أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - أحمد رباص - المحاولات السيزيفية التي قامت بها النقابات الأكثر تمثيلية من أجل “توحيد الرؤى والمواقف” بالمغرب















المزيد.....

المحاولات السيزيفية التي قامت بها النقابات الأكثر تمثيلية من أجل “توحيد الرؤى والمواقف” بالمغرب


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 04:47
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


في سياق يتسم بتصاعد التوتر داخل منظومة التربية والتكوين، عقدت النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية (FNE وFDT وUGTM وCDT وUMT) لقاءً تنسيقياً، بمقرّ الجامعة الحرّة للتعليم (بالرباط)، قبيل استئناف أشغال اللجنة التقنية مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وقد شكّل هذا الاجتماع مناسبة لتقييم مسار الحوار القطاعي ومناقشة المستجدات التشريعية والتنظيمية المرتبطة بقطاع التعليم، في ظل شعور متزايد داخل الوسط النقابي بوجود تراجعات تمس الالتزامات السابقة.
وأكدت النقابات خلال هذا اللقاء على أهمية التنسيق النقابي الخماسي باعتباره آلية فعالة في الدفاع عن المطالب المهنية والاجتماعية والمادية للشغيلة التعليمية. وشددت على أن توحيد الرؤى والمواقف النضالية مكّن عبر السنوات من حلحلة عدد من الملفات العالقة، مما يجعل الاستمرار في العمل المشترك ضرورة ملحّة لصدِّ التحديات المتزايدة التي تواجه المدرسة العمومية.
غير أن التطور الأبرز الذي أثار غضب النقابات، يتعلق بما وصفته بـ”تهريب” مشروع قانون التعليم المدرسي نحو البرلمان دون العودة إلى النقابات الأكثر تمثيلية، في خطوة تُعدّ، من منظورها، تراجعاً واضحاً عن منهجية المقاربة التشاركية التي التزمت بها الوزارة سابقاً. واعتبرت النقابات أن إقصاءها من مسار صياغة هذا النص التشريعي بالغ الأهمية، ضرب الثقة بين الأطراف، كما يشكل محاولة لتمرير مضامين ترى فيها النقابات مساساً بمبدأ مجانية التعليم وترسيخاً لمنطق تسليع المدرسة العمومية.
وفي السياق ذاته، طالبت النقابات بضرورة إشراكها الصريح في النقاشات القبلية المتعلقة بالميزانية الفرعية لقطاع التعليم، معتبرة أن المقاربة المالية عنصر أساس في تنزيل التزامات الحوار القطاعي، وأن تجاوز النقابات في هذا المسار يعرقل التنفيذ الفعلي للتعهدات السابقة ويكرّس الارتهان لقطاعات أخرى أثناء الحسم في الملفات ذات الطبيعة المالية.
من جهة أخرى، لم تُخف النقابات استياءها من التصريحات الأخيرة لوزير التربية الوطنية، خاصة تلك المتعلقة بتخفيض ساعات العمل المنصوص عليها في المادة 68 من النظام الأساسي، إلى جانب ما اعتبرته تبسيطاً غير دقيق لإشكالات القطاع عبر اختزالها في العلاقة بين المدير والمفتش. كما انتقدت تقديم أرقام وصفتها بـ”المغلوطة” حول أجور بعض الموظفين، داعية الوزير إلى التحري والدقة وتنويع مصادر المعلومات قبل الإدلاء بأي معطيات رسمية.
وفي جانب المطالب، شددت النقابات الخمس على ضرورة التعجيل بتنزيل كل الالتزامات والاتفاقات الاجتماعية، بما في ذلك تعميم التعويض التكميلي على مختلف الفئات التعليمية والإدارية، وإخراج النظام الأساسي للمبرزين، وصرف التعويضات الخاصة بالمناطق النائية والصعبة، فضلاً عن تسوية ملفات العرضيين ومنشطي التربية غير النظامية ومحو الأمية وأساتذة سد الخصاص وأساتذة مدارس “كم”، إلى جانب معالجة ملفات المتصرفين التربويين والأطر المشتركة والدكاترة العاملين بقطاع التربية الوطنية، والتسوية المالية والإدارية الخاصة بالرتب، والتعويضات العائلية وتعويضات المنطقة والسنوات الاعتبارية لخريجي مراكز التفتيش ومختلف الاستحقاقات المرتبطة بمواد النظام الأساسي.
كما دعت النقابات إلى عقد اللجنة العليا برئاسة الوزير لمتابعة تنفيذ اتفاق 6 غشت 2025 وتفادي أي تأويلات تراجعية لمقتضيات النظام الأساسي الجديد، مؤكدة أن المرحلة الحالية تتطلب إرادة واضحة وإشراكاً فعلياً لكل الشركاء الاجتماعيين من أجل تجاوز حالة الاحتقان.
وفي ختام اجتماعها، شددت النقابات الخمس على أن تقوية العمل النقابي الوحدوي بات أمراً حتمياً أمام التحديات المتسارعة التي يعرفها القطاع، ودعت جميع المناضلات والمناضلين إلى رصّ الصفوف للحفاظ على وحدة الموقف الترافعي. وأكدت أن الخيار النضالي يبقى قائماً ومفتوحاً في حال استمرار غياب حلول عملية للملفات المطروحة، مع الإشارة إلى أن أشكال النضال المقبلة ستُناقش بتفصيل خلال محطات لاحقة من الحوار القطاعي.
لكن النقطة التي يمكن أن تستوقف المتابع للعمل النقابي بالمغرب هي أن عبارة “توحيد الرؤى والمواقف” الواردة أعلاه لا يمكن إلا أن تعود بنا إلى خطاب المركزيات النقابية حول الوحدة النقابية الذي لم يكتب له لحد الساعة أن يتحقق على أرض الواقع بحيث صار هما. لماذا تُعتبر وحدة النقابات وهمًا؟
للإجابة على هذا السؤال، يستحسن الرجوع إلى محاولات النقابات المغربية لتوحيد رؤاها ومواقفها في فترة زمنية مرة بها بلادنا، وأعني بها تلك الفتره التي توسطت ولاية حكومة بنكيران (2014).
لفترة من الوقت، تطرقت جميع البيانات الصحفية الصادرة عن النقابات الكبرى إلى وحدة بانتظار قانون أساسي… في غضون تلك الفترة، وكما أكد بيان صحفي صادر آنذاك عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفدرالية الديمقراطية للشغل، تواصل النقابات العمالية الرئيسية إظهار رغبتها في تأسيس جبهة موحدة. وقد قبلت للتو دعوة من رئيس الحكومة لاستئناف الحوار حول إصلاح نظام التقاعد يوم 13 نوفمبر. في الوقت نفسه، ذكر بيان صحفي آخر من النقابات الرئيسية الثلاث الأخرى (الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدىالية الديمقراطي للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل (FDT-Azzouzi)) الشيء نفسه تمامًا، على الرغم من أن الأحزاب الخمسة لم تجرؤ على إصدار بيان مشترك. حتى وقت النشر، لم تكن المنظمة الديمقراطية للسعغل (ODT)، التي أيدها حزب الأصالة والمعاصرة مؤخرا، قد اتخذت قرارها بعد. وهذا يعني أنه على الرغم من هذا التنسيق الوثيق، لا يزال هناك طريق طويل لقطعه. إن مجرد عقد المجالس الوطنية في وقت واحد بأجندة موحدة والخروج بقرارات مماثلة لا يكفي للادعاء بالعمل نحو وحدة نقابية وشيكة.. التحالفات المُشكّلة ضد الحكومة مُعرّضة للانهيار عند رحيلها.
يُصبح اندماج النقابات الكبرى مستحيلًا دون توافر شروط أيديولوجية وتاريخية وثقافية مُعينة. سيُذكر يوم 29 أكتوبر 2014 بلا شك كيومٍ لا يُنسى في تاريخ العمل المغربي. ولا شك أن هذا الإضراب سيشهد حدثين قبله وبعده، يُوصفان بالتاريخين، ليس بسبب نسبة المشاركة فيه – وهي موضوعٌ مثيرٌ للجدل كالعادة (حوالي 84% وفقًا للنقابات وبالكاد 41% وفقًا للحكومة) – بل بسبب الإجراء نفسه. ولعلها المرة الأولى في المغرب التي يتفق فيها ما يقرب من ثلاثين نقابةً واتحادًا عماليًا على إضراب، وهو أمرٌ لم يشهده المغرب إلا مراتٍ قليلة (في أعوام 1965 و1981 و1990). ويعود هذا “الإجماع” النقابي إلى تنسيقٍ وثيقٍ للغاية بين الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، أقدم الاتحادات النقابية، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، والفبدرالية الديمقراطية للشغل (FDT)، من جهة، وتقاربٍ لا يقل أهميةً بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (USFP) وحزب الاستقلال، بل وبعيدًا عن ذلك، بين الاتحادين التابعين لهما، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM) والفيدرالية الديمقراطية للشغل (FDT). تجدر الإشارة أيضًا إلى دخول نقابة صغيرة، وهي المنظمة الديمقراطية للشغل (ODT)، إلى الساحة، ورغم أنها ليست بعد من بين المركزات التي تعتبرها الحكومة الأكثر تمثيلًية (مع أن هذا التصنيف مشكوك فيه أيضًا، لأن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (UNTM) يدين بمكانته حصريًا للموقف السياسي لحزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه)، إلا أنه من المرجح أن تلعب دورًا متزايد الأهمية منذ أن قرر حزب الأصالة والمعاصرة، في 8 نوفمبر، جعلها نقابته الرئيسية. وسط كل هذا التنوع، تبرز فكرة قديمة، مطلب راسخ، بهدوء قبل أن تتفجر: وحدة النقابات. ينسق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM) والفدرالية الديمقراطية للشغل (FDT) تحركاتهما “لإحياء وحدة النقابات”. وكما يجادل هذا القيادي في (FDT)، الذي تربط حزبه علاقة وثيقة بالمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، “أصبحت وحدة النقابات اليوم ضرورة”. وتتردد أصداء الفكرة نفسها في أدبيات النقابات الرئيسية الأخرى: (UMT)، (CDT)، وجناح العزوزي في (FDT). إن العملية “الإيجابية” للتنسيق النقابي “تتجلى في تنامي الوعي بالمصير المشترك للنقابات الثلاث، وهو ما يمثل إنجازًا كبيرًا للطبقة العاملة، ويساهم أيضًا في وحدة الحركة النقابية المغربية”، كما جاء في أحد البلاغات الأخيرة للنقابات الثلاث. ومن اللافت للنظر، في الوقت الذي تُناقش فيه وحدة النقابات، طرح مشكل تحديد أيٍّ من جناحي الاتحاد (FDT) يُشار إليه. فمنذ المؤتمر الأخير، انقسمت هذه المركزية، المقربة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بين جناح يقوده عبد الحميد فاتحي، الأمين العام القانوني للفدرالية والمقرب من الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، وعبد الرحمن عزوزي، الأمين العام السابق الذي تمسك بمنصبه وواصل رفضه الاعتراف بانتخاب منافسه.
ومما زاد الطين بلة، أن (UMT) وا(CDT) واصلتا التعامل مع هذا الأخير كما لو أن شيئًا لم يكن على ما يرام، بينما فضل (UGTM) الحفاظ على تنسيقه مع جناح عبد الحميد فاتحي. في الوقت نفسه، يُعكّر بيان صادر عن رئيس الحكومة صفو الأمور بإعلانه نيته عدم التعامل مع النقابات المنشقة. وهذا يُظهر كيف قدّم المشهد النقابي صورةً مُغايرة تمامًا لهذا الشعار، الذي عاد بقوة. في نهاية المطاف، ألقي ذلك بظلال من الشك على الرغبة في وحدة النقابات. ومع ذلك، في هذه الفترة التي تشهد تآكلًا في نفوذ النقابات ونفوذها، ولأسباب مُختلفة (مثل الاقتطاعات من أجور المُضربين، وغياب الديمقراطية الداخلية، وشيخوخة القيادات النقابية، وضعف وتشرذم المجال السياسي، وعزل النقابات)، تُعدّ الوحدة بين الاتحادات النقابية الرئيسية فكرةً مثيرةً للاهتمام، بل ومُقنعةً، من عدة جوانب.
أولًا، سيمنحها هذا نفوذًا كافيًا للوقوف في وجه الحكومة وأرباب العمل وفرض مطالبها، بدلًا من مجرد التوسل للحصول على مزايا اجتماعية. ثانيًا، سيفيد ذلك الطبقة العاملة، إذ سيقلل عدد المتحاورين، مما سيضع حدًا للصراعات الداخلية وتضارب المصالح والمواقف بين مختلف الأطراف. كما سيُسهم في إنهاء نزاعٍ دام أكثر من أربعين عامًا بيز (CDT) و(UMT)، وما يقرب من خمسة عشر عامًا بين (CDT) و(FDT). سيُمثل هذا عودةً إلى جذورهما، إذ وُلدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من انقسامٍ داخل الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، بينما نتجت الفيدرالية للشغل (FDT) عن خلافاتٍ بين أعضاء النقابة نفسها (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، مما أدى إلى رحيل جزءٍ من الهيئة المركزية، التي أصبحت فيما بعد (FDT). في هذا السياق، نصح النقابيون المغاربة بالنظر عن كثب إلى البلدان التي توحدت فيها الحركة النقابية في اتحادٍ واحدٍ قوي، مثل الولايات المتحدة أو إنجلترا، أو إلى تجارب أقرب إلى الوطن مثل تونس. في المقابل، يوجد في المغرب حاليًا ما يقرب من 34 اتحادًا نقابيًا، ذات نفوذٍ محدودٍ للغاية وتمثيلٍ ضئيل. هذا يجعل أي وحدةٍ نقابيةٍ محتملةٍ أمرًا وهميًا. في الواقع، وحسب ميلود بلقاضي، أستاذ العلوم السياسية، “لا يمكننا الحديث عن وحدة نقابية. إنه مفهوم لا أساس قانوني له. نتحدث عن تحالفات، أو في الحالات الأكثر تقدمًا، عن اندماجات. وحتى لو كانت هذه الآلية مُنَصوص عليها قانونيًا، فإنها تبقى مجرد شعارات”.
يوضح هذا الباحث السياسي أن دمج النقابات، في الوضع الراهن، “مهمة تتجاوز سيطرة الاتحادات النقابية”. أحد الأسباب هو أنه “على الرغم من الادعاءات المتكررة بعكس ذلك، فإن النقابات ليست مستقلة تمامًا عن الأحزاب السياسية. يلعب الفاعل السياسي دورًا مهيمنًا في النشاط النقابي”. عمليًا، لكي يكون الاندماج بين النقابات ممكنًا، يجب أولًا توحيد الأحزاب السياسية. وفي هذه النقطة، “يمكن القول إنه في ظل الوضع السياسي الراهن، فإن الاندماج بين الأحزاب، وإن كان مستبعدًا، أقرب إلى الواقع بكثير من اندماج النقابات”، كما يخلص الباحث السياسي. في الواقع، للحديث عن اندماج، أو بدرجة أقل، توحيد النقابات، يجب استيفاء ثلاثة شروط أساسية: تاريخية، وأيديولوجية، وثقافية. تُبنى الاتحادات النقابية حول مشروع مجتمعي استراتيجي يتجاوز الاعتبارات التكتيكية. لذلك، من الضروري وجود إطار أيديولوجي مشترك. ومع ذلك، لا تشترك النقابات في هوية أيديولوجية مشتركة. بينما تُعلن معظم النقابات عن توجهها اليساري أيديولوجيًا، توجد أيضًا نقابات إسلامية (مثل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (UNTM)، المنظمة النقابية لجماعة العدل والإحسان)، وأخرى تابعة لأحزاب تُسمى أحزابًا يمينية، مثل نقابة (SPS)، المرتبطة بالحركة الشعبية، أو الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM)، وهو منظمة موازية لحزب يميني محافظ (حزب الاستقلال). كما أن النقابات لا تشترك في خلفية تاريخية مشتركة. تاريخيًا، انبثقت معظم النقابات، شأنها شأن الأحزاب السياسية، من انقسامات متتالية، بدءًا من الاتحاد المغربي للشغل (UMT) عام ١٩٧٨ وصولًا إلى افيدرالية (FDT) مؤخرًا. أُنشئت نقابات أخرى لمنافسة الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، كما هو الحال مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM)، وأخرى نتجت عن سعي حزبي للتوسع الاجتماعي، كما هو الحال مع معظم النقابات التي أسستها الأحزاب السياسية.
وهكذا، وهذا بديهي، لا يمكن الحديث عن الاندماج مع نقابة يسارية بعد انقسام مع الحفاظ على قيادتها لنفس الأشخاص الذين كانوا وراء ذلك الانشقاق. على أي حال، الأمر صعب. لقد فعلت الأحزاب ذلك، ولكن في ظل ظروف محددة للغاية. تُعدّ حالة اندماج حزب العمال والحزب الاشتراكي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية استثناءً؛ والدليل على ذلك أن المنظمة الديمقراطية للشغل (ODT) الذي أنشأها الحزب الاشتراكي رفضت الانضمام إلى (FDT)، وهي جزء من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. والأسوأ من ذلك، أنها فضّلت ربط مصيرها بمصير حزب سياسي آخر، حزب الأصالة والمعاصرة (PAM). بالنسبة لهذا الباحث السياسي، فإن الحديث عن الوحدة ليس سوى خطاب مُجامِل، شعار استهلاكي. صحيح أن له تأثيرًا تكتيكيًا وتعبويًا، ويتناول قضية سياسية رئيسية، ولكنه يفتقر إلى امتداد استراتيجي.
إذن، ما الذي يمكن قوله عن هذا التقارب بين النقابات الرئيسية الثلاث: (CDT)، و(UMT)، و(FDT)؟
كان ذلك بمثابة تحالف تكتيكي يهدف إلى مواجهة رئيس الوزراء وحزبه في القضايا الاجتماعية. تفتقر أحزاب المعارضة وحدها إلى الموارد اللازمة للقيام بذلك، لذا تعتمد على النقابات. إذا كان بإمكاننا الحديث عن تنسيق نقابي اليوم، فهو لمواجهة الحكومة فقط. بمجرد رحيل الحكومة، هناك احتمال كبير لتأجيل هذا التقارب، وعودة النقابات إلى نهجها السابق، كلٌّ منها متجذر في فصيله.
وقد كان من المتوقع أن يتعزز هذا التقارب في الأيام المقبلة، لا سيما مع تطبيق مشروع إصلاح نظام التقاعد وصياغة القوانين الأساسية المتعلقة بالإضرابات والنقابات. في نهاية المطاف، تتشاطر النقابات الرئيسية نفس المنظور. وعلى حد تعبير ميلودي موخارق، رئيس الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، فإن الاندماج الكامل بين النقابات الثلاث – (UMT) و(CDT) و(FDT) – ليس مستبعدا. ستحمل النقابات الثلاث اسمًا واحدًا وهيكلًا تنظيميًا واحدًا، “لكن هذا لن يلعب بين ليلة وضحاها. إنه هدف طويل الأجل يتطلب استيفاء عدة شروط”، كما يُقر قيادي في (FDT) جناح فاتحي، معتبرا فكرة الاندماج، “على الرغم من أنها جديرة بالثناء، ورغم كونها رغبة مشتركة، إلا أنها صعبة التحقيق في الوقت الحالي”. وأوضح هذا القيادي في الفبدرالية الديمقراطية للشغل أنه لتحقيق ذلك، يجب أولًا استيفاء عدة شروط، منها الاتفاق على آليات ديمقراطية داخلية، وضرورة الاستقلال التام عن الأحزاب السياسية، وأرباب العمل، ومجتمع الأعمال، والحكومة. ويضيف أنه لا يمكن الحديث عن اندماج مع الحفاظ على مفهوم “الزعيم” ورئيس النقابة مدى الحياة، وفي وقت تُعيّن فيه الهيئات النقابية، في غياب أي مفهوم للديمقراطية الداخلية.
باختصار، من وجهة نظر عملية وبسيطة، يصعب إقناع أطر قيادة النقابة وإدارتها بخوض مغامرة قد تُعرّض مكانتهم وامتيازاتهم للخطر. يضفي الانضمام إلى الهيئات الإدارية للنقابة على موظفي الدولة صفة الإعارة. يتقاضون رواتبهم من الدولة للعمل في إدارة نقابتهم، أو في كثير من الأحيان، مقابل عدم القيام بأي شيء. في أعلى الهرم الوظيفي، تُمكّن العضوية النقابية حاملها من المشاركة في هيئات مختلفة، من صناديق التقاعد إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بما في ذلك اللجان المشتركة في مختلف الوزارات، وغيرها من هيئات الاستشارة والتوفيق والوساطة. كما تُؤهل النقابات مباشرةً لشغل مناصب منتخبة، وأعرقها منصب مستشار الغرفة الثانية. تُشارك النقابات في الحوار الاجتماعي، وتُوقّع الاتفاقيات الجماعية، وتُساهم في التشريعات، وتُشارك في المنظمات الدولية. ولهذا الغرض، تستفيد من الإعانات العامة التي تدفعها الدولة. هذه امتيازات لا يرغب أي عضو في النقابة بالتنازل عنها، ولكنها ستستفيد من تبسيطها وتوزيعها بشكل عادل، والأهم من ذلك، جعلها مستحقة في القانون الأساسي المستقبلي المتعلق بتشكيل المنظمات النقابية.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوكرانيا: خطة ترامب ستُناقش في سويسرا
- اللطف والتعاطف في علم النفس التحليلي لكارل غوستاف يونغ
- النائب العام للملك يصدر دورية حول المقتضيات الجديدة في قانون ...
- ثلوج وأمطار أنعشت الأمل في موسم فلاحي خصب وشجعت وزارة الفلاح ...
- الشباب المغاربة يشعرون اليوم بضغوط لتحقيق النجاح أكثر من آبا ...
- مراكش: الأستاذ محمد الغلوسي ينجح في إقناع المواطن المعتصم فو ...
- اليونسكو والاحتفال باليوم العالمي للفلسفة
- المغرب يحتفل بعيد الاستقلال بعد 70 عاما من الوحدة المقدسة بي ...
- الجزائر تطلق سراح صلصال بعد عام من الرفض والعناد
- جيل مارماس: هيجل ومغالطات العقل الخالص
- النواصر: هدم مبنى فاخر بسبب البناء غير القانوني في بوسكورة د ...
- هيئة حقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة تعقد جلسة حول السودان ...
- جيل مارماس: هيجل ومغالطات العقل الخالص (الحلقة السابعة والأخ ...
- إيران تواجه جفافا حادا وغير مسبوق
- طلحة جبريل: يوم حاورت الملك الحسن الثاني
- الكنيسيت يصادق بالقراءة الأولى على مشروع قانون إعدام الأسرى ...
- لماذا غاب المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد عن الندوة ال ...
- سوريا تنضم إلى التحالف المناهض للجهاديين بعد زيارة تاريخية ل ...
- أحزاب الكتلة الديموقراطية ونظام الحكم في المغرب، من منظور عب ...
- لطيفة باباس: الأصول المغربية لروبرت بورفيس المدافع الأمريكي ...


المزيد.....




- الجامعة الوطنية للصحافة والاعلام والاتصال تدين المحتوى البذي ...
- مستعمرون يهاجمون المزارعين جنوب شرق يطا
- قوات الاحتلال تمنع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضي ...
- النسخة الألكترونية من العدد 1876 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- كيف تتعامل بأمان مع دورات المياه العامة المتسخة؟
- العتبة الحسينية تنجز أنموذجا سكنيا فريدا للفقراء مجانا
- الصليب الأحمر يواجه أزمة تمويل حادّة: خفض كبير في الميزانية ...
- لماذا على الحكومات وقف رفع الحد الأدنى للأجور؟ - في الإيكونو ...
- وقفة احتجاجية للصحفيين التونسيين أمام مقر رئاسة الحكومة
- Speech of the WFTU GS in the UITBB 18th Congress


المزيد.....

- ملامح من تاريخ الحركة النقابية / الحاج عبدالرحمن الحاج
- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية / الحزب الشيوعي السوداني
- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - أحمد رباص - المحاولات السيزيفية التي قامت بها النقابات الأكثر تمثيلية من أجل “توحيد الرؤى والمواقف” بالمغرب