أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - إياس الساموك - مئوية أول دستور عراقي: مقاربات لتجاوز تعقيدات التعديل الدستوري















المزيد.....

مئوية أول دستور عراقي: مقاربات لتجاوز تعقيدات التعديل الدستوري


إياس الساموك
باحث في القانون الدستوري


الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 12:03
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


مع احتفال العراق بمرور مئة عام على صدور أول دستور، وهو القانون الأساسي العراقي لسنة 1925، يتعيّن إثارة موضوع دستور جمهورية العراق لسنة 2005 (النافذ) وضرورة إجراء تعديلات على بعض أحكامه.
إن عملية التعديل، في جميع الأحوال، لا تعني إلغاء الدستور أو استبداله، بل تهدف إلى تغيير بعض أحكامه، سواءً بالإضافة أو الحذف أو التعديل.
وتبرز ضرورة تعديل الدستور لأسباب متعددة؛ فبعضها قانوني، إذ يُعَدّ الدستور القانون الأعلى في الهرم التشريعي للدولة، ما يستوجب تطويره من الناحية التشريعية. كما أن هناك اعتبارات سياسية، لأن الأوضاع التي وُضع فيها الدستور قد تغيّرت بمرور الوقت، الأمر الذي يتطلب مواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العراق.
ويتفق شُرّاح القانون الدستوري على أن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 (النافذ) يعاني من بعض أوجه الخلل التي تستدعي تعديله، إذ تتضمن بعض نصوصه مخالفات لقواعد النظام البرلماني، أو جاءت غامضة الصياغة، أو أثارت خلافاً في التطبيق، أو تعارضت فيما بينها، أو شابها خطأ قانوني أو نقص، فضلاً عن عيوب أخرى في الصياغة الدستورية.
وقد تفرّد الدستور العراقي، وعلى خلاف ما استقرت عليه الدساتير في الدول الأخرى، بإيراده آليتين لتعديل الدستور؛ إحداهما وردت في الأحكام الختامية، ويمكن اعتبارها القاعدة العامة للتعديل.
حيث نصت المادة (126) على الآتي: "أولا:- لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو لخمس (1/5) اعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور .ثانياً:- لا يجوز تعديل المبادئ الاساسية الواردة في الباب الاول والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، الا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناء على موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة ايام .ثالثاً:- لا يجوز تعديل المواد الاخرى غير المنصوص عليها في البند (ثانياً) من هذه المادة الا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام .رابعاً: لا يجوز اجراء اي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الاقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية الا بموافقة السلطة التشريعية في الاقليم المعني وموافقة اغلبية سكانه باستفتاء عام .خامساً : أ - يعد التعديل مصادقا عليه من قبل رئيس الجمهورية بعد انتهاء المدة المنصوص عليها في البند (ثانياً) و (ثالثاً) من هذه المادة في حالة عدم تصديقه .ب - يعد التعديل نافذا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية".
أما الآلية الأخرى لتعديل الدستور فقد وردت ضمن باب الأحكام الانتقالية، وهي استثناءً يُطبَّق لمرة واحدة فقط.
إذ نصت المادة (142) على الآتي: "أولاً:- يشكّل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور. وتحلّ اللجنة بعد البت في مقترحاتها. ثانياً:- تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها، وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس .ثالثاً:- تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب، وفقا لما ورد في البند (ثانيا) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ إقرار التعديل في مجلس النواب .رابعاً: يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر .خامساً:- يستثنى ما ورد من هذه المادة من احكام المادة (١٢٦) المتعلقة بتعديل الدستور، الى حين الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة".
وقد استقر شُرّاح القانون الدستوري في العراق على أن الآلية الثانية تُعدّ من الناحية التطبيقية أصعب، ولا سيما في ما يتعلق بالنصاب المطلوب لنجاح الاستفتاء.
إلا أن هناك من يرى أن المادة (142) قد انتهت بانتهاء المدة المحددة لها، في حين يذهب رأي آخر إلى أن المضي بالتعديلات وفق تلك المادة لا يمنع إمكانية إجراء تعديلات وفق المادة (126)، أي أن هناك إمكانية لإجراء التعديلات وفق المادتين معاً.
ونحن نتفق مع الرأي الذي يقول إن المضي بأول عملية لتعديل الدستور يجب أن يكون وفق الآليات المنصوص عليها في المادة (142)، لأن المدة المحددة فيها تنظيمية، ولا يترتب على تجاوزها سقوط تنفيذها، إذ إن اعتبارها ساقطة يعني تعديل الدستور بطريقة غير صحيحة.
كما أن المضي بتنفيذ الآليتين في الوقت ذاته يُفقد المادة (142) مبرر وجودها، إذ يتضح من نصوص بنودها وموقعها في الدستور أمران أساسيان:
الأول، هو الرغبة في عدم إشراك السلطة التنفيذية بشقيها؛ رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، في تقديم مقترحات التعديل.
والثاني، هو أن موقعها ضمن الأحكام الانتقالية يجعلها استثناءً من الأصل، له الأولوية في التطبيق قبل الانتقال إلى القواعد العامة للتعديل.
غير أن المُعرقِل في تطبيق هذه المادة يتمثل في نصاب الاستفتاء الوارد في إحدى فقراتها، إذ اشترطت ألا تُرفض المواد المعدلة من قبل ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر.
وبذلك نكون أمام الخيارات الآتية:
إما أن تُقدِّم اللجنة المنصوص عليها في المادة (142) من الدستور مقترح التعديلات دون قيود، ليُعرض بعد ذلك على مجلس النواب لنيل موافقته، ثم تُطرح المواد المعدلة على الاستفتاء الشعبي وتحظى بـموافقة المصوتين، أي ألا تُرفض من ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر إلا أن هذا الخيار يبدو صعب التحقيق، ولا سيما في ظل الظروف الراهنة.
أما الخيار الثاني، فيتمثل في أن تقدّم اللجنة المنصوص عليها في المادة (142) مقترحاتها على النحو المتقدّم، وتحظى بموافقة مجلس النواب، لكنها لا تنال موافقة الاستفتاء الشعبي وفق النسب المحددة آنفاً، وعندها سندخل في جدلية دستورية جديدة.
فهل يُعدّ رفض المصوّتين وفق النصاب المنصوص عليه في المادة (142) تنفيذاً لتلك المادة أم لا؟
وبعبارة أخرى، إذا رفض المصوّتون المواد المعدلة التي قدّمتها اللجنة ووافق عليها مجلس النواب، فهل يتطلب الأمر محاولات أخرى إلى حين الحصول على الموافقة وفق النصاب المطلوب؟ أم أن إجراء محاولة واحدة يُعدّ كافياً لاعتبار المادة (142) قد تم تنفيذها بالكامل.
في حين أن الخيار الثالث، وهو الذي نتفق معه، فيتمثل في أن تتولى اللجنة المنصوص عليها في المادة (142) تقديم مقترحات تعديلات محدودة، إذ إن تلك المادة وصفت التعديلات المقترحة بأنها "ضرورية"، وهو وصف يخضع لتقدير اللجنة ومن بعدها مجلس النواب.
ولضمان قبول هذه التعديلات من قبل المصوّتين، يُستحسن أن تكون المواد بسيطة وواضحة ولا تُثير خلافات جوهرية، وذلك من أجل تجاوز القيد الوارد والمضي في تعديل الدستور وفق الآليات المنصوص عليها في المادة (126) لاحقاً.
وبهذا، نرى أن إجراء تعديل الدستور قد أصبح ضرورة قانونية وسياسية، وهي عملية طبيعية تمرّ بها جميع الدساتير.
وبما أن العراق قد تفرّد بآلية استثنائية معقّدة للتعديل، فإن تجاوز هذه الصعوبة يكون من خلال الاقتصار في التعديل الأول على مواد بسيطة ومحددة، تمهيداً لتجاوز القيود الحالية، ومن ثم العودة إلى القواعد العامة في تعديل الدستور المنصوص عليها في المادة (126).

باحث دكتوراه



#إياس_الساموك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسؤولية الناخب في انتخاب المرشحين لعضوية مجلس النواب
- حق عضو مجلس النواب في إقامة الدعوى الدستورية
- حجية أحكام رد الدعوى الدستورية
- طبيعة الإنفاق في الموازنة العامة: بين الإجازة والقاعدة الآمر ...
- دور القانون في استقرار المجتمع وتجنب النزاعات
- التمييز بين مصطلحي الحكومة ومجلس الوزراء في الدستور العراقي
- هل تمثل المحكمة الاتحادية العليا القضاء الدستوري في العراق؟
- حدود مجلس النواب في ممارسة الاختصاص الرقابي
- بين القضاء الدستوري والقضاء السياسي
- حجية تفسير الدستور بمناسبة الرقابة الدستورية
- غياب الاستفتاء التشريعي في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
- موضوعات الرقابة الدستورية
- سنُّ الترشيح لعضوية مجلس النواب: إغفال متعمد لفئة الشباب
- الالتزام الدستوري بإقرار الحساب الختامي
- دور الفقه في قرارات القضاء الدستوري
- انتهاك الدستور
- الاتجاهات الدستورية في تحديد عدد أعضاء مجلس النواب
- في تعطيل جلسات مجلس النواب
- نائب رئيس الدولة في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 (النافذ)
- الضرورة في الإطار الدستوري (الاختصاص التشريعي للحكومة إنموذج ...


المزيد.....




- السعودية.. الداخلية تُعلن إعدام مصريين -تعزيرا- وتكشف عن تهم ...
- السعودية تعدم الدرازي بعد 11 عاما من اعتقاله قاصرا.. الإعدام ...
- غزة تستقبل دفعة سادسة من جثامين الشهداء الأسرى
- بن غفير يدعو لإقرار مشروع قانون يسمح بإعدام أسرى فلسطينيين
- مؤسسة هند رجب تدعو لإصدار مذكرات اعتقال دولية ضد قتلة الطفلة ...
- 80 شهيدا بين صفوف الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال
- مؤسسة هند رجب تقدم ملفاً إلى الجنائية الدولية يطالب باعتقال ...
- غزة تستقبل دفعة سادسة من جثامين الشهداء الأسرى
- هل دفع هرتسوج بفكرة العفو عن نتنياهو مع عائلات الأسرى؟
- إطلاق نار واعتقال 3 صيادين فلسطينيين قبالة ساحل مدينة غزة


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - إياس الساموك - مئوية أول دستور عراقي: مقاربات لتجاوز تعقيدات التعديل الدستوري