|
اكتشفوا فأل التين
خالد زغريت
الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 18:17
المحور:
كتابات ساخرة
اكتشفوا فأل التّين أيُّ قاض يؤجرني عباءته .. تلك هي مشكلتي، فتشتُ كلَّ الدكاكين العربية عن دكان لاستئجار عباءة قضائية فلم أجد برغم أن مكاتب الاستئجار، تبدأ بالشوارب المستعارة معكوفة و مبرومة... و لا تنتهي هذه المكاتب حتى بتأجير الأوطان، والأوقاف والسمك في البحر. صدقوني تلك هي مشكلتي الملحّة فأنا بحاجة إلى عباءة وحسب، شقراء كانت من وبر الظلم، أم ذهبية من عرق الزور، ولكنني لم أهتدِ إلى حلّ هذه المشكلة برغم كل تضرّعي للمهربين الأدرى بشعاب القضاء،وكل توسلي إلى المحكومين بجنح الآداب الذي لا يمضون عقوبتهم وإلا وتخرجوا في كليات الحقوق، ويبقى بينهم وبين تبوء رئاسة محكمة فركة كعب ِ جانحة. ورغم كلّ تملّقي للمحكومين بمسّ النزاهة الذين ما إن يبرّؤون حتى يتحولون إلى رجال أعمال ولا شكّ في أن واحد منهم نصيبه وزير عدل، وبرغم قناعتي أنني قد اهتديت إلى حلّ كلّ مشاكل الكون على طريقتي المبسطة بدءاً من سدّ ثقب الأوزون (بعلكات) طلاب، وطالبات الجامعات من خلال جمعهم في طابور صباحي مطاط؛ لينفخوا علكاتهم في اتحاد (كونعكلي) هو الاتحاد الوحيد الذي تحقق لبلاد العرب في عصرنا الذهبي هذا - فيشكلون بالونا مشتركاً لاشكّ في أنه سيرتق ثقب الأوزون. أمّا مشكلة أسلحة الدمار الشامل فقد تغلّبتُ عليها بسرٍّ لم يسبقني أحد إليه، وجعلني أمدّ رجلي على بساط الدول النووية من دون خوف، فسماءنا مغطاة تماماً بالصحون اللاقطة ويستحيل على أية أشعة عبورها، فإن فلتت أشعة واحدة من هذا الصحن أو ذاك،أو ذلك، فإنها لاشك ستصطدم بالاتجاه المعاكس، ولو...نحن قدّها و الطحاّن لا يغبّر على كلّاس،الأمرّ محسوب بمعلمية. لن أكشف كلّ أوراقي الآن حرصاً على براءة الاختراع إضافة إلى أن الحاضر أشدّ البلوى كما تقول العرب، وذلك أن بلوايَ هي استئجار عباءة لأتمم ما ينقصني حتى أصير قاضياً مدججاً بالهيبة، مبروكاً في أكل حُمّص الموالد. وقد سبق أن مارست القضاء فعلياً بعدد شعر لحى القضاة بين أصدقائي و نسائهم السمينات، والهيفاءات على حدّ سواء، و كان شعار مثل هذا القضاء هو: الكذب عدلٌ، والنفاق إحسان، لأنّ الخروج على نصوص العلوم الحقوقية لإصلاح البين أكثر إحساناً من خروج القضاة عن كلّ النصوص. . جاء طلبي للعباءة المختومة الآن نتيجة خبر عاجل تلقيته من زوجة صديقي الذي لم ألبث أن غادرته، وكنت أكن هذه الزوجة احتراماً عجيباً لقدرتها على تحويل سلوك زوجها السوريالي الغاشم إلى لوحة تشكيلية، لا يحبها زوجها لأنه يراها مرآة تعكس صورته مشوّهة. كانت قد استعجلتني على شريط التليفون بدموع عاجلة كانت ترنّ عبر الهاتف على بحر الخبب، وحين خرجت ُ من بيتهم الذي كان من زجاج أقل شفافية من زجاج بيتي، لذلك لم أكن أستخدم الحجارة في فضّ الخلافات، وكنت أكتفي باستعمال الأحذية للتلويح بالعين الحمرة، ولذلك أيضاً تحملتُ أغلبية أحذيتهما التي أجهل سرّ انحرافها الدائم عن الهدف نحو رأسي. وظننت بعد أن تحملت ثلثيها بشكل عن سابق قصد وإصرار منهما،وثلثها الباقي عن طريق العند غير المبيت أن مهمتي القضائية اليوم قد تمت، ولكن الحقّ يقال كان شجارهما طريفاً يستحقّ تحمل الكثير من الأحذية. حدث الشجار جراء انفجار زوجة صديقي على زوجها الذي لم يعمل عملاً إلا وخسر فيه، وكانت زوجته تجاهد في اكتشاف سرّ خيبته في التجارة، بعد أن خسر بقمار الأدب ما لا يملكه، وفشل في التعليم في مصادفة عجيبة،فقد كاد أن يكون رسولاً، لو طرده من سلك التعليم، فقد كان حين يشرح درسه للطلاب يغرق إلى شحمة أذنيه بالدرس وينفعل به، فلا يدرك ما حوله. كان من عادة أن يبحث عن القصص و الطرف و النوادر ليحبب اللغة العربية لطلابها، ولا سيما في درس القصة التي قصت رقبته من التعليم في بعد، فقد كان مستغرقاً في قراءة قصة جلبها للطلاب، و بدأ يقرأ : كان المعلم فظاً في تعامله مع التلاميذ وإن استأذنه أحد في أثناء الحصة يتأكد من ضرورة حاجته، ويؤذنه إن تأكد من صدقه. كان ينبه التلاميذ أن يعود المأذون بسرعة، ويطرق طرقة واحدة على الباب، ثم يدخل، فلا ينتظر ردّ المعلم،لكن بعض التلاميذ لم يتعود على أن يكتفي بطرقة واحدة ويدخل،و بينما كان المعلم منهمكاً في شرحه وإذا بطالب مأذون يطرق الباب بطرقات متعددةـ وما إن وصل الأستاذ بقراءته للقصة إلى هنا حتى فعلاً طرق الباب بينما هو مستغرق بقراءته، فقرأ قال المعلم بصوت عال ورفع صوته : ادخل ياغبي لا تطرق أكثر من طرقة يا حمار. فجأة فتح الباب ودخل أستاذ يبدو أنه أكبر أستاذ وخلفه مدير المدرسة يرتجف، بينما أستاذ الصف يقرأ : انظر :أليس شكله شكل حمار انظر إلى أذنيه، وصرخ الأستاذ الداخل برفقة المدير وهو يتلمس أذنيه، وقد جمد الطلاب في أماكنه، ماذا تقول يا أستاذ أنت مرب في سلك تربوي، التف الأستاذ إلى الصارخ في الباب، ولم يكترث كثيراً، بينما مدير المدرسة يتأتئ : أستاذ، هذا مدير التربية يا أستاذ، ماذا أصابك، فقال الأستاذ أهلاً، لكن لم أنهي درسي بعد، ولن أقطعه كرمى لعيون مدير تربيتك، خرج مدير التربية غاضباً طالباً من الأستاذ مراجعتيه في المديرية، و بعدها فص من مهنة التعليم بسبب إهانته لمدير التربية وتلفظه بألفاظ غير لائقة مع مدير مؤسسة تربوية حسّاس مديرها. حاول صديقي جاهداً أن يشرح الالتباس الذي صل وأنه كان يقرأ قصة ولم يكن يوجه كلامه لمدير التربية، غير أن ذلك لم يفده، فقد فُصل من العمل،واعتكف في البيت عاطلاً، أعيا كلما تدخل بقصد ثنيه عن إضراب لا يجدي إلا جوعاً، فكان يجيب عوجة، لو كان بيدي لمسخت كلما هو أعوج في الدنيا، نقمة من اعوجاج، معوجي حياتنا. لا أحد يدري كيف اقتنع أخيراً بأن يخرج من اعتكافه،ويعمل ببيع الموز على عربة متنقلة، لكن الذي جنن زوجته لم يأت مرة واحدة إلا وقد باع الموز لكن من دون يجلب قرشاً واحدة، وأوحى لها الشيطان الذي لعب بعبِّها أن تراقبه، فكمنت له وراحت تراقب ما يفعل، فطار صوابه مما يتصرف، فقد كان يرفض بيع الموز لأي شار، وحين يمرّ شخص تبدو عليه مظاهر نعمة المسؤولية من كرافته أو أو، فإنه يتقدم منه ويمنحه قرن موز، بلا مقابل. عادت إلى المنزل، وكشفت له من خلال استجوابها، أنها عارفة بما يفعل، فحاول المسكين أن يفسر لها مرة، أثناء أن خسارة زوجها في بيع الموز كانت نتيجة تطبيقه درساً عملياً في تسوية الاعوجاج عن طريق التطهير، فقد كان يهبّ كلّ يوحي مظهره بأنه مسؤول أعوج قرنَ موز أعوج، وبالتالي لن يبقى قرناً للبيع فكل الموز أعوج وكل.. عوجان، والطيور على أشكالها تقعو. د كان صديقي في الحقيقة أحمق بسوريالية لم تفقد صالحيتها بعد، ففي الأمس فقط ورَّطنا مع صاحب غاليري ذي شأن، تورط هو الآخر بإنشاء "غاليري"، حيث ظنّ بعمى بصيرته بيِسره وترفه أن "الغاليري" هو محل بيع قمصان نسائية، إذ دخل مرة "غاليري" في بلاد الغرب، يعرض لوحات لنساء يخلعن نصف قمصانهن فظن أنه محل بيع قمصان، وأن الحياء فقط هو الذي يمنعهم من عرض القمصان. وليس اللوحات المعروضة إلا "كتلوجات"، فتورط لأنه أضمر خبثاً، فقد يروقه بيع الملابس النسائية الداخلية، ولا سيما التبديل في الغرف المستورة من الخارج و المفتوحة من الداخل على ثقوب، وكاميرات مخفية. بينما كان صديقي يتفرّج على معرض هذا المغدور بحلم داخلي، وإذا به راح يلحس بلسانه لوحة، ولسوء حظه كانت ألوانها مغشوشة، فعلقت الألوان بلسانه وتشوّهت اللوحة، و لم يصدق صاحب "الغاليري"، أن يحظى بكبش ليفريغ بقرنيه قهره من الفن التشكيليلي، فما إن رأى صديقي يلحس اللوحات حتى استدعى الشرطة بحجة تشويهها. على الرغم من كيد الحظ و المصادفة، والورطة،سألت صديقي بمرارة عما فعله قال ببرود :أليس الفن للتذوق، وأنا أتذوّق الرسم بلساني، ظننتُ أن صديقي تعقّد عقداً سوريالية من لوحات زوجته التي يقول لي عنها، خربشة تلاميذ صف أول لا يميزون الرفش من الفرشاة.... لم يكن أمامنا من حيلة لإنقاذ صديقي من براثن صاحب "الغاليري" الذي حتّم على الشرطة إمّا تغريمه بسعر خيالي للوحة أو شرائها بسعر لا نملكه حتى لو كنا في أول الشهر، فما كان مني إلا الذهاب إلى زوجته محتالاً عليها في طلب المعونة، فقلت لها: إن زوجك اشترى هدية لك، وحلف بالطلاق ألا يعود إلى البيت إلا بصحبة الهدية المعبِّرة عن هيامه بليلاه. أسعفتني الحيلة مرة أخرى، عندما استنكرت الزوجة المناسبة، فهي تجزم أن هذا اليوم لا يحمل تاريخ مناسبة في حياتهما الزوجية أو الوطنية أو القومية. لا أدري أيّ شيطان أنطقني : إنها مناسبة الفالنتينا، لكنها زجرتني هازئة نحن لسنا في شباط حينها أتمَّ الله عليّ ستره، فاستدركت (فال تين) وهي تخفيف (فأل التين) عيد حديث أبدعوه، لأن التين مدرّاً لعواطف الأزواج تجاه زوجاتهم، وها نحن في موسم التين. جبرت المخلوقة خاطري، وما كذبتني، بل سلّفتني أقراطها لإنقاذ قيسها، ذهبت إلى صاحب "الغاليري" دفعت له ثمن اللوحة، وأفهمت صديقي حيلتي على زوجته، وتركته ذاهباً وحده باللوحة إليها، ليكون بلا عذال في هذه المناسبة الحميمة، و رحت أنا إلى بيتي،لكن ما إن وصلت، رنّ التليفون، وما إن وضعت السماعة على أذني حتى عرفتها، وكانت تستعجلني بما يشبه الاستغاثة، وكادت تصرخ وامعتصماه. استغربت طلب هذه النجدة ولم ألبث أن تركتهما لاحتفال بالمناسبة، و لكن عجبي بَطُلَ لا بمعرفة السبب فقط، بل لتكسّر رأسي عندما فتحتْ لي الباب بيد لأدخل، ولتضربني باللوحة باليد الأخرى صارخة في هستريا (لبن وسمك وتين):عشرون عاماً وأنا أرسم وأبيع لوحاتي للواتي لا يملكنا إلا شراء اللوحات، و لم تنظروا إليها؛ ولو شذراً، والآن تشترونها من التجار بأضعاف أضعاف ما أبيعها، تشترونها بثمن أقراطي. نظرت إلى صديقي رأيته يقف فوق الطاولة سألته ماذا تفعل عندك: قال لكي لا تقول لي: أنت ( واطي)، ضحكت، وشردت وحدي بليداًً أدندن فأل تين... فأل تين.. زمن أسفل السافلين، والمبدع الذي يقبل أن يُسترقّ، وتصفد يداه بقيود ولو من ذهب بحاجة لمئة عصا (تين) منْ يدري ربما ابتاع بيكاسو لوحة حمامة السلام من حميماتي مسكين. (( الحميماتي :اسم مربي الحمام كما جاء في لسان الحارة))
#خالد_زغريت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دقوا الدف نزل الطاووس عن الرف أغاني زفة الديكتاتور
-
خديعة القرن استبدال ممر داوود بالهلال الشيعي
-
ألينا تشاوشيسكو تحمرّ ملح الشيوعية
-
كهن السيدة الأولى و كيد الوزيرات
-
طرطيرة المدموزيل الحاجة شعيلة صحبتكم السلامة إلى جهنم بإذن ا
...
-
الدبلوماسي الذي حطّ رأس الوطن بالخُرْجِ
-
اعتذار عاجل جداً من ستي خدوج
-
البيان الختامي لحزب النعاج الشقر
-
دور حليب البغال في مسيرة حزب البعث السوري
-
ولما أيقن صاحبي أننا لاحقان بالقهقرى قال:لا تحك أنفك نحاول د
...
-
مؤتمر الحوار الوطني السوري: الساحة ثورية و الدبكة بعثية
المزيد.....
-
كتاب عن فرنسوا ابو سالم: شخصية محورية في المسرح الفلسطيني
-
أمجد ناصر.. طريق الشعر والنثر والسفر
-
مؤتمر بالدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافي
...
-
الاحتمال صفر
-
أسعد عرابي... رحيل فنان يكتب العالم باللون وناقد يعيد ترميمه
...
-
النقد الثقافي (المعنى والإتّجاه) في إتحاد الأدباء
-
فنانون عرب يشيدون بتنظيم مهرجان بغداد السينمائي
-
تحديات جديدة أمام الرواية الإعلامية حول غزة
-
وفاة الفنان السعودي حمد المزيني عن عمر 80 عامًا
-
حروب مصر وإسرائيل في مرآة السينما.. بطولة هنا وصدمة هناك
المزيد.....
-
صديقي الذي صار عنزة
/ د. خالد زغريت
-
حرف العين الذي فقأ عيني
/ د. خالد زغريت
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
المزيد.....
|