أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح كرميان - اجواء الانتخابات العراقية والتناقض النفسي لدی الناخب الكوردي















المزيد.....

اجواء الانتخابات العراقية والتناقض النفسي لدی الناخب الكوردي


صلاح كرميان

الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 18:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المقرر اجراء الانتخابات البرلمانية في العراق يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، بعد سنوات من الأزمات السياسية والاحتجاجات الشعبية والتی کانت من ابرزها احتجاجات تشرين 2019. هذه الانتخابات لربما تمثل تحول في المشهد السياسي العراقي، خاصة في الوقت الذي یواجە فیە البلد تحديات کبیرة، اهمها؛ تراجع ثقة العراقيين بالعملية الديموقراطية، استخدام المال العام في الحملات الدعائية والذي أصبح أحد أبرز أدوات التأثير في الانتخابات، ليس لدعم البرامج الانتخابية، بل کاداة لضمان السيطرة على القرار السياسي ولاستمالة الفئات الفقيرة من اجل کسب اصواتهم، خصوصاً في المناطق الريفية أو المهمشة. لذا، وفي خضم التجاذبات السياسة والتدخلات الاقليمية، تعد هذه الانتخابات اختباراً حقيقياً للعملية الديمقراطية.
ان سيكولوجية الناخبين في الانتخابات العراقية عموما، تتشكل ضمن سياق اجتماعي وسياسي شديد التعقيد. حيث الشعور بالاحباط، فقدان الثقة بالطبقة السياسية، حالة من اللامبالاة السياسية والاعتقاد بأن الانتخابات لا تؤدي إلى تغيير حقيقي. انما ستعيد نفس الوجوه السابقة.
ان الناخب العراقي يعيش حالة التناقض النفسي. فهو لا يثق بالعملية السياسية، لكنه يری ان مقاطعتها قد تأتي بنتائج عکسیة. فانه يصوت بناءا على العديد من العوامل النفسية والاجتماعية والسياسية، وليس بناءا علی البرامج المطروحة التي تخدم طموحاته. وهو يدرك أن الانتخابات ماهي الا ساحة صراع على السلطة اکثر من کونها عملية ديموقراطية. لذا فهو ايضا لا يصوت كمواطن، بل کفرد من افراد عشيرة أو طائفة أو قومية، تلك الهويات التي لا تزال لها تأثير بالغ، وتلعب دوراً مركزياً في سلوك الناخب، وتعيد تشكيل العملية الانتخابية وفق منطق الولاء والانتماء.
ومع اقتراب موعد الانتخابات تبدو ظاهرة العزوف عن المشاركة من أبرز التحديات التي تواجه تلك العملية الديمقراطية في البلاد لاسباب شتی منها: انعدام الثقة بالنظام السياسي والاحزاب المتنفذة، ضعف الاداء الحکومي، تدهورمستوی الخدمات وزيادة نسبة الفقر والبطالة.
علی الرغم من ان العزوف عن المشاركة في الانتخابات يعد ظاهرة عامة تشمل معظم مناطق العراق، لكنه يتخذ طانعا مختلفا في إقليم کوردستان، فانه يعکس مدی استیاء الجماهير الکوردية من سلطة الاحزاب السياسية الحاکمة أكثر من كونه رفضا للعملية الاتحادية. حیث يرتبط العزوف هناك بعوامل إضافية مثل: عمليات التزوير بشتی الوسائل وحسم النتائج مسبقا لصالح جهة معينة کما کان يحدث في السابق، سواءا في الانتخابات البرلمانية العراقية او انتخابات مجالس المحافظات وانتخابات برلمان کوردستان. کذلك، بسبب غياب التنافس الحقيقي، تفشي ظاهرة الفساد، ازمة توزيع رواتب الموظفين وضعف الخدمات العامة. وا‌هم من کل ذلك، هو شعور المواطن بعدم جدوى التصويت بسبب احتكارالسلطة من قبل الحزبين الرئيسيين، الدیمقراطي الکوردستاني والاتحاد الوطني الکوردستاني بغض النظرعن النتائج، وذلك بسبب احتکارهما للسلطة وسيطرتهما علی کل مرافق الحکم بما فيها القوات المسلحة و قوی الامن الداخلي. اضافة الی تصاعد حالة التذمر فئات الجماهير المختلفة من سوء الاحوال المعاشیة وواقع التحزب والمحسوبية، حيث عبرت عنها في القيام بالحركات الاحتجاجية المطالبة بالاصلاح.
وعلی الرغم من استخدام الاحزاب المتنفذة في کوردستان للهوية القومية، كوسيلة لحشد الناخبين و تشكل سيكولوجية الناخب الکوردي، فان الناخب الكوردي يواجه تناقضا نفسيا نتيجة االواقع السياسي الذي اوجدته حالة الازدواجية بين حلم الانفصال الذي دعت الیه الاحزاب المتسلطة في الاستفتاء على الاستقلال عام 2017 والواقع السياسي الحالي الذي يکمن في تسابق تلك الاحزاب لنيل اصوات الناخبين في انتخابات الدولة العراقية والفوز بالمواقع المتقدمة في الحکومة العراقية.
هذا التناقض يخلق حالة من الازدواجية السيكولوجية نتيجة تاريخ من القمع والاضطهاد التي تعرض لها من الحکومات المتعاقبة علی العراق و خاصة حملات الابادة الجماعية في مذابح الانفال واستخدام الغازات الکيماوية والتي تركت اثارا عميقاً في نفسية المواطن الكوردي، ما يجعله أكثر حساسية تجاه الخطابات السياسية وخلق شعوراً بالإحباط واللاجدوى لدى اکثرية الناخبين الکورد الذين فقدوا الثقة بالحزبين الحاکمين في کوردستان فهم يدرکون ان الحزبين يستخدمان الانتخابات كوسيلة لتأكيد شرعيتها أمام الجمهور الكوردي ولتقوية مراکزهما السلطوية، لذا فهما يوظفان أدوات الدولة کالوظائف ومنح قطع الأراضي لکسب اصوات الناخبين، واستخدام المال العام لتمويل الحملات الدعائية الضخمة، مما يجعل الناخب يشعر أن صوته لا قيمة له أمام سطوة المال والسلطة.
ويجدر القول هنا، ان الناخبين الكورد بشکل عام والمنتمين للاحزاب بشکل خاص، حتی وان شاركوا في الانتخابات، فهم لايشاركون بدافع الولاء للدولة العراقية، بل بدافع البراغماتية السياسية التي تفرضها الظروف. فالناخب الکوردي يدرك أن الانفصال غير ممكن في الوقت الحالي وفي ظل الاوضاع الدولية الراهنة، وأن المشاركة هي السبيل الوحيد للحفاظ على مصالحه في مثل هذه الظروف.
ومن ناحية اخری، تدرك سلطة الاحزاب الکوردية مدی انعدام الثقة لدی جماهير کوردستان بالعملية الانتخابية وعزوفها عن المشاركة في الانتخابات. لذا تكثف جهودها في مدينة کرکوك وتدعو سكان المدينة من الكورد للمشاركة الفاعلة في التصويت، ليس لانجاح العملية الديمقراطية، وانما بدوافع قومية وحزبية. مستغلين الوضع الاستثنائي لمدينة كركوك التي تعد من أكثر حساسية من ضمن المناطق المتنازع عليها بين الحکومة الاتحادية وحکومة اقليم کوردستان. في محاولة لاقناع سکان الکورد بان التصويت هو اهم وسيلة للدفاع عن الهوية القومية، والطريقة المثلی لتثبيت الحضور السياسي الكوردي في مواجهة التغيير الديموغرافي للمدينة. هذا التناقض بين العزوف المتوقع لجماهير کوردستان عن المشارکة في الانتخابات والدعوة للتصويت في كركوك، يطرح تساؤلات کبيرة حول الانتخابات كأداة للتغيير وحول حدود استخدامها في الصراعات السياسية.
يبدو ان الانتخابات المقبلة سوف تتحول إلى اختبار للهوية والانتماء بالنسبة الی الناخب الكوردي، سواءا في كركوك او في عموم اقليم کوردستان، مما يجعلە يعيش حالة من التوتر النفسي والقلق السياسي، بدلا من ممارسة ديمقراطية. فهو يری الخلافات بين الحزبين الحاکمين في الاقليم تخلق شعورا بـاللاجدوى السياسية، وتضعف الحافز للمشاركة، فيما يتم توجهه للمشارکة الفعالة في التصويت عن طريق الاعلام الحزبي والدعاية الانتخابية، علی أن الوجود الكوردي في كركوك وان خسارة التمثيل تعني فقدان الهوية الكوردية للمدينة، وانها فرصة کبيرة لتقوية مرکز اقليم کوردستان في بغداد بغية الحفاظ علی المکتسبات و المطالبة بالاستحقاقات الدستورية التي تحاول جهات مناوئة عرقلتها.
ان هذا الواقع المفروض علی الناخب الکوردي من شأنه خلق حالة من الانفصام السياسي والتناقض النفسي لديه، حيث تصبح خوض الانتخابات بالنسبة له بمثابة معركة نفسية على الهوية والوجود في خضم اوضاع سياسية مليئة بالتجاذبات.



#صلاح_كرميان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مطرقة -ماسلو- ومطرقة المحاكم في النظام السياسي الاستبداد ...
- السلطة القضائية في اقليم کردستان بين الاستقلالية والازدواجية ...
- صراع الديكة: اسباب وخلفيات الصراع المحتدم على زعامة حزب (اوك ...
- مقاطع من قصيدة: الآن، فتاة هي وطني- للشاعر الكوردي الراحل شي ...
- استفتاء كوردستان..مغزى الاندفاع والدوافع غير المعلنة وراء اج ...
- خطاب الی المثقفين العرب - الاخوات والاخوة في التجمح ال ...
- ثقافة الاعتذار و واجب الدولة العراقیة تجاه ضحایا ...
- رئاسة الجمهورية في العراق بين مطلب حزبي واستحقاق وطني
- ضمان الديمقراطية في العراق يحتم الحد من تصعيد التوترات السيا ...
- طالباني وثقافة التخوين
- السبيل الامثل لمساهمة الكفاءات في إعادة بناء العراق*
- سيكولوجية الشتم واللعن
- الاستاذ الجامعي ودور الواقع السياسي والأجتماعي في سماته الشخ ...
- الجذور السيكولوجية لجرائم الابادة الجماعية
- السبيل الامثل لردع تركيا والتصدي لعنجهيتها
- احتضان مجرمي الانفال الى متى و ما الذي يبرره؟
- قرارحكومة اقليم كوردستان و المهام الملحة في قضية ضحايا الانف ...
- حتى انت يا دكتور فائق كَولبي تتمادى في فضح مرتزقة جرائم الان ...
- تفسيرمفتي أستراليا لاسباب الاغتصاب مابين اللحم المكشوف والمس ...
- د. كمال سيد قادر يكشف من داخل سجنه عن ملابسات اختطافه ويدعو ...


المزيد.....




- رئيس فنزويلا يتهم ترامب بمحاولة الإطاحة به.. ويؤكد أن شعبه م ...
- قرار بمنع جماهير مكابي تل أبيب من حضور مباراة في إنجلترا.. و ...
- هل يمكن للأهل مراقبة دردشات أولادهم مع الذكاء الاصطناعي؟
- هل امتلاك كييف صواريخ توماهوك الأمريكية سيغير من ميزان الحرب ...
- فرنسا: هل تصمد الحكومة أمام امتحان الميزانية؟
- غزة: ما هي الميليشيات التي تقاتل ضد حماس ومن يدعمها؟
- بعد 10 سنوات من توقيفه بدون محاكمة... القضاء اللبناني يأمر ب ...
- مسلحون يختطفون صحفيين من التلفزيون المالي قرب بلدة كونا
- هبوط طائرة خاصة من مدغشقر يفجّر جدلا سياسيا بموريشيوس
- الكاميرون: المجلس الانتخابي يستدعي لجنة إحصاء الأصوات وسط تو ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح كرميان - اجواء الانتخابات العراقية والتناقض النفسي لدی الناخب الكوردي