أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - الثقافة العربية ..تعدد الإشكاليات وندرة المساءليات- ح 2















المزيد.....


الثقافة العربية ..تعدد الإشكاليات وندرة المساءليات- ح 2


ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)


الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 19:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نظرية الاتصال والهوية:
وفي علم النفس الإجتماعي ،كان مايكل هشت نشيط خلال العقد الأخير في تحويل تحليل الهوية من مفهوم الذات نحو مفهوم كيفية بناء طبقات متنوعة من الهوية خلال التفاعل مع الاخرين أي الاتصال معهم ، وقد تم الإفصاح بوضوح عن نظرية الإتصال في الهوية لهشت في عمله الذي نشر العام 1993 مع المنظور المنفصل إلى طبقات الذي أُضيف الى عمل بولدوين وهشت عام 1995 ،وتميز هذه النظرية بين أربع طبقات أو مستويات من الهوية :
1- هوية شخصية او مفهوم الفرد للذات ،وبما ان هذا المستوى من الهوية غالبا ما يدعى ((مفهوم الذات ))فانه يضبط ماهية الشخص الذي يظن انها تمثل وجوده.
2- هوية معبّر عنهاenacted identity أو كيف يعبر عن هوية ما في اللغة والإتصال.
3- هوية علائقيةrelational identity أو هويات يشير بعضها إلى بعض.
4- هوية مشتركة communal identity أو هويات تعرف من قبل الجماعات .
ويمثل الفرق بين الهوية الشخصية والهوية المعبر عنها أي الفرق بين ماهيتي في تصوري وماهيتي في تصور الآخرين-تقدما واضحا نحو الدفع بالبحث في اللغة والهوية نحو الجهة المتوجهة إلى الآخر، وأظن انه يمكن أن تظهر ملامح هذا الفرق أكثر في الإعتراف بأن((للهوية المعبّر عنها)) وضعية تختلف تماما عن وضعية الهوية الشخصية ذلك لأنها أي الهوية المعبر عنها تفتقر الى ما ندعوه بالمؤوِّل صاحب الامتياز ففيما يتصل بالهوية الشخصية وكما يعرفها هشت فهي تعتبر الذات السلطة الفريدة القادرة على تحديدها اما بالنسبة الى الهوية المعبر عنها فتنعدم فيها هذه السلطة أي ان كل شخص يصادف فردا يشكل تاويله الخاص به ،ان مفهوم هوية معبر عنها موحدة هو تجريد يفرض مظهرا خادعا للوحدة على ما يستدعي ان يكون تنوعا في التاويلات ،اذ ان كل تاويل يتعلق بالفرد المؤوِّل تماما مثلما يتعلق بالرفد المؤوَّل.
ولكن لماذا كان على عالم النفس الاجتماعي التعامل مع تجريدات مثل (الهوية المعبر عنها؟)) ان وراء هذا سببا واضحا جدا يجيب عنه جون جوزيف : حيث السبب الاول الذي يذكره جوزيف يكمن في نفور العلوم الاجتماعية من مفهوم التاويل الفردي المقصود الذي تعتبره مجالا تختص العلوم الانسانية بدراسته ويتصور العلم الاجتماعي ان هدف وجوده تحديد ما يحدث فعلا ،عندما نخادع باننا نقوم بخيارات مقصودة ،ولا يعني هذا النيل من طرح هشت كما يقول جوزيف وانما هو اعتراف بان تجريدا من قبيل الهوية المعبر عنها قادر من حيث البناء على ان يحظى بقبول داخل جماعة من العلم الاجتماعي الذي يتجنب بديل التاويلات الفردية المفرطة ،وبعبارة اخرى انها خدعة ضرورية لاسباب استراتيجية تتعلق بالتخصصات الاكاديمية لعلم الاجتماع استمرت الى حدود وقت اصبحت فيه العلوم الاجتماعية مستعدة لفهم الحقيقة التي كان يخفيها التجريد.
اما السبب الثاني فيفيد بان الهوية المعبر عنها بوصفها مفهوما موحدا تقدم ثقلا موازيا للهوية الشخصية ومفيدا لازاحة هذه الشخصية من مكانها الذي يتمتع بامتياز فريد والهوية المعبر عنها هي:من انا بتصور الاخر وهي تفتقر الى مؤوِّ مميز بل ان لها مؤولا مجردا من الامتياز على نحو فريد هو الذات وانني اخر شخص مرجح يعرف ماهيته في تصور الاخرين، وهو قد يطابق تصوري لماهيته او يخالفه لان مسالة من اكون في مخيلاتهم تعيق رأيي/تصوري، ومرة اخرى لا يمكن انكار الاهمية الاستراتيجية في سبيل تاسيس هوية غير مقتصرة على هوية شخصية ولكن بمعنى او باخر نعيد التاكيد وبخفية على الاهمية الفريدة التي تحظى بها الهوية الشخصية بتوجيه تحليلنا نحو هذا الاتجاه والحق فلا تزال الهوية المعبر عنها في تصور هشت شيئا تبدعه الذات وتعبر عنه وبهذا تبقى الذات في مركز الصدارة واخيرا تدعو الحاجة الى تفسير الذات على انها منتج ومستهلك لهوياتها المعبر عنها وهي مسالة تجربة مشتركة ان يكون بمقدور الناس الافصاح بوضوح وتلقائية عن كيفية رؤية الاخرين لهم وعن كيفية نجاحهم في حالة اجتماعية خاصة وهذا علاوة على ذلك جزء مهم من مفهوم ذواتهم يجعل الفرق بين ماهو شخصي وماهو معبر عنه غير واضح.ويتمثل السبب الثالث للتعامل مع تجريدات الهوية المعبر عنها في كون العلوم الاجتماعية لم تخفق فقط في الاعتراف بغياب مؤول مميز ولكنها تتضمن اعترافا بوجود هذا المؤول الذي هو عالم النفس الاجتماعي الذي يتولى التحليل ومرة اخرى فثمة عوامل اكاديمية سوسيولوجية تعمل في شكل معايير مفروضة من قبل محكمي المجلات ومحرريها وهذا قد يتطلب من المرء تبني موقف يزعم فيه الاحاطة بكل شيء وان مفهوما من قبيل الهوية المعبر عنها الذي يخول لمحلل ما تحويل أي شيء يراه الى شيء يمكن رؤيته يعزز من المعرفة الكلية omniscience ما دام في استطاعة المرء الافلات من العقاب.
وهذا ينقلنا الى الهوية العلائقية الهشت التي تاتي في ترتيب مختلف تماما عن الهويات الاخرى المدرجة في القائمة لانها جزء من كل واحدة من هذه الهويات وليست بديلا لاي واحدة منها فكل هوية ولو على الاقل جزئيا علائقية ومبنية بحسب صلتها بالهويات الاخرى وحتى عندما نعتبر هوية ما علائقية بكل معنى الكلمة أي عندما يعرف شخص ما او مجموعة ما استنادا الى الاختلاف عن شخص او مجموعة اخرى سوف تصنف هذه الهوية باعتبارها شخصية معبرا عنها او مشتركة .
وبتعريف الهوية المشتركة بوصفها هويات تعرف من قبل الجماعات فان هشت يطرح غموضا هل يمكن لهوية فرد خاص كما تعرفها جماعة ما ان تكون هوية مشتركة ؟مثلا ،هل يمكن للتصور الشعبي لهوية المغني مايكل جاكسون ان يكون هوية مشتركة ام هوية معبر عنها؟ ان الطريقة التي يوظف من خلالها هشت ومعاونوه مصطلح الهوية المشتركة توحي بان تعريف هذا المصطلح يجب ان يكون هويات كما عرفت بالنسبة للجماعات وعلى كل حال فان تعريفهم يثير تساؤلا محيرا ؟كيف يصبح أي شيء معرفا من قبل جماعة ما؟ولفهم هويات الجماعة لا بد لنا من فهم كيف يثبت الافراد تلك الهويات التي يجب ان ننظر اليها في المقام الاول.وعلينا ان نفهم ان اللغة هي قوة كبيرة من عملية التنشئة الاجتماعية بالتالي هي قوة كبيرة من قوى الاتصال والتفاعل الاجتماعي وان الحقيقة الفريدة للكلام المشترك تسخر بشكل خاص كرمز فعال من التضامن الاجتماعي لدى اولئك الذين يتكلمون اللغة وان القيمة الاساسية لصوت المرء والانماط الصوتية للكلام كل ذلك مؤشرات كثيرة جدا ومعقدة للشخصية وان احدى الوظائف المهمة جدا للغة هي اعلانها باستمرار للمجتمع عن المكان السيكولوجي الذي يشغله كل اعضائه .يقول فيغوتسكي نقلا عن جون جوزيف ((ان الوظيفة الرئيسة للكلام لدى الاطفال والبالغين على السواء هي التواصل وبالضبط التواصل الاجتماعي ومن ثم فان كلام الطفل في مرحلته المبكرة جدا اجتماعي بشكل اساسي وفي مرحلة معينة من عمر الطفل ينقسم كلامه الاجتماعي بوضوح تام الى كلام ذاتي فردي وكلام تواصلي اما الكلام الذاتي فيظهر عندما يحول الطفل اشكالا اجتماعية تعاونية من السلوك الى مجال من الوظائف النفسية الشخصية الداخلية وان الكلام الذاتي الذي ينشق عن الكلام الاجتماعي العام يؤدي في نهاية المطاف الى الكلام الداخليinner speech الذي يسخر في التفكير الانطوائي autistic والمنطقي على سواء(( ويقول برونرفي قضية التواصل عبر اللغة ((واي لغة اخرى مهما كانت فهي تخضع لطريقة نظامية في التواصل مع الغير والتاثير في سلوكهم وسلوكنا وتشكيل الانتباه والحقائق التي نلتزم بها بعد ذلك تماما كما نلتزم بحقائق الطبيعة))
ويعبر جون جوزيف بانه يجب ان تحظى الذات او الذوات التي يريد الفرد ان يسقطها باهمية قصوى ولكن فهمنا لها محدود جدا اذا ما حاولنا فصلها عن كيفية استقبال هوية هذا الشخص وتأويلها او قراءتها .
والاتصال الثقافي هو العامل الرئيسي في التغير الثقافي والاجتماعي ويعود للاتصال الفضل الاكبر في عمليات التغير السريعة التي تمر بها الانسانية اليوم.
ويتخذ التغير الثقافي انماطا متعددة وهو نمط متميز في اسلوبه ويهدف الى تخلي الناس عن افكار وقيم وتقاليد سائدة واحلال بدائل مناسبة وهنا ما يخيف المجتمعات من العولمة التي تشكل احداساليب الاتصال والتغير الثقافي والتي يهابها بعض الناس الى درجة انهم يظنوها غول يهم بابتلاعهم وما يؤمنون ومن المستحيل ان نجد مجتمعا ثابتا دون تغيير ولكن انماط التغيير تختلف باختلاف الامكنة والازمنة فقد نجد تغيرا بطيئا لا يمكن ملاحظته بسهولة او تغيرا متدرجا فيسمى تطويرا او تغيرا سريعا فيطلق عليه طفرة او ثورة ،حيث ((تمثل الثورة قمة التعبير الانساني لتغيير بناء المجتمع لقهر المشاكل وتعد في مجال حيا المجتمعات عملية خلق باعتبارها اكبر ادوات التغيير التي عرفها البشر)) كذلك فان بعض جوانب المجتمع حتى مع وجود الاتصال لا تتغير وهي مبنية على خطأ عندئذ تنبري عملية الإصلاح التي تتبناها بعض المجاميع او الأفراد او الدول لتجعله اداة للمباهاة والمغامرة او سعيا وراء بث الرضا في نفوس الناس او امتصاص نقمتهم او لإطفاء ما يعتمل في نفوسهم من ميل إلى التغيير كذلك فان التنمية على ما يرى د.هادي الهيتي هي مصطلح ذو علاقة بالتغيير فرغم انه ينطوي على تفسيرات عديدة الا انه يمكن القول عنه انه منهاج للتغيير يراد به تحويل الحياة الثقافية لمجتمع من حال الى حال أفضل ولهذا تعرف التنمية بانها ((العملية التي يتعلم من خلالها الأفراد كيف يسخرون إمكانياتهم لتحقيق أهدافهم العامة ))
والاتصال باعتباره جوهر الثقافة هو محرك كبير للتغيير واذا ما استخدم استخداما ايجابيا فانه يؤدي الى توجيه التغيير الثقافي وضبط مساره وبالإمكان تعريف التغيير الثقافي بانه:تحرير الشخصية الانسانية من السلبية والتقليدية والجمود والتفكير الخرافي وان أي تغيير ثقافي يستوجب تعبئة بشرية وتغييرا للأفراد ليصبحوا اهلا للتحول عبر الاتصال وهنا فلا يمكن ان نتجاهل دور الغزو الثقافي الذي تخطط له وتنفذه مؤسسات الثقافة والاعلام المرتبطة بالدول المهيمنة عالميا على الدول النامية لذا فان احد اهم مخاطر الاتصال انه يحمل مسؤولية مزدوجة هي تشذيب العناصر الثقافية المتخلفة وبناء عناصر جديدة ومواجهة الغزو الفكري للحفاظ على الهوية التي تكلمنا عنها فيما سبق من البحث وقلنا ان الاتصال قد يخاف منه البعض لكونه قد يشكل ضربة للهوية لذلك نتصل مع الاخر ونحافظ على الهوية هو من احد اهم المقومات السلوكية للمجتمعات المتحضرة.
3- الحفاظ على الهوية :

الهوية هي ماهيتك التي تتكون منها أفكارك ومعتقداتك وتحليلاتك للأمور مبنية على شبكة معقدة من التراث والعادات والتقاليد والأنظمة الاجتماعية التي يبنى منها المجتمع والهوية ينبغي الحفاظ عليها من الضياع لكي نحقق نهضة ضمن سلوك مجتمعي عام لان المغريات الفكرية إن جاز لنا تسميتها بذلك كبيرة جدا وممكن ان تهدد الهوية .وهنا مسال هامة تتمثل هل العادات السيئة والتقاليد البائدة هي جزء اساسي ومهم في هويتنا ؟والجواب كلا طبعا فالحفاظ على الهوية يعني الحفاظ على التنوير الذي تتضمنه الهوية يقول العسكري: ((اخذت الحضارة الغربية التفكير عن ابن رشد المسلم فكانت الرشدية الاوربية كما اخذت الفعل والتجريب عن ابن الهيثم العالم المسلم وضيعنا نحن ارثهما في زمن الهدر العربي)) بمعنى اخر اضعنا هويتنا التنويرية المتمثلة بالتراث الفكري الذي تركه ابن رشد فثمة حاجة لتأكيد هذه الهوية بل والتمسك بها لكونها تنويرية في مضامينها العامة فالمزاعم التي ترد من هنا وهناك ان العالم ستوحده العولمة وتقضي على الهويات فيه على الرغم من وجود جانب صحيح فيه لسنا بصدد مناقشته لاننا ناقشناه باستفاظة في كتابنا ((التنمية وواقعها النهضوي للامم)) هي مزاعم لا اساس لها من الصحة على ارض الواقع وهي مجرد اوهام تخدع بها الدول القوية الغنية بقية الشعوب كوكب الارض.
وفي هذا المجال فقد برزت تيارات تقاوم العولمة حفاظا على الهوية طبعا لا نقصد الغاء العولمة من مفاهيمنا الفكرية بتاتا فهذا جنون بحد ذاته ولكن يجب مقاومتها للحفاظ على الهوية مع الاستفادة مما افرزته للعالم اليوم فهناك الحركة الدولية التي تقوم على الدعوة الصريحة لمقاومة العولمة والتي تحمل اسمGlobalize Resistance والتي ترفض منذ البداية ان تضفي على الراسمالية ما تعتبره طابعا انسانيا زائفا ،والتي تقاوم العولمة حتى انها ترفض رفضا باتا وتعتبرها تهديدا كبيرا للاقتصاد والهوية ولكن تجاهل العولمة او محاولة الغائها من المفهوم المجتمعي هو غباء كبير في حد ذاته لان العولمة قد دخلت الى بيوتنا شئنا ام ابينا عبر وسائل الاتصال الحديثة ولكن الاساس في التعامل معها هو الحفاظ على الهوية والاستفادة مما تفرزه العولمة في الحفاظ على هويتنا ونشر ثقافتنا وتراثنا التنويري وعبر اساليب متعددة ومنها/
أ‌- الانترنت: والاستفادة منه في نشر الثقافة العربية والاسلامية المعتدلة الى اقصى حد في العالم فالانترنت هو احد اساليب العولمة في الاتصال والغزو الفكري ومحو الهويات ولكنك تستطيع استخدامه في تعزيز هويتك متى شئت وفي أي مكان شئت فالعولمة تقول لك انا ابوابي مفتوحة للاستفادة مني وتسخيري لغاياتك الشخصية التراثية والهوية اما اذا اخترت ايها الانسان ان تبقى مستهلكا سلبيا لمنتجاتي ومنها الانترنت عبر الجات وغيرها فلن تستطيع ان تقاوم مدي العاتي والذي سيعمل على مسخ هويتك وابدالها بهوياتي المختلفة المجموعة بهوية العولمة وبالتالي ستستطيع ان استخدمت الانترنت سيكون بالنتيجة وسيلة وليست غاية لنشر ثقافتك المعتدلة وضمن هويتك ،وتجعل من هويتك معروفة عالميا عبر الانترنت التي تكلمنا عنها سابقا الوسيلة العولمية الكبرى.
ب‌- الفضائيات .
• اتجاهات ومسيرة العولمة في المنهج العالمي
: سياسات العولمة وعلاقاتها مع المراكز العالمية
بداية استعير تسمية المفكر (اريك هوبزباوم) للمجتمعات العولمية حيث يطلق عليها ( مجتمع الوفرة المرفه) حيث المواجهة الصارخة المتعاظمة باطراد بين المتسولين وبين ايرادات الدولة المحدودة ، ونفقاتها غير المحدودة – كما لدينا في العراق- التحول الثالث بسبب العولمة قلق خطير ، يلخصه هوبزباوم: ب ( انحلال النماذج القديمة للعلاقات الاجتماعية الانسانية ، بالاضافة الى انةقطاع الروابط بين الاجيال ، اي : بين الماضي والحاضر ، وقد عززها تآكل المجتمعات والاديان التقليدية ، اذ اصبح المجتمع يتكون من تجمع غير مترابط لا يهتمون الا بأرضاء ذواتهم (مغنما، متعة، او اي مسمى آخر)
ان مسيرة العولمة في العالم كمسيرة زمنية أمكن القول فيها في مرحلة وحدود الاتحاد السوفيتي وبقية المنظومة الاشتراكية تختلف نسبياً عن مستوياتها الراهنة حيث أن الوجود الاشتراكي المتمثل بالدول الاشتراكية كان وجوداً مهماً وواضحاً ويحسب له الحسابات فلذلك كانت مراكز الدول الرأسمالية العالمية تحسب ألف حساب إلى المراكز الاشتراكية العالمية المنظوية تحت لواء الاتحاد السوفيتي والدول الأخرى أي النظام والسوق الرأسماليين وهنا يعلق الدكتور كاظم حبيب قائلاً: ((بغض النظر عن واقع الابتعاد والزوغان عن المبادئ التي التزمت بها جهاراً وبروز المزيد من المشاكل والنواقص أو العيوب والأخطاء الكبيرة التي كانت تميز سياسات النظام والسوق الاشتراكيين)) . كما أن البرجوازية الغربية الرأسمالية كانت مجبرة على التطفل والقبول بمبدأ المساومة مع النقابات العمالية والاتحادات الفلاحية ومع الطبقة العاملة وفئات البرجوازية الصغيرة وكذلك مع الفلاحين في بلداننا وتقديم التنازلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لصالح المنتمين والمثقفين والطلبة والحرفيين مثلاً، ولكن بعد زوال النظام الاشتراكي وسقوطه عالمياً لم تعد هذه الطبقات البرجوازية الرأسمالية الكبرى بحاجة إلى هكذا سياسات في تعاملها مع الطبقات الفاعلة وغيرها من الفئات أي إن نهج العولمة قوي في هذا الشأن كثيراً وبدات سماته واضحة واضحة جداً، إذن المرحلة الزمنية للعولمة الحديثة ممكن تقسيمها إلى فئتين وحسب الشكل التالي:-
ت‌- العولمة الحديثة ما قبل وجود الاتحاد السوفيتي
ث‌- ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظمة الاشتراكية الدولية.
ج‌- ولكل ميزاته الخاصة التي عرضنا لها انفا ولكن بصورة مبسطة فالمجتمعات البرجوازية كانت مجبرة على إتباع أنظمة معينة والتعامل معها والسبب في ذلك عدم قدرتها على تجاهل وجود الأنظمة الاشتراكية العالمية ولكن بعد انهيار هذه الأنظمة لم تعد الطبقات البرجوازية الرأسمالية كمثال على هذه المسألة مجبرة على انتهاج مثل هكذا سياسات, ويبرز هذا بوضوح في السياسات التي تمارسها تلك الشركات والمؤسسات في البلدان الرأسمالية المتقدمة كافة وتجد تعبيرها في سياسات ومواقف حكوماتها أيضاً، ويتم ذلك تحت ستار المقاومة والمنافسة العالمية والحفاظ على المواقع التي اكتسبتها هذه الدولة أو تلك المجموعة الصناعية الدولية وحفاظاً على قدرة الاحتكارات على التوظيف الجديد وايجاد فرص العمل الكفيلة بالعودة إلى الدكتور كاظم حبيب حيث يقول معلقاً على محاولات الطبقات البرجوازية بالقضاء على الاتفاقيات التي توصلت إليها المنظمات الاشتراكية أبان عهدها الغابر فيذكر على سبيل المثال من هذه المحاولات ما نصه ((السعي لزيادة عدد ساعات العمل الأسبوعية، وتقليص أجور العمال والمستخدمين وتقليل أيام العطل السنوية وإلغاء الأجر الثالث عشر في السنة حيثما وجد و تقليص أفضليات الضمان الاجتماعي والصحي والرواتب التقاعدية والخدمات الاجتماعية وفرض زيادات على التعريفات التي تدفع لخدمات مهمة في الحياة الثقافية والصحية الضرورية للمجتمع بأسره)) يتضح مما سبق إن الأنظمة العالمية تخت غطاء العولمة يبتلع بعضها بعضاً فمجرد أن توقفت الأنظمة الاشتراكية عن مدها الإنساني تكالبت عليها الدول الرأسمالية محطمة أي شيء كانت قد ابتدأته تلك المنظمات ولكن ينبغي كذلك عدم اعتبار العولمة – حسب تعبير الدكتور سليمان إبراهيم العسكري – رئيس تحرير مجلة العربي على أنها غولٌ يهم بابتلاعنا بل على الأمم التعامل مع العولمة حسب النهج الإنساني المتعارف عليه ويجب أن يستخدم مصطلح سياسة التفكير وهو مصطلح جديد يهدف إلى ان يكون السياسة العامة بالتعامل مع متطلبات العولمة مبنية على أسس فكرية للاستفادة من معطياتها وكلما ازدادت سياسة التفكير كلما استطاعت الشعوب الاستفادة من العولمة واحتواءها حتى لا تكون غولاً يلتهم حضارتنا وثقافتنا.
ح‌-
خ‌- سياسة 3
د‌- التفكير 2
ذ‌- 1
ر‌- ازدياد العولمة
ز‌- حيث يتضح من الشكل إعلاه نهج سياسة التفكير كلما ازدادت سياسة التفكير كلما ازدادت الفرصة بالاستفادة من العولمة لأن عدم التعامل مع مفاهيم العولمة بشفافية وسياسة مقتدرة يسهم والى حد بعيد أن تكون العولمة متقاطعة مع المفاهيم الحضارية الحالية ، ولكن تبقى الطبقة البرجوازية الكبيرة المهيمنة على القسم الأعظم في الرأسمال المالي وعلى ملكية الشركات المتعددة الجنسية والمستفيد الأول من نهج العولمة الراهن والراسمة الفعلية لسياساته لأن هذه الشركات تمتلك رأسمال كبير جداً يفوق في بعض الأحيان ميزانية دولة وتحقق أرباحاً متزايدة سنة بعد أخرى مما يسهم وزيادة فرصة التعامل مع العولمة ونهجها الحالي سياساتها الراهنة ولو نأخذ مثالاً بسيطاً على المتعاطي مع العولمة من دول أوربا وعلاقاتها مع الواقع الأميركي في التعاطي مع العولمة فمن الملاحظ وحسب ما أورده الدكتور كاظم حبيب إن في ألمانيا غالبية الأحزاب السياسية لديها ملاحظات جادة وكثيرة على سياسات الولايات المتحدة الأمريكية بشأن القضايا التجارية والمالية والبيئية وكذلك بشأن التحالف الدولي الذي تقوده اميركا في العالم لمحاربة الإرهاب على الصعيد العالمي ولكنها تحاول معالجتها بطرق أخرى أكثر تعضيداً وعلى مدى أطول من خلال كسبها المواقع تلو المواقع في الحياة الاقتصادية الدولية هذا أمر واضح من المسائل العامة للعولمة وتعاطيها ضمن هذا السعي الحثيث لضم دول العالم إلى التحالف الأمريكي العام إذن يتبين إن حتى هذا التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا في العالم ضد الإرهاب ينطلق من باب العولمة ومعطياتها الحالية بفرض سيطرة دولية عامة على هذه الامم لذلك ترى الدول الغربية ومنها ألمانيا وفرنسا وباتجاه الآخر روسيا تحارب الإرهاب ولكن ليس تحت ظل العلم الأمريكي بل بطرقها الخاصة لمناهضة الإرهاب ومعطايته وبالانتقال إلى الاختراق الاقتصادي السياسي للعولمة ومفاهيم السيطرة حيث يتبين لنا أن بعض الدول وبعد تحسن الواقع المعاشي اقتصادياً حاولت أن تلج الأسواق العالمية وتفرض سيطرتها على دول مرتبطة اقتصادياً بالولايات المتحدة وبريطانيا على سبيل المثال ومنها ألمانيا التي ولجت اقتصادياً وسياسياً إلى بلدان أوربا الشرقية وبعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ومنها روسيا ولا شك في أن ذلك سيثير في المستقبل صراعات أكبر داخل السوق الأوربية المشتركة وبين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي الذي يراد توسيعه ببعض الدول الأوربية الشرقية المختارة التي ستكون من صنعه حقاً لهيمنة الشركات المالية المتعددة الجنسية كما أسلفنا هذا الاختراق الاقتصادي الطموح هو من باب فرض السيطرات قبل هيمنة العولمة الأميركية على دول هذه المنطقة وتحقيق الأرباح المنشودة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية برغم المقاومة التي تبديها ألمانيا للولوج الى دول هذه المناطق إن الوضع الراهن اليوم يتبين من خلاله وجود عدة جبهات لفرض سيطرات وتحكم بأمور اقتصادية وسياسية عديدة، إن الخلل الذي أصاب الأنظمة الاشتراكية هو تفاقم الفقر النسبي لنسبة مهمة ومتصاعدة من سكانها في مقابل تزايد غنى الأغنياء وهذا وإن دل على شيء إنما يدل على خلل واضح في البرامج للأحزاب الاشتراكية اليسارية إن السياسات العولمية اليوم تحاول أن تنتصر الواحدة على الأخرى على كافة المجالات الاقتصادية بالدرجة الأساس والسياسية والثقافية والفكرية وهكذا ولكن المراكز العالمية تملك استقطابات كثيرة ليس من اليسير الاستهانة بها فللعولمة صحيح استطاعت أن تمد جذوراً لها في الواقع العالمي وتسير بالتقدم نحو الاتجاه الإنساني وذلك بفضل القفزات التي حققتها في الواقع الاقتصادي والسياسي العام والشامل، إن العولمة اليوم وبمزاياها المنطلقة في تحالفاتها الدولية تحاول وبشكل سريع أن تستكمل الخطى وتنجح في فرض سيطرتها الدائمة ولكن العالمية الواقفة تنظر إليها لها رأي في سياسات العولمة ومنجزاتها وتقف لها في المرصاد لمراعاتها واحتواء ما تريد فرضه على الآخرين.
إن سياسات العولمة اليوم واتجاهات مسيرتها تحاول بشكل أو بآخر احتواء الآخر، ولكن الموقف يبقى عند الآخر كيف يدخلها بعنف أم بقوة تسهم في تقدمها وليس لأن يدخلها ضعيفاً تسيره كيفما تشاء بل القوة هي السبيل الأضمن لدخولها كي تضمن الأمم ارتفاعها حضارياً بارتفاعها وانجازاتها الحضارية....



#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)       Yaser_Jasem_Qasem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة العربية ..تعدد الإشكاليات وندرة المساءليات ........ا ...
- ميخائيل للكاتبة العراقية فاطمة وسام
- التكنولوجيا والأخلاق - من كتاب العلاقة المحورية بين العلوم ا ...
- الوعي بمدرسة فرانكفورت الحلقة الأخيرة من كتاب الوعي بالتنوير ...
- الدين البهائي جدل وأفكار ج 3 والأخير
- الدين البهائي جدل وأفكار ج 2
- الدين البهائي، جدل وأفكار- ح 1
- عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية فكرة تنويرية للدكتور رف ...
- من كتاب الوعي بالتنوير ج 2 ح 27
- مهمة المثقف تجاه القضايا المهمة في المجتمع والدين والسياسة . ...
- من هو وكيل الاله على الارض العقل ام رجل الدين.. .....من سلسل ...
- من المجتمع الى الشخصية وهذا خلاف ما ذهب اليه علي الوردي- من ...
- كتاب مفهوم العقل في البصرة ج 1
- التنوير ام الحداثة ام الاصلاح ... هو السبيل لنهضة حقيقية
- ادباء بصريون راحلون- ح1
- هل تهدد التكنولوجيا وضع الاخلاق عالميا ج2
- التكنولوجيا والارهاب - الدراسة مجتزأة من كتابي (العلاقة المح ...
- هل تهدد التكنولوجيا وضع الاخلاق عالميا؟؟؟ ج 1
- مقاربة نقدية بين البوذية والاسلام تجسد اليات تحرير الفكر رؤي ...
- التنمية في العراق وابعادها .... التخطيط والرؤى المستدامة


المزيد.....




- حرس الثورة الإسلامية يلوّح بزيادة مدى الصواريخ الإيرانية.. إ ...
- الاحتلال يغلق شوارع القدس بذريعة الأعياد اليهودية
- بابا الفاتيكان يأمل أن توافق حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب ...
- إسرائيل.. إيهود باراك يرجح سعي نتنياهو لإفشال خطة ترامب بغزة ...
- إسرائيل.. إيهود باراك يرجح سعي نتنياهو لإفشال خطة ترامب بغزة ...
- ماذا قال بابا الفاتيكان بشأن -أسطول الصمود- وخطة ترامب لغزة؟ ...
- أمريكية يهودية بأسطول الصمود: إسرائيل تستغل هويتنا الدينية
- غزة.. بابا الفاتيكان قلق على أسطول الصمود ويعلق على خطة ترام ...
- 91 طالبا عالقون تحت الأنقاض بعد انهيار مدرسة إسلامية بإندوني ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - الثقافة العربية ..تعدد الإشكاليات وندرة المساءليات- ح 2