سامي المالح
الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 02:24
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
جاء فوز ممداني، في نيويورك، قلعة الرأسمالية الامريكية، بكل تناقضاتها، في اجواء سادت فيها تقلبات وتصريحات وقرارات وتراجعات رئيس جمهوري قوي بعودته الثانية وبنسبة اصوات عالية وضمان اكثرية في الكونكرس. لفوز هذا الشاب المحدود التجربة، والغير مثالي كما قال عن نفسه، دلالات عميقة وهامة. فالفوز بتقديري لا علاقة له بخلفية ممداني، بل لها علاقة وثيقة بالامور التالية:
- برنامج انتخابي يحاكي المشاكل اليومية المعيشية للاكثرية، التي تطالب بتوفير سكن رخيص ونقل مجاني وضمانات صحية وخدمات افضل ومشاركة حقيقية رافضة للتهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ونظام ضرائبي اكثر عدالة.
- اللغة الواضحة في طرح البرنامج، لغة الناس دون مراوغة ومجاملة وبجرأة دون تردد.
- فهم جيد لحاجة المجتمع الامريكي الى تغييرات لصالح الاكثرية، فهم ضرورة الاستجابة لما يفكر به الاكثرية والخروج من دائرة الاستسلام لواقع امتد لعقود طويلة والدعوة الى تغييرات ممكنة بمساندة الناس نفسها.
من الدلالات المهمة لهذا الفوز، ان الرأسمالية الامريكية والنظام السياسي الديمقراطي الذي يتلائم معها، تعيش ازمات حقيقية، كنتيجة طبيعية لزيادة وتوسع الفوارق الطبقية. كما ان التطور التكنولوجي والعالم الرقمي يغير دون توقف وعي الناس ونمط حياتهم وعلاقاتهم، في الوقت الذي يزداد فيه تشديد سلطة الحزبين المتنافسين دون تغييرات ملحوظة تواكب التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية والفكرية والنفسية.
من الدلالات الاخرى والمهمة فهمها، ان هذا الفوز لا يهدد النظام السياسي والديمقراطية الامريكية، فهو امر يحدث في اطارها وبقوانينها وفي حدودها. لكنه فوز يغيير في قواعد اللعبة ويعبر عن الرغبة في التغيير والتطور، وامكان تحريك الجماهير التي، غالبا، ليست مهتمة، لانها تركض وراء لقمة العيش وتجبر طوعا او اجبارا على الاستهلاك والاستهلاك.
من المؤكد ان الدعوات الى التغييرات لصالح الاكثرية ليس جديدا، فالحديث عن الشراكة والمزيد من العدالة لم ينقطع وان يخفت بين فترة واخرى، وفي كل المحاولات تتهم الدعوات بأنها شيوعية ويسارية، لانها فقط تدافع عن مصالح العمال والفقراء والعاملين في مجال الخدمات والفكر والثقافة والتعليم والصحة وغيرها.
يقينا، ان مثل هذا الفوز وبروز شخصيات وقادة للجماهير سيتكرر. ان التطورات الهائلة ولا سيما تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في المجتمع الامريكي، في مرحلة اشتداد التنافس العالمي على كل المستويات، هي التي تفرضه، الامر الذي لابد ان يؤثر، عاجلا ام آجلا، على طبيعة وشكل السلطة والمنافسات السياسية والديمقراطية وتوسع وزيادة التحرك الجماهيري الموجه والمنظم.
#سامي_المالح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟