أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سناء عليبات - -نهاية المرحلة الإخوانية: قبول حماس للعرض الأمريكي-














المزيد.....

-نهاية المرحلة الإخوانية: قبول حماس للعرض الأمريكي-


سناء عليبات

الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 02:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتهت مرحلة الرهان الإخواني على إدارة الصراع، لكن فلسطين ليست ملفًا تفاوضيًا يُدار وفق أهواء الوسطاء والعملاء؛ إنها قضية تحرر ووجود، أقدم وأوسع من أي تنظيم ظرفي، لأنها تختزن جوهر المواجهة ضد الاستعمار والهيمنة، وتظل أفقًا مفتوحًا أمام الشعب الفلسطيني في سعيه إلى الحرية والكرامة.
في هذا السياق، جاء اقتراح ترامب ليقدّم صيغة جديدة لإدارة نهاية مؤقتة للصراع: وقف فوري لإطلاق النار، تبادل شامل للأسرى، انسحاب تدريجي لإسرائيل من غزة وفق مراحل متفق عليها، وربط أي مرحلة مستقبلية بفرض نزع سلاح حماس كشرط أساسي، إلى جانب تشكيل حكومة انتقالية وتكليف إدارة القطاع لهيئة "مستقلّة" من التكنوقراط. هذه الخريطة لم تخرج من إرادة فلسطينية توحيدية، بل صيغت وفق توازنات دولية وإقليمية تحمل بصمات الوصاية والسيطرة.
حماس، بعد سنوات من القصف والضغط المستمر، سلّمت جوابها إلى الوسطاء. الإعلان عن الرد تضمن موافقتها على إطلاق سراح جميع أسرى الاحتلال وفق صيغة تبادل مدرجة في المقترح، واستعدادها لمباشرة مفاوضات عبر الوسطاء لمناقشة التفاصيل، مع تجديد التزامها بأن تُناقش قضايا مستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني ضمن إطار وطني جامع، وأن تُسلّم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من "مستقلين" وفق توافق وطني ودعم عربي وإسلامي.
لكن قراءة هذا الموقف لا يمكن أن تكون سطحيّة. إنه قراءة تكتيكية لواقع ميداني انهار جزئيًا تحت حصار عسير وأنهار من الدم والدموع، وفي الوقت نفسه، تحوّل استراتيجي له آثار رمزية وسياسية عميقة:
أولًا، تحويل أفق الصراع من خيار المواجهة الساخنة إلى إدارة أمنية-إغاثية، حيث تُستعاد الحياة اليومية تحت شروط مراقبة وإدارة خارجية أكثر من كونها ممارسة سيادية حقيقية.
ثانيًا، قبول تبادل شامل للأسرى مكسب إنساني وسياسي لا يُستهان به، لكنه يرسّخ أيضًا منطق ترتيب ما بعد الحرب وفق رؤية لا تضمن استعادة كامل الحقوق ولا تُلغي بنية الاحتلال.
ثالثًا، التسليم بإدارة تكنوقراطية للقطاع يحمل في طيّاته خطر تحويل غزة إلى منطقة إدارة فنية بلا قرار سياسي، ما يضعف قدرة التجربة الوطنية على استعادة مسار سياسي مستقل.
وهنا يكمن التناقض الأخطر: التهدئة التي تخفف معاناة الحاضر قد تُعمّق فراغًا استراتيجيًا على المدى المتوسط. قبول بند نزع السلاح، حتى لو لم تُوقّع عليه الحركة بعد، يشي بشطب تدريجي للمقاومة كأفق سياسي ممكن؛ وإدارة التكنوقراط قد تحوّل الفلسطينيين من أصحاب قضية إلى "مستفيدين" من برامج إعادة الإعمار والإدارة الإنسانية. وهذا ليس تصالحًا حرًا مع الحق، بل ترتيب لإدارة نهاية مؤلمة لمشروع التحرّر.
مع ذلك، لا ينبغي تبسيط الموقف إلى إدانة بلا فهم. قرار حماس يحمل بعدًا إنسانيًا واقعيًا: وقف للقتل، دخول مساعدات، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة بشرية. لكن السياسة ليست لحظة إنسانية منفصلة عن الذاكرة والكرامة؛ فمدى تطبيق هذا الاتفاق —تفاصيل التبادل، ضمانات الانسحاب الفعلي، صيغ الحكم المؤقت، وشرط عدم تهميش القرار الوطني— هو ما سيحدّد إن كان القبول مرحلة انحطاط أم فرصة لإعادة ترتيب قوة سياسية قادرة على استعادة المسار التحرري لاحقًا.
فلسطين لا تختزلها خرائط التفاوض أو صيغ التكنوقراط. حتى وإن أُعيدت إدارة غزة على نحو مؤقت، تبقى فلسطين ذاكرةً لا تُمحى، وأفقًا لن يختفي طالما ظلّ هناك صوت يذكر الحق والكرامة. التحدي الآن هو تحويل القبول التكتيكي إلى فرصة لإعادة بناء إطار وطني جامع يضمن حقوقًا كاملة، ويمنع أن يتحول التوافق إلى لحظة تصفية رمزية. وإلا فإن هذا القبول، مهما حمَل من دوافع إنسانية، قد يصبح مدخلاً لتفريغ القضية من جوهرها التاريخي والسياسي.



#سناء_عليبات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذاكرة الشعبية في مواجهة التطبيع
- «الانسحاب الإيطالي والوجه المزدوج لأوروبا: حماية تتراجع أمام ...
- -خطة ترامب للسلام: قناع زائف لإضعاف المقاومة الفلسطينية-
- الغضب المغربي بين وعود التنمية وخيبة الواقع :دروس الاحتجاجات ...
- من فضاء التعلّم إلى فضاء التدين: هل يعيدنا المعهد إلى أصل ال ...
- -بين الخوارزمية والفعل: الهيمنة الرأسمالية على الفكر الرقمي-
- أسطول الصمود بين الاستهداف الصهيوني والرهان على الموقف التون ...
- في الحديد إذ ينقلب على حتفه: من أبراخيليا إلى استطيقا المقاو ...
- في الحديد إذ ينقلب على حتفه: من أبراخيليا إلى استطيقا المقاو ...
- حين يصبح الترند معيار البطولة: البلوغر VS الشهيد في عصر الحد ...


المزيد.....




- ترامب عن موافقة -حماس- على خطته للسلام: أتطلع لعودة الرهائن. ...
- احتفالات في قطاع غزة بعد موافقة حماس على بعض نقاط خطى ترامب ...
- أي رد متوقع من نتاياهو؟
- من البلطيق إلى بلجيكا.. مسيّرات غامضة تحاصر أوروبا
- سوريا تستعد لأول انتخابات تشريعية بعد سقوط النظام المخلوع
- بعد موافقة حماس المشروطة.. هل تبدأ مفاوضات التفاصيل أم حرب أ ...
- عاجل | الرئيس التركي: رد حماس على خطة وقف إطلاق النار في غزة ...
- حماس توافق على إطلاق الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأموات
- تصويت مجلس الشيوخ الأميركي يفشل في إنهاء -الشلل الحكومي-
- ترامب: يجب على إسرائيل أن توقف قصف غزة فورا


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سناء عليبات - -نهاية المرحلة الإخوانية: قبول حماس للعرض الأمريكي-