أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - سيرةُ العراقيِّ الفَرد في تاريخِ اليومِ والغدّ














المزيد.....

سيرةُ العراقيِّ الفَرد في تاريخِ اليومِ والغدّ


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 15:19
المحور: سيرة ذاتية
    


في كلّ بلدانِ العالَمِ، للغَدِ طَعمٌ مُختلف، نكهةٌ أعذَب، مَذاقٌ أطيب، تفاصيلٌ صغيرةٌ لعَيشٍ أفضل.. إلاّ هُنا في العراق.
خِلافاً لكلّ شعوبِ وأُممِ الأرض فإنّ الغَدَ في العراق لن يكونَ لهُ مذاقٌ مُختَلِفٌ عن المذاقِ المُرِّ لهذا اليومِ "الماصِخِ" الذي نحنُ فيه.
الغدُ في العراقِ خالٍ من الدهشة.. ليس لهُ وقعٌ أو إيقاعٌ مُختَلِف.
الغَدُ في العراقِ هو مصدرٌ دائمُ للخوف، لأنّهُ يُراكمُ مخاوفَ الأيّامِ السابِقَةِ، بدلاً من تبديدها.
الغَدُ هنا (بالنسبةِ لمعظمِ العراقيّين) يبدو مُظلِما على الدوام.. لا ضوء فيه، ولا أُفقَ له.
غَدٌ طافِحٌ بالشكوكِ العميقة.
لماذا؟
لأنّكَ عندما تذهب إلى طبيب الأسنان، لتحظى بابتسامةٍ أفضل تستقبلُ بها يومَ غد، فإنّهُ سيُخبرُكَ (وقبلَ أن تجلس على كُرسيّ الفحص) بأن جميع اسنانكَ قد تبدأ بالتساقط.. اعتباراً من الغَدّ.
وعندما تذهبُ إلى "طبيب القلبيّةِ والباطنيّة"، لتحظى بقلبِ أكبرَ، وأكثرَ "بَياضاً"، لتعيش به بين الناسِ (وكأنّ قلوب الناس كانت دائماً ناصعةَ البياض).. فإنّهُ سيخبركَ (وقبلَ أن يضَعَ السمّاعةَ فوق صدرِكَ "المُقرمَش") بأنّ هناكَ احتمالٌ كبير بأنّكَ قد تُصابُ بالجلطةِ الأخيرةِ (التي قد تكونُ "دماغيّةً" أيضاً).. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى طبيب العيون، لترى العالمَ أجمل، والناسَ كما هُم، وليس كما تعتقدُ أنت.. فيخبركَ (بعدَ غَمزةٍ خاطفةٍ لعينيكَ المُتعَبَتين) بأنّكَ قد تُصابُ بالعمى.. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى طبيبَ الأنفِ والأُذنِ والحُنجُرة، فيُخبِرُكَ بعبوس بأنّ "جِدْرَ الدولمة"، و صحنِ "البامية" ، و"ماعون اليابسة" ستفقِدُ مذاقها العراقيّ بالنسبة لك، ولن يكونَ لـ"فيروز" أو لـ "سعدي الحِليّ" وجودٌ صباحيٌّ (أو مسائيّ) في حياتكَ البائسةِ بعد الآن.. وأنّكَ لن تولوِلَ بـعد الآن بـ "أبوذيّاتكَ" الكالِحةَ (في "طَرمَةِ" البيت) لتزعجَ بصوتكَ "المُنكَر" المِزاجَ الرائِقَ والذائقةَ "السيمفونيّة" للعائلةَ والجيران.. وأنّ عليكَ استبدالَ "جيوبكَ الأنفيّةَ" بخياشيمِ "السَمَكِ الجِرِّي" لكي تتنفّسَ الهواءَ "المكروهَ" بعُمق.. وأنّ كُلّ هذا سيحدثُ لك، اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى طبيب الأمراض النفسية والعصبية، فيقولُ لكَ بثِقة مُطلَقةٍ وهو يبتَسِم ببرود، بأنّ كُلّ شيءٍ فيكَ قد أصابَهُ التَلَف، وأنَّ عليكَ على الفور أن "تَعهَدَ عَهدَك، وتَلُمَّ شملَك، وتكتبَ وصيّتك"، لأنك قد تبدأ محاولاتكَ الحثيثةَ لقتلِ نفسكَ.. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى من أصبحوا مُصادفةً "أولياءَ الأمرِ" في هذا البلد.. فيخبرونكَ بأنّ "أبوابَ الجحيم" قد تُفتَحُ عليكَ إذا تجرّأتَ يوماً، وقُلتَ لهُم "أُفّاً"، أو "نَهَرتَهُم".. أو إذا لم تقم بانتخابِهِم في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، وأنّ هذه "الأبوابُ" سيتُمُّ فتحها لهذا الغرض.. اعتباراً من الغَد.
تأتي إلى "هنا"، إلى حقل "التيسبوك" الفسيح، وتحاولُ أن تكتبَ شيئاً، أيّ شيءٍ، ليُخفّفَ عنك محنتَك، أو لتُرَفِّهَ عن نفسك، وتتملّصَ من "العقوباتِ" البشريّةِ عليك.. فيكتبُ لك بعض أحفادِكَ من "الأصدقاء" الشباب:
لقد عشتَ يا "جِدّو" حياتكَ بالطول والعَرض، وبلغتَ من العُمر"عِتِيّا".. أما نحنُ فلم نحيا ولو ليومٍ واحدٍ حياةً ذاتَ معنى.. وكانت حياتنا أكثرُ صعوبةً وتعقيداً من حياتكم.. وأنّنا قد "عشنا طويلاً" دون جدوى، وأنّنا قد حارَبنا على جميع الجبهات، بل أنّنا "مُتنا"، وشبَعنا موتاً، ولم "نستَشهِد" مثلكم.. وعلى الرغم من كوننا من مواليد 2007 فما فوق، فإنَّ لا أملَ لنا بشيءٍ أفضلَ قد يحدثُ لنا يومَ غَدّ، بل نحنُ أصلاً.. ليسَ لنا غَد!
يبدو أنّ أفضل شيءٍ يمكنُ لكَ أن تفعلهُ بحياتكَ الكئيبةَ هذه، في هذا العراق الكئيب، هو أن تضَعَ كلّ هذا الهراء "الوجوديّ" حول الأمسِ واليومِ والغَدّ تحتَ مؤخّرتكَ العتيقة.. وتذهبُ إلى "جُحرِكَ" الخاص.. وتواصِلُ "سُباتَكَ" الدائمِ هناك.. كأنّكَ "دُبٌّ" مُصابٌ باللوكيميا، نتيجةً لنفوقِ سَمَك "السَلَمون" في نهرِ دجلة، وسمَك "التونة" في نهر الفرات.
ستنامُ طويلاً.. وتنامُ، وتنام.. إلى أن يقومَ هذا الوقتُ الشخصيُّ و "العراقيُّ" البائِسُ باستهلاكِ نفسه..
ولا يكونُ لهُ غَدّ.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظومات القِيَم وأنماط السلوك والإدارة للدراساتِ الأوليّة وا ...
- عن السياحة والسيّاح والايرادات السياحية في العراق
- لا فرَحَ ولا ماريانَ.. في البلدِ الغارقِ في الظُلْمة
- هذا ما يحدثُ في العراق عندما ينزِلُ البطارِكَةُ إلى الشارع
- التفاصيلُ الرئيسة للبرنامج والمنهاج الحكومي لرئيس مجلس الوزر ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية والنظام السياسي في العراق (3 ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق (2)
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية الانتخابية في العراق (2003-2 ...
- الاقتصاد والتنمية والديموقراطية والنسَق السياسي المُغلَق في ...
- الظاهرة الصوتيّة وظاهرة العقل والقوّة بين العرب وإسرائيل
- عن العوراتِ وسِترِ العوراتِ في الدُوَلِ العارية
- مباديءُ الاقتصاد السياسي للعُشّاقِ المُبتدِئين
- التقاعُد والمُتقاعِدون والرواتب التقاعدية في العراق: بيانات ...
- معارك شوارع و أحياء السعادة في العراق السعيد
- العراق 2025: مؤشرات وبيانات اقتصادية ومالية رئيسة
- شُمَّر بخير.. ولا يعوزها شيء
- حساباتُ الحقل وحساباتُ البيدَر في العراق
- اعتباراً مِنَ الغَدّ.. مِنَ الغَدّ
- الدِيّةُ والجِزيّةُ والمواطِن والمال السائب في العراق


المزيد.....




- عزيز أنصاري يدافع عن مشاركته بمهرجان -الرياض الكوميديا-
- داخلية غزة: شهداء في اشتباكات مع مليشيا مسلحة بمدينة غزة
- اتهام نائب ألماني سابق بالاحتيال
- عن ماذا تحدث توني بلير مع كبرى الشركات التقنية في عشائهم الم ...
- تايمز: إعادة إعمار غزة تحتاج 10 سنوات بتكلفة 50 مليار دولار ...
- العراق بعد الوجود الأميركي.. من سيملأ الفراغ؟
- نائب ترامب يستبعد إرسال قوات برية إلى غزة أو إسرائيل
- فرنسا: مأزق الجمهورية الخامسة
- طوفان الأقصى.. انتصار غزّة واستفاقة الضمير العالمي وسقوط الأ ...
- بلا نتنياهو.. لافتات تدعو إلى -السلام- بشوارع تل أبيب والقدس ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - سيرةُ العراقيِّ الفَرد في تاريخِ اليومِ والغدّ