أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عزيز باكوش - ديوان - الشيوعي الأخير فقط- للشاعر العراقي سعدي يوسف – تجربة الانتماء لليسار تستحق أن تروى بكل آلامها وأحلامها وانكساراتها..















المزيد.....

ديوان - الشيوعي الأخير فقط- للشاعر العراقي سعدي يوسف – تجربة الانتماء لليسار تستحق أن تروى بكل آلامها وأحلامها وانكساراتها..


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 19:01
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ديوان - الشيوعي الأخير فقط - للشاعر العراقي سعدي يوسف صدر في السنوات الأخيرة من حياته. وجاء كنوع من الوصية الشعرية لرجل عاش التجربة اليسارية بكل آلامها وأحلامها وانكساراتها . ويعتبر العمل من أبرز محطّاته الشعرية المتأخرة، وهو عمل يتسم بعمق التأمل السياسي والإنساني، وبنبرة وداعية تمزج بين السخرية المرّة والاعتراف الشخصي.
الديوان الذي جاء في 84صفحة من القطع المتوسط اشتمل على 30حالة للشيوعي الأخير هي :
بذلَةُ العاملِ الزرقاء ……..
الشيوعيُّ الأخيرُ يُغادِرُ عُمان
الشيوعيُّ الأخيرُ يُتْرَجَمُ
أوَّلُ آثارِ في موريس بلانشو (برلين)
استقالةُ الشيوعيِّ الأخير ……..
تعاليمُ الشيوعيِّ الأخير ……..
أيامُ العملِ السرّي ……..
الشيوعيُّ الأخيرُ مُحرِّرُ بغداد
الشيوعيُّ الأخيرُ لا يعملُ مترجماً
الشيوعيُّ الأخيرُ يرفضُ عملاً
الشيوعيُّ الأخيرُ يدخلُ الجنة ……..
الشيوعيُّ الأخيرُ يذهبُ إلى باريس
الشيوعيُّ الأخيرُ يريدُ أن يكتبَ شعراً
الشيوعيُّ الأخيرُ يخرجُ متظاهراً ……..
الشيوعي الأخير يَمازحُ الحلاّق
الشيوعي الأخير يتعلّمُ الهبوطَ بالمظلّة
الشيوعي الأخير يقرأُ أشعاراً في كندا
الشيوعي الأخير يشهدُ أولَ آذار في برشلونة
الشيوعي الأخير يذهبُ إلى السينما
الشيوعي الأخير يذهبُ إلى البصرة
الشيوعي الأخير يسبحُ في خليجِ عدن
الشيوعي الأخير يعودُ من الشاطئ
الشيوعي الأخير يشتري قميصاً
الشيوعي الأخير ينتظرُ الحافلة
الشيوعي الأخير يدخلُ في النفق
الشيوعي الأخير يُشعلُ عودَ ثقاب
الشيوعي الأخير يعدِّلُ في النشيدِ الأمميّ.

في قصيدته الشيوعي الأخير فقط وهي مركز الديوان يقول سعدي يوسف -
الشيوعي الأخير يريد أن يكتب شعراً
من أين جاءت نخلةُ البصـريِّ كي تُرخي جـذائلَها عليه،
وتأمرَ الأطيارَ أن تشدو قليلاً باسمه؟
كان الشيوعيُّ الأخيرُ ينامُ تحتَ النخلةِ:
الشعراءُ قد صمتوا!
عجائب…
كيف يصمتُ عن أُنينِ النخلةِ الشعراءُ؟
كيف يكون أولئك، كآخرهم، أَصَمَّ، وأَبْكَمَ؟
اندلعت حرائقُ مثل أشرطةِ القيامة
وامتدتْ مُدُناً،
وذابت تحتَ صَريخِ القنابلِ والنّطْيِ أضلاعُ عاصمةٍ…
وغابت نسوةٌ في وحشةِ الصحراءِ
يَدفُنَّ البلادَ.
مولولات
ذاهبات في السواد
عجائب
الشعراء أولهم كآخرهم أصم وأبكم
....
انتبه الشيوعي الاخير
لقد كتبت. لندن يونيو 2006
للوهلة الأولى يبدو العنوان -الشيوعي الأخير فقط- كحمولة لشحنة رمزية كثيفة. فهولا يكتفي بإعلان رسمي لانتهاء مرحلة تاريخية ارتبطت بالأمل الثوري والعدالة الاجتماعية. وإنما يتعدى ذلك كي يفسح المجال لشهادة شاعر يرى نفسه الناجي الأخير من جيلٍ كان يؤمن بأن الشعر يمكن أن يغيّر العالم. ذلك أن كلمة "فقط " وحدها تضيف نغمة عزلة ووحدة، كأن الشاعر يكتب من أطلال الفكرة اليسارية التي تبعثرت.
يتنقّل سعدي يوسف في هذا الديوان بين موضوعات متعددة، لكنها كلها تصب في تأمل المصير الفردي والجماعي بعد الخيبة السياسية. ولحظة التأمل العميقة في انهيار الحلم الشيوعي وسقوط الأيديولوجيات، واغتراب المناضل القديم في عالمٍ فقد الإيمان. ومع استمرار حضور المنفى كفضاء روحي وجغرافي و استعادة الأمكنة العراقية (البصرة، بغداد، الموانئ، النخيل...) كرموزٍ للفقد يجسد الشاعر ميله إلى كتابة وتدوين التفاصيل اليومية الصغيرة، مثل إعداد القهوة أو الحديث مع قطة، لتصبح هذه التفاصيل ملاذًا شعريًا من الخراب. وفي لحظة أخرى مجاورة يتأمل الشيخوخة بشجاعة وهدوء، ويواجه الموت بوصفه استمرارًا طبيعيًا للمنفى الوجودي.
تبدو اللغة في الديوان بسيطة نثرية وشفافة، تبتعد عن الزخرفة البلاغية. يكتب سعدي يوسف هنا بلغة اعترافية ومتحررة من الشعارات، قريبة من قصيدة النثر لكنها مشبعة بإيقاع داخلي خاص. يستخدم السخرية السوداء كوسيلة للدفاع عن النفس أمام الانكسار. تتخلل القصائد صور متقشفة ودقيقة، تلتقط المشهد اليومي لتكشف عن دلالات عميقة.
يتسم الديوان بالبعد الإيديولوجي لمرجعية الشاعر .فسعدي يوسف لا يتخلى عن جذوره الشيوعية، لكنه ينتقدها من الداخل، بوصفها حلماً جميلاً فشل في احتضان الإنسان. يطرح سؤالا مؤلما ماذا تبقّى من الشيوعي القديم حين تنهار الأحزاب وتُهزم الأوطان؟
على صعيد الرؤية تبدو القصائد متأرجحة بين المرارة الهادئة والحنين الحزين.
الشاعر . حيث يكتب الشاعر من موقع الحكيم الذي يرى العالم يكرر أخطاءه، فيختار الهدوء بدل الغضب والتأمل بدل الهتاف. وهو ما يضفي على الديوان مسحة السيرة الذاتية في خلاصة تقدم نفسها تجربة فكرية و شعرية، ومفتاحا لقراءة تحوّلات جيلٍ كامل من المثقفين العرب. هو أيضا وثيقة شعرية عن خيبة اليسار العربي، وعن مصير المثقف المنفي بين الحلم والواقع.
«الشيوعي الأخير فقط» مرثية للحلم الإنساني الكبير الذي عاشه جيل بأكمله.
كتب فيه سعدي يوسف قصيدته الأخيرة .كما يكتب المسافر وصيته قبل الرحيل، بلغة خافتة وضميرٍ يقظٍ، يواجه العالم بابتسامة خيبةٍ نبيلة.
بعيداً في ضباب مدينتي الخجلى
لقيتُكَ أنت والعربات والليلا
حزينٌ أن أراكَ هنا
سعيدٌ أن أراكَ هنا.
ونقرأ في صفحة عباس بيضون حديثا آخر :
لو نتحدث قليلا عنك اليوم؟
• باختصار، أنا شيوعي خارج الحزب، أعمل للحزب ومعه.
• خارج وداخل؟
• أنا كنت مبتهجا لكوني في الحركة الشيوعية، وحتى الآن أشعر بابتهاج لأني لم أنفصل عنها.
• أهناك صعوبات جعلتك خارج الحزب؟.
• نعم، لكنها صعوبات قد تكون ناتجة عن تكويني، فأنا لست شجاعا بما يكفي لأن أتحمّل كثيرا، ولست على قدر عال من الانضباط لكي أتحمّل البقاء في خلية فترة طويلة وأكتب تقارير وآتي بأنصار وأجمع تبرعات الخ... مع أني في فترة معينة وزعت جريدة سرية ومنشورات في معسكر للجيش.
• دخلت السجن، هل استفدت من هذه التجربة؟
• نعم دخلت السجن في فترة البعثتين وعبد الكريم قاسم. تجربة السجن مهمة جدا في حياتي باعتبار أنها جعلتني دائما أصبر وأن أكتفي بالقليل وأن أحترم الآخر. أفادتني التجربة كثيرا في الواقع.



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع المخرج المغربي الواعد رامز لطرش السينما كانت علاجي و ...
- -كثبان السافانا - استعادة إرث الإنسان الإفريقي ودعوة للتنديد ...
- اللص والكلاب- لنجيب محفوظ من الأعمال الكبرى التي تُقرأ مرات ...
- رواية - أحلام منكسرة - لمحمد بوهلال السيرة المتخفية. أو الأو ...
- -خواطر وهمسات- لعبد الحي الرايس - نبض رجل بذبذبات استثنائية ...
- لوحات الإبحار-اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي. جديد ...
- في الذكرى 34 لتأسيس أول فرع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ...
- هل يترك ChatGPT أثرا أو بصمة واضحة في كتابات الباحثين الذين ...
- مأساة الناقد الذي يفتقر إلى معرفة بعلم الجمال سقوطه الحتمي ف ...
- حينما يصبح الذكاء الاصطناعي عاجزا أمام المخطوط التراثي العرب ...
- من أجل انبعاث فاس واستدامتها مؤسسة يوم فاس ترفع شعار - تفعيل ...
- الذاكرة والاعتقال السياسي في السينما المغربية: فيلم «كيليكيس ...
- رواية -الفتاة التي لا تحب اسمها-لإليف شافاك أو ساردونيا أنجع ...
- رواية -أزهار عباد الشمس العمياء - للكاتب الإسباني ألبيرتو من ...
- - تازة بعين صحفية -للإعلامي المغربي عبد الإله بسكمار عمق تار ...
- رواية الخبز الأسود للدكتور عمر الصديقي أو دعوة مفتوحة لكتاب ...
- مهرجان أكورا للسينما والفلسفة بفاس - المغرب أو حوار الدهشتين
- رواية - حلم العم- للشاهق الشامخ دوتويفسكي أو قصة الأمير وما ...
- أثر التقنيات الرقمية على مستقبل صناعة المحتوى الإعلامي بالمغ ...
- -معاً من أجل فاس: تأريخا للماضي، وتقويماً للحاضر، واستشرافاً ...


المزيد.....




- ترامب يهدد بـ-القضاء- على حماس إذا انتهكت اتفاق وقف إطلاق ال ...
- فيديو متداول لـ-جولة عمر البشير في شوارع مروي- بالسودان.. ما ...
- زياد زهر الدين.. قنصل سوري سابق يعلن توقفه عن العمل بالحكومة ...
- بعد الجدل حول تصريحاته عن الهجرة.. ميرتس يتعهد بإبقاء ألماني ...
- ملايين مستحقة لأندية ألمانية.. الديون تثقل كاهل فريق برشلونة ...
- الخط الأصفر.. ذريعة إسرائيل لانتهاك وقف إطلاق النار في غزة
- موريشيوس تجمّد أصول رجل أعمال مرتبط برئيس مدغشقر السابق
- الأوروبيون يناقشون العقوبات على إسرائيل بعد وقف إطلاق النار ...
- قبل سرقة المجوهرات الإمبراطورية.. محطات في تاريخ السرقات الت ...
- -ما خفي أعظم- يكشف أسماء وصور قتلة الطفلة الفلسطينية هند رجب ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عزيز باكوش - ديوان - الشيوعي الأخير فقط- للشاعر العراقي سعدي يوسف – تجربة الانتماء لليسار تستحق أن تروى بكل آلامها وأحلامها وانكساراتها..