أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عزيز باكوش - اللص والكلاب- لنجيب محفوظ من الأعمال الكبرى التي تُقرأ مرات ولا تفقد بريقها














المزيد.....

اللص والكلاب- لنجيب محفوظ من الأعمال الكبرى التي تُقرأ مرات ولا تفقد بريقها


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 18:49
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أن تعيد قراءة رواية -اللص والكلاب - للكبير نجيب محفوظ للمرة الثالثة، معناه أنك لم تفرغ بعد من صدى الدهشة الأولى، وأن الرواية لا يزال نصها يحتفظ بسرّ صغير يخبئه لك بين الصفحات . لنسلم جميعا بأن القراءة الأولى كانت جريا خلف الحكاية بهدف لملمة المواقف وتجميع الأحداث الدراماتورجية ، ولنتفق جزئيا أن القراءة الثانية هي محاولة لفكّ ألغاز الرواية ورموزها،لكن عودتنا للمرة الثالثة فهي بالتأكيد عودة هادئة، أشبه بزيارة بيت تعرفه جيدا، لكنك في كل مرة تكتشف فيه غرفة لم تنتبه لوجودها من قبل. إنها لحظة اختبار لعمق الأثر الجمالي للنص، ولصدق علاقتك به، حيث يتحول من مجرد رواية إلى جزء من حياتك الداخلية، صديق قديم تستأنس به كلما عدت إليه.
حينما نعيد قراءة رواية للمرة الثالثة ، فنحن لا نكرر فعلا قرائيا سبق ممارسته فحسب ، وإنما نعمق فهمنا ،بعد أن أتاحت لنا القراءة الأولى ملاحقة الأحداث والشخصيات، وفي الثانية، نكتشف الرموز والمعاني، أما في الثالثة فندخل إلى الطبقات الخفية للنص، نقرأ بين السطور، نلمح ما كان مستتراً. لقد أصبحت الرواية جزء من وجداننا، مكانا نجد فيه الدفء والمعنى، أشبه بزيارة صديق قديم تتجدد معه المتعة كل مرة. إنه اختبار جمالي الاختبار الجمالي: الأعمال الكبرى تُقرأ مرات ولا تفقد بريقها، بل تكشف عن طاقتها الإبداعية كلما تعمق القارئ فيها. فإعادة القراءة شهادة ضمنية على قيمة النص.
رواية "اللص والكلاب" (1961) تعدّ من أبرز أعمال نجيب محفوظ في المرحلة الواقعية النفسية، وهي مستوحاة من واقعة حقيقية في خمسينيات القاهرة. تحكي الرواية قصة سعيد مهران، لص شريف على طريقته، خرج لتوّه من السجن بعد أربع سنوات قضاها عقوبة لجريمة سرقة. كان يتوقع أن يجد عالمه القديم في انتظاره، لكنه يُصدم بخيانة أقرب الناس إليه. زوجته نبوية خانته وتزوجت من تلميذه السابق عليش سدرة الذي كان شريكه في الجريمة. صديقه المثقف رءوف علوان، الذي كان يلهمه بشعارات الثورة والعدالة الاجتماعية، أصبح صحفياً مشهوراً ومتواطئاً مع السلطة والواقع الجديد.ابنته الصغيرة لم تعد تعرفه، مما يزيد من شعوره بالاغتراب.
يقرر سعيد الانتقام من "الكلاب" التي خانته – زوجته، عليش، رءوف، والشرطة التي تلاحقه. لكنه يفشل في كل محاولة:يحاول قتل رءوف علوان، فيخطئ الهدف. يهاجم بيت عليش، لكنه لا يجده ويقتل الأبرياء بالخطأ. الشرطة تضيق عليه الخناق، والإعلام يصوره كقاتل مجرم. الوحيدة التي تعطف عليه هي نور، فتاة الليل التي تمنحه المأوى والحنان، لكنها لا تستطيع إنقاذه من مصيره. في النهاية، يجد سعيد نفسه مطارداً في المقابر، وحيداً ومحاصراً، فيختار المواجهة الأخيرة مع الشرطة في مشهد رمزي مكثف، وكأنه يذهب إلى قدره بوعي كامل.
ومن أهم القضايا والأعطاب الاجتماعية التي تفرزها الرواية الاغتراب والخيبةعندما يخرج سعيد من السجن سيجد أن العالم تغيّر وخانه. والخيانة ذاتها لا تأخذ منحى معينا بل تتجلى في مستويات متعددة: خيانة زوجية، خيانة الصديق، وخيانة المبادئ.صراع الفرد مع المجتمع. فعندما يرى سعيد نفسه بطلاً، لكن المجتمع يراه مجرماً. ومع أن كل رحلة يقوم بها سعيد هي محاولة لاستعادة معنى العدل، فإن النتيجة دائما مأساوية وللكلاب أبعاد رمزية في النص فهي تمثل الخيانة، المجتمع المتربص، والسلطة التي تحاصره. وبإجماع النقاد اللص والكلاب من أوائل الروايات التي استخدمت تيار الوعي في الأدب العربي، ما جعل القارئ يعيش أفكار سعيد مهران وانفعالاته مباشرة . ولعل الرواية هنا تحديدا تعكس أزمة المثقف والإنسان البسيط بعد ثورة 1952، بين الأحلام الكبيرة والواقع المحبط. فنرى البطل يسعى إلى إيجاد معنى لحياته ويموت واقفاً رافضاً الاستسلام.

نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا هو واحد من أعظم الأدباء في تاريخ مصر والعالم العربي. من مواليد 11 ديسمبر 1911. حي الجمالية، القاهرة، مصر. وتوفي في 30 غشت 2006. من أهم أعماله: الثلاثية الشهيرة: بين القصرين، قصر الشوق، السكرية- زقاق المدق، اللص والكلاب،أولاد حارتنا (عمل مثير للجدل)ثرثرة فوق النيل حصل على جائزة نوبل في الأدب سنة 1988، وهو أول أديب عربي يفوز بها.ويتميز أسلوب نجيب محفوظ بالتركيز على تصوير الحياة المصرية، وأبدع في رواياته الواقعية اللي ناقشت قضايا المجتمع والدين والسياسة والفقر ...



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية - أحلام منكسرة - لمحمد بوهلال السيرة المتخفية. أو الأو ...
- -خواطر وهمسات- لعبد الحي الرايس - نبض رجل بذبذبات استثنائية ...
- لوحات الإبحار-اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي. جديد ...
- في الذكرى 34 لتأسيس أول فرع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ...
- هل يترك ChatGPT أثرا أو بصمة واضحة في كتابات الباحثين الذين ...
- مأساة الناقد الذي يفتقر إلى معرفة بعلم الجمال سقوطه الحتمي ف ...
- حينما يصبح الذكاء الاصطناعي عاجزا أمام المخطوط التراثي العرب ...
- من أجل انبعاث فاس واستدامتها مؤسسة يوم فاس ترفع شعار - تفعيل ...
- الذاكرة والاعتقال السياسي في السينما المغربية: فيلم «كيليكيس ...
- رواية -الفتاة التي لا تحب اسمها-لإليف شافاك أو ساردونيا أنجع ...
- رواية -أزهار عباد الشمس العمياء - للكاتب الإسباني ألبيرتو من ...
- - تازة بعين صحفية -للإعلامي المغربي عبد الإله بسكمار عمق تار ...
- رواية الخبز الأسود للدكتور عمر الصديقي أو دعوة مفتوحة لكتاب ...
- مهرجان أكورا للسينما والفلسفة بفاس - المغرب أو حوار الدهشتين
- رواية - حلم العم- للشاهق الشامخ دوتويفسكي أو قصة الأمير وما ...
- أثر التقنيات الرقمية على مستقبل صناعة المحتوى الإعلامي بالمغ ...
- -معاً من أجل فاس: تأريخا للماضي، وتقويماً للحاضر، واستشرافاً ...
- البروفيسور أحمد شراك : ثورة رقمية بأربع مقاربات
- قراءة في كتاب -السينما والفكر النقدي - لخليل الدامون - سينما ...
- الغرافيتيا من المادي إلى الرقمي –أسئلة سوسيولوجية حول الكتاب ...


المزيد.....




- طفل بدراجة كهربائية معدلة ينجو بأعجوبة من حادث مروع.. شاهد م ...
- ماذا نعرف عن عزيز أخنوش الذي يطالب المغاربة برحيله؟
- إسرائيل ترحّل 137 ناشطًا من أسطول غزة وسط اتهامات بسوء المعا ...
- احتمالات تطبيق خطة ترامب بشأن غزة
- ما الذي قد يعيق تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة؟
- كيف وظف أسطول الصمود الكاميرات والبيانات لجذب اهتمام العالم؟ ...
- -معاهدة الشراكة الاستراتيجية- استثمار إيراني روسي لمواجهة ال ...
- القسام تبث مشاهد لاستهداف مقاتليها قوات إسرائيلية بتل الهوا ...
- القاهرة تتحضر لحوار فلسطيني يناقش مستقبل غزة
- على مرحلتين.. مصر تحدد موعد انتخابات مجلس النواب


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عزيز باكوش - اللص والكلاب- لنجيب محفوظ من الأعمال الكبرى التي تُقرأ مرات ولا تفقد بريقها