أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خالد السيد حسن - المتحف المصري الكبير... حين ينهض الماضي ليصافح المستقبل














المزيد.....

المتحف المصري الكبير... حين ينهض الماضي ليصافح المستقبل


خالد السيد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 15:29
المحور: مقابلات و حوارات
    



صباحٌ استثنائي على هضبة الجيزة
الشمس هذا الصباح مختلفة. تسطع على تمثال رمسيس الثاني الذي يقف شامخًا أمام بوابة المتحف المصري الكبير، كأنه ينتظر هذا اليوم منذ ثلاثة آلاف عام. أصوات الموسيقى تملأ الساحة، أعلام مصر ترفرف بخفة في هواء نوفمبر، والقلوب تخفق بفخرٍ عميق: اليوم تفتح مصر متحفها الأكبر، وأحد أضخم مشاريعها الثقافية في العصر الحديث. من أمام الأهرامات، يعلن المصريون للعالم أن الحضارة القديمة ما زالت تنبض بالحياة، ولكن بروح جديدة، تجمع بين العلم، والفن، والتكنولوجيا.
من حلمٍ إلى حقيقة
منذ أكثر من عشرين عامًا، راود المصريين حلم بسيط في شكله، عظيم في معناه: أن يكون لتراثهم بيت يليق بعظمة أجدادهم. بدأت الفكرة بورقة ورسمة، ثم صارت خطةً وموقعًا يعجّ بالعمال والعلماء والمهندسين.
اليوم، بعد سنوات طويلة من العمل المتواصل، يصبح هذا الحلم حقيقة ملموسة على أرض الجيزة، ليقف المتحف المصري الكبير شاهدًا على قدرة المصريين على تحقيق المستحيل.
كنز الإنسانية الأكبر
يُقال إن المتحف المصري الكبير هو «أكبر متحف في العالم لحضارة واحدة» — لكنه في الحقيقة أكبر من مجرد متحف. إنه سجلّ حيّ للحياة المصرية عبر آلاف السنين: من أدوات إنسان ما قبل التاريخ إلى عرش الملك توت عنخ آمون الذهبي الذي يُعرض بالكامل لأول مرة. على مساحة تفوق نصف مليون متر مربع، تنتشر أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، كل منها تحكي قصةً عن الحب، والموت، والبعث، والعلم، والإبداع الإنساني الذي لا يفنى. في «درج الفراعنة العظيم»، تصطف تماثيل ملوك مصر في صمت مهيب. لكن ذلك الصمت لا يخلو من حياة — فكأن الحجر نفسه يتنفس ويقول: ها نحن هنا من جديد.
العلم يمدّ يده للتاريخ
وراء كل قطعة تُعرض اليوم، هناك رحلة علمية دقيقة بدأت في معامل المتحف، حيث عمل المرممون لسنوات بأدوات أشبه بفرشاة فنان وقلب عاشق. هذه المعامل، وهي الأكبر في الشرق الأوسط، ليست مجرد غرف مغلقة، بل ورش حياة تعيد إلى الآثار بريقها وتحميها من الزمن. أجهزة التحليل المجهري، وتقنيات المسح الليزري، والذكاء الاصطناعي تُستخدم لفهم كيف عاش القدماء، وكيف صاغوا أسرارهم في الحجر والذهب. وفي القاعات التعليمية، يجلس أطفال المدارس يتعلّمون كيف يكتبون أسماءهم بالهيروغليفية، وكيف أن التاريخ ليس مجرد ماضٍ بعيد، بل جزء من حاضرهم ومستقبلهم.
جمال يراعي البيئة
المتحف المصري الكبير ليس فقط صرحًا للذاكرة، بل نموذج للمستقبل. جدرانه تتنفس الضوء الطبيعي، ونظامه الهندسي يعتمد على الطاقة الشمسية، والمياه تُعاد معالجتها لتُستخدم من جديد. كل ذلك منح المتحف شهادة EDGE Advance للاستدامة، ليصبح أول متحف في الشرق الأوسط يحصل عليها. كأن مصر تقول: كما علّمنا العالم فنّ البناء قبل آلاف السنين، سنعلّمه اليوم كيف يبني بعقلٍ أخضر وقلبٍ مسؤول.
هدية مصر للعالم... ونافذة للسياحة
من المتوقع أن يزور المتحف أكثر من خمسة ملايين شخص سنويًا. لكن ما يأمل المصريون فيه لا يُقاس بالأرقام — بل بالدهشة التي ستملأ وجوه الزائرين وهم يرون كيف استطاعت أمةٌ أن تحفظ روحها لآلاف السنين. المتحف لا يقدّم للزائر مجرد آثار، بل تجربة عاطفية، تكنولوجية، إنسانية. كل خطوة في ممراته تشعرك أنك تعيش حكاية كتبها أجدادك لتقرأها أنت اليوم.
أصوات من القلب
تقول المهندسة مها عبد الرحمن، التي شاركت في المشروع منذ بدايته "كل حجر في هذا المكان نحمل له ذكرى. عملنا هنا لم يكن وظيفة، بل رسالة. كنا نعيد بناء التاريخ من جديد." ويضيف الدكتور مصطفى وزيري "هذا المتحف ليس للمصريين وحدهم، بل لكل إنسان يرى في التاريخ مرآةً للمستقبل."
الافتتاح المنتظر: لحظة تعانق فيها الحضارات
مع حلول مساء اليوم، تتجه أنظار العالم نحو القاهرة، حيث يُقام الحفل الرسمي لافتتاح المتحف المصري الكبير. يحضر الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من قادة العالم، إلى جانب شخصيات ثقافية وعلمية من أكثر من خمسين دولة. وسيُقدَّم عرض ضوئي موسيقي ضخم عند واجهة المتحف المثلثة المطلة على الأهرامات، يجمع بين الأضواء الحديثة وصوت الحضارة القديمة.
تبدأ الفقرة الافتتاحية بعزف أوركسترا القاهرة السيمفوني لمعزوفة مستوحاة من أناشيد مصرية قديمة، تليها كلمة رسمية ترحب بالضيوف وتحتفي بالمشروع الذي طال انتظاره. ثم يُعرض فيلم وثائقي قصير عن رحلة بناء المتحف، يتبعه إسدال الستار عن تمثال رمسيس الثاني في مشهد احتفالي يرمز إلى نهضة جديدة من قلب التاريخ. في الخارج، ينتظر آلاف المصريين بفرحٍ غامر، يرفعون هواتفهم لتوثيق لحظة تُكتب اليوم في سجلّ الإنسانية. أما الزوّار الأوائل، فستكون لهم جولة ليلية خاصة عبر القاعات المضيئة، حيث تنعكس الأضواء على الذهب والجرانيت، في مشهدٍ يوحي بأن الزمن نفسه ينحني احترامًا لمصر.
حين يبتسم رمسيس من جديد
عندما يعبر الزائر ساحة المدخل ويرفع رأسه نحو التمثال العملاق لرمسيس الثاني، سيشعر بشيءٍ لا يُوصف. ربما هي رهبة التاريخ، أو فخر الحاضر، أو دهشة المستقبل. لكن الأكيد أن المتحف المصري الكبير سيبقى أكثر من مجرد مبنى — إنه رسالة إنسانية من مصر إلى العالم تقول فيها:
"ما زلنا هنا... نحمل ماضي الإنسانية ونصنع به مستقبلها."



#خالد_السيد_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم تسلك مصر مسار بعض الدول النامية في امتلاك السلاح ال ...
- سردية السردية
- التغييرات المناخية العالمية والمرأة والمساواة بين الجنسين (4 ...
- دور المجتمع العالمي في تحديد أهداف التنمية المستدامة لما بعد ...
- الدول العربية ومدى تحقيقها للأهداف الإنمائية للألفية
- التغيرات المناخية العالمية والتعليم (3-7)
- التحول الديموغرافي في التركيبة العمرية لدول المنطقة العربية
- التغيرات المناخية العالمية والقضاء علي الجوع والفقرالمدقع (2 ...
- التغيرات المناخية العالمية والتنمية – العلاقة والتشابكات (1/ ...
- هجرة الكفاءات العربية (نزيف العقول)
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر


المزيد.....




- مصر.. الداخلية تعلن عن التحويلات المرورية خلال حفل افتتاح ال ...
- فيديو - بن غفير يتباهى بإهانة أسرى فلسطينيين ويدعو إلى إعدام ...
- مهر صغير بحجم كلب -سبانييل- يجذب الأنظار في مركز إنقاذ للحيو ...
- السودان ـ تنديد أممي بـ-انتهاكات مروعة وإعدامات ميدانية- بال ...
- فطر برائحة الأزهار يجذب البعوض ويقضي عليه بأمان
- إسرائيل:الحريديم يحتجون ضد التجنيد الإلزامي
- فرنسا تقرر اتخاذ إجراءات -طارئة- قبل نهاية العام لتأمين محيط ...
- سكان شمال غزة يعيشون بين الركام وخطر -الخط الأصفر-
- -نحن نصلي ونخدم ونموت-.. جنود إسرائيليون غاضبون من الحريديم ...
- تركيا تدعو لاجتماع لتثبيت اتفاق غزة وتتهم نتنياهو بتخريبه


المزيد.....

- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول كتابه: ال ... / رزكار عقراوي
- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خالد السيد حسن - المتحف المصري الكبير... حين ينهض الماضي ليصافح المستقبل