أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد السيد حسن - لماذا لم تسلك مصر مسار بعض الدول النامية في امتلاك السلاح النووي؟














المزيد.....

لماذا لم تسلك مصر مسار بعض الدول النامية في امتلاك السلاح النووي؟


خالد السيد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا لم تسلك مصر مسار الدول النامية في امتلاك السلاح النووي؟

منذ منتصف القرن العشرين، شهد العالم محاولات متعددة من دول نامية لكسر حدة الاحتكار النووي الذي فرضته القوى الكبرى، وسعت بعض هذه الدول بالفعل إلى امتلاك السلاح النووي ونجحت في ذلك. من أبرز هذه التجارب ما قامت به الهند التي فجّرت أول قنبلة نووية عام 1974 لتعزز مكانتها كقوة إقليمية كبرى وتردع الصين وباكستان، ثم لحقت بها باكستان عام 1998 مدفوعة بهاجس الأمن القومي والتوازن مع الهند. كوريا الشمالية بدورها تحدّت المجتمع الدولي، وتمكنت عام 2006 من الإعلان عن أول تجربة نووية باعتبارها ورقة ضغط سياسية وأداة لضمان بقاء النظام الحاكم. أما إسرائيل، فقد انتهجت سياسة "الغموض النووي" منذ أواخر الستينيات، مستفيدة من دعم تقني غربي وخاصة فرنسي وأمريكي، لتصبح القوة النووية الوحيدة المعلنة ضمنياً في الشرق الأوسط.

الدوافع التي قادت هذه الدول إلى السعي وراء السلاح النووي كانت متعددة، لكنها تشترك في هدف أساسي واحد: الردع وضمان البقاء. فالهند سعت لترسيخ مكانتها العالمية، وباكستان أرادت أن ترد على جارتها اللدودة، بينما رأت كوريا الشمالية في السلاح النووي وسيلتها الوحيدة لحماية نظامها وفرض نفسها على مائدة التفاوض الدولي. أما إسرائيل فقد رأت أن امتلاك ترسانة نووية سرية هو الضمان الأكيد لتفوقها الاستراتيجي على محيط عربي معادٍ.
ولم يكن الطريق نحو القنبلة النووية سهلاً؛ فقد واجهت هذه الدول عقبات كبرى، من عقوبات اقتصادية كما حدث مع الهند وباكستان، إلى حصار خانق كما عانت كوريا الشمالية، بينما وفرت المظلة الأمريكية لإسرائيل حماية من أي عقوبات دولية حقيقية. كما أن التمويل شكّل تحدياً أساسياً، إذ خصصت الهند وباكستان نسباً ضخمة من ميزانياتهما العسكرية لهذا الغرض، فيما وجّهت كوريا الشمالية اقتصادها بالكامل تقريباً لخدمة مشروعها النووي. وعلى صعيد الاتفاقيات الدولية، رفضت الهند وباكستان وإسرائيل التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، بينما وقّعت كوريا الشمالية ثم انسحبت لاحقاً عام 2003.

وفي مقابل هذه النماذج، تبرز حالة مصر التي لم تسلك نفس المسار رغم امتلاكها دوافع قوية، خاصة في ظل تملك إسرائيل للسلاح النووي. فقد التزمت القاهرة منذ وقت مبكر بالمعاهدات الدولية، ووقّعت على معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1968 ثم صادقت عليها عام 1981، معتبرة أن الخيار النووي العسكري قد يفتح عليها أبواب عزلة دولية وعقوبات اقتصادية يصعب تحملها. يضاف إلى ذلك أن الاقتصاد المصري لم يكن يحتمل كلفة برنامج نووي عسكري، خصوصاً بعد الحروب المتتالية في النصف الثاني من القرن العشرين وما تبعها من أعباء تنموية ضخمة.

ورأت القيادة المصرية أن الدخول في سباق تسلح نووي مع إسرائيل لن يكون في صالحها، وأن بناء جيش تقليدي قوي، إلى جانب تحالفات إقليمية ودولية، قد يكون بديلاً أكثر واقعية وأقل خطورة. ومع ذلك، فإن فكرة امتلاك مصر للسلاح النووي ظلت مطروحة بين الحين والآخر، سواء كوسيلة للردع أمام إسرائيل أو كأداة لتعزيز المكانة الإقليمية وامتلاك ورقة ضغط دولية.

لكن العقبات التي واجهت مصر كانت هائلة؛ فإلى جانب الضعف الاقتصادي، كان من المتوقع أن تواجه القاهرة حصاراً دولياً وضغوطاً سياسية شديدة، وربما تهديدات عسكرية، على غرار ما تعرض له المفاعل النووي العراقي في الثمانينيات. وحتى وإن تمكنت مصر من توفير التمويل اللازم عبر ميزانيتها العسكرية أو بدعم عربي، فإن كلفة المشروع في ظل المعطيات الدولية كانت ستظل عبئاً ثقيلاً.

ويبقى السؤال الأهم: هل كان امتلاك إسرائيل للسلاح النووي ذريعة كافية لمصر كي تسلك نفس المسار؟ الواقع أن المجتمع الدولي تعامل بمعايير مزدوجة، فسمح لإسرائيل بالغموض النووي بينما شدّد القيود على الدول العربية. ولهذا، فإن الذريعة وحدها لم تكن كافية لحماية مصر من العقوبات أو ردود الفعل الدولية.

في النهاية، فإن تخلّي مصر عن السعي الجدي لامتلاك السلاح النووي لم يكن غياباً للإرادة أو الدافع، بل كان نتيجة مزيج من الضغوط الدولية والعقبات الاقتصادية والالتزام السياسي بمعاهدات حظر الانتشار. ومع ذلك، يبقى النقاش مفتوحاً حول ما إذا كان التاريخ سيختلف لو اختارت القاهرة السير على خطى الهند وباكستان وكوريا الشمالية، أم أن نتائج هذا الخيار كانت ستجلب عليها كوارث أكبر من مكاسبه.

د/ خالد السيد حسن



#خالد_السيد_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سردية السردية
- التغييرات المناخية العالمية والمرأة والمساواة بين الجنسين (4 ...
- دور المجتمع العالمي في تحديد أهداف التنمية المستدامة لما بعد ...
- الدول العربية ومدى تحقيقها للأهداف الإنمائية للألفية
- التغيرات المناخية العالمية والتعليم (3-7)
- التحول الديموغرافي في التركيبة العمرية لدول المنطقة العربية
- التغيرات المناخية العالمية والقضاء علي الجوع والفقرالمدقع (2 ...
- التغيرات المناخية العالمية والتنمية – العلاقة والتشابكات (1/ ...
- هجرة الكفاءات العربية (نزيف العقول)
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر


المزيد.....




- حادث غريب يفضح سائقًا ويورطه مع الشرطة.. والصدمة مما وجدوه ف ...
- برج جديد في دبي بكلفة 1.6 مليار دولار يجسد الطموح العقاري نح ...
- هل تتحدث أثناء نومك ولا تعرف ما الأسباب؟
- بعد وقف برنامج جيمي كيميل.. ترامب يقول إن شبكات البث تخاطر ب ...
- هيندل يؤسس حزب -الاحتياط- في إسرائيل: خدمة إلزامية ولجنة تحق ...
- المتظاهرون يتجمعون في القدس مطالبين بإنهاء الهجوم على غزة
- المتظاهرون يتجمعون خارج استوديو جيمي كيميل بعد تعليق العرض
- توقيف مشتبه به في هجوم باريس 1982.. وماكرون يشيد بتعاون السل ...
- برلين تجدد عزمها -إصلاح- دولة الرفاه وسط صعود المعارضة الشعب ...
- ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطينية هو -أفضل طريقة لعزل حماس-


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد السيد حسن - لماذا لم تسلك مصر مسار بعض الدول النامية في امتلاك السلاح النووي؟