً
بات من الضروري اليوم الفصل بين الدين والدولة، ليس كعداء للدين بل كحماية له من التسييس والتشويه.
إن الدفاع عن الدولة من هيمنة المتطرفين هو السبيل لضمان العدالة والمساواة حتى لا تتحول العقائد إلى أدوات للتمييز والقتل وحتى لا يبقى صوت العقل والرحمة مغيّباً خلف شعارات جوفاء.

إصلاح التعليم .. الخطوة الأولى نحو التغيير
التغيير الحقيقي يبدأ من المدرسة ... إذ لا بد من ثورة شاملة في المناهج الدراسية تقصي كل فكر يبرر العنف وترسخ مبادئ الانفتاح والتسامح واحترام الآخر.
التعليم يجب أن يصنع إنساناً حراً يؤمن بالسلام ويتقبل الاختلاف بدلاً من أن يرفضه أو يعاديه.

المجتمع والإعلام .. جبهة مواجهة لا غنى عنها
مواجهة التطرف ليست مسؤولية جهة واحدة بل تتطلب تحركاً جماعياً صادقاً. على الإعلام أن يكشف الفكر المتطرف ويعري القتلة لا بأسلحتهم فقط بل بأفكارهم المسمومة.
كما يجب أن تنهض مؤسسات المجتمع المدني بدورها التوعوي في كل حي وبيت ومدرسة .
وعلى الشعوب أن ترفع صوتها عالياً في وجه من يبرر سفك الدماء باسم الدين ، فالصمت في هذا السياق ليس حياداً ، بل شراكة في الجريمة .

الصمت تواطؤ .. والمواجهة ضرورة
كفى تبريرات وكفى هذا الصمت القاتل .. فالتطرف لا يولد من فراغ بل في بيئة تستسهل الدماء وتتغاضى عن التحريض وما لم نكسر هذا الحبل السري بين الخطاب المحرض والعقول المستسلمة سيظل الأبرياء يدفعون الثمن.

نحن والإنسانية على المحك
إن لم نواجه هذا الشر بجرأة وعقول يقظة وقلوب تنبض بالعدالة فإننا سنسلم أبناءنا لعالم يزداد ظلمة ووحشية يوماً بعد يوم.
لقد آن الأوان لصناعة سلام حقيقي يبدأ من الكلمة الصادقة وينتهي بالفعل المسؤول.



#خالد_الياس_رفو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحدى عشرة سنة من الصمت...
- جرائم متكررة بحق الأقليات ... كنيسة مار إلياس جرس إنذار للعا ...
- إزالة تمثال الراوندوزي.. أول خطوة نحو التعايش الحقيقي
- مؤتمر الحوار الإيزيدي - الإيزيدي و الاصلاح
- مصير الأيزيديين بين الاعتراف بالإبادة وخطر الترحيل
- الإبادة مستمرة ماذا فعل قادتنا؟-
- القضية الإيزيدية وموقف المؤسسات العراقية (التشريعية، التنفيذ ...
- مجلس النواب العراقي وتقسيم الغنائم
- زيارة دمشق وتناقضات العدالة
- قانون الإبادة الجماعية الإيزيدية - خطوة ضرورية لتحقيق العدال ...
- الجولاني بين ماضيه الدموي و الحاضر المنفتح ...
- سقوط حلب .. أم عودة دولة الخلافة ؟


المزيد.....




- صاحب متجر المثلجات الوحيد الحائز على نجمة -ميشلان- يريد صنع ...
- تداول فيديو لـ-طابور سير الصاعقة المصرية في شوارع رفح-.. هذا ...
- -قولوا لنا كيف مات-.. صلاح يُحرج -يويفا- ومنشوره عن -بيليه ف ...
- الشرق الأوسط قد يكون ساحة لحرب نووية - الغارديان
- 100 يوم من حكومة ميرتس.. هل -عادت ألمانيا-؟
- لبنان امام اختبار حصر السلاح بيد الدولة
- العراق: تسرب غاز كلور في كربلاء يصيب أكثر من 600 زائر شيعي ...
- اجتماع عربي لبحث التصدي لقرار إسرائيل احتلال غزة
- مظاهرة في ماليزيا تطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة
- الحياة تعود تدريجيا في بعض أحياء الخرطوم بعد سيطرة الجيش علي ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الياس رفو - التطرف الديني.. طاعون العصر الذي يحصد الأبرياء