أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - أسرانا خلف جدران العزلة.. جريمة صامتة تفضح سقوط الإنسانية …بقلم د. وسيم وني














المزيد.....

أسرانا خلف جدران العزلة.. جريمة صامتة تفضح سقوط الإنسانية …بقلم د. وسيم وني


وسيم وني
كاتب

(Wassim Wanni)


الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 18:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم / د. وسيم وني - عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

منذ أكثر من عامين، يرزح آلاف الأسرى من أبناء شعبنا الفلسطيني خلف أسوار السجون الإسرائيلية في عزلةٍ تامة عن العالم الخارجي وذويهم،وخاصة بعد أن فرضت سلطات الاحتلال منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم، لتطوي على أعين العالم فصلاً من فصول العذاب والقهر الإنساني.

قرار المنع لم يكن إجراءً مؤقتًا أو “احترازيًا أمنيًا”، كما تدّعي المنظومة الإسرائيلية، بل كان غطاءً ممنهجًا للتستر على انتهاكات تُمارس بشكل شبه يومي ضد أسرانا البواسل، بدءًا من التعذيب الجسدي إلى القهر النفسي، مرورًا بحرمانهم من الغذاء والعلاج، وصولًا إلى الإعدام البطيء الذي بات وسيلة عقاب خفية يستخدمها السجان ضد أسرانا بدون أي رحمة أو حساب.

المنع المتعمد.. محاولة لطمس الحقيقة

إنّ إصرار قوات الاحتلال على إبقاء الأسرى في عزلةٍ تامة عن العالم الخارجي ماهو إلا دليل قاطع على أنّ ما يجري داخل المعتقلات لا يحتمل الضوء ، فزيارات الصليب الأحمر ليست امتيازًا إنسانيًا، بل حقّ مكفول بموجب المادة (126) من اتفاقية جنيف الثالثة التي تنصّ على وجوب السماح لمندوبي اللجنة الدولية بزيارة أسرى الحرب ومراقبة ظروف احتجازهم دون قيود.
ويُعد منع هذه الزيارات انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وجريمة تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالانتهاكات والإجرام الممنهج ، فلو كانت السجون “ملتزمة بالمعايير الإنسانية” كما يدعي كيان الاحتلال ، فلماذا هذا الهروب الدائم من أعين المراقبين الدوليين؟

إبادة داخل القضبان

تشير شهادات الأسرى المحررين إلى مشاهد يصعب تصديقها: تعذيب حتى الموت، تجويع متعمد، عزلٍ لأسابيع وأشهر، وحرمان تام من العلاج الطبي ، وقد استُشهد أكثر من 80 أسيرًا خلال العامين الأخيرين، وفق ما وثقته المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية ، بينما بقي عدد غير معروف من الأسرى مجهولي المصير.

هذه الجرائم لا يمكن توصيفها إلا بأنها جرائم ضد الإنسانية، وفقًا للمادة (7) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تجرّم القتل والاختفاء القسري والتعذيب الممنهج عندما تُمارس في إطار سياسة عامة.

تواطؤ قضائي وغطاء سياسي

المفارقة الأساسية هنا أن المحكمة العليا الإسرائيلية، التي يُفترض أنها عنوان عريض لما يسمى بالعدالة كما تدّعي، تحولت إلى غطاء قانوني لانتهاكات السجون، إذ أجّلت عشرات المرات الالتماس المقدم من منظمات إسرائيلية للمطالبة بعودة زيارات الصليب الأحمر، وهذا الصمت القضائي ليس مجرد إهمالٍ، بل تواطؤ واضح يجعل القضاء الإسرائيلي شريكًا في الجريمة بشكل لا ريب فيه والهدف الرئيسي طمس كل الأدلة التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية ضد أسرانا البواسل.
ومع تصاعد الدعوات داخل الكنيست لسنّ قانون يسمح بإعدام الأسرى الفلسطينيين وإنشاء محاكم عسكرية خاصة، يتضح أن الاحتلال يسعى إلى تشريع الإبادة ضمن منظومته القانونية ولكن هذه المره ضمن السجون، في سابقة خطيرة تمس جوهر العدالة والإنسانية الدولية.

شهادات تُدين الصمت العالمي

الصور التي خرجت مؤخرًا لجثامين الأسرى الذين سُلّمت جثثهم إلى ذويهم في غزة تُشكّل دليلًا دامغًا على ما يجري في الخفاء: أجساد محروقة، أيدٍ مقيدة، وعيونٌ مغطاة بالقماش في مشهد يجسد إرهاب الدولة المنظم ضد أبناء شعبنا الفلسطيني ، وهذه ليست “حالات فردية” كما يروّج الاحتلال، بل سياسة عامة هدفها كسر إرادة الأسرى، وطمس الحقيقة عن الرأي العام العالمي الذي اكتفى بالمشاهدة، فلقد تحوّلت السجون الإسرائيلية إلى مختبرات للتجارب النفسية والجسدية، في خرقٍ سافرٍ لكل المواثيق، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 10) الذي يؤكد أن “كل من يُحرم من حريته يجب أن يُعامل معاملة إنسانية تحترم كرامته المتأصلة”.

مسؤولية الصليب الأحمر والمجتمع الدولي

الصليب الأحمر، وهو الجهة المخوّلة قانونيًا بمراقبة أوضاع الأسرى، فقد بات اليوم أمام اختبار مصداقيته ، فصمته المتواصل يشجّع الاحتلال على التمادي في جرائمه، ويحوّل الحياد الإنساني إلى تواطؤ غير معلن ، كما أن عدم اتخاذ موقف حازم وعلني تجاه المنع الإسرائيلي، يعني القبول الضمني بسياسة “الإخفاء القسري الجماعي” التي تُمارس بحق الأسرى الفلسطينيين منذ أكتوبر 2023.
إن ما يجري اليوم في سجون الاحتلال يستوجب تحركًا فوريًا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للكشف عن ظروف الاعتقال والتعذيب والإعدام الميداني ، كما يجب على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق رسمي في هذه الجرائم باعتبارها جزءًا من جريمة الإبادة الجماعية المستمرة ضد شعبنا الفلسطيني، التي لم تتوقف عند حدود غزة، بل امتدت إلى الزنازين المغلقة خلف الجدران.

ختاماً ما يُرتكب في السجون الإسرائيلية اليوم ليس مجرد انتهاكات فردية، بل سياسة ممنهجة لقتل الإنسان الفلسطيني ببطء وصمت، في ظلّ عالمٍ فقد إنسانيته وحقوقه وقوانينه ، وإنّ الصمت الدولي على هذه الجرائم هو شراكة في الدم، وإنّ استمرار منع الصليب الأحمر من دخول السجون هو وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي يتغنى بالحرية والعدالة ، لكن رغم كل هذا القهر، يبقى أسرانا البواسل عنوان الكرامة، يقفون في وجه الجلاد بصلابة لا تنكسر، ليقولوا للعالم:
“قد تسجنون أجسادنا، لكنّكم لن تسجنوا الوعي ولا تُطفئوا نور العدالة.”



#وسيم_وني (هاشتاغ)       Wassim_Wanni#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدبلوماسية الفلسطينية تُربك إسرائيل وتعيد تموضع القضية دولي ...
- فلسطين تُعترف بها دوليًا : نجاح سياسي وإنساني يعزز مكانة فلس ...
- حين يصبح الموت أهون من النزوح ..غزة بين الإبادة والتهجير الق ...
- الإعلام الفلسطيني في لبنان.. معركة الوعي وحماية الهوية...بقل ...
- غزة… الجوع كقنبلة صامتة في وجه الإنسانية...بقلم د. وسيم وني
- الأقصى بعد نصف قرن من إحراقه: من ألسنة اللهب إلى مخطط الإحلا ...
- في غزة المُجوَّعة.. حوامل يواجهن الموت، وأجنّة يُحاصَرون في ...
- المساعدات الإنسانية بين القانون الدولي وممارسات الاحتلال غزة ...
- في يوم الأسير الفلسطيني لابد للقيد أن ينكسر مهما طال أمد الا ...
- اسرائيل الكيان الخارج عن القانون
- إنهاء الأونروا تمهيد لتصفية القضية والعمل بصفقة القرن مع عود ...
- هل تشهد المنطقة بداية النهاية للحرب؟..
- عداد الموت والدمار في غزة لا يتوقف مع استمرار المجازر اليومي ...
- الفلسطيني يتحدى آلة الموت الإسرائيلية ويتمسك بأرضه..
- أطفال فلسطين ضحية آلة القتل الإسرائيلية ...
- مجزرة الخيام هولوكوست فلسطين.
- عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة بين المساومة الإسرائيلية ...
- قرار مجلس الأمن هل سيلتزم الاحتلال بهذا القرار ويوقف الإبادة ...
- العميل الصامت... في عصر الذكاء الاصطناعي...
- تصفية -الأونروا - الشاهد على النكبة الفلسطينية والبحث عن بدا ...


المزيد.....




- أول ثدييات صغيرة تصل إلى محطة -القصر السماوي- الفضائية الصين ...
- رئيسة تنزانيا تفوز في الانتخابات بولاية جديدة وسط احتجاجات أ ...
- المتحف المصري الكبير... حين تنسجم العمارة الحديثة مع عراقة ا ...
- مسيرات في صربيا لإحياء ذكرى قتلى سقطوا في انهيار سقف محطة قط ...
- صربيا: الآلاف يشاركون في مسيرات لإحياء ذكرى قتلى سقطوا في ان ...
- قتيلان و10 مصابين في إطلاق نار بجزيرة كريت اليونانية
- كييف تقر بصعوبة الوضع في بوكروفسك وموسكو تتحدث عن استسلام جن ...
- -استغراب- يشرح كيف تحرر عقلك من الإلهاء الرقمي
- معدات مصرية تدخل الخط الأصفر والقسام تؤكد جاهزيتها لاستخراج ...
- 550 ألف سوري عادوا من تركيا لبلدهم منذ سقوط الأسد


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - أسرانا خلف جدران العزلة.. جريمة صامتة تفضح سقوط الإنسانية …بقلم د. وسيم وني