أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - مزاجُ السّيد سِيكْلُوبْ














المزيد.....

مزاجُ السّيد سِيكْلُوبْ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 06:59
المحور: سيرة ذاتية
    


.. كانت لافيش بوصطير ملصق ذاك الفيلم معلقة في أحد حيطان الفرَّان التقليدي ( فرن الصحراوي ) بحي كلوش جهة المنطقة التي كنا نطلق عليها ( الشاربونْ ) أين وجدنا سبعينيات القرن الماضي مخلفات الفحم الحجري التي كان يُلقَى بها هناك من معمل توليد وتوزيع الكهرباء على المدينة، حتى أضحى المكان ساعتها جيرمينالًا بمساحة ملتبسة من بقع سوداء فاحمة تلطخ أرجلنا الصغيرة المنتعلة نعل صندلات الميكا المنتشرة حينئذ بين الأطفال .. مباشرة أمام عينيك كانت شخوص الملصق العملاق ترنو إليك كلما تمعنتَ في ملامحها الملونة تشبعك جذبا وإثارة ودعوة لمزيد من التركيز والانتباه .. كان الطفل يعهد بوَصْلَة الخبز لفتى يصفف الوصلات على أرضية الفرّان في آنتظار دورها لتدخل فرن الحطب الملتهب، ولا يبرح المكان يبقى بالعتبة قريبا أو بعيدا حسب حجم الازدحام الذي كان يشهده المدخل، دون أن يحس بالوقت كيف يمر يظل مسمرا ملهيا يتملى بترقب أشداق أسُود مستنفرة مفتوحة على مصارع وشيكة لحظة بدء آفتراس ذاك الواقف في أجمة وسط أتون فويق عمودَيْن من خشب يصارع ما أمكنه قوى خفية يحاول ضبط توازنه بجهد لا يكل لا يمل .. كان السمهري المفتول العضلات يجر سلاسل من حديد تشده الى أسفل فتحة الالتهام المرتقب وجمهور من الساديين يستحثون هياج الأفواه المشرعة ليزداد سعار ازدرادها الوشيك تحت أقدام البطل المغوار .. غارقا كان الطفل ف أحلام النهار يرى نفسه سيف ذا يزن خارقا أسطوريا خرافيا في عتمة بُعيد زوال قسم من أقسام ابتدائية ذكور ابن عِذاري في حصة من حصص ( arriéré ) يتشدق بها مُعلم الفرنسية والحساب والأشياء والعلوم والحياة والموت في وجه ثلة من الأشقياء المختارين آعتباطا لمهمة ( Au suivant ) .. كانوا خمسة أو ستة أو يزيدون حسب مزاج السيد ( Cyclope ) المبجل تلقم قريحتُه القاسيةُ قروحَ صفعاتٍ متتالياتٍ يرسلها كالرصاص كالقرطاس كوقع أسياخ النحاس مباشرة في وجه ضحايا ذاك الضحى أو ذاك الصباح .. دقة تابعة دقة ولا مَنْ يحد الباس .. وليس يدري الصبي ساعتها أمِن حسن حظه أو سوئه ظل معفيا من حصة التقريع " التربوي "، لم يك في تلك اللحظة من التعذيب العبثي من بين المنتاقين من حِملان الآزفة
.. وليدرأ عنه احتمالا وخيما، جعل يغرق في أحشاء مقعد الخشب يغطس هامته بين كتفيه يخبئ قنته الحائرة ما أمكنه خلف رؤوس أخرى تنكمش تتضاءل تنحسر تحاول تتوارى دون جدوى خلف حجاب أو ستار عن عيني السيد Cyclope ..

_ Au suivant .. arriére ..

يضرب يصفع يصيح ببرودة في وجه المعذبين، والفتى يغلق عينيه يرى نفسه ماسيستًا هرقلا مغوارا يفك قيود الحديد يكسرها يضرب بها لبدات الوحوش يودي بها مهالكا قفارا يرفع رأسه يسوي ما بين الكتفيْن يشهق شهقات زفرات عميقة يخرج من دائرة حِضن مقعد الخشب تصعد فورة الدماء الى فوق الفوق يقف ينتصب ك( ذي يزن ) يعول على نفسه لا على عاقصة أو عيرود أو لوح محفوظ، لم يحفظ شيئا ذاك الزوال طار كل شيء تحت هول فجائع صفعات تسِمُ خدود الخلان، أفرد قامتَه المحدودة استحالت بقدرة قادر ظل خارقا شاهقا يتلقف سحر ما صنعت يدا Cyclope المغرور بنفسه .. رنا الفتى وجوه الرفاق شاحبة يتداخل رعبُها يتشابك يلوك بعضها بعضا في حيرة في ارتباك في اندهاش جعلت تتابع وقفة فتى الخوارق في وجه مُدَرس حصة التعذيب تحمل في راحة يمناه هيكل التوريفيل الحديدي تلوح به كيفما اتفق هنا هناك لتثبته في جدار القسم فويق السبورة مباشرة أمام أعين المعذبين والمنتظرين الذين ثارت سورتهم جعلوا يصيحون كلهم ..

_ هااااااااا واللهيما واعرة واللهيلا ساهلة ..

يصفقون يلوحون بأيديهم يشيرون بأناملهم الصغيرة يخرجون ألسنتهم من أفواههم يصوبونها ساخرين مباشرة في الوجه المحدق الصلد المتصلب الجامد المتجهم غير المبتسم أبدا ... وما هي الا لحيظات حتى صاح Cyclope صيحة ثور هائج في وجه الصبي الحالم ..

_ et toi là bas, qu est ce que tu fou ..

فخفق القلب برِق البصر فزع الروع وهو يرى ما يرى من هولٍ يمور في بعضه يشير بصرامة الى جموع الفتية المعذبين

_ à vos places
واليه :
_toi , viens ici

ليجد الفتى نفسه في مواجهة القدر المحتوم، ومواجهة اللعينة ( U ) التي أبت أن تخرج من بين شفتيه الا مشوهة مذعورة متشظية مكسورة منهارة مفجوعة تحت وقع لطمات متتابعة بكلتا يديه كان السادي Cyclope يصفع يصفع يصفع ... ساعتها أحس الصبي أن الدنيا الحقيقية التي طالما سمعهم يتحدثون عنها قد أزفت بتقلباتها وصرفقاتها وواقعيتها المريرة صائحة في وجهه .. وتَّا فيقْ إن الحياة لا تؤمن بالأحلام كن أنت أنت أناكَ لا تكن أنتَ سواك سواء كان ماسيستا أو هيركولا أو بروسليا أو طرزانا أو أي كان من أوادم بني آدمان ...

☆إشارات :
_ cyclopes : Les cyclopes forment une espèce de créatures fantastiques dans la mythologie grecque. Ce sont des monstres géants n ayant qu un œil au milieu du front



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَنْفُثُ من حُشاشَتي غُصَصَ آآآه و .. اُوووف و .. تبا ..
- دِيلِيغْ، جُرْعَةٌ وَاحِدَة لَا غَيْر (قصة)
- اَلسَّعَادَة آلْأَبَدِيَّة ... (قصة)
- يَرْحَمْكْ اللهْ آسِيدِي ... (قصة)
- الرَّغَايَا ... (قصة)
- فاطِمَا المُونَضَا ... (قصة)
- عُقْلَةُ آلأصبع ... (قصة)
- تِيرْجَا/حُلْمٌ ... (قصة)
- اَلنَّهْضَة ... (قصة)
- قَرعُ آلْمَمْسُوحِ ... (قصة)
- وأَنْبِسُ آمِيييين رُبَّمَا
- كَانَتْ حَنُونَةً مُشْفِقَةً شَمْسُ آلْوَدَاعِ
- غَنَّتْ فَاطِمَة
- اِقْرَأْ
- حَتَّى تَلَاشَتْ هُنَالِكَ فِي أُفُقٍ بِلَا أُفق
- اَلنَّجْمْ الْأَزْرَقُ
- وَآخْتَفُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَبَدًا
- لَقَدْ آخْتَرَقَ تِلْكَ آلْبَرَارِي أبِي
- سُكَّانُ بَلْدَتِنَا آلطَّيِّبُونَ
- كَباز خرافةٍ معْقوف القامةِ والمنقار


المزيد.....




- مثل رحمن الله لاكانوال.. ماذا نعرف عن الأفغان الذين عملوا مع ...
- بوتين يصر على مطالبه بشأن الأراضي الأوكرانية قبل محادثات مع ...
- الضفة الغربية: مقطع مصور يوثق إطلاق عناصر إسرائيليين النار ع ...
- ترامب يعلن وفاة جندية من الحرس الوطني تعرضت لإطلاق نار قرب ا ...
- لماذا تخسر أميركا حرب الذكاء الاصطناعي مع الصين؟
- ترامب يعلن وفاة جندية في هجوم البيت الأبيض ويشدد قيود الهجرة ...
- إسرائيل تفرج عن مراهق فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية بعد احت ...
- حبس الصحافي الجزائري سعد بوعقبة احتياطيا على خلفية شكوى بالت ...
- إسرائيل تفرج عن فتى فلسطيني أميركي بعد 9 أشهر من اعتقاله
- ترامب: ندرس ترحيل عائلة رحمن الله لاكانوال المشتبه به في إطل ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - مزاجُ السّيد سِيكْلُوبْ