اسرائيل المنبوذة ومحاولات انقاذها من العزلة

عدلي عبد القوي العبسي

الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 15:36
المحور: القضية الفلسطينية
    

لا شك انها لحظة تاريخية فارقة أن تصل تطورات المشهد النضالي الفلسطيني المقاوم ضد الكيان الصهيوني الى حالة العزلة و النبذ والرفض الاممي
لسياسات هذا الكيان الاحتلالي الفاشي العنصري الغاشم وطرده من التجمعات والفعاليات العالمية الرسمية الفنية والرياضية والمؤسسات الثقافية والاعلامية ،
وان تتخلق حالة استنكار و استياء نخبوي وجماهيري واسع النطاق في اغلب دول العالم !!
و أن يأخذ المشهد الراهن شكل التسارع الدراماتيكي في انهيار مصداقية الرواية الصهيونية حول الاحداث و المجازر المروعة في غزة منذ السابع من اكتوبر لدى اغلب السياسيين والمثقفين والمفكرين والباحثين والاكاديميين الغربيين ! بل وطال ايضا غالبية ابناء الجيل الحالي من الشباب (جيل زد).
واين يحدث هذا !!، ويا للمفاجأة ، في الغرب الامبريالي نفسه!! ، الذي اسس الكيان الصهيوني وزرعه في منطقتنا .
ما يثير الدهشة حقا هو هذا الفشل التاريخي غير المسبوق في تاريخ الصهيونية وتاريخ الكيان !الذي لطالما كان يتباهى ويتفاخر بالهيمنة السياسية والاعلامية عالميا،
كل هذا تلاشى وتبخر في فترة قصيرة من الزمن! ،و اليوم يتساءل الكثيرون اين ذهبت مليارات الدولارات التي تصرف سنويا على الدعاية للنظام الصهيوني في ارقى المحافل والمنتديات ووسائط الميديا والمراكز الثقافية وشركات الدعاية والعلاقات والتجمعات الدولية ،
وكيف تلاشى تأثير آلة الهاسبارا الدعائية العالمية الضخمة التي تعمل ليل نهار دون كلل او ملل في تجميل وجه وتلميع سمعة الكيان البغيض في العالم اجمع ، وتركز معظم نشاطها في المجتمعات الغربية الداعمة.
ولكن لا غرابة فهذا هو مصير الدعاية الكاذبة و الفكر الاجرامي التضليلي للانظمة الاستعمارية الاستيطانية الفاشية البغيضة والوصول الى حالة العزلة والبغض عالميا هو نتاج طبيعي منطقي لانكشاف الخداع وصعوبات التعمية والتضليل في عالم ثورة المعلومات الرقمية بعد مسار طويل من السياسات الاقصائية المكشوفة والجرائم التطهيرية الصارخة و الممارسات العنصرية المقيتة والسلوكيات الفاشية المجانبة للعقل.

ظاهرة الحراك العالمي المناهض للابادة
كثيرة هي الاحداث والوقائع والاجراءات والفعاليات الاحتجاجية الغاضبة التي نستخلص منها حقيقة نبذ المجتمع الدولي للكيان بما هو وجود كياني استعماري غير مشروع وبما هو نظام اجرامي فاشي عنصري يمارس جرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي في حق شعب اصيل اغتصبت ارضه و تم تشريده و قتل ابناءه و استبيحت مقدساته وسلبت حقوقه المشروعه في مسلسل اجرامي امتد لقرابة قرن من الزمن.
ابرز هذه الاحداث التاريخية والوقائع نوردها فيما يلي :
العقوبات الاممية وقرارات المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية
جاءت هذه العقوبات كثمرة من ثمار الحراك القانوني العالمي المناهض لجرائم الاحتلال وما نتج عنه من كثافة الدعاوى المرفوعة ضد قادة الكيان الصهيوني لدى محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية من قبل منظمات حقوقية اممية و عدد ضخم من المحامين البارزين وايضا دول مهمة وفاعلة مثل جنوب افريقيا ، حيث رفعت دولة جنوب افريقيا دعوى قضائية ضد الكيان لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي في 29ديسمبر 2023 وانضمت اليها دول اخرى اهمها بوليفيا والمكسيك وتشيلي.
بعد ذلك وجهت محكمة العدل الدولية امرا للكيان باتخاذ تدابير لحماية الفلسطينيين ومنع الابادة الجماعية ،وفي ٢١ نوفمبر 2024 صدرت مذكرة ايقاف من قبل المحكمة الجنائية الدولية بحق كل من رئيس حكومة الكيان المجرم نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت )
وقد وجهت لهما تهمة القتل العمد والاضطهاد وتعمد توجيه هجمات ضد السكان والتسبب بمعاناة كبيرة لهم واستخدام التجويع كسلاح حرب بمنع دخول قوافل الاغاثة الى القطاع.
وفي اواخر ابريل الماضي 2025 رفضت المحكمة قرار الطعن الذي قدمته حكومة الاحتلال لتعليق تنفيذ مذكرات التوقيف بحق المتهمين بعد سقوط محاججة الصهاينة بعدم الولاية القضائية للمحكمة على الكيان وان الكيان ليس عضوا في نظام روما الرئيسي الذي انشأ المحكمة.
ويعود هذا المكسب كانجاز سياسي للسلطة الفلسطينية التي بتحركها الدبلوماسي والقانوني منذ العام 2014
تمكنت من ادخال الاراضي الفلسطينية المحتلة في الولاية القضائية للمحكمة بانضمامها رسميا الى المحكمة الجنائية الدولية.
وهذا يعني عدم قدرة المتهمين على السفر الى اي من الدول الاعضاء في المحكمة وعددها 125 دولة لانهما سيكونان معرضين للاعتقال بعد صدور قرارات الادانة بحق هؤلاء القائدين المجرمين ، في حدث تاريخي غير مسبوق هز بعمق الوسط السياسي الصهيوني .
وطوال الاشهر الماضية وحتى الآن لا زال قادة الكيان يحاولون التقدم بردود قوية حول الاتهامات الدامغة بعد حصولهم للاسف على تأجيل لمدة ستة اشهر من ابريل الى اكتوبر 2025 و هم يراهنون الان على وجود ترامب وعلى خطته الجهنمية وعلى انتهاء الحرب ، للتخلص من استحقاقات المحكمة.
بالاضافة الى ذلك كانت هناك جهودا نوعية اخرى اثمرت عن صدور تقارير اممية حول انتهاكات حقوق الانسان في فلسطين وكلها تقريبا ادانت ممارسات وجرائم وانتهاكات دولة الكيان بحق الشعب الفلسطيني وكلها تؤكد حقائق الابادة الجماعية والتطهير العرقي ومخالفة المواثيق الدولية.
ومؤخرا قبل اسابيع من الآن ظهرت نتيجة التحقيق للجنة الدولية المستقلة التابعة للامم المتحدة بشأن جرائم الاحتلال وخلصت إلى أن السلطات الإسرائيلية وقوات الأمن الإسرائيلية ارتكبت أربعة من أفعال الإبادة الجماعية الخمسة التي حددتها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وهي القتل، والحاق أذى جسدي أو عقلي خطير، وفرض ظروف معيشية متعمدة يراد بها تدمير الفلسطينيين كليًا أو جزئيًا، وفرض تدابير تستهدف الحؤول دون الإنجاب.
مثل هذه التقارير الاممية فضحت جرائم العدو و شكلت مصدرا مهما للمعرفة لدى الكثير من النخب السياسية في اوروبا واميركا وكذلك في اوساط الاجيال المثقفة الجديدة ،
وفضحت بشكل قوي ادعاءات قادة الكيان والرواية الصهيونية الكاذبة التي تنكر ارتكابها لتلك الجرائم
وتسوق مغالطات و وقائع مزيفة عن الطرف الآخر الضحية (الشعب الفلسطيني )!.

العقوبات الاوروبية والمقاطعة الاقتصادية
تصاعدت الاحتجاجات والهجمات في اروقة البرلمانات و في الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي لعدد كبير من البرلمانيين والمسؤولين و المؤثرين ردا على جرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي ومحاولات التهجير و استمرار الحصار والتجويع الرهيب داخل القطاع
وصدرت عقوبات رسمية من عدة دول اوروبية تتضمن ايقاف بيع السلاح والذخائر للكيان.
وتقود الحكومة اليسارية في اسبانيا بقيادة بيدرو سانشيز حراكا سياسيا اوروبيا مناهضا لجرائم الاحتلال وداعيا لفرض عقوبات اوروبية عليها ، ثم فرضت اسبانيا ومعها ايرلندا سلسلة من العقوبات اهمها منع بيع الاسلحة للكيان، والغت صفقتي اسلحة مع الكيان بمبلغ اثنين مليار دولار.
دول اخرى كهولندا والمانيا وايطاليا وبريطانيا وحكومة اقليم فالونيا في بلجيكا اتخذت قرارات مابين التعليق والمنع والايقاف لبيع الاسلحة الكيان.
في 8 سبتمبر الجاري، أعلن رئيسة حكومة اسبانيا ن بلاده قررت فرض عقوبات من 9 مواد على إسرائيل، تحت عنوان "تدابير ضد الإبادة الجماعية في غزة ودعم الشعب الفلسطيني".
في منتصف سبتمبر الماضي اعتمدت المفوضية الاوروبية مقترحا لتعديل جزئي في التفضيلات الجمركية مع اسرائيل وفرض رسوم جمركية على صادرات الكيان بقيمة ستة مليار دولار وهي تعادل مانسبته 37℅ من صادرات الكيان ، وفرض عقوبات على مسئولين اسرائيليين.
تلى ذلك تأييد البرلمان الاوروبي قرار المفوضية بوقف الدعم الثنائي لاسرائيل ، واتخذ الاتحاد الاوروبي قرارا فعليا بتجميد جميع اشكال التمويل للكيان ؛
وهذا له دلالته السياسية العميقة ،فالاتحاد الاوروبي هو اكبر شريك للكيان ليس اقتصاديا فحسب ( ثلث صادرات الكيان تذهب الى اوروبا ) بل وعلميا وتكنولوجيا ايضا .
كما ان دول مهمة داخل الاتحاد مثل هولندا ،طالبت بمراجعة شاملة لاتفاق الشراكة بين الاتحاد الاوروبي وبين الكيان وهو الذي يعد الاطار القانوني والتجاري الاساسي بين الجانبين.
وفي الجانب الاقتصادي صدرت عقوبات على منتجات المستوطنات كرد على جرائم المستوطنين في الضفة الغربية وتنامي المقاطعة الاقتصادية الشعبية والرسمية لبضائع الكيان سواء للمستوطنات او الشركات الصهيونية بفضل تنامي نشاط حركة بي دي اس للمقاطعة وغيرها من المنظمات الحقوقية وهذا ما الحق خسائر اقتصادية فادحة للكيان ،
وتسبب في تراجع حركة الاستثمار الاجنبي ، وقد ذكر موقع حركة المقاطعة ،نقتبس هنا ( قد أدّت حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات إلى إقدام شركات كبرى مثل فيوليا (Veolia) وأورانج (Orange) وسي آر إتش (CRH) على إنهاء تورطها في المشاريع الإسرائيلية كليًا، كما وأدت إلى سحب مجموعة واسعة من المستثمرين لاستثماراتهم من الشركات الإسرائيلية، وكذلك من الشركات العالمية المتواطئة).
وذكر ايضا اسماء ابرز الشركات التي تضررت من المقاطعة وانسحبت او خفضت من انشطتها مثل كارفور وبوما و ماكدونالدز .
وابرز حدث في هذا الحراك الاقتصادي المناهض هو قرار صندوق الثروة السيادي النرويجي الضخم ( حجم ثروته تقارب اثنين ترليون دولار ) سحب استثماراته من شركات اسرائيلية وداعمة للاحتلال! وقد باع حصصه في احدى عشر شركة اسرائيلية وفيها شركات اتصالات وبنوك وطاقة ، وهو ما عده المراقبون اكبر صفعة اقتصادية وجهت للكيان ،وهذا الانجاز اي : الاقتراب من لحظة فرض نوع من العزلة الاقتصادية على الكيان هو من ثمار حركة المقاطعة الاقتصادية للكيان، ومن ثمار تحرك النخب الطليعية والزخم الجماهيري العربي والاسلامي والانساني العالمي.
لاشك ان هذه العقوبات تلعب دورا مؤثرا في تحفيز وتشجيع كل القوى والمنظمات المدنية والمؤسسات بانواعها على مقاطعة الكيان وتؤدي الى فرض مزيد من العزلة عليه ، و تؤثر ايضا على اهم القطاعات التنموية في داخل الكيان.


الاحتجاجات الشعبية الجماهيرية واسعة النطاق

علامة اخرى ، تعد من اكبر المفاجئات حيث شهد العالم تصاعداكبيرا وغير مسبوقا في وتيرة واتساع نطاق الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة لجرائم الاحتلال والمنددة بالابادة الجماعية والداعية لوقف الحرب على غزة في العشرات من المدن الاوروبية و الاميركية و الاسيوية واهمها :
-الاحتجاجات الشعبية والاضراب النقابي في خمسة وعشرين مدينة في ايطاليا بدعوة من الاتحاد العمالي العام
- المظاهرات الكبيرة والتي يصل الحضور فيها الى مئات الالف من المشاركين في مدريد ودبلن ولندن وبرلين وباريس وروما وليفربول و امستردام وغيرها .
- العصيانات التي نفذها عمال اهم الموانئ الاوروبية مثل جنوة وليفورنا وبيرايوس ومرسيليا وبرشلونة ب( هناك ايضا اضراب عمالي كبير في اسبانيا في 15 اكتوبر ) بدعم من النقابات اليسارية وذلك لغرض منع استخدام الموانئ كمسار لشحنات عسكرية تستخدم في الحرب على غزة.
- الاساطيل البحرية التي انطلقت من موانئ اوروبية عدة وبادر اليها مئات الناشطين الاجانب والعرب
لغرض فك الحصار عن غزة واهمها اسطول الصمود الذي ضم عشرات السفن والزوارق ومئات الناشطين المبادرين بمعية شخصيات عالمية فنية وبرلمانية مشهورة من مختلف البلدان ؛
ولا يزال ارسال الاساطيل التضامنية مع غزة والرامية الى فك الحصار مستمرا الى الآن ، برغم كل الردود والمساعي الصهيونية لافشالها والاعتداء عليها وارهابها و اعتراضها واعتقال ناشطيها واعادتهم الى بلدانهم ، كما حدث مع سفن و ناشطي اسطول الصمود فور اقترابهم من شواطئ غزة.
هذه الفعاليات الاحتجاجية والاضرابات افادت كثيرا في ايقاظ الوعي السياسي و شكلت ضغطا على قرارات المسؤولين على مستوى حكومات البلدان ذاتها وعلى مستوى مؤسسات الاتحاد الاوروبي ككل.
وقد بلغت هذه التحركات النضالية العالمية والصدى والتأييد الواسع لها والتفاعل الجماهيري في كبريات مدن اوروبا مع جريمة اعتراض الاسطول واعتقال الناشطين ذروة النشاط والحراك الاممي العمالي والنقابي لقوى اليسار و كل القوى الحية الرافضة للاستعمار والعنصرية والفاشية وارهاب الدولة الذي يمثله هذا الكيان البغيض وداعميه من قادة القوى الامبريالية في الغرب.
حرمان مؤسسات وافراد الكيان من حضور فعاليات عالمية
بحسب ما تناقلته مواقع الكترونية شهيرة منها موقع الجزيرة كانت هناك فعاليات عالمية جرى فيها طرد ممثلي الكيان وتحويل تلك الفعاليات الى منصات للاحتجاج وهي:
صناعية (مثل طرد اربع شركات اسرائيلية من معرض باريس الجوي ) و رياضية مثل وجود اجماع في الهيئات التنفيذية على ايقاف عضوية اسرائيل في الاتحاد الرياضي الاوروبي وهذا يهدد مشاركتها في كاس العالم القادمة 2026 في اميركا ، من الاحتجاجات البارزة تمكن الاف الاسبانيين من افشال سباق دراجات عالمي ( لافويلتا) لمنع مشاركة اسرائيل فيه،
فعاليات فنية: منها ، منع الاسرائيليين من المشاركة في مهرجان البندقية السينمائي اواخر اغسطس الفائت وشهد المهرجان بيانات من الف شخصية سينمائية تدين الابادة الجماعية ، وتم تنظيم مسيرة احتجاجية وعرض فيلم سينمائي بعنوان ( صوت هند رجب ) يحكي قصة جريمة قتل الطفلة الفلسطينية الشهيدة هند ، وقد لقي هذا العمل تعاطفا واستحسانا عاليا من النقاد والمشاركين وتفاعلا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي، ايضا كان هناك الغاء لمهرجانات سينمائية مثل مهرجان اسرائيل السينمائي الذي هو فعالية مصاحبة لمهرجان مومباي السينمائي 2024-2025 بسبب اعتراض ممثلين هنود احرار على المشاركة تنديدا بما يحدث في فلسطين ، وفي جانب الفن الموسيقي اطلق حوالي 400 فنان من جميع انحاء العالم حملة مقاطعة للفعاليات الموسيقية التي تنفذها مؤسسات الكيان وعنوان الحملة ( لا موسيقى للابادة الجماعية ).
ماذا يعني هذا ، انه يعني باختصار بحسب محللين خسارة اسرائيل لحرب الصورة وحرب العلاقات العامة وخسارة آلة الهاسبارا الصهيونية الدعائية معركة الرأي العام العالمي !! رغم خسارة مليارات الدولارات التي انفقت على تلميع وترميم الصورة وتبرير جرائم الكيان.

تراجع كبير في شعبية الكيان في اميركا لدى الشعب الاميركي
نلمس هذه الحقيقة بوضوح اليوم خاصة بعد ما كشفته عدة استطلاعات للرأي التي اقامتها مراكز متخصصة وصحف مرموقة
منها على سبيل المثال صحيفة النيويورك تايمز الامريكية في استطلاع رأي اجرته على عينة احصائية مختارة
اظهرت تراجع نسبة مؤيدي دعم الكيان اقتصاديا وعسكريا من النصف الى الثلث
٣٤% يؤيدون دعم اسرائيل وكانت في السابق ٥٠℅
٣٥℅ يؤيدون دعم الفلسطينيين وكانت في السابق ١٠℅
ستة من اصل كل عشرة يريدون انهاء الحرب حتى من دون عودة الاسرى
٤٠℅ يتهمون اسرائيل بالقتل العمد للفلسطينيين بعد ان كانت النسبة هي ٢٠ ℅ مع بداية الحرب
سبعة من اصل عشرة من الشباب دون الثلاثين يعارضون تقديم مساعدات لاسرائيل
ارتفاع دعم الديموقراطيين للفلسطينيين من الثلث الى اكثر من النصف من ٣٤℅ الى ٥٤℅و في المقابل انخفض دعم الكيان من ٣٤℅ الى ١٣℅
والجمهوريين انخفضت نسبة الداعمين لاسرائيل من ٧٦℅ الى ٦٤℅
محاولات اخراج الكيان من العزلة
ومع الوصول الى حالة النبذ والعزلة الدولية للكيان !! كان من غير المفاجئ ان نجد حراكا صهيونيا عالميا مضادا لانقاذ الكيان الصهيوني (اسرائيل) من عزلتها ،وتنفيذ هجمة مضادة مرتدة عبر اساليب ووسائل وطرق جديدة ؛ سياسية و اعلامية ودبلوماسية ،استغلالا لجملة من المعطيات والمستجدات الجديدة ،اهمها:
اولا: جود ترامب وعصابته اليمينية الافنجيلية الشعبوية الفاشية على رأس السلطة في اميركا،وهو اكبر السياسيين الاميركيين الداعمين لاسرائيل و المنحاز لها بشكل اعمى ، وهو احد الدمى التي يحركها اللوبي الصهيوني بجناحيه ( ايباك ،وكوفي )
ثانيا: اللعب على الورقة الانسانية الضاغطة في غزة ، وممارسة التخويف الفاشي القذر للسكان واستغلال وصول حالة الناس الى وضع انساني كارثي غير مسبوق تم تصنيعه عمدا ( التجويع كسلاح ) و مسلسل الذبح الرهيب غير المسبوق ؛ تهديم العمارات على ساكنيها وقصف المخيمات والمستشفيات وقتل الباحثين عن المساعدات ، بل وحتى استهداف النازحين الفارين من جحيم القصف والدمار، وقد وصل متوسط الشهداء الذين يسقطون يوميا الى مايقارب 90 شهيد كل يوم.
ثالثا: استغلال حالة الانهاك التي وصل اليها بعض مكونات محور المقاومة و انسحابهم مؤقتا من المشهد ( باستثناء جبهة الاسناد اليمنية التي صعدت من عملياتها النوعية بضرب اهداف حساسة ومواقع مهمة في البنية العسكرية والمدنية داخل عمق العدو ) ،
و لكن العدو ذهب بعيدا في غيه وغروره وغطرسته وصعد من اعماله الوحشية الفضيعة في سياق ما يظن انها امكانية الاستفراد بالمقاومة الفلسطينية ، التي لازالت الى الآن تستميت في صد قوات الاحتلال و ايقاع الكمائن والخسائر الكبيرة بها.

الاعيب جديدة لاخراج الكيان من حالة العزلة والنبذ
لا شك ان عقد مؤتمر حل الدولتين ومسلسل الاعتراف
العالمي بالدولة (الدويلة الفلسطينية ) يأتي اكثر من كونه صدى سياسي اممي وتفاعلا دوليا انسانيا مع الاحداث في فلسطين ( ونحن لا ننكر تأثير حرب الابادة في غزة وتصاعد النشاط الفاضح لجرائم الاحتلال وتأثيره الضاغط سياسيا على النخب والقيادات العالمية ولكننا نعلم ان هذه المبادرات الدولية تأتي بالدرجة الاولى ضمن مساعي القوى الصهيونية العالمية لانقاذ الكيان من عزلته وبالمقابل احتواء القضية الفلسطينية وتحجيمها وتمييع الحلول لها و اختزالها وتشويه مضمونها والتعمية على اركانها و مكوناتها و الانتقاص من الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني وتضليل الرأي العام العالمي بشأن هويتها و ابعادها وعدالتها وتاريخها.
في البداية قررت بعض البلدان الاوروبية تشكيل تجمعا دوليا للاعتراف بالدولة الفلسطينية وهي النرويج واسبانيا وايرلندا ،
ثم اتسعت الدائرة بعد ذلك مع التحركات الاممية في اروقة الامم المتحدة وتحديدا في الجمعية الوطنية للاعتراف الجماعي بالدولة الفلسطينية
ثم اكتسب هذا التيار زخما اكبر مع مبادرة تشكيل مؤتمر ما يسمى بحل الدولتين وتحرك اللجنة العربية المشكلة لدعم القضية الفلسطينية ،
حتى وصلنا الى اعتراف دولي واسع النطاق بالدولة الفلسطينية،
وظهور الاعترافات الفرنسية والبريطانية والكندية والبرتغالية و الاسترالية بالدولة الفلسطينية وهي خطوة نظر لها بعض المنبطحين والمخادعين على انها خطوة تاريخية ومهمة و لها اثرها الايجابي في مسار الكفاح من اجل تحقيق حلم التحرير لكامل التراب الفلسطيني التاريخي .
و تيار آخر يعلل ويصفق بسذاجة وحسن نية وان كان يقر ايضا بوجود مخاطر كبيرة على القضية الفلسطينية ونوايا تصفوية سيئة لدى العديد من المبادرين ،
و يقر بوجود مساعي لاحتواء النضال الشعبي الفلسطيني وتحجيم ثماره المستقبلية والحصول بالمقابل على مكاسب اخرى تتمثل بالتطبيع مع المزيد من الدول العربية والاسلامية خلال الفترة القريبة القادمة.
ومع تأكيدهم ايضا على حقيقة عدم عدالة (حل الدولتين )والذي يعني مفهوم الدولة او الدويلة الفلسطينية على جزء ضئيل من الارض المحتلة لا تتجاوز ال ١٣ ℅ اذا اخذنا واقع وجود المستوطنات ، فهم يتوهون في مصطلحات الواقعية السياسية وتوازن القوى وظروف عالم اليوم وما الى ذلك من المزالق التبريرية الواهية!
يفرح البعض بان مجرد وجود الجرأة والتحدي والشام مخطط اللوبي الصهيوني اليميني الديني الرافض لفكرة التنازل عن الضفة الغربية ( يهودا والسامرة ) تعتبر خطوة مهمة وانجازا ومكسبا يحسب على السابع من اكتوبر ،

والبعض الآخر يرى ان المكسب الاهم هو ، تنامي فكرة عدم شرعية وجود الاحتلال الصهيوني من الاساس في ارض فلسطين التاريخية المحتلة لدى قطاع واسع من الرأي العام العالمي والغربي خاصة في اوساط الاجيال الجديدة الناشئة ،
وهذا ما يبعث الأمل لدى هذا الفريق من النخبة الفلسطينية والعربية على امكان توسيع دائرة الاستقطاب الفكري والثقافي والحقوقي والسياسى في المجتمعات الغربية مستقبلا لصالح تيار ازالة وتصفية كيان الاحتلال بما هو اخر استعمار باقي الى اليوم في العالم ككل.
ومن وجهة نظرهم ان اقامة الدولة الفلسطينية مؤقتا على جزء من التراب الفلسطيني لن يؤثر او يعيق ديمومة واستمرارية المقاومة والنضال الفلسطيني طالما والاحتلال لا يزال جاثما على معظم الارض المحتلة، كما ان الظروف الحالية والانسانية الضاغطة التي يمر بها الشعب الفلسطيني تحتم القبول بهذا ،
طالما وان هذا السيناريو سيؤدي الى اسقاط حكومة اليمين المتطرف واضعاف تيار اليمين الصهيوني ككل ، وهو التيار الاجتثاثي الكارثي الذي يحلم ويسعى الى جر المنطقة الى مهاوي الدمار واسع النطاق ويحمل مشروعا توسعيا جنونيا يتوهم امكانية تحقيقه .
المحاولة الثانية لاخراج الكيان من عزلته
صفقة القرن الثانية
يعتبر الكثيرون ان ماسمي بخطة ترامب الجديدة للسلام حول غزة بالتزامن مع مايسمى مؤتمر حل الدولتين اواخر شهر سبتمبر 2025ماهي الا محاولة جديدة لتمرير نسخة معدلة من مشروعه السابق (صفقة القرن ) وهي تقدم فرصة لاحكام السيطرة الصهيونية الغربية على القطاع اقتصاديا وامنيا وجيوسياسيا عبر تنفيذ سلسلة من المشاريع الاستثمارية والتدابير الادارية السياسية وتهدف بشكل مستتر الى تحقيق التهجير لجزء كبير من السكان باساليب ناعمة و تدجين الجزء الاخر وتفريغ القطاع من طليعته المقاومة بعد تجريده من السلاح مستهدفة بالدرجة الاولى اعاقة محاولات استعادة ارتباط القطاع بالضفة ومنع حتى قيام الدويلة الفلسطينية الموعودة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧
و يهدفون من ذلك الى طمس جرائم الاحتلال من ذاكرة الشعوب وترميم صورة الكيان السيئة التي ترسخت مؤخرا لدى الرأي العام العالمي ،
وايضا يطمحون الى تحقيق جملة من المكاسب الجديدة اهمها: سحب عدة دول عربية اخرى الى قطار التطبيع مع ما يصاحب ذلك من منافع اقتصادية و استثمارية و الدخول في مشاريع تنموية وجيوسياسية مشتركة ومد النفوذ الجيوسياسي العسكري والامني الى اقاليم عربية مختلفة ك الخليج واليمن والقرن الافريقي وحوض النيل وشمال افريقيا ، وتحويل دويلة الكيان ( اسرائيل ) الى ما يمنون انفسهم به ( المتطرفون الفاشيون الجهلة ) وهو تحقيق دولة ( اسرائيل الكبرى) الذي هو اكبر اوهامهم او بحسب طرف اخر منهم يتمتع بقدر لا باس من الغباء السياسي واللا واقعية و الطوباوية بحثا عن ما يسمى ب( اسرائيل العظمى )؛
وهو ايضا وهم كبير يعشش في نفوس هؤلاء الصهاينة القوميين الذين لن يدركوا سخافة تصوراتهم حتى تلفح وجوههم و عقولهم رياح التغيير في عالم اليوم.
بالطبع ثمة عوامل كثيرة ومعوقات كبيرة ستقف في وجه هذه المؤامرة الجديدة تتعلق بصلابة مقاومة الشعب الفلسطيني التي رسختها نضالات وتضحيات السابع من اكتوبر على مدى عامين كاملين ، وايضا ذاكرة الدم والنار و المهانة والجوع ، ذاكرة الغضب الفلسطيني ، ودعم قوى المقاومة في المنطقة وجميع الاحرار والشرفاء في العالم ،
وايضا ، سياسة نتنياهو المجنونة والهاربة على الدوام !!،و الانقسامات العميقة اجتماعيا وثقافيا وسياسيا في داخل الكيان المتأزم ، و صعوبة اندماجه في النظام الاقليمي ،وتعمق ازماته البنيوية الاقتصادية والاجتماعية و عوامل الضعف والهشاشة في مؤسساته المدنية والعسكرية الامنية على حد سواء ، والاهم والاعمق ، بدء انحسار وتراجع النفوذ العالمي والاقليمي للقوى الامبريالية الكبرى في الغرب التي اسست له ودعمته منذ البداية وهي الآن في العمق في طور المراجعة تمهيدا للتخلي عنه بوصفه خطأ تاريخيا و مرحلة سوداء من الماضي القريب.
وفي الطريق الى هذه الاحلام الخائبة سنجد اول الخائبين والساقطين ، هي خطة السيطرة الترامبية ومعها حكومات العصابة في الكيان وفي اميركا.

#عدلي_عبد_القوي_العبسي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل