أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد ابولول جبجاب - العراق بين مهد الحضارة وأزمة الوعي السياسي: من علم العالم الكتابة... تائه بين - البلوكرات - و -الترند -و -دبلوماسية الجمال-















المزيد.....

العراق بين مهد الحضارة وأزمة الوعي السياسي: من علم العالم الكتابة... تائه بين - البلوكرات - و -الترند -و -دبلوماسية الجمال-


حميد ابولول جبجاب

الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 00:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العراق بين مهد الحضارة وأزمة الوعي السياسي: من علم العالم الكتابة... تائه بين
" البلوكرات " و "الترند "و "دبلوماسية الجمال"
الأستاذ المساعد الدكتور حميد ابولول جبجاب
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد/ جامعة ميسان
العراق مهد أقدم الحضارات التي علمت العالم الكتابة والسياسة، والعمران والاقتصاد. يواجه اليوم أزمة وعي سياسي حادة، يظهر فيها بروز "البلوكرات" واستغلال الشهرة والجمال في الحملات الانتخابية للانتخابات المزمع انعقاده في 11 / 11 / 2025 ، فقد بات لبعضهن تأثير ملموس في توجيه السياسة العامة للبلاد، سواء على الصعيد الاقتصادي أم السياسي أم الدبلوماسي، ما يهدد جوهر الديمقراطية ويحول الوضع السياسي في العراق إلى ساحة للعرض والتسويق الرقمي أكثر من كونه ساحة لاختيار الكفاءة والرؤية .
إن تطور العلوم والمعارف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الحياة البشرية وسعي الإنسان الدائم نحو الرقي والعمران، غير أن هذا التطور لا يسير بوتيرة واحدة في جميع الأزمنة، إذ تتباين سرعته تبعاً للظروف الحضارية والفكرية، ووفقا لظهور النابغين من العلماء والمفكرين والسياسيين الذين ينهضون بالمجتمع في فترات زمنية متفاوتة لا يمكن ضبطها بمقياس ثابت.
فربما يشهد عصر ما ظهور عدد من العباقرة الذين يدفعون عجلة الحياة إلى ذروة الكمال والنماء من دون توقف، في حين تمر أزمنة أخرى يقل فيها حضور هؤلاء، فيتراجع معها مستوى التقدم نسبيا، وهذا ما نراه اليوم وخاصة بعد عام 2003
وفي كتاب (العراق التائه) يذكر المؤلف محمود الشناوي .
"إنّ ما حصل في العراق عقب أحداث نيسان 2003 شکل انعطافا تاريخيا كبيرا في المنطقة له علاقة مباشرة بالسنة والشيعة في منهجيهما التاريخيين وفي إستراتيجيتيهما عبر المئات من السنين فالطائفة السنية لم تكن تتوقع في يوم ما أن العراق سيخرج عن قبضتها لأي سبب كان، أما الشيعة العرب في العراق فقد أدى التغيير الحاصل إلى آثار كبيرة على حاضرهم ومستقبلهم فهم لأول مرة في تاريخهم ينتقلون إلى مواقع قيادية، وهم بذلك يتحملون مسؤولية كبيرة. لم يدرك الطرفان حجم ما جرى حتى الآن، وأن عجلة الزمن قد دارت وفرضت واقعا جديدا يجب أن يتعامل معه الجميع، إلا أنهم ما زالوا يتعاملون مع الواقع الجديد بعفوية وبعقول سياسية تقليدية تحكمها المصالح الآنية الشخصية والحزبية ولم يتمعنوا بعد في طبيعة ما يقع عليهم من مسؤولية تجاه الطائفة والدين والإنسانية".
أما الأكراد الذين مكنتهم خبرتهم في الإدارة الذاتية لإقليم كردستان شبه المستقل منذ عام ۱۹۹۱ من الاستفادة إلى أقصى درجة من الوضع الجديد فإنهم يجيدون ممارسة سياسة حافة الهاوية للحصول على أعلى المكاسب في كل مرحلة؛ حتى إنهم لم يكتفوا بإقليم مستقل له حكومة وبرلمان وقوات مسلحة وأمن ومخابرات وإدارة اقتصادية، بل شاركوا في كل ما جرى بعد انهيار الدولة العراقية التي حكمها البعث، ومع انفتاح كردستان على العاصمة بغداد ومقدم السياسيين الكرد البارزين إليها جاءت أحزابهم أيضا وفتحت لها مقار مختلفة ونشطت هذه الأحزاب بالذات داخل المجتمع الكردي البغدادي غير أن هذا المجتمع كان ينقسم، مع كل انتخابات جديدة ما بين التصويت تبعا لدوافع قومية أو طائفية، وفي بعض الأحيان تبعا لتوجهات علمانية.
ليس المهم ما بيناه سابقا فيقال "إن التاريخ لا يرحم الشعوب التي تنسى جذورها". والعراق، الذي أنار للعالم طريق الكتابة والحضارة قبل أكثر من سبعة آلاف عام، يبدو اليوم عالقا بين ماض مجيد وواقع سياسي مرتبك، تهيمن عليه الفوضى الرقمية والشعبوية الانتخابية. من أرض سومر وأكد وبابل، التي أبدعت أولى الشرائع وابتكرت أول أبجدية، يتفرج العالم اليوم على مشهد سياسي تتحكم فيه مواقع التواصل الاجتماعي، وتتصدره وجوه صنعتها الشهرة لا الفكر، والجمال لا الكفاءة.
حين نتأمل المشهد العراقي الراهن، ندرك حجم المفارقة بين عمق التاريخ وضحالة الواقع السياسي المرير. فبدل من أن يكون الوعي الجمعي للمجتمع امتداداً لذلك الإرث الحضاري العظيم، باتت الثقافة السياسية هشة، والأصوات الانتخابية توجه بالعاطفة ( المذهب ، التوجه السياسي ، القبلية ، العشائرية ، العائلية) لا بالعقل، وبالانتماء لا بالكفاءة.
منذ عام 2003، ومع التجربة الديمقراطية الحديثة التي اعتبرها دخيلة على مجتمعاتنا الشرقية، لم تنجح النخب السياسية في العراق سواء أكانت شيعية أم سنية أم كردية في ترسيخ قيم المشاركة الواعية، بل اتسع نفوذ الولاءات الفرعية على حساب المشروع الوطني. وبدل البرامج الواقعية، هيمنت لغة الخطابات والمزايدات، فتحول البرلمان إلى ساحة صراع لا إلى مساحة تشريع وبناء بلد.
ومن أبرز مظاهر هذا التراجع وهذا ما نشاهده اليوم من صعود ظاهرة "البلوكَرات" و"صناع المحتوى الرقمي" و"الوجوه المفلترة" الذين اقتحموا المشهد الانتخابي من بوابة الشهرة الإلكترونية. فهؤلاء الذين صنعوا حضورهم في فضاءات "السوشيال ميديا" و"النوادي الليلية" و"الليالي الحمراء" او في ....... الخ ، وجدوا في السياسة ميدانا جديداً لتسويق الذات. ومع ضعف المعايير الفكرية لدى اغلب الناخبين، صار الطريق إلى البرلمان يمر عبر الكاميرا والهاتف او حتى في نادي ليلي كما شاهدنا بعض الفيدويات المنتشرة في السوشيال ميديا ، لا عبر الفكر والبرنامج السياسي ولا نسمع اليوم ولغاية كتابة مقالتي عن أي برنامج انتخابي لأي مرشح سوى عدد قليل لا يعدون بإصبع اليد الواحدة .
ولم يتوقف المشهد عند حدود "الترند" و"اللايفات"، بل اتخذ بعدا أكثر سطحية مع استغلال جمال المرشحات في الحملات الانتخابية التي نشاهدها اليوم في جميع الشوارع وفي "السوشل ميديا"، بما فيها صور ملفتة لجذب المتابعين. وفي سياق هذا الأمر، كنت جالسا مع مجموعة من النخب الأكاديمية في مقهى على شاطئ نهر دجلة، إذ فوجئت بصديقي، دكتور( .....) أكاديمي، يقول إن الصور المستخدمة لإحدى المرشحات الدكتورة (....... ) ليست الدكتورة نفسها كون الصورة "حقيقة جميلة جداً" ، فقلت له: "أخي، أخاف الصورة حديثة أو قد تم إجراء بعض عمليات التجميل قبل الانتخابات". فرد علي مبتسما: "هذه صورته قبل أيام، لكنها جمعت بطريقة تجعلها أكثر تأثيرا". هنا بدا واضحا أن الدعاية المبكرة للمرشحة اعتمدت على التضليل البصري حتى قبل دخول الانتخابات، وهو مثال حي على كيف يتحول الجمال والصورة إلى أداة سياسية، بعيدا عن المضمون والكفاءة ، وهذا في اغلب صور المرشحات .
وهذا يبين خطورة ما يحدث لا تكمن في وجود البلوكرات أو الصور الجذابة بحد ذاتها، بل في تغير منطق التلقي الجماهيري الذي أصبح يقيس المرشح بمقدار حضوره الرقمي أو جاذبيته الشكلية لا بقدراته السياسية أو الفكرية أو برنامجه الانتخابي. هذه الأزمة ليست في الأشخاص، بل في بنية الوعي العام للمجتمع الذي فقد توازنه بين الشكل والمضمون، وبين الصورة والحقيقة.
العراق اليوم أمام مفترق طرق حقيقي. فإما أن يستعيد وعيه الحضاري ويحول تجربته الديمقراطية إلى مشروع وطني ناضج، أو يترك الساحة لموجات العشوائية الرقمية التي تفرغ السياسة من مضمونها.
إن الأمم العريقة لا تقاس فقط بتاريخها، بل بقدرتها على تجديد هذا التاريخ في سلوكها وفكرها ومؤسساتها. والعراق، الذي علم البشرية الكتابة، يستطيع أن يعلمها من جديد معنى الوعي والاختيار، إذا ما وعى أن مستقبل الأوطان لا يصنع بـ"الترند" ولا بالجمال العابر، بل بالعقل، وبالقدوة، وبالإرادة الوطنية. حقيقة نحن في زمن التفاهة .
ومن الله التوفيق



#حميد_ابولول_جبجاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين أزمة الحكم ومأزق الشرعية قراءة مقارنة في ضوء كتاب ...
- خور عبد الله : دراسة تاريخية في خضم الصراع القائم في الشرق ا ...
- العراق في ظل الشرق الأوسط الجديد ( دراسة جيو سياسية تاريخية ...
- موعدنا الجنة ...... ( قراءة ما وراء الوثيقة في استشهاد السيد ...
- العراق الجديد وذكرى تأسيس جيشه ١٠٤
- الحكومات تزرع بذرة سقوطها بيدها
- دراسات في تاريخ العراق المعاصر (أحداث 1958 في العراق ،انقلاب ...
- اصدار كتاب
- الاهمية الاقتصادية والعسكرية لأحواز ايران ( ورقة تاريخية )
- تداعيات البترول الايراني واحتكار الشركات الاجنبية ( الكنسورت ...
- صراع البترول في ايران...... ثورة مصدق 1953م وعملية اجاكس الا ...
- ايران وتركيا سنوات من الصراع
- يهود مصر ودورهم السياسي خلال القرن التاسع عشر .
- الموت لأمريكا الموت لإسرائيل ، شعارات حرق السفارة البحرينية
- الغلو والتطرف واثره على المجتمع


المزيد.....




- إسرائيل تستأنف وقف إطلاق النار في غزة بعدما -انتهكته- حماس
- مقاومة و-برغماتية متأخرة-.. إيران على مفترق طرق
- إيطاليا: قتيلان وإنقاذ العشرات على متن مركب مهاجرين قبالة جز ...
- فايننشال تايمز: ترامب دعا زيلينسكي للقبول بشروط بوتين
- هل ينجح اتفاق الدوحة بإنهاء عقود من الصراع الحدودي بين أفغان ...
- هل تشير احتجاجات -لا ملوك- إلى أزمة شرعية في إدارة ترامب؟
- تحضيرات مصرية لاستضافة مؤتمر إعمار غزة
- عمر عبد المنان طبيب في بريطانيا يحمل على عاتقه قضية فلسطين
- ما فرص اتفاق الدوحة في وقف التصعيد العسكري بين كابل وإسلام آ ...
- هل ستنقل إسرائيل الحرب إلى سوريا؟


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد ابولول جبجاب - العراق بين مهد الحضارة وأزمة الوعي السياسي: من علم العالم الكتابة... تائه بين - البلوكرات - و -الترند -و -دبلوماسية الجمال-