أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سناء عليبات - الغضب المغربي بين وعود التنمية وخيبة الواقع :دروس الاحتجاجات وحدود التغيير














المزيد.....

الغضب المغربي بين وعود التنمية وخيبة الواقع :دروس الاحتجاجات وحدود التغيير


سناء عليبات

الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس جديدًا أن يخرج الشارع المغربي في موجات غضب تطالب بالكرامة والعدالة، لكن ما يضاعف ثقل اللحظة الراهنة هو تزامن هذا الغضب مع خطاب رسمي يتباهى بالمشاريع الكبرى والإنجازات الرياضية، فيما الواقع الاجتماعي يكشف هشاشته وانكساره في التعليم والصحة والتشغيل. هنا تتعرّى الهوّة بين “المغرب الرسمي” و“المغرب الاجتماعي”، ويظهر الصدع الذي يتهدد السلم الأهلي حين تصطدم وعود التنمية بحياة يومية مريرة.
غير أنّ الانحياز إلى هذا الغضب لا يعفينا من النظر في المخاطر الكامنة. فالاحتجاج ليس مجرّد تنفيس لحظة، بل هو حدّ قاطع يمكن أن يفتح إمكان التغيير كما يمكن أن يجرّ إلى فوضى أو استثمار خارجي إذا غاب المشروع المؤطر. هنا يفرض السؤال نفسه: كيف يمكن أن يتحول الاحتجاج إلى تأسيس جديد بدل أن يكون مجرد دورة أخرى من التهدئة والاستيعاب؟
إنّ دروس العقد الماضي في المنطقة قاسية. تونس التي أطلقت الشرارة الأولى لم تطو صفحة أزمتها: سقط النظام لكن غابت العدالة الاجتماعية الموعودة، وبقي الاقتصاد هشًّا والفضاء العمومي مغلقًا. الجزائر عرفت حراكًا هائلًا في 2019 أسقط العهدة الخامسة لكنه افتقر إلى قيادة وبرنامج فصار ذكرى احتجاجية أكثر منه قوة تغيير. أما بلدان الربيع العربي الأخرى، فقد انزلقت نحو العنف والحروب أو عادت إلى استبداد أشدّ، لأنّ المطالب لم ترتقِ إلى مشروع تاريخي قادر على إعادة بناء الدولة والمجتمع معًا.
في ضوء هذه التجارب، يتأكد أنّ الخطر ليس في الغضب بل في الفراغ الذي يليه: ماذا لو سقطت الحكومة؟ من سيملأ الفراغ؟ وبأي مشروع؟ وأيّ قوة اجتماعية ستملك شرعية تمثيل الشارع؟ هذه الأسئلة ليست ترفًا بل شرط حماية أي حراك من أن يتحول إلى مجرد ورقة تفاوض بيد القوى الإقليمية أو الدولية.
خصوصية المغرب تجعل الرهان أعقد. فالنظام الملكي يملك قدرة تاريخية على امتصاص الأزمات بإصلاحات جزئية، وملف الصحراء الغربية يضفي حساسية مضاعفة على كل اضطراب داخلي، فيما يقف جيل جديد من الشباب الواعي قادر على صياغة خطاب اجتماعي يربط بين العدالة والسيادة. لكن هذه القدرة ستبقى معطّلة ما لم تُبلور مطالب ملموسة: صحة لائقة للجميع، تعليم عمومي جيّد، سياسات تشغيل وطنية، وعدالة تعيد توزيع الثروة لا أن تكرّسها.
إنّ المعركة الحقيقية ليست في أن يعلو صوت الشارع بل في أن يتحول هذا الصوت إلى برنامج، وأن تترجم الحماسة إلى بناء سياسي وتنظيم داخلي شفاف وديمقراطي يحمي السلمية ويمنع التشتت. فالتاريخ لا يصنعه الغضب وحده، بل يصنعه الغضب حين يتحول إلى وعي تاريخي وإرادة بديلة.
المغرب اليوم أمام مفترق: إمّا أن يكون الغضب الشعبي لحظة تأسيسية تفتح أفقًا جديدًا للعدالة الاجتماعية، وإمّا أن يُعاد تدوير المنظومة بطلاء جديد. الامتحان إذن في القدرة على تحويل الاحتجاج إلى قوة تأسيس لا إلى مجرد انفجار آخر سرعان ما يُحتوى. هنا يتحدّد إن كان المغرب على أعتاب ربيع اجتماعي جديد، أو على عتبة موجة عابرة ستعيد إنتاج المأزق.



#سناء_عليبات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من فضاء التعلّم إلى فضاء التدين: هل يعيدنا المعهد إلى أصل ال ...
- -بين الخوارزمية والفعل: الهيمنة الرأسمالية على الفكر الرقمي-
- أسطول الصمود بين الاستهداف الصهيوني والرهان على الموقف التون ...
- في الحديد إذ ينقلب على حتفه: من أبراخيليا إلى استطيقا المقاو ...
- في الحديد إذ ينقلب على حتفه: من أبراخيليا إلى استطيقا المقاو ...
- حين يصبح الترند معيار البطولة: البلوغر VS الشهيد في عصر الحد ...


المزيد.....




- الحكومة السورية تصدر بيانا عن -هتافات مسيئة لمصر ترددت خلال ...
- ترامب: لا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل للفلسطينيين.. وإيران ست ...
- ترامب يعلن عن خطة لإنشاء -مجلس السلام-.. شاهد كيف وصفه ومن س ...
- إنهاء حرب غزة والسلام الأبدي والشرق الأوسط الجديد والاتفاقيا ...
- هل يستنزف أصدقاؤك طاقتك؟ ثلاث طرق للتعامل مع الأشخاص السلبيي ...
- ترامب ونتنياهو يتفقان على خطة لإنهاء الحرب في غزة وينتظران م ...
- كوريا الشمالية: لن نتخلى أبدا عن ترسانتنا النووية
- إصابة شخصين جراء هجوم على سفينة شحن قرب عدن
- سيلفيا ساليس من رمي المطرقة إلى عمدة جنوة إلى غزة
- ميديا بارت: جولة مغن مؤيد لحرب إبادة غزة تثير جدلا في أوروبا ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سناء عليبات - الغضب المغربي بين وعود التنمية وخيبة الواقع :دروس الاحتجاجات وحدود التغيير