أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ازهر عبدالله طوالبه - جائزة نوبل والمعايير الغائبة.














المزيد.....

جائزة نوبل والمعايير الغائبة.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 04:52
المحور: قضايا ثقافية
    


منذ أكثر من قرن، وُلدت جائزة نوبل للسلام من رحم وصيّةٍ أراد صاحبها، الصناعي السويدي ألفرد نوبل، أن يُكفّر من خلالها عن اختراعٍ جلب للعالم أدوات الموت والدمار: الديناميت. ومنذ ذلك التاريخ، صارت الجائزة عنوانًا للبحث عن معنى «السلام» في عالمٍ تتنازعه الحروب والمصالح. لكن، ما الذي بقي من روح تلك الوصيّة؟ وهل ما تزال الجائزة وفيّةً لجوهرها، أم تحوّلت إلى مرآةٍ مشوّهةٍ للسياسة أكثر منها لمثالٍ أخلاقيّ؟


غالبًا ما تُمنح الجائزة بناءً على مزيجٍ من الظرفِ السياسيّ، وصورةٍ دوليةٍ مرغوبة، ورسائل دبلوماسيّة مُبطّنة. فالاعتبارُ الأوّل ليس دائمًا ما قدّمه المرشّح للسلام فعلًا، بل ما يُمكن أن يُقال عنه في الإعلام العالمي. لذلك، كثيرًا ما رأينا أسماءً تُتوّج، لا لأنّها أنهت حربًا، بل لأنّها بدت واجهة مُناسبة لمرحلةٍ ما.

فمثلًا، الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاز الجائزة عام 2009، لا لأنه أوقف حربًا أو أصلحَ نزاعًا، بل لأنّ العالم أراد أن يُكافئ الخطاب لا الفعل، والأمل لا النتائج. كانت الجائزة وعدًا أكثر منها اعترافًا، وصارت أداة رمزية لتسويق "النيّات الحسنة" في مواجهة واقعٍ مليءٍ بالطائرات المُسيّرة والحروب الخفية.


كُلّ هذا، أكّد على أنّ ثمّة سلامٌ يُقاس وفقَ ميزانٍ غربيّ بحت. فحين تكون القضية تخصّ الشعوب المُستضعَفة —من فلسطين إلى كشمير، ومن السودان إلى اليمن— يغيب ضمير اللجنة كأنّها لم تُخلق للإنسانية كلّها. لا مكان في تقاريرها لمن يدفع ثمن العدوان أو الاحتلال ؛ لأنّ الجائزة كثيرًا ما تُوزَّع من موقعِ القوة لا من ضمير العدالة.

ولأنّها تُمنح من عاصمة أوروبية صغيرة، فإنّها تَرى العالم بعينٍ أوروبية أيضًا: تُدين الإرهاب حين يأتي من الجنوب، وتُبرّره حين يصدر من الشمال. تُكافئ المًصالحة حين تكون تحت وصاية الغرب، وتُغضّ الطرف عن الاحتلال حين يكون حليفًا استراتيجيًّا.


في صُلبِ الجائزة: العدالة هي الغائب الأكبر

ما قيمة "السلام" إن لم يُبنَ على العدالة؟
إنّ كلّ سلامٍ بلا عدالة هو هُدنة، وكلّ هدنةٍ بلا إنصاف هي مقدّمةٌ لحربٍ جديدة. ومع ذلك، لا يظهر معيار العدالة في حسابات اللجنة النرويجيّة إلّا نادرًا، وكأنّها تخشى الاعتراف بأنّ نصف هذا العالم يعيش سلامًا هشًّا مفروضًا عليه بالقوّة أو بالعقوبات.

فلماذا لم تُمنح الجائزة يومًا لأمّ فلسطينيّة فقدت أبناءها تحت الاحتلال، أو لطبيبٍ ميدانيٍّ أنقذ آلاف الأرواح في مناطق القصف؟ لأنّ العدالة هنا لا تُقاس بميزان الإنسانيّة، بل بمدى انسجامها مع الخطاب الدوليّ المُهيمن.


لقد تحوّلت الجائزة مع الوقت إلى وسيلة تلميعٍ سياسيّ، أكثر منها تكريمًا إنسانيًّا. صارت تُمنح لتهدئة الضمائر لا لتحريكها. تُقدّم كغصن زيتونٍ فوق طاولةٍ دبلوماسيّة، لا كوردةٍ على قبر المظلومين. وهكذا، نالتها شخصياتٌ تورّطت في حروب، أو وقّعت اتفاقاتٍ لم تصمد شهرًا واحدًا، بينما حُرم منها آلاف المُناضلين الذين لم يملكوا ترف المنابر الإعلامية أو دعم العواصم الكبرى.


ليس المطلوب إسقاط رمزيّة الجائزة، بل استعادتها إلى معناها الحقيقيّ. فالسلامُ ليس مجرّد غيابٍ للحرب، بل هو حضور العدالة والمساواة والكرامة. وما لم تعترف لجان نوبل بأنّ العدالة شرطُ السلام الأوّل، فستبقى الجوائز تُمنح في القصور، فيما السلام الحقيقيّ يُصنع في الخنادق والمخيّمات والمنافي.


إنّ العالم اليوم لا يحتاج إلى مزيدٍ من الجوائز، بل إلى قليلٍ من الضمير. وجائزة نوبل، مهما تأنّقت معاييرها، تبقى ناقصةً ما دامت تخشى مواجهة الحقيقة الكبرى: أنّ العدالة وحدها هي التي تصنع السلام، لا التصفيق ولا البروتوكولات.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد خطة ترامب، إلى أين يُسيّر الشرق الأوسط.
- وساطَة أردوغان: عودةٌ محفوفة بالنّار.
- رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة
- غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.
- غياب تونس وإيران عن التّصويت: دلالات تتجاوز الصّمت
- حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...
- برغماتيّة ترامب وموالاته للحركة الصهيونيّة.
- علينا أن نّفكّر بمنطق.
- ماذا علينا أن نفعل بعد صرخَة -آرون-.


المزيد.....




- كوريا الشمالية تستعرض صواريخ بعيدة المدى تزعم أنها قادرة على ...
- مفاوض أمريكي سابق يكشف ما يتطلبه تحقيق الاستقرار في غزة
- نظام ذكي يساعد على العناية بالنباتات وفهم احتياجاتها
- -مذبحة في الفاشر-.. غارة لطائرة مسيرة تابعة لقوات الدعم السر ...
- لقاء قصير في داونينغ ستريت.. وثائق تكشف اجتماعًا بين توني بل ...
- فيديو: معتقلان منذ 32 عاما...عائلة أسيرين فلسطينيين تترقب ال ...
- دوريات جوية لأمريكا وبريطانيا قرب حدود روسيا ضمن مهمة لحلف ا ...
- قائد القيادة الوسطى ومبعوث ترامب في غزة لتنسيق مرحلة ما بعد ...
- فورين بوليسي: وقف إطلاق النار يبعث الأمل برغم الدمار الرهيب ...
- مسيرة نحو إسلام آباد بعد مظاهرات عنيفة منددة بإسرائيل


المزيد.....

- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ازهر عبدالله طوالبه - جائزة نوبل والمعايير الغائبة.