أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - مروان البرغوثي، وصفقات تجريح الأمل















المزيد.....

مروان البرغوثي، وصفقات تجريح الأمل


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 02:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتهت يوم الاثنين الفائت مراسم الافراج عن 1968 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال الاسرائيلي، من بينهم 250 أسيرا من أصحاب أحكام المؤبدات وعدد من المحكومين بأحكام عالية، أما الباقون فكانوا من أسرى قطاع غزة الذين اختطفوا واعتقلوا أثناء الحرب، واحتُجزوا من دون أن يحاكَموا أمام أية هيئة قضائية. وبعد تنفيذ هذه الصفقة يقدّر عدد الأسرى المتبقين في سجون الاحتلال بأكثر من 9100 أسير يُحتجزون في السجون المركزية، من بينهم حوالي 3400 أسير اداري و52 أسيرة وحوالي 400 طفل، في حين لا يزال المئات محتجزين في معسكرات اعتقال تابعة للجيش، ولا تتوفر معلومات دقيقة عن أعدادهم وعن ظروف اعتقالهم.
عاشت فلسطين حالة من الترقب غير المسبوق في انتظار أعداد الأسرى وأسماء الذين ستشملهم صفقة التبادل؛ وكانت التوقعات، لا سيما بين ذوي الأسرى، كبيرة بناء على عدد الرهائن الاسرائيليين الكبير الجاري التفاوض عليهم مع حماس. أدّى اعلان حماس عن قائمة المُحَرّرين الى موجة من مشاعر الفرح الذي يصاحب عادةً مشاهد احتضان الأهل لابنائهم المُحَرّرين. بيد أن الفرح، هذه المرة، كان "فرحًا حامضًا" وغلبت عليه مشاعر الخيبة أو الشعور باضاعة فرصة قد لا تتكرر قريبا.
احتل موضوع صفقة التبادل صدارة الأخبار وأحاديث الناس؛ وبقيت تساؤلات الناس بحاجة الى من يجيب عليها؛ فلماذا لم تصر حماس على اطلاق سراح جميع النساء والأطفال كما جرى في بعض الصفقات السابقة ؟ ولماذا رضيت حماس بالافراج عن قسم من الأسرى المدنيين الذين اختطفوا من غزة أثناءالحرب وليس عن جميعهم، وبينهم رموز مثل الطبيب حسام أبو صفية؟ ولماذا فشلت حماس بشمل عدد كبير من أبرز قيادات فصائل الحركة الأسيرة وقدماء الأسرى ومنهم، على سبيل المثال، مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبدالله البرغوثي وابراهيم حامد وعباس السيد وحسن سلامة وناصر عويس وعاهد غلمة والعشرات غيرهم ؟ ولماذا قبلت حماس باستثناء جميع الأسرى من فلسطينيي الداخل ومنهم من قضوا أكثر من ثلاثين عامًا داخل السجن؟ ولماذا وافقت حماس على ابعاد المئات من كوادر الفصائل المحررين الى خارج فلسطين وقد كانت قضية الابعاد، القسري أو الطوعي، مسألة محرمة في قاموس الثورة الفلسطينية؟
معظم الذين قابلتهم قبل الاعلان عن تفاصيل الصفقة سألوني عن حظوظ مروان البرغوثي واحتمالات شمله فيها؛ أما بعد تنفيذ الصفقة فقد كانت التحليلات لدى معظمهم مختمرة والاتهامات جاهزة. فحماس، وفق قناعة منتقديها، قد تخلت عن أهم ورقة ضغط حصلت عليها بعد السابع من اكتوبر 2023، ولم تستنفدها، مقابل أن ترضى عليها أمريكا ومعها حلفاؤها ويقبلوها كعنوان للتفاوض لا حول قضية الأسرى وحسب، بل حول مصير غزة في مرحلة "اللا حرب" الملتبسة المقبلة.
لست في معرض مناقشة قرارات حماس وخياراتها في هذه المسألة؛ فما يعنيني في هذه العجالة هو ما سمعته من الناس حول قضية مروان البرغوثي والدوافع أو الجهات التي كانت وراء عدم الافراج عنه، لا في هذه الصفقة ولا في سابقاتها.
يؤمن البعض بأن قيادات حماس غير معنية بالافراج عن البرغوثي حتى وإن صرحت في كل الصفقات السابقة، وهذه المرة أيضا، عكس ذلك؛ ويؤمن آخرون بأن بعض قيادات فتح نفسها غير معنية بالافراج عن زميلهم القيادي في الحركة.
من الواضح أن من يكيلون هذه الاتهامات لا يمتلكون البراهين والأدلة على صحتها؛ فسوى حدسهم ومنطقهم، الذي قد يكون منحازا سياسيا، ومشاعرهم الشخصية وتزودهم بمعلومات قد تكون وراءها جهات معنية بتسميم الفضاءات الفلسطينية وزرع الشقاقات بين المواطنين؛ سوى ذلك، ليس لديهم دليل على صحة اتهاماتهم.
بالمقابل، ليس صعبًا الاستنتاج بأن اسرائيل تبقى هي الجهة الأولى، أو ربما الوحيدة القادرة والمعنية في ابقاء مروان البرغوثي داخل السجن.
لقد اعتقل مروان البرغوثي عام 2002 وادين في المحكمة المركزية في تل أبيب بتهمة تأسيسه وقيادته لتنظيم "كتائب شهداء الأقصى" وكونه مسؤولا عن عدد من العمليات العسكرية التي نفذتها عناصر الكتائب ضد أهداف اسرائيلية أبان انتفاضة الاقصى؛ وحكمت عليه المحكمة بالسجن الفعلي لفترة خمسة مؤبدات وأربعين عامًا. لم يعترف مروان البرغوثي بشرعية المحكمة مؤكدا على كونها أداة من أدوات الاحتلال وأعلن وقتها عن مقاطعته لاجراءات المحكمة وأصر على شرعية نضاله ضد الاحتلال وعلى كونه قائدا فلسطينيا يحترم تضحيات شعبه.
ما زلت أذكر ذلك الصباح من نيسان، عندما زرته في معتقل المسكوبية في القدس، بعد ثلاثة أيام من عملية اختطافه، وجلسنا لأكثر من ساعتين. كان همّه الأول أن يطمئن على عائلته ورفاقه في الحركة. تحدث ببطء وقال: " لم أنم يا جواد لأكثر من أربع وعشرين ساعة. إنهم يمنعون عني النوم بأساليب شيطانية. صدّقني، هذه أبشع صنوف التعذيب" كان منهكا وواضحا وقال: "إنهم يخططون لضرب شرعية الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية من خلال اعتقالي ومحاكمتي، ويستهدفون نزع شرعية أكبر تنظيم في الثورة - فتح، ومعه نزع شرعية مؤسسات الثورة كلها ومنجزاتها". كان يتحدث بوجع وبحزم لأنهم، قال: "يريدون محاكمتي كارهابي وكابن لتنظيم ارهابي وكمقاتل في ثورة ارهابية. لن نعطيَهم ذلك ولن نعترف لا بشرعية قضائهم ولا بمحاكمهم". كان خيار مروان الدفاع من موقعه الجديد في الزنازين، عن الشرعية الفلسطينية وعن كرامة المواطن والوطن وعن الأمل. لم يتراجع مروان عن ثوابته الوطنية رغم تعذيبه ورغم محاولات كسره أو تدجينه أو زجه في تسويات مهادنة، بل استمر رافعا من زنزانته شعاره الأبرز : "سيكون آخر يوم في عمر الاحتلال هو اليوم الاول في مسيرة السلام ". وعندما أصيبت الحركة الأسيرة بداء الانقسام المسمّ وضعفت وحدتها/حصنها، سعى هو وثلة من قياديي الفصائل الموجودين معه في السجون، وبضمنهم حماس، الى توحيد صف الحركة وكلمتها، ووقعوا عام 2006 على "وثيقة الأسرى للوفاق الفلسطيني" التي تُعدّ من أهم الوثائق الفلسطينية السياسية في تجسيد الوحدة وفي الدفاع عن الشرعية الوطنية وفي تحصين الحق الفلسطيني في النضال ضد الاحتلال.
مرت السنون وبقي مروان البرغوثي على مبادئه، ومضت اسرائيل في حربها ضد رموز الشرعية الفلسطينية ومحو مصادر الأمل الفلسطيني. لقد ساهمت حماس من جهة، والسلطة الفلسطينية من جهة ثانية، في تأزيم الحالة الفلسطينية وفي انضاج أجواء الالتباس وادخال المواطنين في حالات من اليأس وفقدان الثقة والعزوف عن الانخراط في العمل ضد الاحتلال وعملائه.
إذا، هي اسرائيل التي تخشى من الإقدام على القيام بخطوة من شأنها أن تبعث الروح في جسد فلسطيني متهالك؛ هذا ما يعرفه المعارضون من قيادييها بيقين أن الافراج عن البرغوثي، الذي ما زال يحظى بتأييد شعبي عابر للفصائلية التقليدية، قد يفضي الى توليد حالة ارتدادية تستقطب الأطراف المنكفئة والبعيدة والمستبعدة ويعود الاحتلال الى واجهة الهم الفلسطيني الأوحد.
اسرائيل هي المعنية بابقاء البرغوثي بالسجن؛ أما قضية عدم الافراج عنه وعن اخوانه الأسرى، في صفقات حماس السابقة وفي هذه الصفقة، فهي مسالة أخرى بحاجة الى تمحيص وتوضيح.
قد تدّعي حماس، وبحق، أن الصفقة تمت، هذه المرة، في ظروف ومعطيات غير مسبوقة ومختلفة عما كان في جميع صفقات التبادل الماضية. فهدف الصفقة الأسمى كان الاتفاق على وقف اطلاق النار وبعده عودة النازحين وتأمين المساعدات والشروع باعادة ايواء المقتلعين من بيوتهم. لن يختلف اثنان على صحة هذا الكلام؛ بيد أن المتسائلين ومنتقدي الصفقة يجيبون بأن حكومة اسرائيل وافقت على استئناف التفاوض مع حماس لأنها كانت على شفا الانهيار والافلاس السياسيين، داخليا وعالميا. ولو تمسكت حماس بموقف أصلب لنجحت بتحصيل أضعاف ما حصلته فعليا.
فهل كان وقتئذ سيفرج عن مروان البرغوثي؟ برأيي لا. لأن معركة جميع "المتورطين" في المشهد الفلسطيني الحالي تدور حول ماذا سيحصل في "اليوم التالي"، والسؤال، كان وسيبقى، من يملك شرعية التفاوض والحكم في اليوم التالي ؟



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من انتصر في غزة، هذا سؤال الموتى والمقهورين!
- أين حراكات الشعوب العربية من أجل غزة ؟
- ملاحظات سريعة عن حرب اسرائيلية قطرية لن تحدث
- في التاسعة والستين حرّ كالريح
- لماذا لم ينجح العالم وقف الحرب على غزة ؟
- بنيامين نتنياهو ورؤيا اسرائيل الكبرى
- السابع من اكتوبر ، البداية والنهاية !
- المحكمة العليا الاسرائيلية-ضحية- الشر الذي صنعته
- في ذكرى رحيل نقولا زياده، عودة إلى -أيامه-
- أيمن عوده قائد مشتبك ليس بحاجة الى تلميع
- إقصاء أيمن عوده من الكنيست بداية لرحلة صيد طويلة
- توفيق زياد، نناديكَ
- بين مذبحة كنيسة -سيدة النجاة- ومذبحة كنيسة -مار الياس- المسي ...
- الحرب خدعة!متى ولماذا وكيف سقط محور المقاومة؟
- الانتخابات الاسرائيلية: إما جبهة ضد الفاشية والاحتلال وإما ق ...
- ماذا لو بقي فيصل الحسيني حيا ؟
- ماذ لو بقي فيصل الحسيني حيا؟
- صوت غزة:نحن أحياء يا بشر من ينقذنا من هذا الجحيم
- لا اعداء دائمين في السياسة
- فلسطين في -العناية المكثفة- وشعبها في - حالة ذهنية- مستعصية


المزيد.....




- أهمية قطر وكواليس علاقة أميرها مع ترامب.. نظرة فاحصة وماذا ي ...
- تحذير أممي من خطر الألغام على سكان غزة وواشنطن تقول إن حماس ...
- ألهمت حياة الملايين ... رحيل -ماما إيراسموس- صوفيا كورادي
- الشِّجارُ الطُّلابيُّ في الجامعةِ الأردنيّةِ.
- نتانياهو يعلن عزمه الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات ...
- المغرب: متظاهرون يطالبون بإطلاق سراح موقوفين من حركة -جيل زد ...
- سي إن إن: مباحثات سرية لترتيب لقاء بين ترامب وزعيم كوريا الش ...
- الشيباني ينوي زيارة الصين ويستعرض دبلوماسية سوريا الجديدة
- 5 أشياء ينبغي معرفتها عن حاكم مدغشقر الجديد
- تقاسم -الكعكة- مع روسيا.. لماذا تعزز واشنطن أسطولها من كاسحا ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - مروان البرغوثي، وصفقات تجريح الأمل