أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - تآكل الشرعية وتصدع القيادة: إسرائيل تدخل مرحلة الخطر الوجودي…بقلم د. وسيم وني














المزيد.....

تآكل الشرعية وتصدع القيادة: إسرائيل تدخل مرحلة الخطر الوجودي…بقلم د. وسيم وني


وسيم وني
كاتب

(Wassim Wanni)


الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 22:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم / د. وسيم وني - عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

يعيش كيان الاحتلال الاسرائيلي منذ عامين على وقع تحوّلات دراماتيكية عكست عمق الأزمة البنيوية التي تضرب منظومته السياسية والأمنية، فالمشهد الإسرائيلي المأزوم لم يعد قابلاً للتفسير ضمن حدود الارتباك السياسي أو العثرات العسكرية، بل بات يلامس مستوى أزمة وجودية تتكشف ملامحها تدريجياً كلما امتدّت المواجهة في غزة واتسعت ساحات الاحتكاك الإقليمي.
فقد بدا واضحاً أن التحولات داخل الكيان لم تعد ذات طابع عابر، بل تمثل تحوّلاً هيكلياً يطال بنية الحكم والعقل الاستراتيجي الإسرائيلي، ويدفع نحو فقدان اتزان استراتيجي يعجز عن إنتاج قرار سياسي مستقر أو رؤية استراتيجية طويلة المدى.

حكومة اليمين المتطرف.. لحظة الانفجار الداخلي
يمكن اعتبار تشكيل حكومة الليكود المتحالفة مع التيارات الدينية والقومية المتطرفة أواخر 2022 نقطة التحوّل الكبرى في مسار الأزمة، فقد أدّى هذا التحالف إلى شطر المجتمع الإسرائيلي عمودياً، ونقل المشروع الصهيوني من إطار إدارة الخلافات إلى توسيع الانقسام وتكريسه كواقع بنيوي يصعب احتواؤه.
فبعد عقود تمكن فيها الكيان من ضبط التباينات العرقية والدينية عبر بنية قانونية وسياسية مرنة، جاءت هذه الحكومة لتضرب أساس هذا النموذج، إذ أصبح القرار السياسي أسيراً للخطاب الديني القومي المتطرّف، ما أفقد الدولة قدرتها على إدراك حدود قوتها وإمكاناتها.

احتجاجات 2023: العقد الاجتماعي يتصدّع
قد شكلت الاحتجاجات الواسعة التي شهدها كيان الاحتلال عام 2023 ضد التعديلات القضائية أحد أبرز المؤشرات على عمق التفكك الداخلي ، فقد خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين – بينهم كبار الضباط والاحتياط – للتعبير عن مخاوفهم من انهيار منظومة “الديمقراطية الإسرائيلية”.
ولم تقف الأزمة عند حدود الشارع، بل انتقلت إلى عمق المؤسسات العسكرية والأمنية، حيث شهدت إسرائيل موجة استقالات وإقالات طالت وزير الجيش ورئيس الأركان ورئيس الشاباك ومستشاري الأمن القومي. هذا التصدع غير المسبوق كشف عن صراع محتدم بين القيادة السياسية والمؤسسة الأمنية حول اتجاه الدولة ومستقبلها.

من اختلال التوازن إلى فقدان الاتزان
يُفرَّق في الدراسات الاستراتيجية بين اختلال التوازن التقليدي – الذي يمكن تعويضه عبر التحالفات والتسليح – وبين فقدان الاتزان، الذي يُعد خللاً في بنية الحكم وطريقة التفكير السياسي، وهذا تحديداً ما يعيشه كيان الاحتلال اليوم.
فصانع القرار الإسرائيلي يراوح بين تضخيم مبالغ فيه لقدراته العسكرية وتجاهل كامل لقدرات خصومه، في ظل قراءة أيديولوجية متعصبة للواقع، وقد تجسّد ذلك في التفاخر بفتح جبهات متعددة، من غزة ولبنان وسوريا إلى الضفة والبحر الأحمر، وهو تمدد استنزافي يرهق الجيش ويدفعه إلى مرحلة إنهاك طويلة الأمد.
فالتجارب التاريخية الكبرى – من فيتنام إلى الاتحاد السوفييتي – تشير إلى أن الاستنزاف الناتج عن تعدد الجبهات كان سبباً في انهيار مشاريع توسعية كثيرة، وإسرائيل ليست استثناءً من هذه القاعدة.

تراجع الشرعية الداخلية والخارجية
على المستوى الداخلي، تُظهر استطلاعات الرأي خلال العامين الماضيين تراجعاً كبيراً في ثقة الجمهور بالمؤسسات العسكرية والسياسية، وتقدّم المعارضة بشكل ملحوظ ، كما تشير معطيات متعددة إلى تآكل ثقة الجبهة الداخلية بقدرة الحكومة على قيادة الحرب أو إدارة الأزمات المتفاقمة.
أما خارجياً، فإن خطة ترامب لليوم التالي في غزة وقرار مجلس الأمن 2803 وفّرا للاحتلال مساحة مناورة دولية، لكنها بقيت حلولاً شكلية لا تعالج جذور الأزمة، فالسردية الإسرائيلية تراجعت عالمياً بشكل ملحوظ ، وازدادت الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، ووجدت إسرائيل نفسها في عزلة سياسية غير مسبوقة منذ عقود.

إدارة الأزمات بدلاً من التخطيط الاستراتيجي
تعكس المرحلة الحالية انتقال كيان الاحتلال من عقلية التخطيط الاستراتيجي إلى منطق إدارة الأزمات اللحظية، فصمود أبناء شعبنا الفلسطيني ونجاح الدبلوماسية الفلسطينية ، أدّيا إلى ارتباك واضح في دوائر صنع القرار، هذا التحوّل جعل القيادة الإسرائيلية تدور في حلقة من ردود الفعل المتخبّطة، وهو ما يعزّز فقدان الاتزان الاستراتيجي ويعمّق الأزمة البنيوية.

سيناريوهات المستقبل: بين الاستعادة الجزئية والانهيار المفتوح
تتجه التحليلات السياسية نحو ثلاثة سيناريوهات رئيسة:
• استعادة نسبية للاتزان عبر انتخابات جديدة قد تعيد ترتيب المشهد الداخلي وتوسّع دائرة العلاقات الإقليمية.
• استمرار الفوضى البنيوية الحالية التي يغذيها الانقسام الداخلي والتوتر بين المؤسسات السياسية والأمنية.
• انهيار أعمق للمنظومة السياسية نتيجة تصاعد نفوذ التيارات الدينية القومية واستمرار الاستنزاف العسكري.
ورغم ترجيح المحللين لاحتمالات الجمع بين السيناريوهين الأول والثاني في المدى القريب، فإن احتمال الانهيار البنيوي يبقى وارداً على المدى المتوسط، خصوصاً في ظل استمرار التمدد العسكري وتراجع الجبهة الداخلية.

إن ما يبدو اليوم من “نشوة سياسية” تعيشها القيادة الإسرائيلية ليس إلا استراحة هشة سرعان ما ستتكشف محدوديتها أمام اختبار الاستحقاقات المقبلة ، فكيان الاحتلال يقف أمام أزمة مركّبة تشمل قيادته السياسية، ومؤسساته الأمنية، وجبهته الداخلية، وعلاقاته الدولية.
فنحن أمام مشروع سياسي يعاني فقداناً متزايداً للشرعية، ويعجز عن فهم التحولات الإقليمية، ويتعامل مع الشعب الفلسطيني بمنطق القوة وحدها، وهو منطق أثبت فشله مراراً عبر التاريخ.
ويبقى السؤال الجوهري الذي بات مطروحاً بقوة في الدوائر الدولية والإقليمية:
هل يمكن لإسرائيل أن تستعيد اتزانها الاستراتيجي في ظل موجة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية ونجاح الدبلوماسية الفلسطينية، ومع تصدّع بنية الحكم وغياب القدرة على إنتاج قرار مستقر؟



#وسيم_وني (هاشتاغ)       Wassim_Wanni#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استهداف القيادة الفلسطينية: قراءة في خطورة التحريض الممنهج ض ...
- واحد وعشرون عاماً… ولا يزال أبو عمار حالة من النهوض الوطني ا ...
- أسرانا خلف جدران العزلة.. جريمة صامتة تفضح سقوط الإنسانية …ب ...
- الدبلوماسية الفلسطينية تُربك إسرائيل وتعيد تموضع القضية دولي ...
- فلسطين تُعترف بها دوليًا : نجاح سياسي وإنساني يعزز مكانة فلس ...
- حين يصبح الموت أهون من النزوح ..غزة بين الإبادة والتهجير الق ...
- الإعلام الفلسطيني في لبنان.. معركة الوعي وحماية الهوية...بقل ...
- غزة… الجوع كقنبلة صامتة في وجه الإنسانية...بقلم د. وسيم وني
- الأقصى بعد نصف قرن من إحراقه: من ألسنة اللهب إلى مخطط الإحلا ...
- في غزة المُجوَّعة.. حوامل يواجهن الموت، وأجنّة يُحاصَرون في ...
- المساعدات الإنسانية بين القانون الدولي وممارسات الاحتلال غزة ...
- في يوم الأسير الفلسطيني لابد للقيد أن ينكسر مهما طال أمد الا ...
- اسرائيل الكيان الخارج عن القانون
- إنهاء الأونروا تمهيد لتصفية القضية والعمل بصفقة القرن مع عود ...
- هل تشهد المنطقة بداية النهاية للحرب؟..
- عداد الموت والدمار في غزة لا يتوقف مع استمرار المجازر اليومي ...
- الفلسطيني يتحدى آلة الموت الإسرائيلية ويتمسك بأرضه..
- أطفال فلسطين ضحية آلة القتل الإسرائيلية ...
- مجزرة الخيام هولوكوست فلسطين.
- عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة بين المساومة الإسرائيلية ...


المزيد.....




- دبلوماسية أمريكا تواجه اختبار الكرملين.. هل ستنجح في إنهاء ح ...
- ترامب يحذر إسرائيل من -عرقلة تطور سوريا- ويشيد بأحمد الشرع.. ...
- دعم أوروبي موحد لأوكرانيا قبيل زيارة مبعوث ترامب لموسكو
- -الأبد هو الآن- يحتفل بنسخته الخامسة
- البابا يصلي في لبنان من أجل السلام ويدعو قادة الطوائف إلى رف ...
- ترامب يعمّق من أزمة المصابين بالإيدز ويقذف بمصير الملايين نح ...
- القضاء الفرنسي يحكم على مغربي بالسجن ثمانية أشهر بتهمة معادا ...
- ما خلفيات ارتفاع أرباح مصنّعي السلاح في العالم وهل هو مؤشر ع ...
- ماذا نعرف عن محاكمة نتنياهو وطلب العفو من الرئيس الإسرائيلي؟ ...
- ما مدى استعداد الصحفيين الناشئين لمتطلبات المستقبل؟


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - تآكل الشرعية وتصدع القيادة: إسرائيل تدخل مرحلة الخطر الوجودي…بقلم د. وسيم وني